ملخص: للصحة النفسية، والابتعاد عن الضغوط التي يمكن أن تصاحب التخطيط لأهداف العام الجديد، أهمية كبرى لتعزيز المسار الإيجابي نحو النمو الشخصي، وتجنّب سلوكيات التدمير الذاتي. تعرّف في هذا المقال إلى طرائق تجعلك تضع رفاهك النفسي نُصب عينيك حين تخطّط لعام 2024.
محتويات المقال
بينما نبدأ عام 2024 متطلّعين إلى عالم من الفرص ومتوجسين من التحديّات المرافقة، نأمل أن تأخذنا رحلة التطوّر والنماء الشخصي إلى أفضل الاحتمالات؛ ما يجعل إدراكنا أهميّة الصحة النفسية في خضمّ ذلك كلّه ضرورياً بل جوهرياً لإنجاح مخطّطات السنة الجديدة.
يوضّح استشاري الطب النفسي، محمد السويدان، إن الندم على الماضي، والقلق من المستقبل، وعدم التمكّن من عيش اللحظة الحالية من أبرز العوامل التي يمكن أن تخرّب سعادة الإنسان. لكنّه يؤكّد كذلك إن عيش اللحظة لا يعني عدم التخطيط للمستقبل؛ بل تجنّب الخوف الذي يصاحبه ويمكن أن يُسبّب اضطرابات القلق.
الصحة النفسية وضغوط أهدف العام الجديد
مع انتهاء العام، نفكّر في إنجازات السنة الماضية، ونضع أهدافاً جديدة. غير أن الضغط الذي يُصاحب عملية تحديد أهدافٍ وتطلّعات جديدة يمكن أن يكون هائلاً بالنسبة إلى البعض؛ لأن الثقافة المنتشرة حالياً تشجّع نهج "كل شيء أو لا شيء" (All or Nothing Behavior)؛ ما يؤدّي إلى توقعات عالية وغير واقعية أحياناً تُحبطنا عندما لا تتحقّق. فالقليل من الناس فقط يلتزمون بقرارات العام الجديد طوال العام، أما الأغلب قد ينسحبون بحلول شهر فبراير/شباط.
إن الأهداف غير الواقعية، والافتقار إلى المسؤولية، والسلوك المتطرّف من شأنهم أن يُسهموا في الفشل. وقد تؤدّي تلك الأهداف إلى سلوكيات التدمير الذاتي (Self-Sabotage) بسبب عدم القدرة على الالتزام بها؛ ما يؤثّر في الصحة النفسية ويُعيدك إلى خندق عاداتك القديمة غير المُنتجة والمفيدة. لذلك؛ من المهم وضع أهداف قابلة للتحقيق، وتبسيطها لتجنّب التوتّر غير الضروري وآثاره السلبية في الصحة النفسية كما الجسدية.
اقرأ أيضاً: ما هو اكتئاب نهاية العام؟ وكيف تتغلب عليه في 10 خطوات؟
4 خطوات لتجعل صحتك ورفاهيتك النفسية من أولويات السنة الجديدة
تمثّل بداية العام الجديد فترةً مناسبة لبداية جديدة وفرصةٍ للتعامل مع أحداث العام بعقلية إيجابية. فإذا كنت تخطّط لأهداف العام الجديد، سواء شمل ذلك الالتزام بروتينٍ رياضي، أو إعطاء الأولوية لقضاء المزيد من الوقت مع أسرتك، أو استكشاف فرص وظيفية جديدة، أو تقليل تناولك للطعام غير الصحي، فهذا هو الوقت المناسب لتحديد تلك النوايا.
لذلك نودّ أن تُضيف الصحة النفسية ورفاهها في أول تلك القائمة، فدونها، قد تواجه صعوباتٍ شتّى في تحقيق أهدافك. وفي هذا السياق، نقدم لك 4 خطوات قيّمة تساعدك على إعطاء الأولوية لصحتك النفسية في العام الجديد، ونلخّصها كالتالي:
1. اعتنِ بنفسك جسدياً، لتشعر بالتحسّن نفسياً
يمكن لبعض التغييرات البسيطة أن تفيد كلاًّ من صحتك البدنية ورفاهيتك النفسية؛ وهي كالتالي:
- ممارسة الرياضة بانتظام: يؤدّي الانخراط في التمارين اليومية مثل المشي، حتى ولو مسافةً قصيرة، إلى إطلاق مواد كيميائية في الدماغ محفّزة للشعور الجيّد مثل الإندورفين؛ وهذا يعزّز مزاجك ورفاهيتك العامة.
- تناول الطعام الصحي: ابذل جهداً لتناول الأطعمة الصحية، ودمج الأطعمة الغنية بحمض الفوليك (Folic Acid) مثل الأفوكادو والسبانخ، وأحماض أوميغا 3 مثل السلمون والتونة. فالنظام الغذائي المتوازن لا يفيد صحتك البدنية فحسب؛ بل يحسّن المزاج ويقلّل التوتّر أيضاً.
- احصل على قسطٍ وافرٍ من النوم: يُنصح عادة بـ 8 ساعاتٍ من النوم كل ليلةٍ لتعزيز التعافي الجسدي والنفسي. يمكنك إنشاء روتين نوم ثابتٍ من خلال الاستيقاظ في الوقت نفسه كلّ يوم، وتجنّب القيلولة خلال النهار، والحدّ من الكافيين والاستهلاك الكبير للسكر قبل النوم، وتجنّب استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل 30 إلى 60 دقيقة من النوم.
2. أنشئ صداقات جديدة
يمكن أن يكون شهر يناير/كانون الثاني صعباً بالنسبة إلى الكثيرين، فالكآبة في نهاية السنة الفائتة، وقلق التطلّعات في بداية العام الجديد، والطقس البارد والقاتم قد يجعل البقاء في المنزل أمراً مغرياً؛ ولكن عزل نفسك أو التعوّد على ذلك منذ البداية قد يضرّ بصحتك النفسية.
للتغلب على كآبة شهر يناير/كانون الثانس، فكّر في الانضمام إلى نادٍ أو مجموعة مرتبطة باهتماماتك، سواء كان ذلك نادياً للكتاب، أو فريقاً رياضياً في حيّك أو الحيّ المجاور، أو عملاً تطوعياً، فهذا لا يُخرجك فحسب من منطقة الراحة؛ بل يمكن أن يدفعك إلى تكوين صداقات جديدة، وتعزيز الثقة، وتكوين هواية إيجابية طوال العام.
3. مارس الرعاية الذاتية
خصّص وقتاً لنفسك كل يوم أو عدّة مراتٍ في الأسبوع من خلال القيام بالأنشطة التي تستمتع بها أو تعرف أنها يمكن أن تجلب لك لحظات الهدوء والاسترخاء؛ مثل أخذ حمامٍ ساخن أو الاستماع إلى الموسيقا. ولتبسيط الأمور عليك، حدّد ما يجعلك سعيداً وأدمجه في حياتك اليومية لتحسين مزاجك.
لتحقيق ذلك بسهولة، يمكنك إنشاء قائمةٍ للرجوع إليها عندما تشعر بالإحباط أو القلق أو التوتّر، لتذكير نفسك بالجوانب الإيجابية في حياتك. خلال هذه العملية، تجنّب القسوة على نفسك، فذلك الحديث الذاتي السلبي الذي يسيطر عليك بين الفينة والأخرى يمكن أن يؤثّر في مرونتك ورفاهيتك. فلتُعِد صياغة الأفكار السلبية إذاً لتعزيز المزيد من الإيجابية في حياتك.
4. خذ استراحة من وسائل التواصل الاجتماعي
على الرغم من أهميّة وسائل التواصل الاجتماعي في إبقائك على تواصل مع الأشخاص في مناطق بعيدة من العالم، فإن استخدامها المتكرّر يمكن أن يؤثّر سلباً في صحتك النفسية. قد تؤدّي منصات مثل فيسبوك وإنستغرام إلى زيادة التوتّر، والتأثير في الحالة المزاجية من خلال تعزيز المقارنات مع الآخرين؛ حيث إن رؤيةَ حياةٍ في منشورات تبدو مثالية يمكن أن يُسبّب الشعور بالنقص.
لذلك؛ لبدء العام الجديد على نحو إيجابي، فكّر في تسجيل خروج مؤقّتٍ من وسائل التواصل الاجتماعي لتقييم تأثيرها في حالتك المزاجية ومعدّل توتّرك. ربّما قد تكتشف مكامن سعادةٍ أكبر دون المراقبة المستمرّة لحياة الآخرين. ومن خلال تقليل وقت الشاشة، يمكنك أيضاً الاستمتاع بمزيدٍ من الوقت ذي الجودة مع العائلة.
اقرأ أيضاً: كيف تحافظ على حماسك وتفاؤلك في بداية العام الجديد؟
وأخيراً، في عالمٍ يشجّع في كثير من الأحيان الأهداف غير الواقعية وعقلية "كل شيء أو لا شيء"، يُعدّ وضع العديد من أهداف العام الجديد دون تقييم قدرتنا على الالتزام بها كدقّ مسمارٍ في نعش رفاهنا النفسي! ما يجعل وضع أهداف واقعية ومدروسة تشمل تعزيز الصحة النفسية أمراً مهماً في رحلة النماء الشخصي لعام 2024.