الاحتيال الرومانسي: عندما يتحول الحب إلى فخ لسرقة أموالك!

أحد أصدقائي يحدثني من حين لآخر عن محاولاته المتكررة للارتباط العاطفي، وقد وجدت بتكرار حديثه أن هناك قاسماً مشتركاً بينها هو الاستنزاف المالي الذي يتعرض له، فكثيراً ما تطلب الشريكة المحتملة منه هدايا معينة أو تناول الغداء في مطعم محدد مأكولاته باهظة الثمن، لكن مهما كانت خسارة صديقي فهي بأي حال من الأحوال أقل من خسارة ذلك الرجل الصيني الذي أنفق ما يقرب من 28 ألف دولار أميركي في سياق عملية احتيال عاطفي تعرض لها.

ما سبق يدعونا للبحث أكثر عن أسباب الاحتيال الرومانسي والذي بغض النظر عن بداياته فإن ذروته تظهر عندما ينسج المحتال قصة وهمية تتضمن وقوعه في ظرف طارئ يحتاج لتجاوزه إلى مبلغ كبير من المال، والضحايا الذين يقعون في هذا النوع من الاحتيال قد يصل بهم الأمر إلى حد التخلي عن مدخراتهم، وهذا يجعل من الضروري استكشاف خباياه ومعرفة كيفية الاحتماء منه.

لماذا يدفع البعض الأموال الطائلة في علاقات عاطفية مزيفة؟

مبدئياً، الشخص الذي يحتال عاطفياً ليس هاوياً بمعنى أنه لا يتصرف بعشوائية، إنما هو، وفقاً لاستشاري الطب النفسي أسامة النعيمي، يبحث جيداً عن ضحيته قبل إيقاعها في فخه، وذلك بمعرفة نقاط ضعفها ونمط حياتها الاجتماعية والمالية، وقد يصل به الأمر للدخول إلى حسابات الضحية في منصات التواصل الاجتماعي لجمع المعلومات حول تفضيلاتها في العلاقة العاطفية، ما يعني أن كل خطوة تكون محسوبة بدقة.

وحسب المختصة النفسية جوني جونستون (Joni Johnston)، لا يوجد شخص في مأمن من الوقوع ضحية للاحتيال الرومانسي، فوفقاً لخبرتها في العلاج النفسي تشير إلى أنها رأت أصنافاً مختلفة من الضحايا، منهم المحامون وضباط الشرطة، لكنها في الوقت نفسه تشير إلى أن البعض يسهل خداعه، بالأخص عندما تكون لديه احتياجات عاطفية غير مُلباة، وذلك جانب حسب وصفها لا علاقة له بالذكاء.

هل تود الغوص في الأعماق أكثر؟ حسناً سأوضح لك، تترافق عملية الانجذاب العاطفي مع إفراز هرمون الدوبامين وهذا بالطبع يشعرنا بالسعادة والحماس، وهنا تزداد احتمالية إقدامنا على أكثر القرارات تهوراً في حياتنا، مثل أن نتخلى عن مدخراتنا مثلما أشرت في مقدمة المقال.

لكن ربما تسأل نفسك قائلاً: من أين تأتي تلك الثقة بشخص مجهول؟ وهنا يأتي دور مرحلة التعلق التي تكمل ما يحدث في مرحلة الانجذاب، فخلالها يزداد إفراز هرمون الأوكسيتوسين الذي يعزز ارتباطنا بالطرف الآخر ويجعلنا نثق به بدرجة كبيرة، لذا ربما علينا أن نتمهل في المرة القادمة قبل أن نصف ضحية الاحتيال الرومانسي بالسذاجة!

اقرأ أيضاً: لماذا تقع في فخ العلاقات السامة مراراً؟ 6 أسباب تجيبك

8 علامات تشير إلى أن الطرف الآخر محتال رومانسي

في الحقيقة، إن المحتال الرومانسي مهما بلغ من الذكاء والمكر ستظهر منه بعض العلامات التي تفضح سلوكه، مثل:

1. يُظهر توافقاً غريباً معك فكل ما تحبه يخبرك بأنه يحبه مثلك.
2. يتعلل بأعذار مختلفة تمنعه عن مقابلتك وجهاً لوجه، مثل أنه يعمل في أحد مواقع شركات البترول في الصحراء أو وسط البحار، وأحياناً يخبرك بأنه يعيش في بلد آخر.
3. يظهر أحياناً على أنه شخص أكثر ثراءً منك يشغل منصباً مرموقاً، وعلى الرغم من ذلك فهو يحبك حباً جماً.
4. يمارس عليك ضغوطاً مستمرة لاتخاذ قرارات سريعة.
5. يوصيك بأن تكون العلاقة بينكما سرية بعيداً عن أعين أهلك وأصدقائك.
6. عندما يطلب منك الأموال فغالباً لا يرسل لك حسابه البنكي، إنما يستعين بطرائق مختلفة لا تكشف بياناته الشخصية.
7. يروي لك قصصاً غامضة أو غير متسقة عن حياته الشخصية.
8. يطلب منك معرفة بياناتك الشخصية مثل عنوان منزلك وتاريخ ميلادك واسم عائلتك، وفي المقابل لا يخبرك بمعلومات مماثلة عن نفسه.

اقرأ أيضاً: تعرف إلى أشهر الأساليب النفسية التي يستخدمها الأشخاص السامون لتحمي نفسك منهم

كيف تحمي نفسك من الوقوع ضحية للاحتيال الرومانسي؟

ثمة خطوات عملية عديدة يمكن باتباعها أن تحدّ من احتمالية وقوعك ضحية في شباك الاحتيال الرومانسي، أهمها:

1. لا تنخرط في علاقة عاطفية في الفضاء الإلكتروني الافتراضي، إنما اعتبر التواصل عن بعد مجرد نقطة بداية لا تكتمل سوى بمقابلة الطرف الآخر على أرض الواقع، وفي حال لم يحدث ذلك فلا توجد علاقة من الأساس، واحذر أن تنساق وراء عاطفتك أو خوفك من الوحدة فتتنازل عن التسلسل السليم للارتباط العاطفي.
2. كن حذراً من الأشخاص الذين لا يتواصلون معك سوى نصياً عبر وسائل غير مربوطة ببيانات شخصية يمكن الكشف عنها بسهولة، مثل البريد الإلكتروني أو تطبيقات التواصل التي تسمح بإخفاء البيانات.
3. لا تنقر على روابط مجهولة المصدر يرسلها لك الطرف الآخر، وتجنب مشاركة بيانات هويتك أو بطاقاتك الائتمانية مع الطرف الآخر تحت أي ظرف.
4. كن محتاطاً إذا كان الطرف الآخر يغمرك بالاهتمام المبالغ فيه والهدايا غير المنطقية مع بداية العلاقة، فهذا سلوك يعمد إليه المحتال من أجل كسب ثقتك سريعاً وإثارة عواطفك حتى لا تتمكن من النظر إلى علاقتك به بأسلوب منطقي متزن.

اقرأ أيضاً: نصائح فعالة للتعامل مع أسلوب التزييف المستقبلي في العلاقات