تابعت مؤخراً باهتمام ما حدث في سوريا من تغيرات وتحولات كبرى، وذلك نتيجة أسباب متعددة، فنشأتي كانت في السعودية وهناك كان العديد من أصدقاء طفولتي سوريين فأثر ذلك في ثقافتي ما جعلني حتى اليوم أفضل بعض المأكولات والمشروبات السورية وأتناولها يومياً، إلى جانب أن العديد من أصدقائي الأعزاء اليوم يعيشون في سوريا.
محتويات المقال
لكن لا أخفيكم سراً أن متابعتي للأحداث شابها بعض القلق في الخلفية نتيجة تساؤلات تلح في ذهني بين الحين والآخر، مثل: "ماذا بعد؟"، "كيف يا ترى ستسير الأمور مستقبلاً؟"، "ما هي الآلية التي سيعاد إعمار سوريا وفقاً لها؟"، وغيرها من الأسئلة التي تدور في مساحة ما يمكن تسميته بعدم اليقين، لذا تحمست لكتابة هذا المقال الذي يتضمن حلولاً عملية أهديها لكل أصدقائي السوريين، وكل شخص يشعر بالاضطراب في الفترات الضبابية من حياته حتى يجد طريقه إلى استقرار حالته النفسية قدر المستطاع.
1. تصالَح مع المجهول
ليس المطلوب منا دوماً أن نجد إجابات واضحة عن بعض الأسئلة أو نرسم سيناريوهات دقيقة للمستقبل، لا مانع من أن نتقبل فكرة أنه لا توجد لدينا معلومات كافية عما يحمله لنا الغد، فهذا يتماشى مع طبيعة الحياة.
ويوضح ذلك المعالج النفسي أسامة الجامع بقوله: "الحياة قائمة على عدم اليقين، فالمجهول القادم، وما سوف يحدث لا نعلمه ولن نعلمه، تتدهور حالتنا النفسية إذا اشترطنا أن نعلم ما لا يمكن علمه مثل المرض أو الموت أو خسارة علاقة، والعلاج هو أن تتقبل أن المجهول سيبقى مجهولاً، وتتعامل مع يومك، وتحسن الظن، وتثق بقدرتك على حل المشكلات".
لذا جرب أن تعيش الحياة بروح المستكشف لا المُتوقع، والفرق بينهما كبير فالمستكشف يرى المجهول مغامرة تثير حماسه لخوضها، بينما المتوقع يرتقب المستقبل ليرى درجة تطابقه مع توقعاته، والتي غالباً ما تكون متدنية.
اقرأ أيضاً: 10 طرق عملية للتغلب على الخوف من المستقبل المجهول
2. توقف عن السباحة عكس التيار
أود إخبارك من باب الصراحة المطلقة بأنك إذا وضعت خططاً محكمة في فترات عدم اليقين غالباً لن يكون لها قيمة حقيقية، فتلك الفترات تحتاج إلى مرونة عالية وتسيير للأمور حسب المتغيرات اليومية، فلا جدوى من المقاومة بلا عائد والأفضل أن تستفيد من الدروس التي تمنحك إياها فترة عدم اليقين في كيفية التكيف، وتنمية عقلية النمو التي تبحث عن الحلول ولا تتوقف عند التحديات.
3. وجّه جهدك نحو ما يمكنك التحكم فيه
هناك قاعدة حياتية صادمة لكنها حقيقية للغاية، تقول إنك مهما فعلت لن تستطيع التحكم في المجهول القادم، وهذا يدفعك إلى أن تركّز جهدك وتفكيرك تجاه جوانب حياتك القابلة للتحكم، وهنا يرشدك المعالج النفسي أسامة الجامع بتغريدة بديعة يقول فيها: "الحل أن تستمتع بما تحت يدك، وتتقبّل أنّ ما ليس تحت يدك لا يمكنك السيطرة عليه، ولا يمكنك استمرار الترقب والانتباه لكل ما يثير قلقك، بل دع الأمور وشأنها واستمتع بالحياة، فالحياة جميلة تنتظر من يستمتع بها، ركِّز على ما يمكنك فعله الآن لا غداً".
اقرأ أيضاً: هل أنت مهووس بالسيطرة على كل شيء حولك؟ إليك الأسباب والعلاج
4. ذكّر نفسك بأن هذا الوقت سيمر
غالباً ننسى في الأوقات الصعبة أن نذكّر أنفسنا بالأوقات الصعبة التي نجحنا في تجاوزها سالمين، وأحياناً مستفيدين منها دروساً ثمينة، لذا سيكون من المفيد أن تدوّن المواقف الصعبة التي تجاوزتها على الرغم من أنك كنت تظنها لن تمر وستنتهي حياتك عندها، وتعود إليها بين الحين والآخر لتغذي شعورك بالتفاؤل نحو المستقبل.
5. كن في صحبة المتفائلين
ذهبت في رحلة مؤخراً واستقللت سيارة أجرة من محطة القطار بصحبة أختي وزوجها، ووجدنا السائق الذي ركبنا معه متشائماً جداً؛ فهو لا يرى في المدينة التي نزورها إلا كل ما هو سيئ، وظل يحدثنا بأمور سلبية عنها منذ ركوبنا حتى نزولنا، ما دعا أختي إلى القول: "أود مغادرة هذه المدينة الآن"!
الحقيقة أن الموقف السابق يعكس التأثير النفسي الذي يُحدثه التشاؤم في حياتك، وهذا يشير إلى أنك في فترات عدم اليقين ستكون محتاجاً لقضاء وقتك بالقرب من الأشخاص الإيجابيين الملهمين، أو قراءة الكتب التي تحث على التفاؤل، والنظر إلى الصورة الكبرى وعدم اجترار الأفكار السلبية التي تعطل إمكاناتك وتقلل مرونتك.
اقرأ أيضاً: كيف تتجنب الإيجابية السامة وتحافظ على تفاؤل صحي؟
6. عش وفق نظرية "هنا والآن"
يمكن أن تساعدك اليقظة الذهنية على إدارة مشاعرك والحد من توترك، والمقصود بها أن تستغرق في اللحظة الحالية قدر الإمكان وتوقف الضجيج الذي يملأ عقلك حول المستقبل وتوقّعك أن يكون سوداوياً. وقد تدعمك في تحقيق ذلك أيضاً ممارسة بعض تمارين التأمل والاسترخاء والتنفس العميق، إلى جانب التقليل من تصفحك منصات التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضاً: كيف تطبق قاعدة "هنا والآن" بأربع عادات يومية بسيطة؟
7. لا تَنْسَ رعاية ذاتك
نحتاج في فترات عدم اليقين إلى أن نعتني بأنفسنا حتى نتمكن من مواجهة هذه الفترات ونحن في حالة نفسية أفضل، وهذا يلزم منك القيام بخطوات بسيطة قدر المستطاع، مثل الحصول على قسط كافٍ من النوم والمحافظة على النشاط والحركة يومياً وتناول الطعام الجيد، أدرك أن الجوانب السابقة قد لا تكون متاحة أحياناً لكنّ ما لا يدرك كله لا يترك جلّه.