اسمك يؤثر في مسار حياتك ويشكّل ملامحك: إليك الأدلة العلمية

3 دقائق
اسم الشخص
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: "لكل امرئ من اسمه نصيب"! فيما يبدو أن العرب عندما أطلقت هذه المقولة لم تكن تبالغ، فقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن اسم الشخص يمكن أن يشكّل مسار حياته إلى درجة كبيرة. ليس هذا فحسب؛ بل إنه يستطيع أيضاً تشكيل ملامح وجهه، فكيف يحدث هذا؟ اقرأ المقال لتعرف أكثر.

ربما تعرفت إلى أحدهم ذات يوم وأخبرته باسمك فتوطدت علاقتك به لمجرد أن اسمك هو اسم والده أو اسم شخص يحبه؛ لكن هذا التأثير يُعد سطحياً بعض الشيء لوجود جانب آخر يمكن التعمق فيه علمياً ألا وهو تأثير اسمك في رسم ملامح شخصيتك وتحديد مصيرك أحياناً!

ولأن أسماءنا بطاقات التعارف الأولى التي ترافقنا منذ صغرنا حيثما ذهبنا؛ فهي تكشف في بعض الأوقات عن هوياتنا الثقافية أو المجتمعية. لذا؛ من الضروري التعرف إلى تأثير أسمائنا في بناء علاقتنا بأنفسنا ونظرة الآخرين إلينا، وكذلك التغيرات المهمة التي يمكن أن تطرأ على حياتنا.

كيف يشكل اسمك مسار حياتك؟

يكشف الباحث في علم الأسماء، فرحان الشملاني في لقائه مع قناة "إم بي سي" (MBC) أن اسم الشخص يُعد المكون المعنوي له؛ إذ ينعكس على الصفات التي يمتلكها ونمط تعامله مع الآخرين، مشيراً إلى أن تأثير الأسماء يمتد إلى التوافق بين الأشخاص وتآلفهم.

وأحياناً يكون تأثير الاسم خارج نطاق تحكم صاحبه، فبعض الأسماء ذو دلالات إيجابية أو سلبية في ثقافات معينة؛ لذا يكون ثمة تأثير محتم علينا الاصطدام به لأسمائنا من حيث تعامل الآخرين معنا وتفضيلنا أو النفور منا.

يظهر هذا التأثير في دراسة علمية أجرتها جامعة هومبولدت الألمانية (Humboldt-Universität zu Berlin) عام 2011 على مستخدمي أحد مواقع المواعدة، وتوصل الباحثون من خلالها إلى أن الأشخاص الذين تُعد أسمائهم غير عصرية بمقاييس توقيت إجراء الدراسة كانوا أكثر عرضة للرفض مقارنةً بغيرهم.

لا يقف تأثير الاسم عند حد قدرة الشخص على إيجاد شريك حياته؛ إنما يمتد أيضاً إلى مساعدة الآخرين له، ففي دراسة علمية أخرى أجرتها جامعة بوتسدام الألمانية (University of Potsdam)، كان استعداد المشاركين في الدراسة أقل لمساعدة الأشخاص الذين تُعد أسماؤهم غريبة أو غير محببة في الثقافة الألمانية، مقارنة مع أصحاب الأسماء المألوفة أو المستحسنة.

المسألة الخطِرة هي أن تعرُّض الشخص للرفض نتيجة حمله اسماً غير مقبول مجتمعياً قد يدفعه إلى القيام برد فعل سلبي يصل إلى حد الدخول في عالم الجريمة، وهذا ما نجحت في إثباته دراسة علمية أجراها معهد علم النفس التابع للأكاديمية الصينية للعلوم (Chinese Academy of Sciences)، اكتشفت أن الأشخاص الذين تُعد أسماؤهم منفّرة في محيطهم تزيد احتمالية ارتكابهم للجرائم.

وثمة فرق بين الأسماء المنفّرة والنادرة في تأثيرها، فبحسب دراسة أخرى أجراها المعهد نفسه؛ تزيد فرصة أصحاب الأسماء النادرة للعمل في وظائف متميزة مثل الإخراج السينمائي أو القضاء، ومصدر ذلك الإحساس بالتميز الذي يُزرع في نفوسهم منذ الصغر .

التأثير السابق أكدته دراسة أخرى أجرتها جامعة ولاية أريزونا الأميركية (University of Arizona in) وجدت أن امتلاك الشخص لاسم نادر يجعله أكثر إبداعاً وانفتاحاً، فقد بحثت الدراسة في أسماء الرؤساء التفنيذيين لأكثر من ألف شركة، وتوصلت إلى أنه كلما كان الاسم نادراً زادت احتمالية تميز استراتيجيات العمل التي يتبعها الرئيس التنفيذي؛ نتيجة تصوره الذاتي عن نفسه بأنه مختلف عن أقرانه من الرؤساء.

لكن على الرغم من كل ما سبق، ثمة بُعد أساسي نابع من الداخل ألا وهو تصالحنا مع أسمائنا وحبنا لها، فقد وجدت دراسة أجرتها عالمة النفس الأميركية في جامعة ميشيغان (University of Michigan)، جين توينج (Jean Twenge) أن الأشخاص الذين لا يحبون أسماءَهم تنخفض قدرتهم على التكيف النفسي نتيجة قلة ثقتهم بأنفسهم وتدني احترامهم لذواتهم.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر البيئة على ذكرياتنا؟

ما دور الإيقاع الصوتي لاسمك في تقبُّل الآخرين لك؟

يبدأ تأثير وقع أسمائنا في آذان الآخرين من الأيام الأولى في المدرسة، فقد وجدت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا الأميركية (University of California) أن المدرسين الذين ينطقون أسماء التلاميذ نطقاً خاطئاً نتيجة عدم شيوعها عادةً ما يجعلهم أكثر ميلاً إلى الشعور بالعزلة والقلق؛ كما ترتفع احتمالية تعرُّضهم للاعتداءات العنصرية من جانب زملائهم.

وتنعكس أصوات حروف أسمائنا عموماً على تصور الآخرين لشخصياتنا؛ إذ يؤكد عالم النفس في كلية لندن الجامعية (University College London)، ديفيد سيدو (David Sidhu) إن الإيقاع الصوتي لأسمائنا ينبثق منه توقع ما إذا كنا أشخاصاً حادين أو مرنين؛ عنيفين أو مسالمين، فعلى سبيل المثال؛ الأسماء التي تكون أصوات حروفها ناعمة تجعل الأشخاص يظنون أن أصحابها عاطفيون ومتقبلون لمن حولهم أكثر من غيرهم، بينما على العكس يعتقدون أن حاملي الأسماء المكونة من حروف خشنة في نطقها يصعب التعامل معهم.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن لذكرياتنا أن تشكل هوياتنا وشخصياتنا؟ وهل يمكن أن تخدعنا الذاكرة؟

ربما يصل الأمر إلى حد تغيير اسمك لملامحك!

لا يقف تأثير الاسم عند حدود تشكيله لمآلات حياتك فقط؛ إنما يمتد أيضاً إلى تشكيل ملامح وجهك، فقد اكتشفت دراسة علمية نشرتها "مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي" (Journal of Personality and Social Psychology) أن للأسماء تأثيراً في المظهر الجسدي، وبخاصة شكل الوجه.

ويظهر ذلك في نتائج الدراسة التي طور الباحثون فيها تقنية ذكاء اصطناعي تتوقع أسماء الأشخاص وفقاً لملامحهم، وبعد تزويد التقنية بالمعطيات اللازمة وجدوا أنها أصبحت قادرة على توقع اسم الشخص بدقة عالية بناءً على ملامح وجهه.

ووفقاً لتفسير الباحثين؛ فلذلك صلة بأن كل اسم ينتج منه تبني سلوكات معينة وتعبيرات محددة ومظهر مميز أيضاً؛ ما يعني في النهاية أن للاسم حروفاً تُخَطّ على الورق وملامحَ ترتسم على الوجه.

المحتوى محمي