هل تستنزف مقاطع “الريلز” وقتك وتركيزك؟ إليك كيفية وقف ضررها

4 دقيقة
الريلز
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

تخيل أنك ستبدأ عملك للتو، وبعد أن أعددت قائمة بالمهام التي تنتظرك، أرسل إليك صديقك بعض مقاطع الفيديو القصيرة "الريلز" عبر موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام. قد تظن في البداية أنك ستقضي بضع دقائق؛ ولكن قبل أن تدرك ذلك، سوف تغرق تماماً هناك وتستمر في التصفح دون توقف، لتجد أنك قد أمضيت ساعة على الأقل وأنت تشاهد مقاطع الفيديو القصيرة واحداً تلو الآخر؛ بينما تنتظر مهام العمل على مكتبك دون أن ينجزها أحد. والحقيقة أن المقاطع القصيرة عادة ما تكون مسلية ومضحكة ومثيرة للاهتمام، وفي الوقت نفسه، فإنها تصيبك بالتشتت، فماذا تفعل لتتجنب ضررها؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

ما هي التأثيرات الإيجابية لمشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة؟

عادة ما تتراوح مدة مقاطع الفيديو القصيرة "الريلز" بين 30 ثانية وأقل، ويمكن أن يشمل محتوى تلك المقاطع مقتطفات من الأغاني أو المواقف المضحكة أو بعض المعلومات السريعة والمقاطع الإخبارية الصغيرة الحجم وغيرها، وهناك بعض التأثيرات الإيجابية لمشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة؛ مثل:

1. تحسين الكفاءة المعرفية: تساعد مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة على تحسين الكفاءة المعرفية تحسناً كبيراً، وذلك من خلال تدريب الدماغ على معالجة المعلومات بطريقة أسرع.

2. تخفيف التوتر: تسهم مقاطع الفيديو القصيرة المضحكة والمسلية في تخفيف التوتر؛ ما يساعد على الاسترخاء ويعزز الصحة النفسية، ويمكن لهذه الفترات القصيرة من السعادة على مدار اليوم أن يكون لها تأثير عميق في الحالة المزاجية وتجعلنا أكثر إيجابية.

3. تحفيز الإبداع: تحفز مقاطع الفيديو القصيرة الإبداع والخيال؛ وذلك لأنها تقدم معلومات معقدة خلال وقت قصير؛ ما يجعلها سهلة الهضم، ويجعل العملية التعليمية أكثر متعة. علاوة على ذلك، تساعدنا الفيديوهات القصيرة على استيعاب المفاهيم المعرفية؛ ما يعزز حب التعلم والنمو الفكري.

اقرأ أيضاً: ما هو دماغ تيك توك؟ وكيف تحمي نفسيتك من تأثيره؟

كيف تقلل مقاطع الفيديو القصيرة تركيزك وإنتاجيتك؟

اكتسبت مقاطع الفيديو القصيرة شعبية هائلة؛ وذلك لأنها تقدم محتوىً ترفيهياً صغيرَ الحجم خلال وقت قصير للغاية؛ ولكن هذه المقاطع لها تأثيرات سلبية يمكن أن تصيب المستخدمين؛ وذلك مثل:

1. تشتت الانتباه: تسهم طبيعة مقاطع الفيديو القصيرة في تشتت الانتباه؛ إذ يؤدي الانشغال بمشاهدة تلك المقاطع التي تتراوح مدتها بين 15 و30 ثانية إلى صعوبة التركيز في المهام الأكثر تعقيداً، وعندما نشاهد تلك المقاطع باستمرار تصبح أدمغتنا مهيأة للبحث عن الإشباع الفوري والتجديد، ونتيجة لذلك؛ قد نجد صعوبة بالغة في إنجاز المهام التي تتطلب تركيزاً؛ مثل قراءة الكتب أو الانخراط في مهام العمل اليومية، ومع مرور الوقت يؤدي تشتت الانتباه إلى التأثير سلباً في مهارات التعلم.

2. انخفاض الإنتاجية: يمكن أن تقضي وقتاً طويلاً في تصفح مقاطع الفيديو القصيرة على مدار اليوم؛ وهذا الأمر سيؤدي بالتبعية إلى تخصيص وقت أقل من أجل إنهاء مهام العمل؛ ومن ثَم ستنخفض إنتاجيتك انخفاضاً كبيراً وسوف تشعر في نهاية اليوم بالندم وعدم الرضا.

3. الإصابة باضطرابات النوم: إذا شاهدت مقاطع الفيديو القصيرة بكثرة قبل النوم فسوف يؤثر ذلك سلباً في صحتك النفسية؛ لأنك في البداية لن تكتفِ بمشاهدة مقطع أو مقطعين ولكنك سوف تنهمك تماماً في التصفح ويمر الوقت؛ وذلك بسبب استجابة الدوبامين والشعور بالمتعة؛ ما يعطّل دورة النوم الخاصة بك ويؤدي إلى اضطرابات النوم التي تسهم في تفاقم مشاعر القلق والاكتئاب.

4. تأثر الذاكرة القصيرة المدى: والحقيقة أن هذا التأثير ليس مقتصراً على مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة؛ ولكنه مشكلة أكبر تتعلق بكيفية استهلاك المعلومات في العصر الرقمي؛ حيث إن التعرض اليومي إلى هذا الكم الهائل من المعلومات والمقاطع والمشتتات يمكن أن يجعل الذاكرة القصيرة المدى تواجه مشكلة كبرى في تخزين البيانات.

5. الوقوع في إدمانها: يؤدي الإشباع الفوري الذي توفره مقاطع الفيديو القصيرة إلى تحفيز استجابة الدوبامين في الدماغ؛ وهو ناقل عصبي مرتبط بالمتعة والمكافأة، ففي كل مرة تشاهد فيها مقاطع فيديو قصيرة، سوف تشعر بالمتعة؛ وهذا يجعلك ترغب دوماً في مشاهدة المزيد من الفيديوهات القصيرة أملاً في الحصول على المكافأة. ومع مرور الوقت، سوف تواجه صعوبة في الابتعاد عن تلك الفيديوهات؛ ما يخلق سلوكاً قهرياً إدمانياً، وفي هذا السياق، توضح الطبيب النفسية، إيمان عبد الله، إن مشاهدة تلك المقاطع باستمرار تسبب الإدمان وتجعل العقل شارداً مشيرة إلى أن تلك الحالة تُعرف طبياً باسم "العقل غير السعيد".

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تكشف حقيقة مفاجئة في دماغ المصاب باضطراب فرط الحركة

ماذا تفعل حتى تتجنب ضرر مقاطع الفيديو القصيرة؟

لا يمكن إنكار حقيقة أن مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة تعد أمراً مسلياً وسهل الاستخدام؛ ولكن المشكلة الكبرى تكمن في أن تلك المقاطع صُممت وفق خوارزميات تجعلك تستمر في المشاهدة دون توقف؛ إذ تشبه تلك المقاطع في بعض الأحيان الثقب الأسود الذي يبتلع الانتباه؛ ولهذا عليك اتباع هذه النصائح من أجل تجنب ضرر مقاطع الفيديو القصيرة:

1. اختر المحتوى المناسب: لن أطلب منك أبداً أن تتوقف تماماً عن مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة "الريلز"؛ ولكن سأطلب منك عوضاً عن ذلك أن تصبح انتقائياً بشأن المحتوى الذي تشاهده باستمرار؛ أعط الأولوية للجودة على الكمية وذلك من أجل ضمان توجيه انتباهك نحو التجارب الهادفة والمثمرة والممتعة.

2. خصص الوقت: خصص فترات زمنية محددة من أجل مشاهدة تلك المقاطع، وتأكد جيداً من تخصيص الوقت لمهام العمل والأنشطة التي تتطلب تركيزاً ممتداً مثل قراءة الكتب؛ فمن خلال تحديد أوقات مخصصة من التركيز المتواصل، فإنك تدرب عقلك على الانتباه لفترات أطول.

3. مارس اليقظة الذهنية: ادمج اليقظة الذهنية والتأمل في روتينك اليومي من أجل تنمية الوعي باللحظة الحالية وتحسين التركيز العام، فمن خلال التدرب على اليقظة الذهنية ستعيد توجيه انتباهك إلى المهمة التي بين يديك.

4. عطّل الإشعارات: إذا كنت تريد الحد من عوامل التشتت التي تؤثر في درجة تركيزك في أثناء العمل، عطّل إشعارات الفيديوهات القصيرة على هاتفك، وذلك حتى لا تترك المهام التي تنجزها وتنخرط في مشاهدة تلك المقاطع القصيرة، وإذا لم تتوقف عن المشاهدة بعد تعطيل الإشعارات، حاول الدخول إلى المنصات عبر المتصفح عوضاً عن استخدام التطبيقات.

5. شاهد المقاطع القصيرة بصفتها مكافأة: اسمح لنفسك بمشاهدة مقاطع الفيديو فترةً محددة بصفتها مكافأة مقابل إنجاز مهام معينة. على سبيل المثال؛ شاهد بعض المقاطع القصيرة الممتعة مدة 15 دقيقة بعد تنظيف المطبخ، أو تُمكنك المشاهدة مدة 30 دقيقة بعد الانتهاء من العمل.

6. ابحث عن أنشطة أخرى لملء وقتك: أحياناً ننخرط في مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة لأنها تجعلنا نشعر بالمتعة ونحصل على دفقة من الدوبامين؛ ولكن ماذا لو بحثنا عن أنشطة أخرى تحقق لنا المتعة نفسها. على سبيل المثال؛ تُمكن ممارسة الرياضة أو مقابلة الأصدقاء في الخارج أو تعلم الطهو.

المحتوى محمي