لماذا لا يرتبط التوتر بالإصابة بارتفاع ضغط الدم كما هو شائع؟

التوتر وارتفاع ضغط الدم
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يوجد اعتقاد أن التوتر يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم؛ إلا أن العلاقة بينهما ليست مباشرة كما هو شائع. وفقاً لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)؛ يشير مرض ضغط الدم المرتفع إلى ارتفاع ضغط الدم عن المعدل الطبيعي (120/80 ملم زئبقي)، ولا يتم تشخيص المرض من خلال قياس ضغط الدم مرة واحدة نظراً لأنه يتغير على مدار اليوم بناءً على أنشطة الفرد. نوضح في السطور التالية مدى ارتباط التوتر بارتفاع ضغط الدم، وأي أنواع التوتر يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بهذا المرض.

نمر كثيراً بمواقف تثير توترنا مثل اقتراب موعد اختبار أو مقابلة عمل، ونشعر حينها بأعراض ارتفاع ضغط الدم مثل سرعة معدل ضربات القلب، لينشأ لدينا اعتقاد أن كلاً منهما مرتبط بالآخر. إلا أن العلاقة بين التوتر والإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم ليست مباشرة إلى هذه الدرجة، فالتوتر بحد ذاته لا يسبب الإصابة بهذا المرض بل العادات التي تصاحبه.

هل يسبب التوتر الإصابة بارتفاع ضغط الدم؟

وفقاً لمركز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)؛ يشير مرض ضغط الدم المرتفع إلى ارتفاع ضغط الدم عن المعدل الطبيعي (120/80 ملم زئبقي)، ولا يتم تشخيص المرض من خلال قياس ضغط الدم مرة واحدة نظراً لأنه يتغير على مدار اليوم بناءً على أنشطة الفرد.

وبينما يوجد اعتقاد أن التوتر يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم؛ إلا أن العلاقة بينهما ليست مباشرة كما هو شائع كما أن المشكلة تتعلق بالتوتر المطول أو المزمن وليس قصير المدى بحسب طبيب القلب لوك لافين (Luke Laffin).

ما الفرق بين التوتر الحاد والمزمن؟

يوضح لافين الفرق بين التوتر الحاد والمزمن كما يلي:

التوتر الحاد وضغط الدم

يشير التوتر الحاد إلى ضغط مؤقت ناتج من حدث معين أو نوبة هلع؛ ما يؤدي إلى إطلاق الجسم موجة من الهرمونات التي تتسبب في زيادة سرعة ضربات القلب وتضيق الأوعية الدموية فيرتفع معدل ضغط الدم لبعض الوقت. إلا أن الأعراض تختفي بمجرد زوال سبب التوتر، وسرعان ما يعود ضغط الدم إلى طبيعته أيضاً. 

التوتر المزمن وضغط الدم

إن الطرائق التي يؤثر بها التوتر المزمن في ضغط الدم غير معروفة جيداً؛ إلا أنه يمكن أن يؤثر في عادات نمط الحياة لتصبح غير صحية ما قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى:

  • قلة النوم.
  • عدم ممارسة الرياضة بالقدر الكافي.
  • اختيارات غذائية غير صحية.
  • التدخين أو تناول المشروبات الكحولية أو تعاطي المخدرات.

يمكن أن تؤدي هذه العادات كلها إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو مشكلات القلب الأخرى.

اقرأ أيضاً: هل تسبب القهوة القلق والتوتر؟ 

الاستجابات المختلفة للتوتر

تختلف استجاباتنا للمواقف التي نمر بها وفقاً لعدة عوامل ومنها العوامل الشخصية؛ ما يعني أنه في كثير من الأحيان لا يكون الموقف ذاته هو المحدد الرئيسي لتأثيره علينا بل إدراكنا وطريقة استجابتنا له. 

في هذا السياق يضيف لافين: “يمكن أن يعود الأمر إلى كيفية إدراك الشخص للتوتر. يمكن أن يكون هناك شخصان في نفس الموقف بالضبط ولكن يكون الأمر أكثر إرهاقاً لأحدهما من الآخر، فبعض الناس يتعاملون بشكل أفضل مع التوتر ولديهم استراتيجيات أو أنظمة دعم صحية أكثر”.

وللتعمق أكثر في طرائق الاستجابة المختلفة للتوتر؛ حددت دراسة من جامعة ماكواري في أستراليا (Macquarie University) الطرائق المختلفة التي يمكن أن يؤثر بها إدراك الفرد في مدى توتره؛ والذي يؤثر بدوره في سلوك الفرد وعواطفه وصحته البدنية. 

أجرى الفريق البحثي هذه الدراسة من خلال سلسلة من المقابلات مع المشاركين، وشملت أفكارهم حول علاقة التوتر بالإدراك تأثيرَ إدراك الفرد للموقف في نسبة توتره. على سبيل المثال؛ قد يشعر الفرد بالإحباط والتوتر إذا علق في طريق مزدحمة نتيجة التفكير في الأشياء السلبية التي يمكن أن تحدث. كذلك، قد يؤثر التوتر سلباً في قدرة الفرد على التفكير بوضوح ويؤدي إلى الإفراط في التفكير والاعتقاد أن لكل شيء معنىً أكبر وعواقب أبعد مما هو عليه في الواقع.

علاوة على ذلك، ذكر 94% من المشاركين أن التوتر يؤثر في عواطفهم بطريقة ما؛ حيث يمكن أن يؤدي إلى اختبار عدد من المشاعر السلبية مثل الغضب أو الانفعال أو الحزن أو الغيرة أو الذعر. وأشار جميع المشاركين إلى تأثير التوتر في صحتهم الجسدية، بداية من التغيرات في الشهية وأنماط النوم وزيادة معدل ضربات القلب وتشنجات المعدة، إلى جفاف الجلد والصداع.

كيف يمكن تقليل التوتر والقلق وضغط الدم؟

على الرغم من تشابك العلاقة بين التوتر وارتفاع ضغط الدم وصعوبة التحكم في المواقف التي يمكن أن تثير توتر الفرد وقلقه؛ إلا أن هناك بعض الخطوات الوقائية التي يمكّن اتباعها من تقليل تأثير التوتر الشديد في الصحة البدنية والنفسية.

يقدم لافين بعض النصائح التي يمكن من خلالها خفض مستويات التوتر، والتعامل مع القلق بالشكل الصحيح الذي بدوره يمكن أن يساعد على خفض ضغط الدم، وتشمل:

  • ممارسة الرياضة بانتظام: حيث تساعدك على تقليل مستويات التوتر والتكيف مع المواقف العصيبة. ويمكن أن تساعد ممارسة التمارين الرياضية من 3 إلى 5 مرات في الأسبوع لمدة 30 دقيقة على تقليل التوتر. 
  • الحصول على قسط كافٍ من النوم عالي الجودة: يساعد النوم المتواصل نحو ثماني ساعات خلال الليل على استقرار ضغط الدم.
  • التخلص من الضغوط قدر المستطاع.
  • الحفاظ على نظام غذائي صحي للقلب: يجب تقليل الأطعمة الغنية بالملح والدهون لأنها تزيد ضغط الدم، وإضافة الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة لأنها مفيدة لصحة القلب.
  • ممارسة التأمل: يمكن أن يساعد التأمل على التعامل مع كلٍ من التوتر الحاد والمزمن. 

اقرأ ايضاً: ما أنواع القلق المفيدة للدماغ؟ 

بالإضافة إلى ما سبق، يقدّم مؤسس مركز الإرشاد والموارد الصحية في واشنطن، غريغوري جانتز (Gregory Jantz) بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد على التحكم في بعض الضغوط التي تؤثر سلباً في الصحة، وتشمل: 

  1. تحديد الضغوط الخاصة بك: اكتب قائمة بمسببات التوتر في حياتك، ومن خلال فهمها يمكنك البدء في معالجة هذه الأشياء والمضي قدماً نحو الشفاء.
  2. التوقف عن التسويف: يؤدي التسويف إلى زيادة مستويات التوتر، لا تقليلها.
  3. الحفاظ على توازنك: إنّ حماية الوقت الشخصي من الالتزامات الزائدة ليست بالأمر السهل؛ ولكنها أحد أكثر الأشياء فعاليةً التي يمكن اتباعها لتقليل التوتر.
  4. تجنب الهروب السلبي: عندما نشعر بالتوتر يغرينا اللجوء إلى الإفراط في الأكل أو الإنفاق، ويحدث ذلك لأننا نريد أن نفعل شيئاً لتغيير مزاجنا لكن ذلك غير مفيد أو صحي.

وأخيراً، ينصح جانتز بالخروج من العزلة التي ترتبط بعدد من مشكلات الصحة النفسية والجسدية، بينما تساعد المشاركة على تقليل القلق والتوتر.

المحتوى محمي !!