يوجد في محيطي بعض الأشخاص الذين يعانون اضطرابات نفسية مختلفة. وعلى الرغم من وطأتها وتأثيرها في حياتهم فإنهم يتجنبون التصريح عنها في عملهم، وذلك خوفاً من أن تؤدي صراحتهم إلى الاستغناء عنهم وفقدان مصدر دخلهم، وهو ما يعكس الوصمة الشائعة في عالمنا العربي تجاه الاضطراب النفسي، وهي وفقاً لاستشاري الطب النفسي أحمد الصالح تجعل المريض يعاني من ناحيتين؛ الأولى معاناته مع اضطرابه النفسي، والثانية معاناته مع مجتمع لا يتفهم غالبية أفراده طبيعة مرضه ويعتبرونه وصمة عار، لذا يمكن اعتبار هذا المقال بمثابة شمعة لمحاول إنارة الظلام؛ بتقديم إرشادات فعالة للمدراء في العالم العربي حول كيفية التعامل الأمثل مع الموظف المصاب باضطراب نفسي.
محتويات المقال
1. زد وعيك باضطرابات الصحة النفسية
تمثل المعرفة اللبنة الأولى التي يمكن بناء بقية الخطوات الأخرى عليها، لذا ليس مطلوباً منك أن تكون معالجاً نفسياً، إنما فقط يكفي أن تتعرف إلى علامات الإصابة بأكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً، وكيفية التصرف في حالة انهيار أحد موظفيك نفسياً، أو إذا كان سيعرض نفسه أو يعرض موظفاً آخر لخطر ما نتيجة اضطرابه، وهذه الخطوة إلى جانب أنها ستخدم موظفيك، فهي في الوقت نفسه ستخفف عنك الضغط الناتج عن الخوف من عدم التصرف بطريقة صحيحة، أو من أن يكون أحد موظفيك يعاني بالخفاء.
2. لا تنقطع عن موظفيك
يهتم المدير الذكي بالاطمئنان دائماً على أحوال موظفيه ويتعدى الأمر قدرتهم على العمل، بل يفتح قنوات تواصل منتظمة ترسخ الثقة بينهم، وتجعلهم يدركون أنهم في حال مرورهم بموقف صعب مثل إصابتهم باضطراب نفسي فبإمكانهم التواصل معه دون خجل للتعبير عن مشاعرهم وطلب الدعم.
اقرأ أيضاً: كيف تواجه ثقافة الإنجاز وضغط العيب الاجتماعي في بيئة العمل العربية؟
3. اجعل حوارك قائماً على الصدق المتبادل
إذا لاحظت تغيراً في سلوك أحد موظفيك، على سبيل المثال أصبح سريع الانفعال أو يفضل الانعزال أو تراجع مستواه ولم يعد يلتزم بالمواعيد النهائية، فأفضل ما يمكنك فعله هو أن تجلس معه وتفتح له قلبك بهدوء وتخبره بأن ما سيدور بينكما لن يخرج للآخرين، وتسأله عما طرأ عليه من تغيير، وهذا سيجعله يشعر بأن هناك اهتماماً حقيقياً من جانبك تجاهه، ما يعطيه فرصة ليسرد ما يمر به، ومن ثم يمكنكما التوصل سوياً إلى أفضل الحلول للتعامل مع حالته النفسية.
4. تسامح معه وفق الحدود الممكنة
غالباً يؤدي تغير حالة الصحة النفسية إلى تراجع الإنتاجية، وهذا يعني أن الموظف لم يعد قادراً على إنجاز ما كان ينجزه من قبل، والأفضل في هذه الحالة هو عدم الضغط عليه إنما منحه بعض التسامح والتركيز على ما يمكنه إنجازه بدلاً من تسليط الضوء على ما لا يستطيع إنجازه، وتقديم مقترحات له تخفف عنه عبء عمله. بالطبع ليس المقصود هنا مخالفة سياسة الشركة، ولكن تقديم تسهيلات معقولة لتقليل معوقات التعافي أمام الموظف مثل إتاحة العمل من المنزل، أو تقديم إجازة ليرتاح، أو تقليل مستهدفه، وجميعها ممارسات ستزيد ولاء الموظف تجاه شركته وتجعله لا ينسى لمدرائه هذا الجميل الذي قدموه له.
5. ركز على الدعم بالأفعال وليس فقط بالأقوال
يعني ذلك أن تدفع موظفيك المصابين بالاضطرابات النفسية إلى المتابعة مع طبيب أو معالج نفسي، وتوفير تغطية تأمينية لهم تشمل العلاج النفسي، إلى جانب إتاحة الحصول على إجازات مرضية تسهل تعافيهم.
6. استمر في نشر الوعي بالصحة النفسية في مؤسستك
اعمل على إقامة حلقات نقاش تؤكد من خلالها أن التعبير عن المشاعر ليس علامة ضعف، وأن الاضطراب النفسي ليس عيباً، وذلك بالتوازي مع وضع سياسات صارمة تحظر الممارسات الضارة بالصحة النفسية مثل التنمر أو التحرش. باختصار، أسس مجتمعاً مهنياً قائماً على التراحم والاحترام.
اقرأ أيضاً: كيف تقنع شخصاً عزيزاً عليك أن يبدأ رحلة علاجه النفسي؟