ملخص: يمكن أن يندم بعض الأشخاص على الإفصاح بخصوصيات معينة لمعالجه النفسي، أو يتردّد في طلب العلاج في المقام الأول خوفاً من ضرورة الإفصاح عن أسراره، فهل لخوفه مبرّر معقول؟ وهل من الضروري بالفعل إخبار المعالج النفسي بكل شيء؟ تعرّف إلى الإجابات في هذا المقال.
محتويات المقال
يمكن أن تكون تجربة مشاركة أسرارنا مع معالج نفسي مخيفة أو محرجة، فعندما نواجه احتمالية الكشف عن تفاصيلنا الخفيّة كلها، قد نتساءل إذا ما كان يجب أن نخبره بكل شيء لكي نستفيد من العلاج! إذاً ما طبيعة العلاقة العلاجية التي تجمع بين المعالج نفسي ومريضه؟ وما مدى أهمية الثقة والصدق فيها؟
هل تخاف أن يطلق معالجك النفسي الأحكام عليك؟
يوضّح استشاري الطب النفسي السعودي، مشعل العقيل، إن العلاقة العلاجية الصحيحة مبنية على الثقة وتفهّم مشاعر وشكوى المريض، وعدم احتقارها أو الحكم عليها. ويضيف إن المرضى، بأعداد كبيرة، يشعرون بالحرج إزاء إخبار معالجيهم إن كانوا مذنبين بخصوص أمرٍ ما على سبيل المثال؛ وذلك لأنهم يخافون أن يُنظر إليهم على نحو سيئ؛ لكن تخوّفهم هذا، إن استمرّ لأكثر من جلسة، فقد يدلّ على وجود خللٍ في العلاقة العلاجية.
ويؤكّد المعالج النفسي المختص بقضايا الزواج والأسرة، بيتر سيلاريوس (Peter Cellarius)، إن المعالجين معظمهم لا يُصدرون أحكاماً، ويعطون الأولوية لمساعدة مرضاهم؛ وذلك لأنهم مدربون على تنحية تلك المشاعر جانباً، وتتضمّن أخلاقيات عملهم عدم السماح لحكمهم الشخصي بالتأثير في نُهُجهم العلاجية.
اقرأ أيضاً: ما الفرق بين الطبيب النفسي والاختصاصي النفسي؟
هل يجب أن تخبر معالجك بكل شيء؟
من الضروري أن يكون المريض منفتحاً وصادقاً مع معالجه، فالشفافية تدعم العلاج لتحقيق الأهداف المرجوّة منه، ناهيك باستثمار الوقت والمال. ونظراً لارتفاع تكلفة الجلسات العلاجية غالباً؛ ينبغى لأيّ شخص يسعى إلى العلاج الاستفادة القصوى من جلساته من خلال تزويد المعالج بمعلومات كافية لكي يتمكّن من وضع خطة علاج مخصّصة.
وعلى الرغم من أهمية الصدق والشفافية في هذا السياق، فإن الكثيرين من العملاء يختارون الكذب على معالجيهم؛ حيث تنبع تلك الأكاذيب غالباً من الرغبة في حماية مشاعر المعالج؛ مثل الموافقة على تعليقات معينة من قِبله، أو التصريح الكاذب بفعالية العلاج؛ لكن الكذب في العلاج يعيق تقدّمه ويمنع المعالج من تقديم أفضل رعاية ممكنة.
ويُعدّ بناء علاقة موثوقة وصادقة مكوّناً جوهرياً في العلاقة العلاجية، ويؤدّي الصدق دوراً مهمّاً في تطويرها، فدون ملاحظات المريض ومشاعره الصادقة، قد لا يتمكّن المعالج من تقديم العلاج الأكثر فعالية.
متى يمكن أن يخترق المعالج النفسي ميثاق الخصوصية؟
في حين يكون المعالجون ملزمين عموماً بالحفاظ على سرية مرضاهم، فمن الأهمية بمكان إدراك أنه ثمّة حالاتٌ قد تُنتهَك فيها تلك السرّية لأسباب قانونية وأخلاقية يجب أن يدرك طبيعتها المريض عند التفكير في المعلومات التي تجب مشاركتها مع معالجه. وفيما يلي بعض الحالات التي قد يحتاج فيها المعالج إلى اختراق ميثاق الخصوصية:
- خطر الضرر الوشيك: إذا أعرب المريض عن نيّته في إيذاء نفسه أو الآخرين، فمن واجب المعالجين اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان السلامة العامة. لذلك؛ قد يحتاجون إلى إشراك السلطات المختصة أو الأفراد الذين يمكنهم المساعدة في التخفيف من تلك المخاطر.
- الإبلاغ عن سوء المعاملة: إذا كشف المريض عن إساءة معاملة الأطفال أو كبار السن أو الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، يجب أن يبلّغ المعالج السلطات المعنية لحماية الفرد الضعيف المعنيّ بالأمر.
- الإفصاح بأمر من المحكمة: قد يتلقى المعالجون في بعض القضايا القانونية أمراً من المحكمة يطالبهم بالكشف عن معلومات حول المريض، ويحدث هذا عادةً عندما تُقيَّم الصحة العقلية للمريض بوصف هذا الإجراء أحد الإجراءات القانونية.
وفيما يتعلّق بتجارب الإساءة المشار إليها سابقاً، لا يبلّغ المعالجون عن تلك المعلومات ما لم تكن هناك مخاوف حقيقية تتعلّق بسلامة الأفراد، ويحتفظ المريض دائماً بحقّه في معرفة الظروف التي يمكن لمعالجه أن يفصح في ظلّها عن خصوصياته وأسراره .
اقرأ أيضاً: لِمَ يحتاج لاعب مثل كريستيانو رونالدو إلى معالج نفسي؟
وأخيراً، إن مسألة إخبار معالجك بكل شيء هي مسألة شخصية للغاية، في حين أن الشفافية يمكن أن تعزّز علاقة علاجية أقوى وتمكّن العلاج المخصص من تأدية دوره بفعالية أكبر. ومن الضروري إدراك أن المعالج النفسي هو متخصّص تدرّب على منح الأولوية لرفاهية المريض؛ بما فيها الحفاظ على خصوصيته ما لم يحمل ذلك ضرراً للأفراد.