7 أنواع للشعور المرضي بالذنب: كيف تتغلب عليها؟

4 دقائق
الشعور المرضي بالذنب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: محمد محمود)

ملخص: غالباً ما يكون الشعور بالذنب إحساساً مدمراً للراحة النفسية؛ لكنه يظل شعوراً غاية في التعقيد تتعدد أسبابه وأنماطه. ولتجنّب هذه الانعكاسات السلبية التي ينطوي عليها، إليك هذا المقال الذي يبين لك 7 أنماط من الشعور المرضي بالذنب كي تتجنّبها.

ميّز المعالج النفسي الشهير المختص في التحليل النفسي التفاعلي، ألان كريبيل (Alain Crespelle) بين 7 أنماط من الشعور المرضي بالذنب، ويمثل التعرّف إلى هذه الأنماط خطوة ضرورية لتجنّبها.

الشعور الأناني بالذنب

لنأخذ مثال الطفل الذي يشعر بالذنب بسبب طلاق والديه فيقول في نفسه: "هذا الطلاق بسببي، كان عليّ أن أكون أكثر تهذيباً، وأجتهد في دراستي أكثر". هذا النمط من الشعور المرضي بالذنب هو نفسه الذي نجده لدى الأشخاص البالغين الذين يتصرّفون "كالأطفال" فيركزون على تجاربهم الخاصة عندما يحدث مكروه لأحد أقاربهم. لنفترض أن شقيقين تجادلا، وفي اليوم التالي تعرّض أحدهما لكسر في رجله، سيشعر الثاني بالذنب لأنه رغب دون وعي في تعرّض شقيقه للعقاب. ويرتكز الشعور الأناني بالذنب على إحساس لا واعٍ بالقدرة المطلقة التي توهم من يشعر بها (وتطمئنه) أنه يسيطر على ما يحدث له أو يستوعب حقيقة المكروه الذي يتعرّض له.

  • كيفية التخلص منه: يجب أن نستوعب أولاً أن هذا النمط من الشعور المرضي بالذنب نابع من هذه القدرة المطلقة الوهمية، التي تمثل خيالاً له كلفة نفسية باهظة. لكن العلاج النفسي يمكن أن يساعد على الحد من هذا الوهم من خلال التدرّب على تقبّل الإحباطات، ومساعدة النفس على معرفة حدود قدراتها والإرادة الحرة التي يتمتع بها الآخرون.

الشعور السلبي بالذنب

لا يضع هذا الشعور صاحبه في موقع مركزي؛ بل في حالة تماهٍ مع الآخر أي في موقع تعلّق عاطفي به. فيلعب لعبة نفسية يعتمد فيها على تحميل الآخر أو الظروف مسؤولية أفعاله محاوراً إياه في نفسه: "انظر ماذا جعلتني أفعل، حالتي هذه بسببك". ويمثل الشعور السلبي بالذنب صلة سلبية تعزز التعلّق بشخص ما أو مخدر أو سلوك الوسواس القهري. إنها معاناة منفّرة عازلة للفرد وتبعده عن الآخرين؛ لذا إذا غرق الأب مثلاً في الشعور المرضي بالذنب بعد صفعه لابنه فإنه يحرمه من التواصل والإصغاء اللذين يحتاج إليهما وكأنه يعرّضه بذلك لعقوبة مضاعفة!

  • كيفية التخلص منه: نتخلص منه من خلال إنهاء ذلك التماهي بالحصول على ما يصفه التحليل النفسي التفاعلي بالأذون من أحد المعالجين النفسيين أو من أحد الأقارب وإدماجها في شخصية الوالد الداخلي الكامن في النفس: الإذن "بالنضج" (من خلال بناء علاقات مسؤولة مع الآخرين، مع التمكن من حس التحليل واتخاذ القرار) والإذن "بتقوية روح الانتماء" (من خلال الإصغاء إليهم والاهتمام بهم) ثم الإذن "بالشعور الواعي" (من خلال الاستعانة بالحدس والمشاعر والأحاسيس وتوظيفها بحكمة).

الشعور المسيطر بالذنب

إنه السلاح المفضل للأنظمة المستبدة والجماعات المتطرفة لإحكام السيطرة على الأفراد من خلال سلسلة من الأوامر والنواهي التي تنصب أساساً على السلوكات التي تُعدّ "خاطئة". وكذلك، يمكن استخدام هذا النمط من الشعور المرضي بالذنب بوصفه نهجاً تربوياً (الابتزاز العاطفي) أو ممارسة للسلطة من أجل تحقيق المبتغى، وهذا هو الأسلوب الذي يحبه الأشخاص المخادعون!

  • كيفية التخلص منه: يبدأ ذلك أولاً بتخلي الفرد عن بعض المعتقدات التي زُرعت فيه منذ الطفولة، ولم تعد ملائمة له، ثم تعديل قواعد المنظومة التي ينتمي إليها أو خرقها بالتجرؤ على عصيان "الآمِر".

اقرأ أيضاً: 8 مفاتيح للتحرر من الشعور بالذنب.

الشعور المنهجي بالذنب

يوظّف هذا النمط من الشعور المرضي بالذنب للحفاظ على تماسك منظومة معينة أو بقائها (مثل منظومة الأسرة). بعبارة أخرى؛ يقبل الفرد من خلال هذا النمط التضحية بنفسه و"تحمل المسؤولية وحده" في سبيل الجماعة. وهذه مثلاً هي حالة الطفل الذي "يتقمص دور الوالدين" كي يحظى بالحب ويشعر بالأمان، فيصبح العكاز الذي يتكئ عليه والده (أو يصبح "مساعداً" له عندما يصبح راشداً) حتّى لا يسقط. ودون وعي، يحس هذا الطفل أنه المسؤول عن مرض والده أو اكتئابه أو ضعفه فيتحمل اللوم حتى يلهيه عن معاناته الخاصة.

  • كيفية التخلص منه: يمكن ذلك من خلال هذا "التماهي المعكوس" الذي يقوم على رفض الفرد تحمل مسؤولية الأمور التي ليس مسؤولاً عنها أساساً (مثل رفاهية الآخرين)، وهنا أيضاً لا بد من تخصيص علاج نفسي بناء على الاحتياجات الحقيقية للفرد وليس لإرضاء الآخرين أو انتزاع مودتهم.

الشعور بالذنب العابر للأجيال

سبب هذا النمط من الشعور المرضي بالذنب هو الالتزام بالولاء للأسلاف؛ حيث تدفع الأجيال اللاحقة ثمن الأخطاء التي ارتكبها الأجداد، وبخاصة الأبناء الذين يشعرون بنقص وجودي أكبر (لأنهم ولدوا مبكراً أو متأخرين، أو لأنهن بنات ولسن أولاداً، إلى غير ذلك من مظاهر النقص الوجودي)؛ ومن ثَمّ يكونون عرضة لتخصيص قسط كبير من حياتهم النفسية لسداد هذا الدين القديم وأدائه.

  • كيفية التخلص منه: بمساعدة معالج نفسي، يمكن للفرد التخلص من هذا الإرث باستكشاف "الصدمات" القديمة (وفاة شخص عزيز أو الاغتصاب أو سوء المعاملة أو غيرها) التي تغاضى عنها جيل أو اثنان أو 3 أجيال، أو من خلال رفض اتباع "العادات القديمة" التي لم تعد تَمُتّ بصلة إلى ثقافته (مثل عادة الثأر) كي يتمكن من عيش حياته الخاصة بطريقته؛ لكن خوض هذا التمرّد على الموروث يظل أمراً صعباً بالنظر إلى أن صاحبه غالباً ما يتعرض للنبذ.

الشعور الأصلي بالذنب

هذا النوع من الشعور المرضي بالذنب مترسخ منذ الأزل في اللّاوعي الجماعي ويستند إلى الأساطير المؤسسة للحضارات؛ مثل أساطير الصراع القاتل على السلطة بين الأشقاء (أسطورة الأخوين رومولوس وريموس الرومانية مثلاً) وبين الآباء والأبناء (أسطورة أورانوس وكرونوس الإغريقية مثلاً)، علماً أن عالم النفس كارل غوستاف يونغ (Carl Gustav Jung) يؤكد أن ما يغذي شعورنا بالذنب هو كل ما نكبته في اللاوعي خوفاً من التعرض للنبذ من المقربين منّا أو من المجتمع الذي نشأنا فيه، أو ما يمكن وصفه بنموذج الظل.

  • كيفية التخلص منه: يمكننا ذلك من خلال التوقف عن النقد الذاتي المستمر ومحاولة فهم دينامية صراعاتنا العائلية أو المهنية، أو حتى دينامية "أفكارنا السيئة"، بدلاً من إسقاط سلبياتنا كلها على الآخر. وفي حال ألحقنا ضرراً حقيقياً بالآخر، فيمكننا أيضاً أن نطلب منه الصفح أو نقترح جبر ضرره ولو رمزياً.

الشعور التفاعلي أو شعور الناجين بالذنب

عندما يتعرض شخص ما في أسرة أو مجموعة أو فريق لحادث أو عاهة ما، أو ينتحر أو يفلس فغالباً ما يشعر الآخرون ممن حوله بالذنب، حتى وإن لم تكن لهم أيّ علاقة بما جرى له؛ وكأن الذين نجوا من هذه الآفات يشعرون أنهم مدينون للشخص الذي لم يحالفه الحظ مثلهم. وقد لوحظ هذا النوع من الشعور المرضي بالذنب لدى الناجين مثلاً من محرقة الهولوكوست وحرب الفيتنام أو حوادث التفجيرات. وكذلك، نجد أيضاً هذه الحالة لدى الأشخاص الذين فقدوا توائمهم سواء في الرحم أو عند الولادة؛ حيث يمكن أن يدمر هذا الشعور اللّاعقلاني بالذنب حياتهم.

  • كيفية التخلص منه: نتخلص منه من خلال سداد هذا "الدين" لجهة أخرى غير الشخص الذي نعتقد أننا مدينون له به، إما بالنضال من أجل قضية عادلة وإما بالإقبال على العمل التطوعي وإما تقديم التبرعات المالية.

اقرأ أيضاً: تشعر بالذنب دون سبب؟ تعرّف إلى الأسباب والعلاج.

المحتوى محمي