تشعر بالذنب دون سبب؟ تعرّف إلى الأسباب والعلاج

الشعور بالذنب دون سبب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يساعدنا الشعور الصحي بالذنب على مراجعة مواقفنا والاستفادة من الدروس الناتجة منها؛ لكن أحياناً يتحول هذا الشعور إلى كابوس يلاحق الشخص فيشعر بالذنب بشكل مستمر دون وجود أسباب حقيقية، وقد يقف وراء ذلك إما النشأة الخاطئة التي يتعرض فيها الطفل للوم الدائم من والديه، أو ارتفاع سقف توقعات الشخص أو إصابته بالقلق الاجتماعي أو اتسامه بالكمالية. وتظهر عدة أعراض نفسية وجسدية على الشخص الذي يشعر بالذنب دون سبب؛ وأهمها الاكتئاب والقلق والمعاناة من الأرق والصداع، وتتعدد أساليب العلاج التي يمكنه اللجوء إليها؛ ومنها العلاج الدوائي والعلاج المعرفي السلوكي، بالتوازي مع اتباع بعض الإرشادات الذاتية.
يُعد الشعور بالذنب تجاه أمر محدد بين الحين والآخر طبيعة بشرية طالما أنه يسير وفقاً للمنطق ولا يستمر لفترات طويلة؛ لكن أحياناً ينقلب هذا الشعور على الشخص ليلازمه في معظم أيامه منغصاً عليه حياته، ويكون غالباً دون سبب معلوم، أو في أحسن الأحوال تجاه أمور لا تستحق الشعور بالذنب من الأساس!

فالشخص الذي يرافقه الشعور الدائم بالذنب بحسب المختص النفسي السعودي سامي الزهراني، يعتقد أنه تسبب في إلحاق الأذى بشخص ما حتى لو لم يرتكب أي خطأ، ويعيش في خوف مستمر من ارتكاب الأخطاء؛ ما يولد بداخله مشاعر القلق والاكتئاب وتدني تقدير الذات.

لكن ما الذي يجعل الشخص يقع في جحيم الشعور بالذنب دون سبب؟ وما الأعراض التي تظهر عليه؟ وكيف يمكن علاجها؟ هذا ما سنتطرق إليه في مقالنا.

ما أسباب الشعور بالذنب دون سبب؟

يرى الطبيب النفسي السعودي مشعل العقيد أن أسباب الشعور بالذنب دون سبب متعددة؛ وفي مقدمتها استشعار المسؤولية بشكل لا يتناسب مع حجمها وبالتالي ترتفع معايير الشخص وتوقعاته من نفسه ما يجعله يضخم أي تقصير يحدث ويرى أنه مشكلة كبيرة يبدأ في لوم نفسه جرّاءهها. ويضرب العقيد مثالاً بشخص يحرص على بدء عمله في التوقيت المثالي، فإذا تأخر عن عمله لطارئ مثل الازدحام المروري يشعر بالذنب ويلوم نفسه على ما حدث رغم عدم مسؤوليته عنه.

وتضيف المختصة النفسية كيت سكورات (Kate Skurat) أسباباً أخرى تسهم في الشعور بالذنب؛ ومنها الصدمات التي قد يتعرض لها الشخص في طفولته، وبخاصة عندما يلومه والداه على إخفاقاتهما وقراراتهما الشخصية؛ ما يجعل الطفل يكبر وهو يعتقد أن الأخطاء التي تحدث من حوله هي جميعها مسؤوليته.

كما يؤثر القلق في زيادة الشعور بالذنب دون سبب؛ إذ يمكن له أن يشوه تقييم الشخص لأفكاره وأفعاله ما يجعله يشعر بالذنب حتى لو لم يرتكب أي خطأ، ويدل إلى ذلك الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي، فهم ينتقدون أنفسهم بشدة ويشعرون بالعار النابع من خوفهم من حكم الآخرين عليهم.

وقد يحفز التشدد الديني أحياناً الشعور بالذنب داخل الشخص لخوفه الدائم من ألا يكون ملتزماً بالتعاليم الدينية بشكل كامل، ومن الأسباب كذلك الضغط المجتمعي والعيش في بيئة يصدر أفرادها الأحكام دائماً، فهذا قد يجعل الشخص يندفع لا إرادياً تجاه تلبية توقعات من حوله؛ ما يُشعره بالذنب في حال عدم قدرته على تحقيقها.

ويزيد الشعور بالذنب دون سبب في حال كانت لدى الشخص سمات شخصية غير صحية مثل الكمالية، فوفقاً للمختصة النفسية نيكول آرتز (Nicole Arzt)؛ يسعى الكماليون دائماً إلى التصرف بمثالية لينالوا قبول من حولهم، فيشعرون بالذنب في حال عجزهم عن الوصول إلى المثالية، وأحياناً قد يتطور الأمر إلى كراهية الذات.

اقرأ أيضاً: ما فائدة الشعور بالذنب؟

ما أعراض الشعور بالذنب دون سبب؟

يوجد العديد من الأعراض التي تظهر على من يشعر بالذنب دون سبب؛ بعضها نفسي والبعض الآخر منها جسدي، وتشمل الأعراض النفسية:

  1. الشعور بالقلق الدائم من ارتكاب الأخطاء.
  2. البكاء المتكرر.
  3. الندم المستمر الذي يكون أحياناً على أشياء لم يفعلها الشخص في الواقع.
  4. الانشغال بأخطاء الماضي حتى بعد انقضاء وقت على حدوثها.
  5. تحمّل المسؤولية عن أشياء خارج نطاق التحكم مثل مزاج الآخرين.
  6. وضع احتياجات الآخرين قبل الاحتياجات الشخصية والحرص الدائم على إرضائهم.
  7. الانتقاد الشديد للذات جرّاء الأخطاء الصغيرة.
  8. الاعتقاد الدائم بأنه في حال عدم سير الأمور على ما يرام فذلك سببه شيء قاله الشخص أو فعله.
  9. تدني احترام الذات.
  • الشعور بالاكتئاب.
  • الميل إلى العزلة.

أما الأعراض الجسدية فأبرزها:

  1. الأرق.
  2. الشد العضلي.
  3. اضطرابات الجهاز الهضمي.
  4. الصداع.

كيف تواجه الشعور بالذنب دون سبب؟

تتعدد المسارات العلاجية التي يمكن أن يستفيد منها الشخص الذي يشعر بالذنب دون سبب؛ وتتمثل بحسب المختصة النفسية كندرا شيري (Kendra Cherry) في العلاج المعرفي السلوكي الذي يستهدف استبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية، بالتوازي مع التخلي عن الأعباء الناتجة من الشعور بالذنب دون وجود سبب، فهو يجعل الشخص أكثر قدرة على التعامل مع مشاعره ومواقفه وعدم الوقوع في فخ التشوهات المعرفية التي تسهم في تحفيز الشعور بالذنب. كما قد يلجأ المعالج النفسي أحياناً إلى وصف أدوية لعلاج الأعراض الناتجة من الشعور المستمر بالذنب مثل مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق.

وكذلك يوجد بعض الإرشادات الذاتية التي تساعد من يشعر بالذنب بشكل مستمر؛ وأولها وفقاً للطبيب النفسي المصري محمد طه أن يكون موقف الشخص تجاه نفسه موقف تسامح، لأنه في حال مرافقة الشعور بالذنب للشخص وعدم قدرته على مسامحة ذاته سيتسبب ذلك في توقف حياته.

وتضيف المختصة النفسية كيت سكورات إلى الإرشادات الذاتية تجنب التفكير الكارثي والابتعاد عن افتراض وقوع السيناريو الأسوأ دائماً، وكذلك عدم المبالغة في ردود الأفعال ووضع الأشياء في حجمها الطبيعي. ويمكن في حال العجز عن فعل ذلك الاستعانة بشخص ما بهدف معرفة وجهة نظره في حدث معين ليكون الحكم الشخصي أكثر موضوعية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكننا التعايش مع الشعور بالذنب؟

يتضح لنا في نهاية المقال أن الشعور بالذنب ليس شعوراً صحياً دوماً، فهو إن زاد عن حده أو كان نتيجة أمور لا تستحق ذلك سيكون مهدداً للصحة النفسية، لذا من الضروري التعرف إلى الأشياء التي تستحق الشعور بالذنب، وحتى في حال الشعور بالذنب فيجب أن ينتج من ذلك موقف إيجابي بالاعتذار إلى الشخص الذي أخطأت في حقه والاستفادة مما حدث والمضي قدماً في حياتك.

المحتوى محمي !!