الرجاء تفعيل الجافاسكربت في متصفحك ليعمل الموقع بشكل صحيح.

لا تعش وهم الصداقات الافتراضية وتعرف إلى كيفية التعامل معها

5 دقيقة
الصداقات الافتراضية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

لديّ أكثر من 2,000 صديق على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وفي كثير من الأوقات أشعر بالامتنان لأن التكنولوجيا الحديثة منحتني الفرصة للتواصل مع الكثير من الأشخاص حول العالم، وخاصة أنني أتشارك مع هؤلاء الأشخاص الكثير من الاهتمامات المشتركة بغض النظر عن المسافة الجغرافية، حيث يمكنني إجراء مكالمة فيديو أو التحدث معهم بسهولة في أي وقت ومن كل مكان، ولكن هل الصداقة الافتراضية تشبه الصداقة الحقيقية، وهل يمكنني فعلاً التواصل بفعالية مع أصدقائي الافتراضيين على الإنترنت؟ الإجابة من خلال هذا المقال.

ما هي أهم مزايا الصداقة الافتراضية؟

تعد الصداقات عبر الإنترنت جزءاً مهماً من حياة العديد من الأفراد، حيث تمكّنك من التواصل مع شخص آخر خلف الشاشة، وفي الحقيقة إن الصداقة الافتراضية توفر العديد من المزايا، منها على سبيل المثال:

1. الاهتمامات المشتركة 

تُسهّل مواقع التواصل الاجتماعي مقابلة الأصدقاء الذي يشتركون في الاهتمامات نفسها، على سبيل المثال، إذا كنت تحب قراءة الكتب، فسوف تساعدك الخوارزميات على التعرف إلى الأفراد الذين يحبون الكتب والقراءة، وإذا كنت تحب الرسم أو الموسيقا فيمكنك الانضمام إلى مجموعة خاصة تضم محبي الرسم؛ وهناك سوف تتعرف إلى الكثير من الأصدقاء الذين يشاركونك الشغف نفسه.

2. التعارف السريع 

يشعر معظم الأشخاص على الإنترنت براحة أكبر عند التحدث عن أنفسهم، على سبيل المثال، قد تتعرف إلى أحد الأشخاص فتحس بتدفق الكلام، وقد تحكي له عن مشاكلك في الحياة الواقعية والتحديات التي تواجهك في العمل، ولكن في الحياة الواقعية، قد تواجه صعوبة في التحدث عن بعض الأشياء، ونظراً لسهولة التواصل عبر الإنترنت، يمكنك غالباً معرفة المزيد عن شخص ما على نحو أسرع من الحياة الواقعية.

3. تكوين صداقات من مختلف بلدان العالم 

لدي صديقة من الجزائر وأخرى من المغرب على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ومع مرور الأيام، أصبحت أعرف الكثير من عادات وتقاليد الجزائر والمغرب؛ ماذا يفعلون في أفراحهم وكيف يحتفلون بالعيد، لولا تلك الصداقات لم أكن لأعرف تلك المجتمعات جيداً، وأحياناً حين أتحدث مع صديقتي الجزائرية أفهم اللهجة شيئاً فشيئاً، وهذه مزية من مزايا الصداقة الافتراضية، ربما لو فكرت في زيارة تلك البلدان لاحقاً سوف يعرّفني أصدقائي على البلد، ومن جانب آخر فإن هذا التنوع الثقافي يثري تجارب المرء ومنظوره.

اقرأ أيضاً: كيف تميز بين الصداقة الحقيقية والصداقة الزائفة؟

هل يمكن أن تكون الصداقة الافتراضية بديلة عن الصداقة الحقيقية؟

لدي الكثير من الأصدقاء على فيس بوك، ولكن نظراً لأنني شخصية انطوائية ولا أفتح قلبي بسهولة، فأنا أملك عدداً قليلاً من الأصدقاء الحقيقيين الذين يفهمونني حقاً، وفي هذا السياق تؤكد المختصة النفسية، منسي حسن (Mansi Hasan)، أن الصداقة الافتراضية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون بديلاً عن الصداقة الحقيقية؛ إذ لا يتحقق التواصل الفعال إلا عندما تتمكن من تجربة الصداقة شخصياً وإلا فسيكون الأمر أشبه بتجربة إجازة من خلال جولة افتراضية، وتضيف حسن أن الإشارات اللفظية وغير اللفظية تسهم في خلق الاتصال الحقيقي بين الأشخاص.

يتفق المختص النفسي، يوهان توماس (Johann Thomas)، مع وجهة النظر السابقة مؤكداً أن الصداقة الافتراضية لا ترتكز على التفاعل المباشر مع الآخرين، ولذلك لا يمكن أن تكون بديلاً عن الصداقة الحقيقية، ويضيف توماس أن هناك بعض الأشخاص الذين يشعرون بالراحة تجاه تكوين الصداقات الافتراضية لأنها تجنّبهم خيار التواصل مع الآخرين.

ويمكن القول إن مصطلح الصداقة يرتكز بالأساس على علاقة متبادلة وثيقة بين شخصين أو أكثر تتسم بمشاعر الرعاية والاحترام والحب، وعادة ما تكون هذه العملية معقدة وتحتاج إلى بذل الكثير من الجهد حتى تستمر وتنمو، فالصديق الحقيقي يعرفك على نحو أفضل وعادة ما يكون موجوداً من أجلك في الأوقات الصعبة، وذلك عكس الصداقات الافتراضية على الإنترنت التي تفتقر إلى الاتصال الحميمي والشخصي، علاوة على أن بعض الأشخاص قد يفضلون الصداقات الافتراضية لأنها تتطلب جهداً ومسؤولية وعملاً أقل بكثير لتنميتها، وعلى الرغم من أن الإنترنت يوفر الفرصة لإنشاء صداقة في غمضة عين فإن هذه الصداقة يمكن أن تنتهي بضغطة زر البلوك.

اقرأ أيضاً: كيف تبني صداقة طويلة الأمد؟

كيف تعزز الصداقة الحقيقية صحتك النفسية؟

تؤكد أستاذة علم النفس في جامعة بريغهام يونغ (Brigham Young University)، جوليان هولت لونستاد (Julianne Holt-Lunstad)، أن تكوين الصداقات الحقيقية والحفاظ عليها يعزز صحتك النفسية ويحميك من العزلة أو الشعور بالوحدة والاكتئاب، وفي سياق متصل تشرح أستاذة علم النفس في كلية ديفيدسون في نورث كارولينا (Davidson College)، كاثرين باجويل (Catherine Bagwell)، أن الصديق الحقيقي قد يشكّل حاجزاً يحميك من التعرض لتحديات الحياة الصعبة، وتوضح أستاذة علم النفس في جامعة ماريلاند الأميركية (the University of Maryland)، ماريسا فرانكو (Marisa Franco)، أن الصداقة الحقيقية والصحية هي طريق ذو اتجاهين، إذ يجب أن تفكر في احتياجاتك واحتياجات صديقك الآخر، ويمكن القول إن الصداقة تعزز صحتك النفسية وذلك من خلال:

1. تعزيز الشعور بالانتماء 

ترى أستاذة علم النفس في جامعة نورث إلينوي (Northern Illinois University)، سوزان ديجيس وايت (Suzanne Degges-White)، أن الناس يحتاجون إلى الشعور بالانتماء، إضافة إلى أن العلاقات والصداقات الحقيقية هي التي تجعل للحياة معنى، ويمكن القول إن الشعور بالانتماء يلبي حاجة صحية عاطفية ونفسية مهمة ويساعد على تقليل مشاعر الاكتئاب واليأس.

2. زيادة الإحساس باحترام الذات 

يمكن للأصدقاء تحسين ثقتك بنفسك واحترامك لذاتك، وتجدر الإشارة إلى أن احترام الذات والعلاقات الاجتماعية الإيجابية يسيران جنباً إلى جنب، فهناك علاقة متبادلة بين الاثنين، ما يعني أن العلاقات الإيجابية تبني احترام الذات كما يؤدي احترام الذات إلى علاقات أكثر إرضاءً.

3. تخفيف حدة التوتر وضغوط الحياة النفسية 

تساعد الصداقة الحقيقية في تخفيف حدة التوتر، والحد من ضغوط الحياة النفسية الصعبة، فحين تمر بأوقات سيئة، يمكن لصديقك أن يخفف عنك، وحين تواجه يوماً سيئاً في العمل يمكنك التنفيس عن غضبك وإحباطك لدى صديقك المقرب الذي سيكون موجوداً من أجل التخفيف عنك والإنصات إلى كل ما تقوله، ويمكن القول إن العناق في هذه الحالة يخفف أيضاً مشاعرك السلبية، وهو أمر غير موجود في الصداقات الافتراضية.

4. تعزيز الشعور بالسعادة 

تؤكد المختصة النفسية، إيرين ليفين (Irene Levine)، أن العلاقات الاجتماعية القوية مثل الصداقة تعزز الشعور بالسعادة، وفي سياق متصل يتفق المختص النفسي، عبد الله الجطيلي، مع وجهة النظر السابقة حيث يوضح أن العلاقات الوثيقة تسهم إسهاماً كبيراً في الشعور بالسعادة وتؤخر التدهور العقلي وتطيل العمر.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يتحول الحب إلى صداقة؟

كيف تتعامل مع الصداقات الافتراضية؟

إذا كنت تقضي الكثير من وقتك على تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، فقد تقابل هناك الكثير من الأشخاص الذين يتشابهون معك في التفكير والاهتمامات، وعلى الرغم من ذلك عليك توخي الحذر قبل المضي قدماً في التحدث معهم وتكوين صداقات افتراضية، وحتى تكون في أمان ننصحك باتباع الإرشادات التالية:

1. اختر ما تشاركه مع صديقك الافتراضي بعناية 

حين تقبل صداقة أحد الأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، اختر ما تشاركه مع هذا الشخص من معلومات بعناية بالغة، على سبيل المثال، في المحادثة الأولى لا تخبره عن عنوان سكنك أو رقم هاتفك أو مكان عملك، وكن حذراً من أي شخص يطلب هذه المعلومات، حتى لو بدا جديراً بالثقة.

2. ثق في حدسك

إذا قبلت الصداقة الافتراضية من أحد الأشخاص ثم شعرت بشيء غريب جعلك تحس بعدم الارتياح، فثق في حدسك، لا تتجاهل علامات التحذير، ولا تخف من إنهاء المحادثة أو حظر هذا الشخص، على سبيل المثال، انتبه جيداً إذا تواصل معك أحدهم طوال الوقت وبطرائق غريبة، أو إذا طلب منك خدمة تؤديها له، أو إذا أخبرك بأشياء لطيفة عن شكلك أو ملابسك، أو إذا إصرّ على طلب صورك الشخصية.

3. كن حذراً بشأن المقابلة الشخصية 

يجب أن تأخذ وقتك الكافي في الصداقة الافتراضية قبل أن تنقل تلك الصداقة إلى أرض الواقع، فهناك خطوات متعددة يجب عليك اتخاذها قبل المقابلة الشخصية؛ أولاً، تأكد من أنك تتحدث إلى شخص حقيقي، تحقق من هويته على منصات متعددة، وتحقق مرة أخرى من المعلومات التي يقدمها لك عن نفسه، وإذا قررت مقابلة صديقك الافتراضي شخصياً، فاتخذ الاحتياطات اللازمة لضمان سلامتك؛ على سبيل المثال، اجعل المقابلة في مكان عام، وفي وضح النهار، وأخبر شخصاً ما إلى أين أنت ذاهب ومن ستقابل، وفكر في اصطحاب صديق معك.

4. لا تضغط على الروابط فور التعارف 

حين تقبل طلب الصداقة الافتراضية من أحد الأشخاص لا تنقر على الروابط التي قد يرسلها لك فور التعارف، ولا تصدق أنها أغنيته المفضلة أو حلقة من البرنامج الذي يحب مشاهدته، ففي الكثير من الأحيان تكون الروابط هي طريقة من أجل التسلل إلى جهاز الكمبيوتر الخاص بك أو الاستيلاء على معلوماتك الشخصية.

اقرأ أيضاً: نصائح لتقليص الوقت الذي تقضيه في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي

المحتوى محمي