كيف تبني صداقة طويلة الأمد؟

3 دقيقة
صداقة طويلة الأمد
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: الصداقة علاقة إنسانية ثمينة قد لا يجود به الزمن كثيراً. عندما نبني علاقة صداقة حقيقية فإننا نرجو أن تستمر طوال العمر، لكنّ ظروف الحياة قد تحول دون ذلك. لإحياء صداقاتك القديمة أو بناء صداقات جديدة وضمان استدامتها يقدّم لك المقال التالي 5 نصائح مستمدّة من آراء الخبراء النفسيين المختصّين. إليك التفاصيل.

صداقاتنا ضرورية لصحتنا النفسية. يقول المختص في علم النفس الاجتماعي ومؤلف كتاب “علم نفس الصداقة” (Psychologie de l’amitié) جان ميزونوف (Jean Maisonneuve): “تساعد علاقة الصداقة على إثبات الذات، صداقاتي تعني أنني موجود ومهمّ في نظر شخص ما ويمكنني أن أكون مفيداً له”. ومع ذلك قد تشهد الصداقة التي تمثل عنصراً حاسماً في مراحل حياتنا كلّها بعض الاضطرابات.

تبدأ صداقاتنا الأولى عموماً في المدرسة. يتيح لنا التعليم والدراسة إمكانية تكوينها وتطويرها يومياً وإنشاء علاقات جديدة بمرور السنوات. لهذا السبب يجد الكثير من البالغين صعوبة في كسب أصدقاء جدد في سنّ معينة. والأسوأ من ذلك أن صداقاتهم القائمة يمكن أن تفتر هي أيضاً مع التقدّم في السنّ.

توضّح المعالجة النفسية كاثي ماكوي (Kathy McCoy) هذه المسألة في مقال نشره موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today) قائلة: “الصداقات التي نبنيها على مدار العمر ثمينة، لكنّها ليست مضمونة وليس من السهل التعايش معها”. وإذا كانت ثقافتنا تدفعنا إلى زيادة الانخراط في علاقاتنا العاطفية واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنجاح العلاقات الزوجية، فقد تتطلّب منّا الصداقات بذل الجهد نفسه.

افسحا المجال للتغيير

ترتكز صداقاتنا أحياناً على وعود لا نستطيع الوفاء بها. قد تتبادل أنت وصديقك مثلاً وعوداً بألّا تتغيّرا أبداً وأن تحافظا على أصالتكما، وتواظبا على اللقاءات لكن الحياة قد تقرّر شيئاً آخر.

تضيف المعالجة النفسية كاثي ماكوي: “إذا كان هناك تقارب عاطفي بين الصديقين تستطيع الصداقة أن تدوم على الرغم من تطورات الحياة المختلفة، مثل الزواج وإنجاب الأطفال أو الانتقال إلى منطقة أخرى أو الطلاق أو المرور بخيبات الأمل، علاوة على اختلاف المسارات المهنية أو تغير الوضع الاجتماعي والاقتصادي”.

حدّدا مواعيد اللقاءات

من الضروري التأكيد أن هناك علاقات تتطلّب بذل بعض الجهود كي تستمر. عليك أن تتعامل مع صداقاتك كأنها نشاط رياضي وفقاً للتصريح الذي أدلى به أستاذ علم النفس وعلوم الأعصاب لموقع الجمعية الأميركية لعلم النفس (American Psychological Association) جوليان هولت لونستاد (Julianne Holt-Lunstad). يقول لونستاد: “لا تكفي ممارسة التمرين الرياضي مرة واحدة للحفاظ على اللياقة البدنية، يتطلّب الأمر ممارسة منتظمة، والانخراطُ في علاقاتك يتطّلب أيضاً بعض الوقت”. لذا؛ لا تعِد صديقك باللقاء “قريباً” بل يجب أن تحدّدا موعداً للقاء، ولا تقولا بعد الآن “سنتواصل قريباً”، بل احرصا على الاتّصال فعلاً.

تجنّبا منطق المحاسبة

عندما تفتر علاقة الصداقة بمرور الوقت ويحتاج الأمر إلى بذل جهد لإحيائها، فقد يشعر أحد الصديقين بأنه يبذل أكثر من الآخر. ومع ذلك يجب ألّا يقع في فخّ الاعتقاد بأنه مدين للآخر بالمبادرة إلى الاتصال في المرة التالية. يوضّح المختص النفسي مايكل إيدلشتاين (Michael Edelstein) هذه المسألة في مقال نشره موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today): “إذا كنت تبادر دائماً إلى طلب اللقاء فقد تستنتج أنّ صديقك غير مهتم باستمرار هذه الصداقة، لكن كن حذراً فقد تكون مشكلته هي التسويف أو الخوف من الرفض أو الشعور بأنه مثقل بالالتزامات”.

تقبّلا مرور الوقت دون لقاء

تستطيع الصداقات أن تقاوم اختبارات الزمن. لا بد أن تمرّا بأوقات لن تستطيعا خلالها أن تلتقيا بالقدر الذي ترغبان فيه. لذا؛ لا داعي لزيادة الضغط على علاقتكما بفرض جدول مواعيد صارم قد يصبح تهديداً لصداقتكما إذا لم تلتزما به. هناك كثير من الظروف التي يمكن أن تقلّل فرص اللقاء بينكما مثل إنجاب طفل أو نهاية علاقة زوجية، أو الانشغال بالعمل أو المشكلات الصحية أو الصعوبات النفسية.

لتجاوز ذلك تقترح عليك المعالجة النفسية كاثي ماكوي ما يلي: “بدلاً من أن تغضب أو تلوم صديقك على عدم اتّصاله أو تقرّر الابتعاد عنه، أظهِر اهتمامك به من خلال الاتصال المستمرّ به أو الحفاظ على مسافة معقولة تحترم خصوصيته إذا كان هو يفضّل ذلك خلال فترة ما”.

احرصا على الإصغاء والتواصل

على غرار باقي العلاقات، يعدّ التواصل عنصراً مهماً في الصداقات. يقول المختص النفسي فريدريك سميث (Frederick Smith) في تصريح لموقع بزنس إنسايدر (Business Insider): “لا تهمّني المدة التي قطعتها صداقتنا كما لا يمكنني قراءة أفكار صديقي، المهمّ أن نكون قادرَين على التواصل للتصريح بحقيقة ما يحدث وما نشعر به، وما يمكننا فعله كي نغيّر واقع صداقتنا”.

ومع ذلك لا يكفي أن تتواصل أنت وصديقك كي تحسّنا هذا الواقع، بل يجب أن تحرصا على الإصغاء المتبادل أيضاً. يجب أن تتبادلا الإصغاء الكافي كي تتمكّنا من فهم رغباتكما. تلخّص أستاذة علم النفس تاليا ويتلي (Thalia Wheatley) هذه النصائح وفقاً لما أورده موقع الجمعية الأميركية لعلم النفس: “ليس هناك حلّ سهل للحفاظ على الصداقة، عليك فقط أن تتحلّى بالحرص الكافي على الإصغاء إلى صديقك”.

error: المحتوى محمي !!