ما هو الاكتئاب الخفيف؟ وكيف يمكن علاجه؟

3 دقيقة

تنتابنا في بعض الفترات تغيرات نفسية تسيطر علينا وتجعلنا ننزعج مثل التقلبات المزاجية المفاجئة، والشعور باليأس، وفقدان الدافع، وضبابية التفكير، وذلك يثير تساؤلنا عن حقيقة ما نعاني منه وعلاقته بالاكتئاب، بالأخص عندما ترافقنا الأعراض السابقة لفترة طويلة.
ومن المهم هنا التوضيح أن الإصابة بالاكتئاب لا تعني توقف نشاط الشخص تماماً، فوفقاً للطبيبة النفسية لوري لورنز (Lori Lawrenz)؛ تتعدد درجات الاكتئاب وتبدأ بالاكتئاب الخفيف الذي يستطيع المصابون به أداء مهامهم اليومية لكن مع انخفاض طاقتهم وملازمة الحزن لهم، والمقصود من وراء تعريفه بالخفيف درجة شدته، فأعراض الاكتئاب تظهر على المصاب به لكن بحدة أقل.

أسباب الإصابة بالاكتئاب الخفيف

يُعد الاكتئاب الخفيف مثل بقية أنواع الاكتئاب، فلا يوجد سبب واضح متَّفق عليه وراء الإصابة به؛ إنما تتشارك في ذلك مجموعة من الأسباب بدءاً من العوامل الوراثية إلى ضغوط الحياة والظروف البيئية، وكذلك النشأة وعدم توازن كيمياء الدماغ.

تشرح الطبيبة النفسية عقيلة رينولدز (Akilah Reynolds) الأسباب السابقة، مؤكدة أن السبب الأكثر أهمية من بينها هو اختلاف بنية الدماغ، فالأشخاص المصابون بالاكتئاب تبدو أدمغتهم تشريحياً مختلفة عن غيرها؛ لكن السؤال المحيّر: هل هذه التغيرات ناتجة من الإصابة بالاكتئاب أم هي السبب؟

أما السبب الآخر المتعلق بالدماغ فهو الطريقة التي يعالج بها المشاعر السلبية، وذلك له علاقة بانخفاض النشاط في أجزاء من قشرة الفص الجبهي المسؤولة عن التعامل مع المكافآت والمحفزات؛ وهو ما يؤدي إلى انخفاض التلذذ والاستمتاع بالأشياء التي كان الشخص يستمتع بها في السابق، ويُعتبر هذا العرَض من أعراض الاكتئاب الشائعة.

وتؤكد رينولدز دورَ العوامل الوراثية في الإصابة بالاكتئاب، فإذا كان لدى الشخص تاريخ عائلي للإصابة بالاكتئاب فإن إحتمالية إصابته ترتفع وتصل إلى ثلاثة أضعاف، بالإضافة إلى المرور بفترات حزن نتيجة خسائر حياتية جسيمة، بالأخص إذا كانت في مرحلة الطفولة، أو الإصابة بأمراض جسدية مثل النوبة القلبية أو السرطان أو الشلل الرعاش.

لا تتوقف الأسباب عند هذا الحد، فالتغيرات الموسمية التي نعيشها كل عام تتسبب في الإصابة بالاكتئاب، وتزداد نسبة المصابين بهذا النوع من الاكتئاب في شهور الشتاء الباردة والمظلمة، إلى جانب التأثير الواضح لازدياد الضغط العصبي والتوتر في الإصابة بالاكتئاب؛ والذي ينتج في هذه الحالة غالباً من التعرض إلى مشكلات مالية أو صعوبات في العلاقات العاطفية، وغيرها من المتغيرات الحياتية المؤلمة.

اقرأ أيضاً:

أعراض الإصابة بالاكتئاب الخفيف

تتعدد أعراض الاكتئاب الخفيف، وتشمل بحسب المختصة النفسية مارني وايت (Marney White):

  1. الشعور بالتعب بشكل غير معتاد والنعاس خلال النهار.
  2. العصبية والتحفز للانفعال بسهولة.
  3. الشعور بالذنب أو انعدام القيمة.
  4. الشعور بالحزن الشديد أو اليأس.
  5. وجود صعوبة في التركيز.
  6. عدم وجود حافز للقيام بالمهام اليومية.
  7. الرغبة في إمضاء الوقت وحيداً.
  8. ظهور آلام جسمانية غير مفهومة.
  9. فقدان التعاطف مع الآخرين.
  • تغيرات في استقرار النوم.
  • انخفاض أو زيادة الشهية.
  • زيادة التدخين أو الاتجاه إلى شرب الكحوليات أو تعاطي المخدرات.
  • التفكير في الموت أو الانتحار.

اقرأ أيضا:

علاج الاكتئاب الخفيف

تكمن خطورة الاكتئاب الخفيف بحسب الطبيبة النفسية شيري جاكوبسون (Sheri Jacobson)، في أنه على عكس الاكتئاب الشديد يستطيع المصاب به ممارسة مهامه اليوم بصورة تجعل المحيطين لا يلاحظون التغير الذي طرأ عليه؛ وهو ما يجعله أحياناً يتأقلم مع معاناته لتزيد التراكمات التي تحدث في صمت حتى يصل مع انعدام الدعم من المحيطين إلى مرحلة أصعب من الإصابة بالاكتئاب الحاد.

لذلك يُعد التشخيص المبكر مهماً لتلافي تأخر الحالة، ووفقاً للطبيبة النفسية مارني وايت؛ إذا عانى الشخص من انخفاض المزاج لأكثر من أسبوعين بشكل متواصل فعليه التوجه إلى لطبيب النفسي الذي سيعمل على تشخيص حالته.

ويكون ذلك بسؤاله عن الأعراض وتاريخه الطبي والأدوية التي يتناولها وعادات عمله ونمط حياته والتاريخ الطبي لعائلته، بالإضافة إلى طلب إجراء فحوصات جسدية لاستبعاد الأسباب الطبية.

وهناك طريقتان للعلاج؛ الأولى بوصف الأدوية، والثانية بالعلاج السلوكي المعرفي الذي يعمل من خلاله الطبيب النفسي على تقديم مهارات للتأقلم وإدارة الإجهاد واحترام الذات تساعده المريض على التعافي.

وبشكل عام توجد عدة نصائح يمكن للمصاب بالاكتئاب الخفيف اتباعها؛ مثل:

  1. التركيز على ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
  2. الاهتمام بالأنشطة الترفيهية والأشياء المحببة للنفس.
  3. تخصيص وقت للتأمل والاسترخاء.
  4. تعديل عادات النوم لتكون صحية أكثر.
  5. التواصل مع أشخاص داعمين في محيطه.
  6. مراقبة النظام الغذائي مع التركيز على تنوعه.

أدوية الاكتئاب الخفيف

بعد استشارتك للطبيب، وفي حال تأكد إصابتك بالاكتئاب الخفيف، سيوجهك إلى الدواء الأنسب لحالتك؛ والذي وفقاً للطبيبة النفسية لوري لونز لن يخرج غالباً عن فئات معروفة تشمل مضادات الاكتئاب ومثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية ومثبتات المزاج.

ولا توجد فترة زمنية متَّفق عليها للشفاء، فبعض المرضى يحتاجون تناول الأدوية لفترة طويلة، بينما البعض الآخر منهم يتناولها لفترة قصيرة؛ لكن المهم في كل الأحوال أن تكون عملية تناول الدواء تحت إشراف الطبيب مع المتابعة ومصارحته بالنتائج والمستجدات حتى يتمكن من إجراء التعديلات المناسبة على الخطة الدوائية.

رغم أن الاكتئاب الخفيف يُعد أقل حدة من الاكتئاب الشديد؛ إلا أن ذلك لا ينفي تأثيره الخطير في حياتك، لذا إن كنت تعاني من أي أعراض الإصابة به فلا تتهاون واستشر الطبيب في أقرب فرصة لتمنع تفاقم حالتك.

قد يهمك أيضا:

اقرأ أيضاً:

المحتوى محمي