الاكتئاب للنساء والفصام للرجال: اختلاف الاضطرابات النفسية حسب الجنس

3 دقائق
الاكتئاب للنساء والفصام للرجال

يشير تحليل الفروق بين الجنسين في جينات الفصام والاضطراب ثنائي القطب والاضطرابات الاكتئابية الكبرى إلى أنه هناك اختلافات ملحوظة تعتمد على جنس المصاب في كيفية ارتباط الجينات بالجهاز العصبي المركزي، والجهاز المناعي، والأوعية الدموية، التي تؤثر على الأشخاص الذين يعانون من هذه الاضطرابات. ذلك على الرغم من أن هناك تداخلاً جينياً كبيراً بين الذكور والإناث. ويمكن لهذه النتائج التي توصل إليها فريق من الباحثين الدوليين أن تساعد على ابتكار علاجاتٍ أفضل للاضطرابات النفسية الرئيسية.

اقرأ أيضا: هل يعود الاكتئاب بعد العلاج؟

التباينات الجنسية في الدراسات السريرية

تاريخياً، كان النموذج الافتراضي للبحث الطبي هو النموذج الذكوري. فدراسة صحة الطبيب، على سبيل المثال، بدأت في عام 1982 لفحص تأثير الأسبرين على أمراض القلب والأوعية الدموية. كانت الدراسة كبيرة جداً، حيث شارك فيها أكثر من 22 ألف مشارك. لم يكن واحد منهم أنثى. وفي السبعينيات من القرن الماضي، منعت إدارة الغذاء والدواء النساء في سن الإنجاب من التسجيل في المرحلة الأولى من التجارب السريرية. لكن تم رفع هذا الحظر بعد 20 عاماً، في عام 1993.

ولسنواتٍ عديدة، كان من المفترض ببساطة أن تتفاعل النساء مع الأدوية بطريقة مماثلة إلى حد ما كما يفعل الرجال. وبالتالي فإن إدراجهم في الدراسات السريرية لن يؤدي إلا إلى حدوث مضاعفات غير ضرورية بالنسبة للدورة الهرمونية الأنثوية. وعلى الرغم من أن هذا جعل الدراسات مع الرجال بهذا المعنى أبسط، إلا أنه جعلها غير قابلة للتعميم على السكان بشكل عام.

وتعتبر أمراض القلب والأوعية الدموية مثالًا كلاسيكياً آخر على خطر تجاهل الفروق بين الجنسين في البحث والتشخيص. إذ لا يُظهر الرجال والنساء انتشاراً مختلفاً لأمراض القلب فحسب، بل يظهرون أيضاً أعراضاً مختلفة، وأمراض مصاحبة، واستجابة مختلفة للعلاج. وهذا ما تجلى أيضاً في الأمراض النفسية في هذه الدراسة الحديثة. ونتيجةً لذلك، تم تشخيص العديد من النساء بشكل خاطئ أو تلقين علاجاً غير مناسب على مر السنين.

اقرأ أيضا:

سبب اختلاف الاضطرابات النفسية بين الجنسين

اختلاف الاضطرابات النفسية بين الجنسين

shutterstock.com/fizkes

أجرى فريق دولي من الباحثين دراسة نشرت في دورية «بيولوجيكال سايكاتري». حللوا فيها جينومات 33403 شخصاً مصاباً بالفصام، و 19924 مصاباً باضطراب ثنائي القطب، و 32408 مصاباً باضطراب اكتئابي كبير، بالإضافة إلى 109946 شخصاً سليمين من هذه التشخيصات.

كان هدفهم هو فهم سبب اختلاف هذه الاضطرابات النفسية الرئيسية بين الجنسين. على سبيل المثال؛ النساء أكثر عرضةً للإصابة باضطراب الاكتئاب الشديد، في حين أن خطر الإصابة بالفصام أعلى بكثير بين الرجال. بينما كان خطر الإصابة بالاضطراب ثنائي القطب هو نفسه تقريباً لكل من النساء والرجال، لكن بداية المرض والتشخيص يختلفان بشكلٍ ملحوظ بين الاثنين.

بحث الفريق عن أدلة في شكل تعدد أشكال «النوكليوتيدات المفردة»، حيث يختلف جزء واحد من الحمض النووي -وهو النوكليوتيد- من شخص لآخر وبين الجنسين. إذ أن هناك اختلافات بين الجنسين في تواتر الأمراض المزمنة والسرطانات أيضاً. لكن الطب بُني أساساً على نماذج لصحة الرجال وحيوانات ذكور. لذا، هناك حاجة إلى تطوير نماذج طبية دقيقة تتضمن تأثير الجنس.

اقرأ أيضاً: أفضل دواء للاكتئاب بدون آثار جانبية.

اختلافات غير مفهومة تماماً بين الجنسين

اختلاف الاضطرابات النفسية بين الجنسين

shutterstock.com/Peshkova

من خلال الاستفادة من قواعد البيانات النفسية الكبيرة، تمكن الباحثون من إثبات أن مخاطر الفصام والاضطراب ثنائي القطب والاضطراب الاكتئابي الرئيسي تتأثر بتفاعلات جينات معينة مع الجنس، بصرف النظر عن تأثيرات الهرمونات الجنسية مثل الاستراديول أو التستوستيرون.

على سبيل المثال، وجد الباحثون تفاعلات مع الفصام والاكتئاب والجنس في الجينات التي تتحكم في إنتاج «عامل نمو بطانة الأوعية الدموية»؛ وهو بروتين يعزز نمو الأوعية الدموية الجديدة.

وبدراسة التكرار الجوهري للاكتئاب وأمراض القلب والأوعية الدموية، اتضح أن كلاً من الاكتئاب والفصام لهما علاقة كبيرة جداً بأمراض القلب والأوعية الدموية. ويُعتقد أن هناك أسباباً مشتركة بين الأمراض النفسية وأمراض القلب والأوعية الدموية لا تعود لتأثيرات الأدوية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإصابة بالاكتئاب وأمراض القلب والأوعية الدموية كانت أعلى بمرتين لدى النساء مقارنة بالرجال، وقد يرتبط هذا جزئياً بالنتائج المتعلقة بالجين الذي يتحكم في عامل نمو بطانة الأوعية الدموية ويؤدي إلى اختلافاتٍ الاكتئاب بين الجنسين.

يؤكد الباحثون أنه على الرغم من أن الأسباب المحددة للأمراض التي درسوها لا تزال غير معروفة، إلا أن لا بد من إجراء دراسات وراثية واسعة النطاق لديها القدرة الإحصائية لاختبار تفاعلات الأمراض مع الجنس. إذ أن تفسير تأثير الجنس والجينات، والفيزيولوجيا المرضية، ستحدد الأهداف المحتملة للتدخلات العلاجية المعتمدة على الجنس أو الخاصة بالجنس لخلق علاجات أكثر فعالية لكل من الرجال والنساء.

اقرأ أيضا:

المحتوى محمي