ما أسباب السعال النفسي؟ وكيف يمكن علاجه؟

4 دقيقة
الكحة النفسية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يبدو أن ثمّة علاقة بين السعال المستمر والأعراض النفسية المختلفة كالقلق والتوتر، وهي حالة يعرفها الأطباء باسم الكحة النفسية (Somatic Cough). تعرّف في هذا المقال إلى تفاصيل الأسباب الكامنة وراءها، والأساليب العلاجية للتخلّص منها.

قد يظهر القلق في أعراض جسدية مختلفة مثل الصداع واضطراب المعدة وحتى السعال. إذا كنت تعاني من السعال المستمر بالتزامن مع القلق، فمن الممكن أنك مُصابٌ بالكحة النفسية التي أسهم قلقك في ظهور أعراضها. يوضّح استشاري الطب النفسي، إبراهيم رشيد، إن الكحة النفسية قد تظهر لدى بعض الأشخاص عند تعرّضهم للضغط النفسي والتوتّر والقلق والأرق، كردّ فعلٍ للجسم نتيجة للمشاعر السلبية المرتبطة بتلك الحالات.

ما الكحة النفسية؟ وما علاقتها بالقلق؟

تشير الأبحاث إلى وجود صلة بين القلق والسعال المستمر، وهي حالة تُعرف باسم متلازمة السعال الجسدي (Somatic Coughing Syndrome)، والتي كان يُشار إليها سابقاً باسم الكحة النفسية (Psychogenic Cough). وفي حين أننا نربط عادة القلق بالأعراض العاطفية أو النفسية، إلا أنه يمكن أن يظهر جسدياً أيضاً. قد تكون على دراية بأحاسيس مثل وجود كتلة في الحلق، أو فراشات في المعدة، أو قلق يسبّب احمراراً أو ارتعاشاً. في حالة السعال الجسدي، لا يوجد سبب جسدي واضح، ويبدو أن السبب يعود إلى عوامل نفسية. وعندما تظهر الضائقة النفسية على شكل أعراض جسدية، يطلق على هذه الحالة اسم: الجسدنة (Somatization).

يمكن وصف العلاقة بين مشكلات الصحة النفسية والسعال المستمر بالمُتشابكة، حيث من المحتمل أن يؤثّر كلٌّ منهما في الآخر، أو يؤدّي إلى تفاقم أعراضه. ففي بعض الأحيان، يكون القلق عاملاً مُسهماً في تطوّر الكحة. وعلى عكس ذلك، فإن وجود سعالٍ مزمنٍ أو تصعب إدارته، بغض النظر عن سببه، يمكن أن يسهم في ظهور القلق. إذ تمتدّ تداعيات الكحة إلى ما هو أبعد من الشقّ الجسدي، فتؤثّر في الجوانب الاجتماعية والعاطفية لحياة الفرد، وبالتالي تسبّب القلق. وعلى سبيل المثال، قد يمتنع الشخص المُصاب عن مزاولة الأنشطة اليومية المعتادة، أو يواجه تحديّات في العلاقات الشخصية، أو حتّى يتجنّب المُحادثات تفادياً لإثارة نوبات السعال.

تعرف إلى أعراض الكحة النفسية

في حين اعتاد الخبراء على الاعتقاد بأن السعال الذي يتميّز بإصدار أصواتٍ خشنةٍ ومرتفعة هو السمة الرئيسية لتشخيص الكحة لأسبابٍ نفسية، إلا أن الإرشادات الحديثة تنصح بعدم الاعتماد على ذلك في التشخيص. إذ يمكن أن تحدث أنواع السعال لأسباب مختلفة، مثل نزلات البرد. في اضطراب السعال الجسدي (Somatic Cough Disorder)، تتوقّف الكحة عادةً في الليل، لكنها سمة موجودة في حالاتٍ أخرى من السعال، لكنّ الكحة تكون غالباً جافّة وغير مُنتجةٍ لأيّة إفرازات.

وقد تشمل الأعراض العامة؛ السعال عند القلق، والسعال الأقلّ حدّة عند الاسترخاء، والسعال الجافّ المستمرّ، وصعوبة التنفس بدون سعال، والإحساس بالدغدغة في الحلق، وأصوات مرتفعة عرضية. كما يمكن أن يكون السعال متقطّعاً أو مستمرّاً. وبما أن الأعراض تتداخل مع حالات أخرى، فمن الضروري استشارة اختصاصيٍ تجنّباً للتشخيص الذاتي، والحصول على تشخيص دقيق.

اقرأ أيضاً: اضطرابات جسدية تسبب أعراضاً نفسية، هل تعرف أحدها؟ 

إضافة إلى القلق؛ ما الذي يمكن أن يسبّب الكحة النفسية؟

في حين أن الأعراض النفسية قد تكون نتيجةً للسعال المزمن، فإن أعراض السعال والجهاز التنفسي تكون أكثر شيوعاً لدى الأفراد المصابين بالاعتلالات النفسية مثل؛ القلق، والأرق، والأعراض الجسمانية (Somatic)، والاختلال الاجتماعي، والاكتئاب الحاد. وذلك؛ بحسب ما أشارت له دراسة نشرت عام 2017، أشرف عليها باحثون من جامعة نيوكاسل (University of Newcastle) الأسترالية. ويرى الخبراء أن القلق يمكن أن يُسبّب السعال المستمر بناءً على التفسيرات التالية:

  • التنفّس القلِق: وهو التنفّس الضحل السريع عندما تقلق، والذي يسبّب جفاف الحلق أو تهيّجه، ما قد يؤدّي إلى السعال.
  • الارتجاع المعدي: يمكن أن يُسهم القلق والتوتّر في الإصابة بارتجاع المريء، أو مرض الجزر المعدي المريئي (GERD). فإذا وصل حمض المعدة إلى المريء، فإنه يمكن أن يسبّب السعال.
  • الجهاز المناعي: تنخفض استجابة جهازك المناعي عندما تتعرّض لمستويات عالية من القلق والتوتّر، ما يجعله عرضة للمهيّجات أو الالتهابات التي يمكن أن تسبّب السعال.
  • الإجهاد الذي يؤثّر في العصب المبهم (Vagus Nerve): يمكن أن يؤثّر الإجهاد المزمن (Chronic Stress) في العصب المبهم؛ وهو عصب رئيس يمتدّ من جذع الدماغ (Brainstem) إلى العديد من الأعضاء كالرئتين، ما قد يُسبّب السعال.

السعال المستمر عند الأطفال

بالنسبة للأطفال المصابين بالكحة النفسية، يمكن أن تحدث نوبات السعال بشكلٍ متكرّرٍ، وتحدث أحياناً عدّة مراتٍ في الدقيقة الواحدة. وتتزايد شدّتها في الأغلب بوجود أشخاص آخرين، مثل الآباء أو المعلمين أو مقدّمي الرعاية الصحية. وفي بعض الأحيان، قد يستمرّ السعال طوال اليوم.

يتميّز الشكل الكلاسيكي للكحة بالصوت العالي، أو القاسي، أو الزمجرة. ويؤثّر في الغالب في الفتيات المراهقات. وثمّة نوع آخر يتضمّن التسليك المتكرّر للحلق (Throat Clearing)، وهو النوع الأكثر شيوعاً لدى الفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 10 سنواتٍ تقريباً.

على الرغم من الصوت الخشن الذي يصدره الطفل، فإنه قد يظلّ مرتاحاً بين النوبات التي تميل عادة للحدوث عندما يكون مستيقظاً. وقد لا تحدث عندما يكون الطفل منهمكاً في أنشطة أو عوامل تشتيت انتباه أخرى. ومن المهم ملاحظة أن الكحة لا ترتبط بأعراضٍ مثل ضيق التنفّس أو الصفير. فإذا تصاحبت مع هذه الأعراض، فمن المرجّح أن تكون مرتبطةً بحالة طبية أساسية.

كيف تُساعد طفلك المُصاب بالسعال المستمر لأسبابٍ نفسية؟

على الرغم من كونه مزعجاً للطفل، فالسعال المستمر ليس خطيراً إذا لم يكن مرتبطاً بحالة طبية، وكانت مسبّباته متمثّلة في التوتّر والقلق بصفة عامة. لذلك؛ يُنصح الأبوين بتحديد المواقف التي تثير القلق والتوتّر مثل التنمّر، ومن ثمّ العمل على إيجاد حلٍّ لها. فإذا لم يظهر أيّ تحسّنٍ، قد تُساعد استشارة طبيب الأطفال النفسي.

بالإضافة إلى ذلك؛ يُنصح بتقديم مستحضرات السعال الدوائية، أو شرب الماء للتخفيف من الرغبة في السعال. وفي جميع الأحوال، ينبغي ألا يتهاون الأبوين في استشارة الطبيب بهدف استبعاد الأسباب الجسدية واقتراح العلاجات المناسبة إذا تم تشخيص الكحة النفسية.

ما هي اختيارات العلاج المُتاحة في حالة الإصابة بالكحة النفسية؟

بسبب نقص الأبحاث حول متلازمة السعال الجسدي، لا توجد أدلة كافية على العلاجات الأكثر فعالية. ولكن تشمل الأساليب العلاجية المفيدة المحتملة؛ تعزيز الصحة النفسية الجيّدة، و العلاج بالتنويم المغناطيسي، والعلاج الدوائي.

بالإضافة إلى ذلك، قد تساعد استراتيجيات الحدّ من القلق مثل التأمل واليوغا، واتبّاع نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة. وللتخفيف من حدّة الكحة في المنزل، يمكن شرب السوائل الدافئة، مثل شاي الليمون والزنجبيل، أو العسل لتهدئة الحلق. كما يُنصح بالحفاظ على رطوبة الجسم، وتجنّب المواد المسبّبة للجفاف، والحصول على القسط الكافي من الراحة من خلال النوم لمدة 8 إلى 10 ساعات، وتجنّب ممارسة التمارين الرياضية الشاقة لبضعة أيام.

اقرأ أيضاً: أعراض نفسية قد تدل على أنك مصاب بفرط نشاط الغدة الدرقية

ويُشير المختص النفسي، إبراهيم رشيد، إلى علاج الأسباب النفسية المؤدية للإصابة بالكحة النفسية كأحد أهم النصائح التي يمكنه إسدائها. كما يصف ممارسة اليوغا كواحدة من الحيل التي التي تسهم في الشعور بالاسترخاء النفسي والشعور بالهدوء.