ملخص: عندما تكون في بيتك تُظهر جانباً من شخصيتك العاطفية والإنسانية وعندما تذهب إلى مقر عملك تُبرز شخصية مهنية جادة وصارمة، وبين هذين السياقين قد تكشف عن جوانب أخرى من سماتك وذاتك. ما مصدر هذا التنوّع في طبيعة شخصيتك؟ وكم شخصية تمتلك في الحقيقة؟ وهل يعكس ذلك اضطراباً نفسياً معيناً؟ إليك الإجابات.
هل أخبرك أحد زملائك من قبل أنّ شخصيتك تكون مختلفة خارج العمل؟ وهل لاحظ أحدهم يوماً أن سلوكك يتغير عندما تكون برفقة شريك حياتك؟ لا تقلق، فهذا لا يعني أنّك تعاني اضطراباً سلوكياً. بل أنت تتكيف مع السياقات المختلفة لحياتك وهو أمر يدل على أنّك تتمتع بحالة نفسية صحية.
امتلاك "أوجه" مختلفة من "الذات" ظاهرة معروفة على نطاق واسع في ميدان علم النفس الاجتماعي. وتنطوي شخصياتنا على 4 أوجه في المجمل، يؤثّر كل وجه منها في مجال محدد من مجالات حياتنا ويستمد جذوره من مرحلة طفولتنا. إليك توضيحات المحلل النفسي كريستيان ريشوم (Christian Richomme).
الذات المهنية
تمثّل الذات المهنية الهوية التي نحملها في بيئة العمل. وترتبط غالباً بكفاءاتنا وأخلاقنا المهنية وتطلّعاتنا وأسلوب تصرّفنا في سياقات العمل المختلفة.
الخصائص المميزة: الكفاءة والمسؤولية والطموح، والمهنية والسلوك المتكيف مع توقعات الشركة أو بيئة العمل.
التأثير: تؤثّر هذه الذات في سمعتنا المهنية وعلاقاتنا بالزملاء والمدراء، علاوة على تأثيرها في مدى شعورنا بالرضا والنجاح المهني.
المنشأ: يظهر هذا الوجه من أوجه شخصياتنا منذ الطفولة وبداية الدراسة على وجه التحديد، عندما يتشكل طموح الحصول على وظيفة أو مهنة، وهي فكرة نكتسبها من العالم المحيط بنا.
الذات الاجتماعية:
تعكس الذات "الاجتماعية" وفقاً للصفة التي تحملها كيفية مشاركتنا في السياقات الاجتماعية وحضورنا فيها. ويشمل هذا الوجه تفاعلاتنا مع الأصدقاء والعائلة والأبناء والمعارف والآخرين في سياقات غير رسمية أو ترفيهية.
الخصائص المميزة: القدرة على التواصل الاجتماعي والودّ والفكاهة والتعاطف، والقدرة على التكيف وبناء علاقات الصداقة والحفاظ عليها.
التأثير: يؤثر هذا الوجه في شبكة علاقتنا الاجتماعية ومستوى الدعم العاطفي الذي نحصل عليه ورفاهيتنا العامة خارج السياق المهني.
المنشأ: ننغمس منذ الولادة في هذا الوجه من أوجه شخصياتنا من خلال الوسط الذي يضم الوالدين والأسرة والإخوة والأخوات. وخلال مرحلة الدراسة نبني بعض علاقات الصداقة، وسرعان ما ننخرط في مناخ اجتماعي محدد. وهنا تبدأ الذات الاجتماعية بالتطور حتى سن البلوغ التي نواصل خلالها استكشاف شخصياتنا.
الذات العاطفية
يتعلّق هذا الوجه بهوية علاقاتنا الحميمية والعاطفية. ويشمل سلوكياتنا وتصرفاتنا وعواطفنا تّجاه الشركاء العاطفيين.
الخصائص المميزة: الألفة والمودة والشغف والولاء والتواصل والحس المرهف.
التأثير: يؤثر هذا الوجه في جودة علاقاتنا العاطفية واستقرارها، ومدى شعورنا بالإشباع العاطفي والرضا الشخصي في إطار العلاقات الحميمية.
المنشأ: فكرة الارتباط العاطفي بديهية ومستمدة من الثقافة والنمط الموروث عن الوالدين. ومع ظهور الرغبة والجاذبية خلال مرحلة المراهقة تصبح هذه المسألة البديهية ملموسة أكثر بفضل نمو دوافع الحصول على الحبّ والرغبة في منحه للآخرين. وقد يحدث ذلك حتّى قبل أن نطور نمط العلاقات الذي يناسبنا.
الذات المرتبطة بالنفس
يمثّل هذا الوجه علاقاتنا بأنفسنا، ويشمل تصورنا لذواتنا وتقديرنا لها وحواراتنا الداخلية وقدرتنا على الاستقلالية والانفراد بالنفس.
الخصائص المميزة: التأمل والاستبطان الذاتيين والتعاطف مع الذات والنقد الذاتي وإدارة التوتر.
التأثير: يؤثر هذا الوجه في صحتنا النفسية والعاطفية ومرونتنا في مواجهة تحديات الحياة، وقدرتنا على تحقيق التوازن بين الأوجه المختلفة لهوياتنا الشخصية.
المنشأ: يتطلب هذا الوجه وقتاً كافياً للتطور لأنّه ليس جانباً فطرياً. إنّه جانب يتطلّب أن نعمل على أنفسنا ونتعلم كيف نكتشفها ونحدد كيفية تفاعلها. وينبّه المحلل النفسي كريستيان ريشوم إلى أنّ غياب الذات المرتبطة بالنفس قد يؤدي إلى الاعتماد على الآخرين (في العمل أو الحياة الاجتماعية أو العاطفية)، والمعاناة النفسية والمقارنة بالآخرين مع شعور بالقلق والاكتئاب وحالات الإدمان.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تساعدكِ أشعة الشمس على تعزيز تقديركِ لذاتكِ؟