كيف تغير الصدمات النفسية بنية دماغك وردود أفعالك؟

2 دقيقة
الصدمات النفسية
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: لا يقتصر ضرر الصدمات على الجوانب النفسية فقط؛ بل قد يشمل أيضاً وظائف الدماغ وآليات تفاعله مع ضغوط الحياة اليومية وتحدياتها. وفقاً للخبيرة النفسية إيلانا ساندلر فإن الصدمة ليست مجرد ذكرى أليمة؛ بل هي عامل مؤثر قد يؤدي إلى تغيير تنظيم الدوائر العصبية. وقد تؤثر الصدمات النفسية في 3 مناطق دماغية أساسية: 1) منطقة اللوزة المخية: تُظهر نشاطاً مفرطاً بعد تعرّض الفرد إلى صدمة فتزداد يقظته وحذره. 2) الفص الجبهي: يقلّ نشاطه فيؤدي انعدام التوازن بين المنطقتين إلى صعوبة السيطرة على العواطف. 3) منطقة الحُصين: تتراجع فعاليتها ويؤدي ذلك إلى صعوبة التمييز بين الذكريات المؤلمة والتهديدات الحقيقية. لكن هذه الأضرار ليست حتمية؛ إذ يمكن للدماغ أن يتعافى منها، ويعيد برمجة طريقة تفاعله مع ذكريات الصدمة بفضل خاصية "المرونة العصبية" وحلول علاجية عديدة؛ منها: العلاج المعرفي واليقظة الذهنية الكاملة والعلاج النفسي للصدمات.

تترك الصدمات أثراً دائماً في أدمغتنا سواء كانت ناجمة عن حدث مؤثر أو تجارب متكررة، فهي تؤثر في طريقة تفكيرنا في المحيط وشعورنا به وتفاعلنا معه. وفقاً للمختصة النفسية إيلانا بريماك ساندلر (Elana Premack Sandler)؛ فإن الصدمة ليست مجرد ذكرى أليمة. إنها تُغير بنية أدمغتنا ووظائفها، وتجعل عملية التعافي صعبة دون مساعدة مناسبة.

توضح المختصة النفسية في مقال لها على موقع سايكولوجي توداي (Psychology Today) أن الدماغ البشري يتفاعل مع الصدمة من خلال إعادة تنظيم بعض الدوائر العصبية. لذا؛ عندما يتعرض الفرد إلى صدمة ما فقد تختلّ آلياته الدماغية، فتصعب عليه عملية إدارة توتره وعواطفه. إليك التوضيحات.

اقرأ أيضاً: هل تؤدي الصدمات النفسية إلى فقدان الذاكرة؟

كيف تغير الصدمات النفسية بنية الدماغ وردود الأفعال؟

تؤثر الصدمات النفسية في 3 مناطق أساسية من الدماغ: اللوزة المخية وقشرة الفص الجبهي والحُصين. عندما يتعرّض الفرد إلى صدمة تُظهر منطقة اللوزة المخية المسؤولة عن الاستجابات العاطفية مثل الخوف أو القلق نشاطاً مفرطاً. ويتجلى ذلك في اليقظة المفرطة والحذر المستمر من الخطر حتّى في غياب أيّ تهديد حقيقي. وقد يربك هذا النشاط الزائد أيضاً نوم الفرد ويجعله أكثر عرضة إلى المحفزات العاطفية.

في المقابل، يصبح الفص الجبهي المسؤول عن ضبط العواطف واتخاذ القرارات العقلانية أقل نشاطاً عند التعرّض إلى الصدمة. ويؤدي اختلال التوازن بين اللوزة الدماغية ذات النشاط المفرط والفص الجبهي الأقل نشاطاً إلى تعقيد عملية إدارة العواطف والاستجابات المندفعة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تتراجع فعالية منطقة الحصين المسؤولة عن تثبيت الذكريات، لدى الأشخاص الذين تعرّضوا إلى صدمات نفسية. فتصعب عليهم عملية التمييز بين الذكريات المؤلمة المرتبطة بالصدمة والتهديد الحالي؛ وهذا ما يفسر استحضارهم لهذه الذكريات وكأنها تحدث في الوقت الحاضر.

ما هي العلاجات المتاحة لتعافي الدماغ من الصدمات النفسية؟

يتمتع الدماغ لحسن الحظ بقدرة على التكيف معروفة باسم "المرونة العصبية". هذا يعني أن العلاجات الملائمة والتدخلات المنتظمة قد تعيد بمرور الوقت "برمجة" الدوائر الدماغية المتضررة بسبب الصدمة. وقد تساعد العلاجات المعرفية أو اليقظة الذهنية الكاملة أو التعرّض المتكرر إلى محفزات الصدمة في بيئة آمنة على تهدئة منطقة اللوزة المخية وتحفيز منطقة الفص الجبهي.

وبحسب المختصة النفسية إيلانا بريماك ساندلر؛ فإن علاج الصدمات النفسية لا يهدف إلى محو الذكريات المؤلمة؛ بل يسعى إلى إعادة تنظيم طريقة تفاعل الدماغ مع هذه الذكريات. ويستطيع الشخص المصاب بالصدمة تعلّم إدارة مشاعره واستعادة توازنه العاطفي بفضل العلاج المناسب؛ وهذا يعني أن الحدّ من أعراض اليقظة المفرطة والاستجابات المندفعة أمر ممكن.

تؤثر الصدمات النفسية إذاً تأثيراً عميقاً في أدمغتنا وعواطفنا واستجاباتنا تّجاه مشكلة التوتر؛ لكن من الممكن أن تساعدنا حلول مثل العلاج المعرفي أو اليقظة الذهنية الكاملة على إعادة تنظيم دوائر الدماغ وتحقيق التعافي التدريجي. كما أن مساعدة الخبير النفسي المختص في علاج الصدمات خيار ضروري للفرد كي يتغلب على تأثيراتها ويستعيد سيطرته على حياته.

اقرأ أيضاً: كيف يتذكر جسمك الصدمات النفسية؟ وماذا تفعل لتخفيف تأثيرها؟