لكل منّا حيله الشخصية للاسترخاء وأخذ قسط من الراحة والعناية بالصحة النفسية. لكن هناك نشاطاً يمارسه الأطفال يمكن أن يكون مفيداً جداً للجميع.
نشجع الأطفال منذ سنّ مبكرة على اكتشاف حواسهم. فيتعرّفون إلى الذوق واللمس والشم وغيرها من الحواس من خلال الألعاب والتجارب والطعام. وإذا كانت المحاولات الإرادية لإيقاظ الحواس تزداد ندرة خلال فترة المراهقة وبعد سنّ البلوغ، فإن حواسنا تظل مع ذلك معرضة إلى التحفيز المستمر طوال العمر.
صحيح أن اللحظات التي ننخرط خلالها في أنشطة حسية أو ألعاب تعزز حواسنا تتراجع تدريجياً مع التقدم في العمر، لكن الحفاظ على يقظتنا تّجاه هذه الحواس قد ينطوي على فائدة حقيقية للصحة النفسية.
ما هي فوائد الأنشطة الحسية للصحة النفسية؟
تقول الطبيبة النفسية جيني أوكولو (Jenny Okolo) في تصريح لموقع ستايلست (Stylist) حول موضوع الأنشطة الحسية: "ليست هذه الأنشطة للأطفال فقط، فهي تشجع على التفاعل وقد تنطوي على فوائد علاجية مهمة، لأنها موجهة إلى عدة حواس وتقدم تجربة انغماس في الحاضر وتساعد على إدارة التوتر والقلق ومواجهة مشكلات نفسية أخرى".
إذا كان العلاج النفسي أو الدوائي ضرورياً على المدى الطويل للتعايش مع تحديات الحياة اليومية، فإن التدخل الفوري للتعامل مع ذروة التوتر أو القلق قد يتطلب بعض الأساليب العلاجية الأخرى المساعدة. هذا هو دور الأنشطة الحسية التي تساعد الفرد على الانغماس في اللحظة الحاضرة. فالتركيز الإرادي على حواس السمع واللمس والشم والذوق والبصر يمكن أن يمنح الفرد شعوراً فورياً بالارتياح، وفقاً لما أورده موقع سايك سنترال (PsychCentral). في سنة 2014 كشفت دراسة جمعت بيانات أبحاث سابقة أن برامج الحدّ من التوتر التي تعتمد على اليقظة الذهنية الكاملة يمكن أن تخفف أعراض القلق والاكتئاب والمعاناة النفسية.
توضح أوكولو: "يمكننا التخلص من الأفكار الملحة من خلال التركيز على المحفزات الحسية، فهذا التفاعل متعدد الحواس يغمسك في اللحظة الحاضرة، ويخلق تأثيراً مهدئاً ويعزز الصفاء الذهني الذي نحتاج إليه جميعاً من حين إلى آخر". يمكن لهذه الأنشطة الحسية إذاً أن تحسّن بمرور الوقت الحالة المزاجية العامة والقدرة على التركيز والصحة النفسية الشاملة.
كيف يمكنك تطبيق الأنشطة الحسية؟
من أساليب تنشيط الحواس الخمس التي تساعد على تهدئة التوتر أو القلق هناك تمرين تنصح به الطبيبة النفسية مارين كولومبيل (Marine Colombel). يرتكز هذا التمرين على إمساك جسم من الأجسام الموجودة في البيئة المحيطة بنا، وفحصه بالاعتماد على الحواس الخمس من خلال لمسه بالأصابع وتحليل رائحته والصوت الذي يحدثه ومذاقه إذا كان من المأكولات. يتيح هذا التمرين للفرد إعادة "الانغماس في اللحظة الحاضرة" و"العودة إلى استشعار جسمه بدلاً من الانغماس في التفكير". وتتبنّى جيني أوكولو هذا النهج ولا سيّما من خلال استخدام بعض المجسمات مثل كرات الضغط.
ولتحفيز حواس أخرى مثل البصر تفضل الطبيبة النفسية جيني أوكولو النظر إلى مصباح الحمم البركانية أو إبداع تحف فنية باستخدام ألوان زاهية. كما تستخدم لتحفيز حاسة الشم علاج الروائح العطرية (Aromatherapy) بالاعتماد على الزيوت الأساسية أو الشموع المعطرة. وقد حسّنت هذه العادات قدرتها على إدارة التوتر.
تؤكد ذلك قائلة: "أصبحت قادرة على ضبط مشاعري، إذ تسمح لي هذه الأنشطة بأخذ استراحة مطلوبة في سياق التوتر اليومي، كما تساعدني على إعادة الانغماس في اللحظة الحاضرة، علاوة على أنها حفزت قدراتي الإبداعية وأضافت عنصر المتعة والاستكشاف إلى روتيني اليومي".