هل مقولة “ما الحب إلا للحبيب الأول” صحيحة علمياً؟

2 دقيقة
الحبّ الأول
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ملخص: "نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى *** ما الحبُّ إلا للحبيب الأوّلِ"، هكذا لخّص الشاعر العبّاسي أبو تمام قصة الحنين إلى الحبّ الأول، وخلّد الصورة الرومانسية والمثالية التي نحملها عن أول قصة حبّ تصادفنا في الحياة. ما سرّ هذه المكانة التي تميّز الحبّ الأول؟ هل هو حبّ مثالي خالص فعلاً أم أنّه مجرّد تجربة عاشق لا يملك بعد خبرة الحياة؟ إليك الإجابة من خبيرة نفسية تفسّر سرّ الحنين إلى الحبّ الأول.

يحتلّ الحبّ الأول مكانة خاصة في قلب الإنسان. غالباً ما تكتنف هذا الفصل الافتتاحي من حياتنا العاطفية هالة من الكمال، تغذّيها الحكايات الشعبية والتّوقعات الثقافية.

لكن ما مصدر هذه النظرة المثالية؟ وما تأثير هذه الرؤية الرومانسية في تصوراتنا حول علاقاتنا العاطفية اللاحقة؟

ذروة عاطفية فريدة

منذ زمن طويل تسهم الثقافة الشعبية والأفلام الرومانسية والأغاني العاطفية الحزينة بقوة في تشكيل صورة الحبّ الأول، باعتباره ذروة عاطفية تكاد تكون بعيدة المنال. وعزّزت أفلام سينمائية مثل "تيتانيك" (Titanic) و"توايلايت" (Twilight) فكرة الحبّ الأول باعتباره مثالاً رومانسياً يرتبط في الغالب بمشاعر قوية وأحداث درامية.

يخلق هذا التمثُّل ضغطاً كبيراً، ولا سيّما على المراهقين والشباب الذين يشعرون بأنهم ملزمون بخوض تجارب رومانسية مماثلة لتأكيد انتقالهم إلى سنّ البلوغ.

معايير غير واقعية

تشير المختصّة في علم النفس جيرالدين بريفو جيغان (Géraldyne Prévot-Gigant) في تصريح لمجلة ماري كلير (MarieClaire) إلى أنّ الصورة النمطية التي ترسمها وسائل الإعلام والحكايات الشعبية عن الحبّ الأول تقيّد شكل هذا النوع من الحبّ، وتفرض معايير غير واقعية في بعض الأحيان.

كما تلاحظ أنّ التوقعات المرتبطة به تكون في الغالب أوضح لدى الفتيات الشابات، اللّاتي ينشأن على فكرة ضرورة العثور على الشريك "الأفضل" في أوّل علاقة، وهذا ما يعزّز النظرة المتحيّزة ضد المرأة فيما يتعلّق بمسألة الحبّ.

نظرة مثالية قابلة لإعادة الإنتاج

إلى جانب الثقافة الشعبية يؤدي الوسط العائلي والاجتماعي دوراً حاسماً أيضاً في بناء هذه النظرة. فالأشخاص الذين نشؤوا في سياقات تنظر إلى الحبّ الأول نظرة مثالية أكثر عرضة إلى إعادة إنتاج هذا النمط نفسه. وقد تقود هذه الظاهرة إلى الشعور بنوع من خيبة الأمل عندما يتعارض الواقع مع التوقعات المسبقة.

وثمة أسباب نفسية دالّة تقف وراء هذه النظرة المثالية. إذ يدفع الحنين أو الارتباط بالزخم العاطفي الاستثنائي الذي يشكّله الحبّ الأول بعض الناس إلى التعلّق به، لتعويض النقص الذي يميّز علاقات عاطفية لاحقة أقلّ إرضاء أو التهرّب من مواجهة واقعٍ أقلّ رومانسية.

اقرأ أيضاً: