5 فوائد نفسية لممارسة ركوب الخيل تعرّف إليها

ممارسة ركوب الخيل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ترتبط ممارسة ركوب الخيل بالشعور بالحرية والتواصل مع الطبيعة كما أنها تعلّمنا التواضع والحزم والمثابرة، وهي قيم تزيدنا نضجاً.

يقول سامر ذو الـ 42 عاماً، وهو فارس: “حلمتُ في طفولتي أنني أمتلك حصاناً أسود برياً يحبني جداً، وكانت تلك طريقتي للهرب من الواقع والشعور بالاستقلالية ونسيان أنني طفل أعتمد كلياً على والديّ”. ويتابع: “وعلى الرغم من أنني لم أتمكن من تحقيق هذا الحلم، فقد سجّلت في نادٍ للفروسية حيث أركب الخيل مرتين أسبوعياً وهي متعة لا تضاهيها أي متعة أخرى في العالم بالنسبة إليّ. إن هذا النشاط مضاد اكتئاب حقيقي ولا يشبه أي نشاط أو رياضة أخرى، لأنه حالة تلاقٍ بين كائن حي وآخر”. تقول سوسن ذات الـ 24 عاماً: “الحصان كائن حساس شديد الاستجابة، لا يمكننا تزييف مشاعرنا أمامه فهو يشعر بتوتراتنا ويتفاعل معها، لذا عندما يكون حصاني على ما يرام أعلم تماماً أنني بحالة مزاجية جيدة”.

التعامل مع الخيل ينعش الأحاسيس

يحفز التواصل مع الخيل أحاسيسنا تحفيزاً كبيراً وتعبّر كوثر ذات الـ 31 عاماً التي تمارس ركوب الخيل منذ كانت في التاسعة، عن إعجابها بمظهر الحصان فتقول: “إنه حيوان جميل وأنيق وقوي جداً”. وتضيف منى ذات الـ 42 عاماً: “إذا كان من الضروري الاهتمام بالحصان بتمشيطه مثلاً، فإن ذلك يمثل أيضاً متعةً حسّيةً وجسديةً كبيرةً ولحظةً من الرفاهية والاسترخاء نتشاركها معه”. وعلى صهوة الحصان نعيش الكثير من الأحاسيس فعندما يمشي ببطء نشعر بالهدوء والسكينة أما عندما يعدو فإننا نشعر بحالة من النشوة. ولكن قبل كل ذلك فمجرد الجلوس على صهوته يعطيك انطباعاً بأنك أكثر قوة وبأنك تهيمن على العالم، ناسياً القيود التي تفرضها المظاهر الاجتماعية، فعلاقتنا بالحصان تذكرنا بأنّ لنا جسداً ينبض بالأحاسيس.

التعامل مع الخيل يعزز قدرتك على التواصل

ليس الحصان من الحيوانات اللطيفة التي تطيعك عن طريق القبلات أو تقديم الطعام لها ولا آلةً تخضع للأمر، فهو ذو شخصية قوية وقوته الجسدية تسمح له بقذفنا من على صهوته إذا رغب في ذلك، لذا فإنّ ركوبه يتطلب تعلّم فن الفروسية الذي هو قبل كل شيء لغة جسد تهدف إلى إقامة اتصال بين الفارس وجواده.

ليطيعك جوادك عليك أن تركبه بطريقة صحيحة ولذلك يجب تنفيذ كل حركة لليدين والساقين وفقاً لقواعد دقيقة وبأقصى درجات الهدوء ودون إيماءات لا لزوم لها. تقول بثينة ذات الـ 32 عاماً: “كان ركوب الخيل تدريباً مفيداً جداً في حالتي إذ إنني أعاني صعوبةً في تنسيق حركاتي، ومن خلال رد فعل الحصان أدرك على الفور ما إذا كانت حركتي في محلها”.

تعلّم من الخيل كيف يكون الحب غير المشروط

بالنسبة إلى الكثير ممن يركب الخيل وبخاصة النساء فإنّ التواصل مع الحيوان يسمح لهم بخلق حالة حب فريدة من نوعها، فهو حب غير مشروط، ولا يمكن لمشاعر الحصان أن تكون زائفة فهو لا يتظاهر بعكس ما يضمره في نفسه. وتقول كوثر: “لذلك نحن نتسامح مع الحيوان أكثر مما نفعل مع الإنسان، فحتى عندما يغضب الحصان نحن نعلم أنه لا يتصرف كذلك بدافع الحقد بل لأننا اقترفنا خطأ ما بحقه، على سبيل المثال ربما ركبه شخص فظ في اليوم السابق”. في الواقع تجبرنا العلاقة مع الحصان على أن نكون أقل اندفاعاً وأكثر تفكراً فهي تعلّمنا الصبر، لأنك لن تتوقف عن حب حصانك إذا أوقعك من على ظهره أو وجه لك ركلةً. وعلى العكس من ذلك نحن نسعى باستمرار إلى كسب ثقته وحبه،

ويتحول هذا الحب بمرور الوقت إلى شغف قد يثير غيرة شريك الحياة، لذا فقد تجد محب الخيل يقول: “لا يمكنني أبداً مشاركة حياتي مع شخص لا يفهم أنني كرستُ الكثير من الوقت والاهتمام لحصاني”.

التعامل مع الخيل يعلّمك التحلي بالصبر والشجاعة والتواضع

إن حبك لحصانك لا يعني أبداً تركه يفعل ما يحلو له، فكما الطفل؛ يجب أن تضع له حدوداً لتتمكن من توجيهه، وبخلاف ذلك فإنه سيخرج عن السيطرة ويصبح ركوبه عسيراً وخطراً أيضاً لذا عليك أن تعرف كيف تكسب احترامه وهو أمر يتطلب إلى جانب الجهد البدني تعاملاً دقيقاً يوازن بين اللين والحزم وفقاً لتصرفاته. إضافةً إلى ذلك فإن ركوب الخيل كحال أي عملية تعلّم؛ يتطلب التحلي بقيم المثابرة والشجاعة والتواضعوهي قيم تساعد على تعزيز نضجنا الأخلاقي والنفسي، لأنه إلى جانب المتعة التي نشعر بها عند ركوب الخيل، يجب أن نتذكر أن هنالك لحظات نشعر فيها بالإحباط مثلاً عندما يَحْرُنُ الفرس. جدير بالذكر أنه يصعب على الكثيرين ممن يرغبون في ممارسة ركوب الخيل التخلّص من خوفهم إذ ينسحب 9 أشخاص من أصل 10 من نوادي الفروسية قبل نهاية السنة الأولى من التدريب.

لا يوجد عمر محدد للبدء بركوب الخيل لكن العديد يبدأ بتعلّمه بين سن 10 و11 عاماً، ولذلك فإن البالغ المبتدئ بركوب الخيل سيجد نفسه في كثير من الأحيان وسط أطفال أوسع منه حيلةً وأكثر تمكناً، وما لم يعرف كيف يتأقلم مع ذلك فإنه سيشعر بتدني تقدير الذات. تقول جمانة التي بدأت تعلّم ركوب الخيل في سن السابعة والثلاثين وأصبحتْ متمرسةً: “ليس من السهل تقبُّل أن تكون مبتدئاً ينظر إليه الجميع بمزيج من السخرية والتعاطف بسبب عمره”.

ممارسة الفروسية تمنحك شعوراً بالحريّة

يقول ماجد ذو الـ 45 عاماً وهو من محبي رياضة المشي لمسافات طويلة والتأمل: “أنسى كل همومي عندما أكون على صهوة جوادي؛ إنه عالم آخر ينقلني إلى حالة ذهنية مختلفة”. يربطنا الحصان بالطبيعة ويحملنا إلى مكان آخر لا قيود فيه، وكأنه ينقل قوته إلينا! وتؤكد كوثر قائلةً: “يمنحني ركوب الخيل شعوراً بالحرية لأنه حيوان حر في الأساس، ولا يمكن أن يخضع لك كما يفعل الكلب مثلاً”.

تزيدنا علاقتنا بالحصان نضجاً فالاعتناء بكائن حي يعلّمنا تحمل المسؤولية، وتقول جمانة: “لقد تعلّمت كيف أدافع عن نفسي دون صراخ، وأرى أنه إذا كان بإمكاني أن أفرض شخصيتي على حيوان بهذا الحجم فيمكنني فعل ذلك مع أي إنسان”. وبهذه الصورة يعزز عالم الخيل تقدير الذات وينمي الشخصية، إنها بيئة يتمكن فيها الفرد من إبراز سماته والتعبير عن مشاعره دون الإساءة إلى أي شخص.

في أغلب الأحيان يقترح المعالجون وأطباء الأطفال على الآباء تسجيل أطفالهم الذين يعانون فرط النشاط في نوادي ركوب الخيل، فذلك يساعدهم على تفريغ طاقاتهم ويعلّمهم كيفية التحكم في أنفسهم دون الحاجة إلى ممارسة الرياضات العنيفة التي من المرجح أن تعزز السلوكيات العدوانية. .

رياضة للإناث

وفقاً للاتحاد الفرنسي للفروسية فإن 75% من المتدربين في نوادي الفروسية هم من الإناث؛ إذ بلغ عددهن 127,975 مقابل 36,797 من الذكور في الفئة العمرية بين 6-12 عاماً.

أما سبب ذلك فهو رغبة الذكور في مواجهة التحديات السريعة وتحقيق النتائج الفورية، على عكس الفتيات اللواتي يتسمن بأنهن أقل اندفاعاً ويملن إلى تحقيق احتياجاتهن النفسية التي تتفق تماماً مع متطلبات تعلّم ركوب الخيل وهي الصرامة والصبر والبراعة في الحركة. من جهة أخرى تستاء بعض الفتيات في سن المراهقة من عدم نضج صديقاتهن ولذلك فإن العلاقة مع الحصان تمنحهن استقراراً عاطفياً وهي وسيلة مميزة لترسيخ الهوية التي تضطرب في مرحلة البلوغ. ومع ذلك فإن معظمهن يتوقفن عن ممارسة ركوب الخيل في سن الـ 19 بصورة عامة بسبب انشغالهن بالدراسة أو دخولهن إلى الحياة العملية، واختلاف تطلعاتهن وميلهن إلى التركيز على الزواج والأمومة؛ وهو ما يفسر حضور الرجال حضوراً أكبر في منافسات الفروسية عالية المستوى.

error: المحتوى محمي !!