دليلك العملي لمواجهة مخاوفك

3 دقيقة
مواجهة مخاوفك

يساعدنا القليل من الخوف على حماية أنفسنا من التعرض للأذى واتخاذ قرارات أكثر أماناً؛ لكن عندما يزيد هذا الخوف عن حده ونجد أنفسنا خائفين من مواقف وأشياء ليست خطِرة في حقيقتها، فذلك مؤشر خطر على وجود مشكلة تحتاج إلى حلول فعالة. وذلك لأن الاستجابة التلقائية لنا ستكون الابتعاد عن تلك المواقف العادية وتجنبها نتيجة أن الخوف يحدث، وفقاً للطبيب النفسي سيث غيليهان، عندما تنشط الإثارة الفيزيولوجية بداخلنا استجابة الكر والفر، إلى جانب تغيرات أخرى مثل تسارع ضربات القلب وتوجيه الدم للأطراف وتوتر العضلات، وحتى تكون في مأمن مما سبق سنستعرض لك عدة خطوات عملية تمكنك من مواجهة مخاوفك.

لا تلجأ إلى الهروب فتتضاعف المشكلة

يلجأ البعض إلى الهروب من المخاوف ليشعر بالاستقرار النفسي لكنه يكون على المدى القصير، وتحذر الطبيبة النفسية إيمي مورين من هذه الاستراتيجية الضارة لأنها ستزيد القلق على المدى البعيد، إلى جانب أنه إذا كان الشخص يتجنب مواجهة جميع مخاوفه فسيعود دماغه تدريجياً على عدم القدرة على التعامل معها.

لذلك يعد العلاج بالتعرض واحداً من أنواع العلاج الفعالة لمواجهة المخاوف بحسب الطبيبة النفسية سيث غيليهان، ويكون عن طريق تعريض المريض تدريجياً لما يخشاه في مكان آمن، وذلك يفيد وفقاً لغيليهان في إرسال رسائل إلى أدمغتنا تؤكد أننا نختار مواجهة ما نخاف منه.

استعد تركيزك بالهدوء

تتمكن مخاوفنا من السيطرة علينا أكثر إذا كنا مشوشين فكرياً وغير قادرين على وزن الأمور جيداً، لذا يصف لنا الطبيب النفسي روبن سترن طريقة تساعدنا على صناعة نقطة نظام للمخاوف التي تزاحمنا.

وتتمثل في التوقف عن التفكير تماماً في المخاوف وأخذ أنفاس عميقة تساعدنا على تنشيط الجهاز العصبي الباراسمبثاوي المسؤول عن وظائف الراحة والنوم؛ ما سيجعل جسمنا يصل إلى حالة الهدوء التي سنكون فيها قادرين على التفكير بوضوح أكثر، ويركز ستيرن على أن يكون التنفس ببطء ومن البطن وليس من أعلى الصدر.

يمكنك أيضاً تجربة تقنية الاسترخاء التدريجي للعضلات عن طريق شد وإرخاء عضلات جسمك، وتلك التقنية ستجعلك وفقاً لدراسة علمية أجرتها كلية لوثر الأميركية قادراً على الوصول إلى حالة من الاسترخاء النفسي والفيزيولوجي تخفف من التوتر الناتج عن خوفك وقلقك.

قيم المخاطر بواقعية

ينبع خوفنا في كثير من الأحيان من جهلنا بالشيء الذي نخاف منه. على سبيل المثال؛ قد تخاف من ركوب الطائرة نتيجة سماعك عن الكثير من حوادث الطيران التي انتهت بالإصابة أو الوفاة ما يجعلك خائفاً من أن تكون الضحية القادمة.

لكن بنظرة سريعة إلى الإحصاءات سنجد أنه وفقاً لدراسة علمية أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ونشر نتائجها عام 2020، فإن احتمالية الوفاة في رحلة الطيران هي حالة واحدة لكل 7.9 مليون مسافر.

ربما لن تتوافر لبعض المخاوف الأخرى مثل حضور مقابلة لوظيفة جديدة دراسات علمية توضح حقيقتها؛ لكن يمكنك أن تقرأ قصصاً لأشخاص كانوا يخافون من حضور المقابلات الوظيفية ونجحوا لاحقاً أن يكونوا قيادين ناجحين حتى تزيد من ثقتك في نفسك وتتغلب على مخاوفك.

ضع خطة عملية

يتمثل المفتاح الذهبي لمواجهة المخاوف من وجهة نظر الطبيبة النفسي إيمي مورين في اتخاذ خطوات صغيرة متسلسلة، فالمخاوف لن تختفي فجأة لكن بالعمل المستمر يمكنك أن تتغلب عليها، وسيساعدك على ذلك وضع خطة عملية تتضمن تسلسل هرمي لمواجهة خوفك، فعلى سبيل المثال إن كنت تخاف من مواجهة الجمهور ستكون الخطوات كالتالي:

  1. الوقوف أمام المرآة وإلقاء خطاب مدته دقيقتين.
  2. تسجيل مقطع فيديو لإلقائك الخطاب ومشاهدته.
  3. التدرب على الإلقاء أمام أحد أفراد الأسرة.
  4. التدرب على الإلقاء أمام أحد الأصدقاء.
  5. التدرب على الإلقاء أمام صديقين.
  6. التدرب على الإلقاء أمام مجموعة صغيرة من الأصدقاء.
  7. الإلقاء في إحدى المناسبات أو اجتماعات العمل.

يمكنك تغيير خطتك وفقاً لما تخاف منه؛ لكن احرص على التدرج في الخطوات حتى تجدي معك نفعاً.

تذكر أن بعض المخاوف ربما لن يختفي تماماً

يخبرك المعالج النفسي كريس ماكلويد (Chris MacLeod) إنك ربما لن تتمكن من القضاء على بعض المخاوف نهائياً، ويضرب لك مثلاً بشخص يخاف من القطط بشكل بالغ، فمن المحتمل أن يصل بعد اتباع الخطوات اللازمة لمواجهة خوفه إلى نقطة وسط يكون فيها لا يحب القطط لكنه يمكنه المرور بجانبها إذا اضطر إلى ذلك، وبذلك يكون قد جعل خوفه قابلاً للإدارة وتحت السيطرة، وهذه نتيجة تستحق الجهد الذي بذله.

يقول الأديب المصري نجيب محفوظ في روايته "أولاد حارتنا" إن الخوف لا يمنع الموت ولكنه يمنع الحياة، لذلك إذا كنت تجد نفسك محاصراً وسط مخاوفك فخذ خطوات جادة تجاه الخروج من هذا الحصار من خلال تنفيذ الإرشادات الواردة في المقال، وفي حال شعرت أنك بحاجة إلى مساعدة الطبيب النفسي فلا تتردد أن تبحث عن معالج مناسب لحالتك.

المحتوى محمي