يُصنف رهاب القيء على أنه رهاب محدد وعادةً ما يتمثل في نوبات قلق أو هلع تنطوي على عدة أعراض مثل جفاف الفم، وتسارع نبضات القلب، وصعوبة التنفس، والدوار والتشنجات والبكاء وغيرها. وتثير هذه النوبات وجود عنصر أو شخص ما أو التعرض لموقف معين، واعتماداً على شدة الرهاب فإنه يمكن لحالة الترقب البسيط أن تثير أعراضه. يشتمل رهاب القيء على الخوف من التقيؤ والإصابة بالغثيان وتقول سيسيل كابفر مختصة علم النفس الإكلينيكي ومؤلفة كتاب "تغلّب على مخاوفك" (Dépasser ses peurs): "رهاب القيء هو الخوف من التقيؤ أو رؤية أحد ما يتقيأ حتى لو كان ذلك على شاشة التلفاز. كما يتضمن الخوف من الإصابة بالغثيان وحتى الخوف من الإصابة بآلام المعدة في الحالات الشديدة. جدير بالذكر أنه طوال المدة التي مارستُ فيها العلاج النفسي لم أقابل أي مريض يستشير بشأن رهاب القيء وحده؛ ويرجع ذلك إلى الأعراض الأخرى المصاحبة للخوف من التقيؤ أو الإصابة بالغثيان إضافةً إلى سوء الفهم الذي يحيط بهذا الرهاب وقلة الحديث عنه باعتباره مصدر خجل للمصابين به".
ما أسباب رهاب القيء؟
تقول سيسيل كابفر: "في معظم الأحيان يكون هناك حدث تثير ذكراه اشمئزاز المصاب برهاب القيء. وقد يكون هذا الحدث بسيطاً مثل ذكرى سيئة من مرحلة الطفولة عن الإصابة بالتهاب الأمعاء، أو جسيماً أدى إلى صدمة نفسية مثل الاعتداء الجنسي أو الاغتصاب، وغير ذلك.
ولكن هناك الكثير من الأحداث التي قد لا تنتج عنها صدمة كبيرة تؤدي إلى ظهور رهاب القيء. وأتذكر على سبيل المثال أن مريضاً مصاباً برهاب القيء تزامن ظهور الرهاب لديه مع ولادة شقيقه الأصغر؛ إذ كانت الأم قد عانت من غثيان وقيء شديدين في أثناء حملها؛ الأمر الذي أثر بشدة فيه".
وفي أغلب الأحيان لا تكمن المشكلة في التقيؤ أو الإصابة بالغثيان بقدر ما تكمن في الخوف من المشاعر المصاحبة لهاتين الحالتين كالاشمئزاز والهلع، وغيرها.
ما أعراض رهاب القيء؟
يعاني المصاب برهاب القيء من شعور بالضيق يلازمه في حياته اليومية حتى أنه يصاب بنوبات قلق عند التعرض لمواقف قد تؤدي للشعور بالغثيان أو التقيؤ مثل استخدام وسائل النقل العام أو وجوده في الأماكن المزدحمة أو في حالة الحمل، وغيرها.
كما يمكن أن تكون الأمور المتعلقة بإعداد الطعام أو تخزينه أو نظافته مصدر قلق بالنسبة إليه. ويصل الأمر لدى بعض الأشخاص إلى حد رفض تناول الطعام خارج منازلهم، سواء في المطاعم أو مع الأصدقاء.
إضافة إلى ذلك يعاني المصابون بهذا الرهاب من خوف شديد من التلوث، وتمثل غرف الانتظار لدى الأطباء أو المستشفيات الأمكنة الأكثر رعباً بالنسبة إليهم.
من جهة أخرى يعد رهاب القيء مسؤولاً عن اضطرابات الأكل التي تتراوح بين اضطراب الشهية البسيط وصولاً إلى فقدان الشهية التام.
توضح سيسيل كابفر قائلةً: "لا تظهر كل هذه الأعراض مجتمعة لدى جميع المصابين برهاب القيء؛ إذ تختلف من مريض لآخر تبعاً لشدة الاضطراب وأصله. عندما يكون الاضطراب شديداً يراقب الشخص نفسه بصورة دائمة ويعيش في خوف دائم من أن تنتابه الرغبة في التقيؤ. ومن ثم، فقد يتجنب الشخص المصاب برهاب القيء مواقف اجتماعية معينة (يهرب من المواقف المحفوفة بالمخاطر)، ويصاب بحالة من الجمود ويتخذ سلوكيات معينة لطمأنة نفسه مثل تناول الأدوية أو مضغ العلكة، أو حتى غسل اليدين بالكامل طوال الوقت أو اجترار الأفكار الوسواسية التي يمكن أن تؤدي إلى إصابته بالقلق المرضي.
كما قد يقود هذا الاضطراب المريض إلى الانسحاب الاجتماعي والانطواء على نفسه لأن المحيطين به يسيئون فهمه ما يجعله يشعر بأن الحديث عن معاناته من المحظورات".
اقرأ أيضاً:
ما علاج رهاب القيء؟
تنصحك سيسيل كابفر بأن تستشير مختص علاج نفسي تثق به. وعلى الرغم من ضرورة علاج الأعراض المرتبطة برهاب القيء فإنه يجب أيضاً التعامل مع جذور المشكلة. يمكن أن يساعدك العلاج المعرفي والسلوكي على أن تصبح أكثر وعياً بما تمر به وتتعلم توقع "مواقف الأزمات" وإدارة حياتك اليومية بشكل مختلف. من جهة أخرى يُعد إجراء تحليل نفسي أمراً جوهرياً يساعدك على فهم المساحة التي يحتلها الرهاب من حياتك وما يعنيه بالنسبة إليك. أما الأساليب التي تنطوي على علاج الخوف من التقيؤ من خلال إزالة الحساسية تجاهه من دون محاولة معرفة أصل المشكلة فهي لا تبدو مناسبة، لأننا قد نخاطر في هذه الحالة باستبدال رهاب آخر برهاب القيء. من ناحية أخرى يُعد التعبير عن المشاعر والمخاوف بالكلام ومحاولة فهمها طريقة جيدة لمواجهة هذا الرهاب.
ويمكن أن تؤدي الطرق العلاجية الأخرى كالتنويم المغناطيسي إلى نتائج جيدة.
وتخلص سيسيل كابفر إلى أن الشخص المصاب بالرهاب يحتاج إلى تعلّم تطوير ثقته بنفسه وقدرته على التغلب على رهابه، لأن الخوف هو شعور نغذيه بأنفسنا. وهكذا بدلاً عن أن تشعر بأنك محاصر بمخاوفك، عزز ثقتك بنفسك لتشعر بمشاعر إيجابية وتعيش حياتك بطريقة أفضل دون خوف أو قلق.
اقرأ أيضاً: كيف أتغلب على خوفي من القطط؟