قد تُسبِّب الأصوات العالية -خاصةً عندما تكون غير متوقعة- الإزعاج والرهاب اللحظي لأي شخص، وقد يلاحظ بعضنا أن بعض أنواع الضوضاء العالية تُنتِج رد فعل فورياً يتراوح من القلق إلى الذعر الشديد.
وتُعتبر هذه المواقف ذات المشاعر المُحفِّزة للمخاوف والهلع الشديد وغير العقلاني؛ والتي تتضمّن التعرّض لأصوات عالية، من المواقف أو الأشياء التي قد تستدعي ردات الفعل الشديدة تلك.
لذا من الممكن تصنيفه نوعاً من أنواع الرهاب؛ حيث يُعرف باسم "الخوف من الأصوات العالية" أو "الخوف من الضوضاء أو الضجيج" (Phonophobia/ Sonophobia/ Ligyrophobia). والجدير بالذكر أن هذه الحالة لا تنتج بسبب ضعف السمع أو اضطراباته.
لنتعرف معاً أكثر إلى الخوف من الأصوات العالية، فعندما يؤثر هذا الرهاب في سيرورة حياتنا اليومية يكون من الأفضل الحصول على مساعدة مختص في الصحة النفسية والعقلية.
متى يكون الخوف من الأصوات العالية رهاباً؟
تتسم الأصوات العالية بظهور مشاعر وعواطف الانزعاج وعدم الارتياح، فمن النادر أن نجد إنساناً يستمتع بصوت منبهات السيارات العالي والمفاجئ، أو أصوات سيارات الشرطة والإسعاف، أو حتى منبه الجوال الذي ينطلق في غير وقته!
ومن المهم التنبيه إلى أنه من السهل تَحمُّل بعض الأصوات العالية المتوقعة عندما ترتبط بأشياء ومواقف وتجارب ممتعة؛ كصخب مدرجات الاستادات الرياضية أو الألعاب النارية.
في المقابل؛ إذا كنت تعاني من رهاب الأصوات العالية، فلا شك أنك ستُظهر رد فعل شديداً للغاية لأي نوع من الضوضاء الصاخبة بغض النظر عن سببها أو ما ترتبط به.
وقد يُلاحَظ أن من يمر بهذه الحالة يبدو في حالة ضغط وقلق بمجرد توقع حدوث ذلك، إلى جانب إنتاج ردود فعل حادة تجاه تلك الضوضاء العالية بمجرد حدوثها!
ما أسباب الخوف من الأصوات العالية؟
لا يوجد سبب محدد للإصابة بهذه الحالة المرضية؛ ولكن بوجهٍ عام هناك أسباب مختلفة للإصابة بالخوف المرضي الذي قد يكون ناجماً عن سلوك مكتسب من مراقبة أحد الوالِدين أو الأقران الذي يعاني من ذلك الخوف، أو أسباب وراثية أو تجربة سابقة أدت إلى تطوره حسب إيفليت ستينز (Yvelette Stines)؛ مختصة الصحة والعافية في مقالتها لصالح منصة "ڤيري ويل هيلث" (Verywell Health).
ما الأعراض المرضية للخوف من الأصوات العالية؟
حسب مقالة ستينز عن الخوف من الأصوات العالية؛ يُظهِر بعض المصابين بهذه الحالة أعراضاً مرضية متفاوتة بحسب المرحلة التي يمرون بها.
فمن القلق إلى الذعر؛ يمكن أن تُنتِج هذه المواقف مشاعر وعواطف الخوف قبل الضوضاء، وفي وقت حدوثها وحتى بعد انتهائها، وقد تشمل أيّاً من التالي:
- القلق.
- الغثيان.
- آلام الصدر.
- الخوف الشديد.
- ضيق في التنفس.
- الصراخ أو الإغماء.
- التعرق أو الشعور بالدوار.
- زيادة معدل ضربات القلب.
وغالباً ما يتخذ الشخص المصاب بالخوف من الأصوات العالية تدابيرَ لتجنبها في حياته اليومية؛ ما من شأنه التأثير في قدرته على أداء مهامه اليومية وعيش حياته بصحة وعافية.
ما الأساليب العلاجية المناسبة للخوف من الأصوات العالية؟
قد تشمل خيارات علاج هذا الرهاب أيّاً من الآتي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): حيث يدخل المريض خطةً علاجية تتضمن التحدث إلى مختص نفسي؛ ما يساعده على تحدي الأفكار والسلوكيات المتعلقة بهذه الحالة والتي لم يستطع التكيف معها أو مواجهتها.
- العلاج بالتعرّض: يتسم هذا الأسلوب بمساعدة المريض من خلال خلق بيئة آمنة يواجه فيها مخاوفه بمساعدة مختص في الصحة النفسية والعقلية. واعتماداً على الموقف؛ يمكن أن يتم ذلك بصفة تدريجية عن طريق التعرض المُتخيّل أو التعرض الواقعي أو التعرض بتقنيات الواقع الافتراضي.
- تقنيات الاسترخاء: فقد يعمل المريض بنفسه على ممارسة أساليب حركية أو عقلية تدفعه للشعور بالاسترخاء مثل اليوغا والتأمل واليقظة الذهنية؛ والتي يمكن أن تساعده على الهدوء وتقود لنتائج علاجية أفضل.
- الأدوية: قد تتضمّن بعض الخطط العلاجية وصف الأدوية التي قد تساهم في السيطرة على أعراض مرضية معينة مرتبطة بهذه الحالة؛ كالتغيرات الجسدية التي تطرأ قبل أو في أثناء أو بعد التعرّض لتلك المخاوف.
ختاماً؛ يجب ألا ننسى أن غالبية المشاعر المُحفِّزة للمخاوف والهلع الشديد وغير العقلاني من الممكن علاجها، وأن التعرّف عليها وعلى وجودها من حولنا هو من أول الخطوات العملية التي تساعدنا في التصدي لها والتغلّب على آثارها الجسدية والنفسية والعقلية.
ومن المعلوم أن هذه الحالة قد تظهر لدى الصغار والكبار بأعراض مرضية مختلفة؛ ما يستدعي العمل بصورة جدّية على حماية من هم حولنا منها قدر استطاعتنا، حتى نساعدهم على تحقيق أعلى مستويات الصحة والعافية.