تؤثر الحالة النفسية في الشهية للطعام، سواء بالسلب أو الإيجاب، وقد تؤثر بالتبعية في زيادة الوزن أو فقدانه. وفي بعض الحالات قد يكون الطعام ملجأً للتشتيت عن الضغط النفسي، فيكتسب البعض وزناً دون أن يدري السبب.
ويشير أحد الأبحاث البريطانية إلى وجود صلة وثيقة بين الصحة النفسية والوزن، وأكدت الدراسة التي أجرتها الباحثة ميكا كيفيماكي من كلية لندن الجامعية واستمرت لمدة 19 عاماً على أكثر من 4 آلاف مشارك، على وجود ارتباط قوي بين الصحة النفسية واحتمالية الإصابة بالقلق والاكتئاب وزيادة الوزن والسمنة.
وبيّنت الدراسة أن زيادة نوبات القلق والاكتئاب تتناسب طرداً مع زيادة الوزن. لكن السؤال الذي يطرحه الأطباء هو: "من يأتي أولاً؟ هل الضغط النفسي يؤدي إلى السمنة، أم أن السمنة تسبب الضغط النفسي والاكتئاب؟". ورداً على هذا السؤال يقول الطبيب النفسي غريغوري سيمون إن الارتباط بين الاكتئاب والسمنة وثيق جداً لكنه غير متأكد من يأتي أولاً.
ويضيف إن هناك أسباباً منطقية تجعل الاكتئاب يتسبب في السمنة، وأخرى تجعل السمنة تتسبب في الاكتئاب، ويعتقد أن كليهما يسبب الآخر. ويرى سيمون بناءً على دراسة أجراها عام 2006، إن زيادة الشهية وانخفاض النشاط البدني؛ وهما من أعراض الاكتئاب ومسببات السمنة والوصم المتعلق بزيادة الوزن، يسببون الاكتئاب. ليس ذلك فحسب، فقد بيّن المعهد الوطني للصحة النفسية في اجتماع عام 2005، ارتفاع مستويات السمنة لدى المصابين بالفصام والاكتئاب.
ما أسباب ارتباط الضغط النفسي بالسمنة؟
يمكن أن يؤثر الضغط النفسي والتوتر في الحفاظ على أوزانكم الصحية، ويمكن أن يمنعكم أيضاً من فقدان الوزن. ويمكن أن يكون السبب هو زيادة هرمون الكورتيزول الذي ينتج كاستجابة للقلق، أو السلوكيات غير الصحية المرتبطة بالقلق والتوتر مثل زيادة نهم الطعام، وتناول أطعمة غير صحية.
ولمعرفة الآلية التي يتسبب فيها هرمون الكورتيزول في زيادة الوزن؛ يجب العلم أولاً أن هناك استجابة طبيعية للجسم تسمى الكر والفر، كرد فعل طبيعي للتعرض للخطر بشكل فعلي أو متخيل، وهي تحتاج بالطبع لطاقة. فعند التعرض للقلق والإجهاد تفرز الغدة الكظرية هرمونيّ الأدرينالين والكورتيزول، ونتيجة لذلك يرتفع مستوى الغلوكوز في الدم؛ وهو المصدر الأساسي للطاقة في الجسم.
والكورتيزول هو هرمون غلوكوكورتيكويد؛ ويُطلق هذا الاسم على الهرمونات التي تفرزها الغدة الكظرية، وتعمل الهرمونات من تلك العائلة كمضادات للالتهابات وتتسبب في إعادة توزيع الأنسجة الدهنية البيضاء في منطقة البطن. وهؤلاء الذين يتعرضون بشكل كبير لمستويات عالية من الغلوكوكورتيكويد يصابون بالسمنة.
كيف يتسبب الضغط النفسي في عادات غذائية سيئة؟
لا يتسبب التوتر والقلق في تغيرات هرمونية فحسب؛ لكن قد يدفعكم أيضاً لسلوكيات غذائية غير صحية قد تقود إلى اكتساب الوزن ومن هذه السلوكيات:
- الأكل العاطفي: وهو الإقبال على الطعام ليس بدافع جوع حقيقي؛ إنما لتشتيت الذهن عن مشاعر سيئة من قلق أو توتر.
- الإقبال على الوجبات السريعة، أو أي طعام في متناول اليد: كمحاولة أخرى لتشتيت الذهن عن القلق.
- عدم ممارسة الرياضة.
- انخفاض عدد ساعات النوم: قد يقل عدد ساعات نومكم إذا كنتم تشعرون بالقلق، وقد أثبتت الأبحاث وجود علاقة بين انخفاض عدد ساعات النوم وبطء عملية الأيض.
اقرأ أيضاً: ممارسة هذه الرياضات ستساعدك في التغلب على المشاعر السلبية
كيف يمكن السيطرة على الأكل بدافع القلق؟
تبعاً لموقع مايو كلينيك ففي أوقات التوتر الشديد؛ قد يصعب الحفاظ على السلوكيات الصحية للأكل، فيلجأ البعض للطعام لتلبية احتياجات عاطفية وليست جسدية. ولمنع زيادة الوزن التي تنتج عن الأكل بدافع القلق؛ قد يكون عليكم اتباع النصائح التالية:
- تعرفوا إلى العلامات التحذيرية للضغط النفسي؛ مثل القلق وتوتر العضلات.
- اسألوا أنفسكم دائماً قبل الأكل هل أنتم جائعون فعلاً، أم أنكم تأكلون هرباً من موقف موتر، أو شعور سيئ.
- إذا كنتم تأكلون لتتخلصوا من مشاعر سيئة؛ ابحثوا عن مصدر آخر للتشتيت غير الطعام.
- احرصوا على تناول الوجبات في موعدها، خاصةً وجبة الإفطار. يمكنكم أخذ قطعة من الفاكهة وأنتم في طريقكم إلى العمل، لتتناولونها بدلاً عن الطعام غير الصحي.
- احرصوا على اتباع نظام غذائي صحي يحتوي على حبوب كاملة وخضروات وفواكه.
- سجلوا سلوكيات الأكل التي تقومون بها في مفكرة، أو على تطبيق على الهاتف لتتمكنوا من معرفة أنماط هذه السلوكيات كي تسهل السيطرة عليها.
- احرصوا على ممارسة الرياضة فمن شأنها أن تقلل التوتر.
- عليكم بشرب الكثير من الماء لأن المخ كثيراً ما يخلط الجوع بالعطش.
- ابحثوا عن الدعم عند الأصدقاء والأحبة.ر
- احصلوا على ساعات نوم كافية.
- الجؤوا إلى أساليب بسيطة للتخلص من التوتر والضغط النفسي مثل ممارسة اليوغا، قراءة كتاب، ممارسة المشي أو تربية حيوان أليف.
وختاماً؛ إذا فشلتم في السيطرة على الضغوط النفسية التي تنتابكم وتدفعكم لتناول الطعام بشراهة، فيجب عليكم زيارة طبيب نفسي.