كيف أتحكم في مشاعري التي تقودني؟

4 دقائق
القدرة على التحكُّم في المشاعر

كم مرة شعرت أنك مدفوع بمشاعرك القوية، وغير قادر على التحكُّم بانفعالاتك؟ كم مرة شعرت أن مشاعرك هي من يتولى زمام القيادة، وأنك -لا حول لك ولا قوة- منساق لما تمليه عليك؟

على الرغم من أن اختبار المشاعر المختلفة هو أمر طبيعي تماماً؛ حيث تجعل العواطف المختلفة حياتنا نابضة ومثيرة؛ فإن عدم القدرة على التحكُّم في المشاعر له آثار سلبية عدة على صحتنا النفسية وعلاقاتنا الاجتماعية.

وفي حين أن حُسن التعبير عن تلك المشاعر يوطّد العلاقات، فإن عدم القدرة على التحكُّم بها قد يهدمها ويخلق صراعات وصعوبة في التواصل مع الآخرين.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر الخوف على صحتنا الجسدية والنفسية؟

عدم التحكم بالمشاعر والأرق

إن فقدان السيطرة على المشاعر في موقف ما، لا يؤثّر فقط في ذلك الموقف وتلك اللحظة؛ بل يمكن أن تمتد آثاره لفترة أطول، ويتسبب في اضطرابات أخرى.

في دراسة سويدية من جامعة أوريبرو، لتوضيح ما إذا كان هناك رابط بين القدرة على التحكُّم في المشاعر والأرق؛ أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين يفقدون القدرة على تنظيم عواطفهم والتحكُّم في مشاعرهم، هم أكثر عرضة للإصابة بالأرق.

أُجريت الدراسة على 2,333 من البالغين، ووجد الباحثون أن انخفاض القدرة على تنظيم العواطف كان مرتبطاً بنسبة 11% بزيادة خطر الإصابة بنوبة أرق، أو المعاناة من الأرق المستمر.

اختلاف الاستجابة العاطفية بين الشباب وكبار السن

من الطبيعي أن تختلف الاستجابة العاطفية من شخص لآخر؛ حيث يتقاطع الأمر مع الصفات الشخصية للفرد، والبيئة المحيطة، بالإضافة إلى عوامل أخرى. كذلك؛ يحدث هذا الاختلاف بين مرحلة عمرية وأخرى.

فبينما تتحدث عن أمر ما يزعجك بشدة مع شخص أكبر سناً، قد تجد أن انفعالاته أقل بكثير مما كنت تتوقع؛ لا يعني ذلك بالضرورة أنه لا يشعر بما تشعر به؛ لكن اختبار المشاعر والاستجابة لها يختلفان بين الشباب وكبار السن، كما أوضحت دراسة إسبانية من جامعة كاستيلا لامانشا حاول الباحثون من خلالها التوصُّل لمدى اختلاف الاستجابة العاطفية بين الشباب وكبار السن باستخدام مقاطع الأفلام؛ والتي أثبتت فعاليتها في استثارة العواطف وتحفيز الحالة المزاجية.

من خلال التجربة؛ شاهدت عينة من 57 مشاركاً من كبار السن و83 شاباً مجموعة من الأفلام، وتمت دراسة ردود أفعالهم؛ حيث كانت المشاعر المستهدفة هي: الاشمئزاز، والخوف، والحزن، والغضب، والمتعة، والتعاطف وكذلك البقاء محايداً.

أظهرت النتائج أن استجابة الشباب وكبار السن للمحفّزات الإيجابية والسلبية مختلفة، فقد عانى كبار السن من المشاعر السلبية بشكل مكثّف أكثر من الشباب؛ خاصة عند الاستجابة لمقاطع الفيديو التي تثير  الاشمئزاز، والخوف، وكذلك حالات الحزن، والغضب، والتعاطف.

تشير الدراسة أيضاً إلى أن كبار السن يستجيبون بشكل مكثّف لبعض المحفّزات التي تنطوي على مشاهد من الظلم الاجتماعي أو حالة فقدان أحد الأحباء؛ ما يفسّر زيادة اهتمامهم الانتقائي الذي يركز بشكل خاص على المحفزات الإيجابية، وتجنب الأخرى السلبية. ومع ذلك، فقد استطاعوا التعافي بسهولة أكبر من تأثيرات تلك المحفّزات العاطفية السلبية.

على الجانب الآخر؛ أظهر الشباب مزيداً من الإثارة استجابةً لمحفِّز الخوف. كما أوضحت الدراسة أن الشباب يركّزون بصورة أكبر على المعلومات السلبية أكثر من كبار السن؛ ما قد يؤدي إلى مستويات أعلى من الإثارة، كما أنهم أبلغوا عن معدلات استثارة أعلى من كبار السن استجابة لمقاطع أفلام التسلية.

الهدف من التحكم في المشاعر

إذاً، فالتحكّم في المشاعر هو أمر ضروري لتنظيم تلك المشاعر القوية التي قد تؤثّر سلباً في حياتك وعلاقاتك المختلفة، والهدف من ذلك لا يعني قمع تلك المشاعر؛ بل تنظيمها، فأن تقمع مشاعرك هو أن تحرم نفسك من اختبار المشاعر المختلفة والتعبير عنها؛ الأمر الذي يمكن أن يتسبب في زيادة معدلات القلق والاكتئاب، وحدوث مشاكل في النوم، بالإضافة إلى صعوبة إدارة التوتر، بحسب الباحثَين الأميركيَّين في علم النفس جيمس جروس وحورية جزائري.

كما أن القدرة على التحكُّم في المشاعر ترتبط ارتباطاً إيجابياً بتحسُّن الحالة المزاجية وجودة الحياة، والنجاح المادي، وفقاً لدراسة أجراها باحثون من جامعتيّ كاليفورنيا وتورنتو.

وفي حين لا يمكن محو المشاعر السلبية؛ مثل الغضب، وخيبة الأمل، والاستياء؛ يمكن تنظيمها وكبحها عند امتلاك زمام القيادة.

اقرأ أيضاً: هل ترغب في علاقات اجتماعية وعملية جيدة؟ عزز ذكاءك العاطفي

كيف تتحكم في مشاعرك؟

في البداية؛ يجب أن تقضي بعض الوقت في ملاحظة وتقييم تأثير مشاعرك الخارجة عن السيطرة على حياتك اليومية؛ سيسهل ذلك تحديد أسباب المشكلة؛ وبالتالي السعي نحو علاجها.

على سبيل المثال؛ إذا كنت تعلم أنك ستغضب عندما تكون في عجلة من أمرك، فلا تترك الأشياء إلى اللحظة الأخيرة.

بينما تتمثّل الطرق للتحكّم في المشاعر خلال المواقف، بحسب سوزان وايتبورن؛ أستاذة علم النفس في جامعة ماساتشوستس أمهرست، في:

1. تحويل الانتباه إلى شيء آخر

على سبيل المثال؛ إذا كنت دائماً تشعر بالدونية تجاه الأشخاص من حولك والذين يبدون دائماً بمظهر رائع، ففي موقف مثل تواجدك في صالة الألعاب الرياضية، سيكون انتباهك مُسلّطاً على الأشخاص على أجهزة الأثقال الذين ينجحون في رفع ثلاثة أضعاف ما تستطيع، ولا يمكنك إلا أن تراقب بذهول وحسد ما يمكنهم إنجازه.

في تلك الحالة؛ سيساعدك تحويل تركيزك بعيداً عنهم على الشعور بثقة أكبر بشأن قدراتك الخاصة. والأفضل من ذلك؛ التركيز على ما تفعله؛ الأمر الذي سيمنحك القوة التي تريدها.

2. تغيير الأفكار

تتولّد مشاعرنا وفقاً للمعتقدات الدفينة التي نؤمن بها؛ نشعر بالحزن عندما نعتقد أننا فقدنا شيئاً عزيزاً، ونشعر بالغضب عندما نقرر أن هدفاً مهماً لم يتحقق، كما نشعر بالسعادة عندما نعتقد أن شيئاً جيداً سيحدث.

على الرغم من أنه لن يمكنك تغيير الموقف بتغيير الأفكار؛ فإنه حتماً سيساعدك على تغيير الطريقة التي تعتقد أن الموقف يؤثر بها عليك. فمن خلال إعادة التقييم المعرفي -محاولة لإعادة تفسير موقف يثير المشاعر بطريقة تغيّر معناه وتأثيره العاطفي؛ يمكنك استبدال الأفكار التي تؤدي إلى التعاسة بأفكار أخرى تؤدي إلى الفرح، أو على الأقل الرضا.

3. تغيير ردود الأفعال

إذا فشل كل ما سبق؛ حيث لا يمكنك تجنُّب أو تعديل أو تحويل تركيزك أو تغيير أفكارك، فإن الخطوة الأخيرة في تنظيم المشاعر هي التحكم في ردود أفعالك وتغيير تعبيراتك.

فإذا كان قلبك ينبض بإيقاع سريع عندما تشعر بالقلق أو الغضب؛ حاول أن تأخذ أنفاساً عميقة، وأغمض عينيك لتهدئة نفسك.

اقرأ أيضاً: كيف تمارس التأمل بشكل يومي؟

إن معرفة المحفّزات العاطفية هي الخطوة الأولى في اكتساب القدرة على التحكم في المشاعر؛ حيث تمكِّنك من تجنُّب المشاكل في المقام الأول، ثم يليها اتباع تلك الخطوات التي تعزز من بناء ثقتك في قدرتك على التأقلم في المواقف المختلفة.

المحتوى محمي