تزايد استخدام السوشيال ميديا بشكل كبير جداً في العقد الأخير، وقد أصبحت تطبيقات فيسبوك، وتويتر، وإنستغرام جزءاً لا يتجزأ من حياتنا. ووفقاً لموقع "سمارت إنسايتس" (smart insights)؛ يستخدم 57.6% من سكان العالم السوشيال ميديا، فنحن نستيقظ من نومنا لنطالع الأحداث على الفيسبوك، ونقرأ أخباراً عن كل شيء؛ عن الاقتصاد، وجرائم القتل، ونشاهد آثار الحروب لحظة بلحظة.
ليس هذا فحسب؛ بل نتابع الأخبار السيئة لأصدقاء على السوشيال ميديا، ومنهم من لا نعرفه بشكل شخصي، ومع ذلك نتورط في مشاركتهم لآلامهم، بعد أن كنا في الماضي ننتظر الجريدة كل صباح لنطالع الأخبار اليومية، ثم نتركها لنواصل حياتنا.
بالتأكيد هناك جزء إيجابي كبير لأن نكون في قلب الأحداث، ونتواصل مع الآخرين. لكن هناك عبئاً كبيراً تضعه مطالعة الأخبار السيئة على كاهلنا، وعلينا مراقبة عدد الساعات التي نقضيها يومياً على السوشيال ميديا حرصاً على صحتنا النفسية.
لكن لماذا نتأثر بالأخبار السيئة؟ وفقاً للكاتبة المتخصصة في الصحة النفسية لو ستيكس في موقع "فيري ويل مايند" (very wellmind)، فهناك رد فعل طبيعي للبشر يُسمى الكر والفر كانوا يستخدمونه عند تعرضهم لخطر أو تهديد، بناءً على المعلومات المتوفرة لديهم. وساعدهم ذلك على البقاء لعدة قرون؛ لكن الآن هناك تدفق لكثير من المعلومات أكثر من قدرتنا على التحمل.
ما هو تأثير السوشيال ميديا على الصحة النفسية؟
تؤثر السوشيال ميديا في بعض الأحيان بالسلب على الصحة النفسية، فبحسب دراسة صدرت عام 2020 للباحث مانوج كومار وآخرين، من المعهد القومي للصحة النفسية في الهند، ونُشرت في مجلة كارنت أوبينيون إن سيكايتري (current opinion in psychiatry)، فإن الاستخدام المكثف للسوشيال ميديا يسبب أعراضاً اكتئابيةً، وانخفاضَ الثقة في النفس.
كيف تؤثر الأخبار السيئة على الصحة النفسية؟
بينت إحدى الدراسات التي أجرتها الباحثة ناتاشا هوج عام 2020، من كلية علم النفس والعلوم التربوية في الجامعة المفتوحة في هولندا، ونُشرت في مجلة بريتيش سيكولوجي سوسايتي (british psychology society)، أن التعرض اليومي للأخبار السيئة، يؤثر على المزاج العام للناس وحالتهم النفسية، ويجعل البعض يشعرون بأحاسيس سيئة، وربطت الدراسة بين التعرض للأخبار السيئة، والقلق، والحزن.
كيف يمكن السيطرة على مشاعركم تجاه الأخبار السيئة؟
بحسب الكاتبة المتخصصة في الصحة سارة ليندبيرج، في موقع "فيري ويل مايند" (verywell mind)، فهناك عدة نصائح عليكم اتباعها للتقليل من وقع الأخبار السيئة التي تُنشر على السوشيال ميديا يومياً مثل:
- حددوا عدداً من الساعات يومياً لمطالعة الأخبار على السوشيال ميديا، لأنها تؤثر عليكم نفسياً، وعاطفياً.
- سجلوا شعوركم قبل مطالعة الأخبار.
- تابعوا الأخبار من مصادر موثوق منها، وابتعدوا عن المواقع التي تبث الأخبار الكاذبة.
- إذا طالعتم الأخبار السيئة، فافعلوا أي نشاط آخر صحي ومفيد - وليكن المشي.
ماذا نفعل إزاء أخبار الحروب والكوارث؟
من المهم لكل مواطن أن يتابع الأخبار التي تحدث في العالم؛ لكن حرصاً على صحتكم النفسية، فعليكم بالابتعاد قليلاً عن التعرض المستمر لأخبار الحروب والكوارث. وتقول الكاتبة المتخصصة في الصحة النفسية لاكيشا فليمنج لموقع "فيري ويل مايند" (verywell mind) بعدة خطوات لحماية صحتكم النفسية من التعرض المستمر لأخبار الحروب والصراعات.
- أغلقوا تطبيقيّ فيسبوك وتويتر لفترة: وهو ما سيمنحكم الكثير من الوقت، حيث يمكنكم الخروج من المنزل لاستنشاق الهواء، وتقليل الاكتئاب والتوتر.
- تواصلوا مع الأشخاص المتضررين بشكل مباشر إذا كانت تجمعكم علاقة: إذا كانت دائرتكم المقربة بها أُناساً متضررين من أي حادث بعينه؛ يمكنكم التواصل معهم لإظهار الدعم.
- لا تفكروا كثيراً في احتمالية حدوث الكوارث: وتضرب الكاتبة مثالاً بالحرب النووية، فهذا احتمال بعيد، لا فائدة من التفكير به.
- مارسوا النشاطات التي تساعدكم على الاسترخاء: مثل اليوغا.
وتقول عالمة النفس الإكلينيكي روبرتا بالارد لموقع (verywell mind) إنه من الطبيعي الاهتمام بالأحداث التي تجري في العالم؛ لكن المهم هو التوازن في رد فعل.
وختاماً؛ تذكروا أنكم لستم مسؤولين عن كل الكوارث والمصائب الموجودة التي في العالم. ومن المفيد دائماً عدم ترك الأخبار السيئة تتحكم في حياتكم، وتسيطر عليكم. لا يعني ذلك إنكار الواقع؛ ولكن وضع حدود لتأثير الأخبار السيئة على حيواتكم.