تُستمد المناهج التي تركز على التنمية الشخصية بصورة أساسية من علم النفس الإنساني الحالي؛ الذي شهد صعوداً في الولايات المتحدة الأميركية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ثم في الستينيات والسبعينيات في أوروبا. سعى أسلوب التنمية الشخصية إلى التخلص من "تسلط النهج التحليلي" الذي يحكم أي محاولة علاجية أو تغيير شخصي، وادعى أنه يخاطب كل أولئك الذين كانوا يبحثون عن حياة أفضل دون اعتبار أنفسهم مرضى.
كانت مناهج التنمية الشخصية متعددة الأوجه؛ إذ سعت إلى تولي مسؤولية حياة الفرد النفسية، والعقلية، والجسدية، والروحانية والمتسامية. وفي حين أن هذا الطموح قد فتح أبواب معرفة الذات على مصراعيها، فإنه قاد إلى نوع من الإفراط والتسبب بمعاناة أخرى في بعض الأحيان. ترتبط أدوات التنمية الشخصية بأسماء باحثين اشتهر كل منهم بنهج خاص به؛ مثل كارل روجرز ونهجه المتمركز حول الشخص، وفريتز بيرلز وعلاج الغشطلت، وجاكوب ليفي مورينو والعلاج بالدراما النفسية (السيكودراما)، وليونارد أور وطريقة إعادة الولادة، وألفونسو كايسيدو والعلاج بالسفرولوجيا، وإريك بيرن الذي اشتهر بنهج التحليل التفاعلي، وغيرهم كثيرون.
بالنسبة لي، فأنا أُعرّف التنمية الشخصية بأنها أي عملية تغيير أجازف من خلالها بتمكين نفسي، والتساؤل عنها لفهمها وتحفيز عوامل وجودي؛ كطريقة تفكيري ومعتقداتي ويقيني وسلوكي، بصورة يومية.
تتمحور عملية التنمية الشخصية حول 4 أقطاب رئيسة:
العلاقة مع الآخرين
كيف أقوي علاقاتي بالآخرين أو أفسدها؟ عندما يكون هناك طموح حقيقي للوصول إلى علاقات أكثر أصالةً وإبداعاً مع الآخرين، فإن برامج التدريب والتدريب الداخلي المعنية بالعلاقات الإنسانية تهتم بهذه الناحية.
العلاقة مع النفس
كيف يمكنني تطوير قدرتي لأصبح رفيقاً أفضل لنفسي، وأتوقف عن التسبب بالألم لها واضطهادها؟ يمكن أن تلبي المقترحات العلاجية -الفردية أو الجماعية- هذه التوقعات.
علاقة المرء مع قصته الشخصية
كيف يمكنني تطوير قدرة أكبر على إنشاء "روابط"، وجسور للوصول إلى معنى الأحداث في حياتي، وفهم التأثير العميق للشخصيات المهمة التي ميزت وجودي؟ ستساعدنا أساليب علاجية محددة كالعلاجات العائلية والشاملة، وطريقة علم الأنساب النفسي على فهم هذه الأمور.
العلاقة مع الله
إن إيماني بالإله وشعوري بارتباطي بهذا الكون الواسع من خلال هذا الإيمان، يعني أنه يمكنني من خلال اللجوء إلى مناهج محددة كالتأمل، وتجربة التجلي، وتمارين التنفس؛ أن أتمدد وأتسع باتساع هذا الكون بينما لا أزال في مكاني.
غالباً ما تثير عملية التنمية الشخصية شكوك المحيطين بالشخص الذي يبدأ بها ومعارضتهم؛ بل ورفضهم أحياناً. وهذه هي المجازفة بالانفتاح على التغيير، فمن خلال استجواب نفسي؛ أزعزع استقرار العادات والأنماط التي اكتسبتها من المقربين مني، ويجب أن أتوقع في بداية الأمر خوض صراعات تهدد بتعزيز وحدتي، ومواجهة صعوبات في علاقاتي.
تُمثل أي عملية تنمية شخصية مغامرةً حقيقيةً، ويمكن أن تكون عملية محيرةً ومثيرةً للقلق بسبب الاضطرابات التي تثيرها في حياة المرء كاتخاذه خيارات مهنية جديدة، وتشكيكه في التزاماته العاطفية أو الرومانسية، إلخ.
لكنها يمكن أن تكون أيضاً خطوةً رائعة؛ من خلال اكتشاف أفضل ما لدي، والإبداع الذي يمكنني أن أحصده، وطاقة الحياة التي ستزدهر بداخلي. يمكن أن تؤدي أي عملية تنمية شخصية أيضاً إلى تغيير اجتماعي. فعندما أكون سبباً في تغيير نفسي، يمكنني أن أكون سبباً في تغيير الآخرين أيضاً، فأصبح كائناً كوكبياً بالمعنى العميق للمصطلح.