ما تريده لا يريدك؟ إليك خطة الإنقاذ النفسية

1 دقيقة
تقبل الواقع
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

كثيراً ما نستهلك طاقتنا في الاعتراض على ما لا يمكن تغييره، فنزداد توتراً وإحباطاً، وفي هذه الحالة يكون التقبل هو الحل الأمثل، والذي لا يعني الاستسلام، بل استعادة السيطرة على الذات والمضي قدماً بسلام. لذا إليك خطوات عملية تساعدك على التعايش بسلام مع الأمور التي لا تستطيع…

"ما تريده لا يريدك: تأقلم!"، تصادفني من حين إلى آخر هذه الجملة المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي في سياق ساخر يدعو الفرد إلى تقبل الواقع كما هو دون محاولة جعله مثلما يريد.

وبعيداً عن السخرية التي قد تبدو قريبة من مساحة الكوميديا السوداء، هناك دعاء جميل يقول: "اللهم امنحني السكينة لأتقبل الأشياء التي لا أستطيع تغييرها، والشجاعة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها، والحكمة لمعرفة الفرق بينهما".

هذا الدعاء عندما أتأمله في لحظات إحباط أجده يعمل بفعالية، فهو فيما يبدو يعيد ضبط اتزاني النفسي ليجعلني أدرك برضا أن ثمة أموراً نسعى إلى تحقيقها لن تتحقق، وأن الندم على ما فاتني سيجعلني أخسر فرصة الاستمتاع بواقعي، فكيف إذاً يمكننا التعايش مع تلك الأمور التي لا نستطيع تغييرها؟ سنعرف سوياً.

لماذا يعد تقبل الواقع مهارة نفسية لا غنى عنها؟

سأخبرك؛ ببساطة عندما تبدأ في تقبل الواقع كما هو سيتغير نمط تفكيرك تلقائياً، لتصبح أكثر قدرة على التأقلم مع متغيرات الحياة، وسترى أن ثمة طرائق عديدة للتعامل مع الصعاب والتحديات بدلاً من السخط.

من ناحية أخرى ستكون توقعاتك واقعية أكثر، وستعرف الفرق بين تلك الأمور التي تمسك بزمامها والأمور التي لا يمكنك التحكم بها، هذا في النهاية سيجعلك تصل إلى محطة يمكنك تسميتها محطة السلام والرضا، فلن تضيع منك الأيام وأنت تفكر في كيفية تغيير الماضي، إنما ستحيا يومك بروح جديدة، روح حرة تتطلع إلى المتاح والممكن باعتباره فرصة ذهبية.

وبمرور الأيام ستبدأ في تذوق طعم السلام والسكينة وراحة البال، لأنك ستجد نفسك توجد باستمرار في مساحة: "حسناً، ما حدث سيئ، لكن ما هو أفضل شيء يمكنني فعله الآن؟".

اقرأ أيضاً: حتى في أسوأ أيامك: 5 خطوات تستعيد بها اتزانك النفسي

كيف تتعايش بسلام مع الأمور الخارجة عن سيطرتك؟

في حال كنت ترغب في التحول من الاعتراض على الواقع إلى تقبله، فهناك العديد من الخطوات العملية التي عليك البدء بتنفيذها، أهمها:

  1. لاحظ اللحظات والمواقف التي ترفض فيها الواقع وتقاومه، واعمل على تدوين المشاعر المرافقة لها لتكون واعياً بها، هل هي: الحزن أم الغضب أم التطلع للكمالية؟ ثم ابحث عن جذور هذه المشاعر لتتمكن من التعامل معها بوضوح؛ إما ذاتياً وإما بمساعدة المختص النفسي.
  2. ذكر نفسك بأن ما حدث في الماضي لا مجال لتغييره جذرياً، لكن في حال تقبله والبحث عن أفضل الطرائق للتكيف معه، ففي هذه الحالة ستكون أنت الرابح بعيشك حياة أفضل تتسم بالسلام الداخلي والهدوء.
  3. تدرب بين الحين والآخر على تهدئة عقلك وجسمك، إذ غالباً ما يرافق حالة رفض الواقع شعور بالتأهب والرغبة في أخذ رد فعل عكسي، لذا جرب ممارسة التقنيات التي تساعدك على الاسترخاء مثل تمارين اليوغا أو تمارين التنفس العميق.
  4. اصطحب معك دائماً دفتراً صغيراً تدون فيه العبارات التي تساعدك على التكيف مع الأمور التي لا تستطيع تغييرها لترددها، هذه الجمل يمكن أن تصوغها بنفسك أو تعتمد فيها على مصدر خارجي، ومن الأمثلة عليها: "أفضل حل هو أن أتقبل الأمور كما هي عليه"، أو "لا يمكنني التحكم سوى بأفعالي وردود أفعالي"، أو "في حال تقبلت واقعي سأتمكن من الشعور بالرضا والسعادة".
  5. ابحث دائماً عن المساحات الممكنة والمتاحة في حياتك لتستثمرها، فغالباً ما نضيع وقتنا وجهدنا في طرق أبواب مغلقة، متجاهلين الفرص المفتوحة أمامنا، وفي الوقت نفسه لا تنس أن تشكر الله على النعم التي تحظى بها، بدلاً من التركيز على ما ينقصك أو ما فاتك.
  6. كن موقناً بأن التعايش مع الجوانب الخارجة عن سيطرتك في حياتك يحتاج إلى وقت وصبر وممارسة مستمرة، ولن تنجح فيه بين يوم وليلة؛ لذا لا تشعر بالإحباط إن لم تتقن هذه المهارة بسرعة، لكن كن موقناً بأن الفائدة المنتظرة تستحق الصبر.

أخيراً يخبرك المعالج النفسي أسامة الجامع أن بعض أنواع الشفاء يأتي من تقبل الواقع، وبعض أنواع المرض يأتي بسبب رفض الواقع، لذا ربما آن الآوان أن تتقبل الواقع الذي أنت فيه بدلاً من محاولة تغييره، وهذا لا يعني ضعفك ولا يعني موافقتك، بل يعني أنك تريد المضي قدماً واستثمار وقتك فيما هو أكثر فاعلية.

اقرأ أيضاً: لماذا يعد تقبل ضعفك ضرورياً لتوازنك النفسي؟

المحتوى محمي