أوقف نوبة القلق بهذه الحيلة غير المتوقعة!

1 دقيقة
الحلوى الحامضة والقلق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

أشارت دراسات حديثة إلى أن مذاق الحلوى الحامضة ينشط مراكز التذوق والبلع في الدماغ، ما يوجه الانتباه بعيداً عن القلق ويقلل نشاط اللوزة الدماغية المسؤولة عن استجابة "الكر أو الفر". وبهذا تستعيد القشرة الجبهية -مركز التفكير المنطقي- قدرتها على تهدئة الجسم وترسل إشارة بعدم و…

هل يمكنك محاربة القلق ونوبات الهلع بتناول الحلوى الحامضة؟ في الواقع، لا توجد أدلة علمية موثوقة أو دراسات بحثية محكمة تثبت أن الحلوى الحامضة تخفف القلق بصورة مباشرة. لكن في الوقت نفسه، ثمة مبرران أحدهما فيزيولوجي والآخر نفسي قد يفسران قدرتها على الإسهام مؤقتاً في تخفيف القلق ونوبات الهلع. فكيف ذلك؟ 

اقرأ أيضاً: ما الفرق بين الهلع والقلق؟

كيف يمكن للحلوى الحامضة أن تخفف نوبات القلق مؤقتاً؟

الطعم الحامض محفز حسي قوي ومفاجئ، ينشط القشرة التذوقية الواقعة في الجزيرة الأمامية، والغطاء الرولاندي، إضافة إلى مناطق أخرى مسؤولة عن معالجة التذوق والانفعالات، مثل مناطق الجزيرة الوسطى والدرنة الشمية والقشرة الجبهية الأمامية البطنية الجانبية، والمناطق المرتبطة بمنعكس البلع.

وقد رصدت دراسة منشورة في دورية الدماغ والسلوك عام 2023 وجود اختلافات كبيرة في النشاط العصبي الذي يحدث استجابة لتذوق كل من الطعوم الحامضة، والحامضة الحلوة، والبرتقال، والليمون عند البالغين الأصحاء؛ إذ وجد الباحثون أن المذاقات الحامضة والحامضة الحلوة تزيد النشاط العصبي في المناطق المسؤولة عن التذوق والبلع في الدماغ، مقارنة بالنشاط العصبي الناجم عن مذاقات الليمون والبرتقال الطبيعيين على الرغم من تشابه تركيبها الكيميائي. 

إذاً، عند تذوق الحلوى الحامضة، فإن المدخلات الحسية القوية تنشط مناطق الدماغ آنفة الذكر بدرجة كبيرة. لكن ما علاقة ذلك بتخفيف القلق والهلع؟

في الواقع، عند الشعور بالقلق أو الهلع، تنشط اللوزة الدماغية، وهي المنطقة المسؤولة عن الانفعالات العاطفية، استجابة الكر أو الفر، ما يغرق الجسم بإشارات التوتر. لكن يمكن كبح استجابة اللوزة الدماغية وتحويل انتباه الدماغ من مشاعر الخوف الداخلية أو الأفكار المتسارعة إلى اللحظة الحالية من خلال الحواس؛ التذوق أو الشم أو البصر أو السمع أو اللمس.

حيث توضح الطبيبة النفسية، تويا روبرسون مور، أن المدخلات الحسية القوية، مثل الطعم الحامض، يمكن أن يحول الانتباه بسرعة إلى حاسة التذوق، ما يخفف نشاط اللوزة الدماغية، ويتيح للقشرة الجبهية، وهي مركز التفكير المنطقي في الدماغ، استعادة السيطرة.

بمجرد حدوث ذلك، يرسل جزء الدماغ المسؤول عن التفكير المنطقي إشارة إلى الجزء العاطفي بأنك لست في خطر حقيقي، ما يساعد الجسم على الاسترخاء. باختصار، يشتت الطعم الحامض الانتباه عن دوامة القلق ويحول التركيز مؤقتاً من أمر إلى أمر آخر، ما يساعد على تنظيم المشاعر.

اقرأ أيضاً: ما هي الأمراض الجسدية التي قد تسبب القلق؟

4 نصائح يجب مراعاتها إن أردت تناول الحلوى الحامضة لتقليل القلق

صحيح أن الحلوى الحامضة قد تساعد بعض الأشخاص على تقليل القلق ونوبات الهلع عن طريق إعادة تركيز انتباههم على اللحظة الحالية، لكن ينبغي الإشارة إلى عدة نقاط قبل أن تفكر في الاعتماد عليها، مثل:

  1. تذكر أنها ليست علاجاً طويل الأمد للقلق: كما أنها لا تعالج السبب الجذري للقلق أو الهلع، وإنما تعد تقنية مؤقتة قد تكون فعالة وقد لا تكون كذلك؛ لكنها غير مستدامة في الأحوال جميعها. باختصار، فكر في الحلوى الحامضة باعتبارها أداة تتناولها في حالة الطوارئ، وليست حلاً يومياً.
  2. تجنب الاعتماد المفرط عليها: لأن الاعتماد المفرط على الحلوى للتحكم في القلق قد يتحول إلى عادة سلبية للتكيف؛ وهو سلوك يمنحك شعوراً مؤقتاً بالراحة، لكنه يفاقم الضرر مع مرور الوقت. بكلمات أخرى، عندما تتناول الحلوى في كل مرة تشعر فيها بالقلق، فإن دماغك يبدأ بالاعتماد عليها للشعور بالراحة بدلاً من تعلم مهارات تنظيمية صحية، وهو ما قد يمنعك من تطوير مرونة عاطفية طويلة الأمد.
  3. راع تأثيرها السلبي في نسبة سكر الدم: الإفراط في تناول الحلوى أو تناول كميات كبيرة منها يسبب ارتفاعاً حاداً في نسبة سكر الدم يليه انخفاض حاد، وهو ما قد يسبب أعراضاً تحاكي القلق، مثل الارتعاش والانفعال وتسارع نبضات القلب.

فضلاً عن ذلك، تبين أن الأنظمة الغذائية الغنية بالسكر تؤثر سلباً في اللدونة العصبية وقد ترتبط بالضعف الإدراكي والقلق والاكتئاب، في حين أن تنظيم نسبة السكر في الدم يحسن الصحة النفسية، بما في ذلك تقليل أعراض القلق. 

اقرأ أيضاً: امش قليلاً لتتخلص من القلق الذي يراودك

  1. ادمجها مع أساليب معتمدة لتقليل القلق للحصول على راحة طويلة الأمد: مثل العلاج السلوكي المعرفي، أو تقنيات اليقظة الذهنية، أو تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق والبطيء والاسترخاء العضلي التدريجي (أي شد عضلات مختلفة وإرخاؤها بالتناوب فترات قصيرة). 

كما يمكن دمج تناول الحلوى الحامضة مع بعض الطرائق الطبيعية الأخرى التي يمكن أن تساعد على تقليل القلق، مثل الحد من الكافيين، وتناول الطعام بانتظام، واختيار وجبات متوازنة غنية بالكربوهيدرات المعقدة والبروتينات والدهون الصحية التي تثبت مستوى السكر في الدم وتدعم صحة الدماغ.

وتذكر أن النوم الجيد ضروري، فالراحة تعيد التوازن العاطفي وتقلل هرمونات التوتر. فضلاً عن أن ممارسة الرياضة بانتظام تحفز إفراز الإندورفين، ما يخفف التوتر ويحسن المزاج. وكذلك تعمل تقنيات التأمل واليوغا والعد ببطء إلى العشرة على تهدئة الأفكار المتسارعة. 

علاوة على أن ممارسة هوايات ممتعة تساعد على تحويل التركيز بعيداً عن القلق ويخلق شعوراً بالسيطرة. ومن النصائح التي يسديها المعالج النفسي، أسامة الجامع، لمحاربة اضطراب القلق هي ممارسة الزراعة والعناية بالورود والنباتات، وإطالة النظر في المساحات الطبيعية الخضراء، لما له من أثر إيجابي في مزاج الانسان والتخفيف من الضغوط بعد يوم عمل مجهد. كما أن تحديد المحفزات الشخصية، سواء كانت بيئات مجهدة أم أفكاراً محددة، يتيح التدخل المبكر والتأقلم بصورة أفضل.

وأخيراً، لتحقيق أكبر استفادة من تناول الحلوى الحامضة لتقليل القلق، حاول أن تركز على مذاق الحلوى اللاذعة في الفم، وإقرانها بأحاسيس جسدية أخرى، مثل لمس جسم قريب مثل صخرة أو قطعة ثياب أو غير ذلك، والنظر إلى 5 أشياء حولك وملاحظة شكلها ولونها، والإنصات إلى 4 أصوات مثلاً تستطيع سماعها في البيئة، والتركيز على رائحة الحلوى أو رائحتين أخريين يمكنك شمهما.

المحتوى محمي