كيف تجعل من خيالك محفزاً لإبداعك كل يوم؟

1 دقيقة
كيف تجعل من خيالك محفزاً لإبداعك كل يوم؟
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

الخيال ليس مجرد وسيلة للهروب من الواقع، بل يمكن أن يكون شرارة الإبداع التي تفتح أمامك أبواباً جديدة من التفكير والابتكار. كل ما عليك فعله هو أن تدرب عقلك على توجيه هذا الخيال نحو الإلهام العملي. إليك بعض الطرق لتجعل خيالك وقوداً يومياً لإبداعك:

  • كن فضولياً واسع إلى المعر…

"الخيال أهم من المعرفة، المعرفة محدودة أما الخيال فيحتوي العالم كله." - ألبرت أينشتاين

هل سبق أن وجدت نفسك غارقاً في خيالك في أثناء ذهابك إلى العمل أو حتى قبل خلودك للنوم؟ هل تتخيل نفسك دوماً في مكان آخر أو أنك تؤدي عملك بطريقة مختلفة؟ لا تندم على هذه اللحظات، فالخيال لا يعد هروباً من الواقع ولا رفاهية فكرية، بل هو أداة حية من أجل تحفيز الإبداع وتوليد الأفكار، كل فكرة جديدة وصلت إليك ولدت قبل ذلك الوقت داخل خيال شخص تجرأ على تصور شيء لم يره بعد، وحين تتعلم كيف تستخدم خيالك بوعي سوف يتحول مع مرور الوقت إلى محفز يومي يدفعك نحو الإبداع في العمل.

ودعني أخبرك سراً صغيراً، كنت أعتقد قبل كتابة هذا المقال أن الخيال مرتبط بالفن فقط، وهو هبة خاصة تمنح للأدباء والموسيقيين والرسامين، ولكن تبين أنه مهارة يمكن بنائها وتنميتها مع مرور الوقت، ومن خلال هذا المقال سوف نتعرف معاً إلى كيفية تحويل خيالك إلى قوة عملية ترافقك يومياً وتحفز إبداعك في العمل لتفتح لك أبواباً جديدة للتعلم والابتكار.

كيف تحول خيالك إلى محفز لإبداعك يومياً؟

يؤدي الخيال دوراً محورياً في تعزيز إبداعك، لكن دعني أخبرك حقيقة مهمة للغاية، وهي أن الخيال وحده لا يكفي، إذ يجب أن يترافق مع الانضباط والشجاعة والاستعداد للعمل، وتحمل مخاطرة الفشل، من أجل تحويل الأفكار إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، وحتى تستخدم خيالك من أجل تحفيز إبداعك يومياً، جرب النصائح التالية: 

كن فضولياً 

الفضول هو جوهر الإبداع والطريقة المثلى لاستخدام الخيال، لقد أدركت هذا الأمر وأنا أراقب أطفالي الصغار، حيث ينغمسون في كل نشاط جديد محاولين استكشاف كل شيء حوله، وحتى تغذي فضولك عليك اتباع مبدأين أساسيين هما: اطرح الأسئلة على الدوام وحاول دوماً السعي وراء المعرفة الجديدة، علاوة على ذلك، وسع آفاقك واخرج من منطقة راحتك. على سبيل المثال، استكشف أماكن جديدة وتخصصات مختلفة، فكلما تنوعت تجاربك، ازداد ثراء أفكارك. 

انتبه للعالم من حولك 

نعيش في خضم عالم رقمي ملئ بالمشتتات. على سبيل المثال، وأنت ذاهب إلى عملك في الصباح، لو راقبت المارة سوف تجد معظمهم منخرطين في متابعة شاشات هواتفهم، وأنت أيضاً قد تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، أو تتابع رسائل البريد الإلكتروني، ولكن إذا كنت تود فعلاً أن تستخدم خيالك من أجل تحفيز إبداعك، توقف قليلاً وانتبه للعالم من حولك، درب نفسك على عيش تجربة كاملة متصلة بالواقع دون انقطاع، خصص بضع لحظات يومية وشاهد العالم من حولك وراقبه.

ركز على التأمل 

خصص وقتاً في يومك من أجل ممارسة التأمل، وذلك لأنه يساعدك على تصفية ذهنك، ما يجعلك أكثر تقبلاً للتفكير الإبداعي وأقل انشغالاً بالتفاصيل المشتتة، وفي أثناء وقت التأمل ابتعد تماماً عن هاتفك، وركز على خيالك؛ يمكنك على سبيل المثال الاستماع إلى الموسيقا، أو المشي في الهواء الطلق والتركيز على أصوات الطبيعة.

كن مستعداً للمخاطرة 

حتى لو تمكنت من استعمال خيالك من أجل تحفيز إبداعك، لكنك كنت تخشى الفشل أو تشك في نفسك؛ فلن تتمكن من العثور على أفكار جديدة وخلاقة في عملك، لهذا تعلم أن تكون مستعداً للمخاطرة، فالإبداع يحتاج إلى الحرية حتى ينمو، ومن ثم عليك بالمخاطرة وتجربة أساليب مختلفة لزيادة إبداعك، يمكنك ابتكار أفكار جديدة لتحديد مدى نجاحها، حيث تتيح لك هذه العملية صقل أفكارك ومشاركتها مع الآخرين لتحسين سير العمل.

انتبه للتفاصيل الصغيرة 

إذا كانت لديك مهمة جديدة في العمل، ركز على التحضير والبحث جيداً وهذا سوف يساعدك على التفكير في التوصل إلى أفكار جديدة من وجهات نظر متعددة، وحتى تصل إلى تلك الأفكار انتبه جيداً للتفاصيل الصغيرة خاصة في مرحلة العصف الذهني وجمع المعلومات.

حفز عقلك 

لا يقتصر تعزيز الإبداع على التفكير وبناء العادات الإيجابية والتركيز على الخيال؛ حيث يتفاعل العقل البشري بطريقة إيجابية مع أنواع أخرى من الأنشطة، بما في ذلك التحفيز الحسي؛ لهذا فكر في إضافة المزيد من الألوان إلى محيطك وخزانة ملابسك، أو الاستماع إلى موسيقى جديدة في أثناء العمل، أو حتى التسجيل في دورات الفخار أو الرسم، وذلك لأن التعرض لأشياء جديدة ذات صوت ورائحة وملمس مختلف يمكن أن يحسن جودة تفكيرك الإبداعي في العمل.

عزز عقلية النمو 

أحياناً قد تعتقد أن الإبداع محدود يقتصر على فئة معينة من البشر، وفي هذه الحالة ربما عليك أن تراجع عقليتك وتحاول تعزيز عقلية النمو، وهي الاعتقاد بإمكانية تطوير القدرات والإبداع والذكاء بالجهد والتعلم والمثابرة، ويعد تبني هذه العقلية أمراً بالغ الأهمية للتغلب على الحواجز الداخلية، مثل الشك الذاتي والخوف من الفشل، فبدلاً من النظر إلى التحديات على أنها عقبات، تراها فرصاً للتعلم والنمو.

تعرف إلى أهم معوقات التفكير الإبداعي

حتى تتمكن من استخدام خيالك وتطلق العنان لإمكاناتك الإبداعية، يجب عليك أن تتعرف إلى أهم معوقات التفكير الإبداعي، والتي تتجسد في: 

  1. الخوف من الفشل، وخاصة حين توجد في بيئة عمل ترسخ الخوف من ارتكاب الأخطاء، وقتها تصبح أكثر تجنباً للمخاطرة، ولهذا تفضل الأفكار التقليدية الآمنة على الأفكار الجريئة والمبتكرة. لكن استشاري الطب النفسي، محمد اليوسف، ينصح بضرورة ألا تسمح للخوف من الفشل أن يعوقك عن شرف المحاولة، وحتى تعيش حياة إيجابية ثرية مليئة بالإبداع تعلم أن تواجه مخاوفك وتهزم شبحها داخلك، وتمتلك الشجاعة لتحمل أي ألم نفسي أو شعور سلبي تحمله لك الحياة.
  2. انعدام الأمان النفسي والإحساس بالخوف من حكم الآخرين والتعرض للنقد أو السخرية.
  3. الشك الذاتي وانعدام الثقة بالنفس؛ فإذا كنت لا تؤمن بذاتك، فمن الصعب أن تصدق أن ما تفعله يسير في الاتجاه الصحيح.
  4. التمسك الصارم بالروتين؛ حيث إن إنجاز الأشياء بالطريقة نفسها وفي الوقت نفسه وباستخدام الأدوات نفسها دون تغيير أي شيء قد يصبح عقبة رئيسية أمام الإبداع.
  5. التركيز المفرط على الكمال يعوق التفكير الإبداعي ويجعلك ترهق نفسك في التفكير مع عدم القدرة على اتخاذ الخطوات اللازمة.
  6. المشتتات، وتعد من أكبر عوائق الإبداع اليومي، وهناك طريقتان للتعامل مع التشتت: التخلص منه، أو تحسين قدرتك على التركيز على الرغم من وجوده. 
  7. ضيق الوقت واقتراب المواعيد النهائية، ويمكن القول إن الإبداع واستخدام الخيال يحتاجان إلى حرية، كما يحتاجان إلى الوقت من أجل التفكير والتأمل، لهذا إذا كنت مسؤولاً عن عدة مشاريع معقدة، أو حتى كنت شخصاً يوازن بين الكثير من المهام، فإن ضغوط الوقت قد تضعف التفكير الإبداعي.

اقرأ أيضاً: "الفوضى علامة الإبداع": ما صحة هذه المقولة علمياً؟

ما هو الخيال؟ وكيف تتوثق علاقته بالإبداع؟ 

في زوايا حياتك اليومية الهادئة، غالباً ما يكون الإبداع خاملاً، مختبئاً خلف عاداتك اليومية الروتينية المستمرة؛ تستيقظ من نومك، تتناول فطورك على عجل، ثم تتوجه إلى العمل، تنجز مهامك بسرعة، وتعود، كأنك تعيش في خضم أنماط آمنة ومألوفة، وعلى الرغم من ذلك، في مكان بعيد بين تلك الأنماط المتكررة، ينتظرك الخيال، وعادة ما يتجسد في اللفتات الصغيرة والأفكار اليومية العابرة التي لا توليها اهتماماً.

ويشير عالم النفس، سكوت باري كوفمان، إلى أن الخيال يساعد الأفراد على استكشاف "ما يمكن أن يكون" بدلاً من التقيد بـ "ما هو موجود بالفعل"، ويمكن القول إن الخيال يرتكز على تصور شيء جديد ذهنياً، بينما الإبداع هو إنتاج أفكار أصيلة أو نتائج ملموسة بنشاط باستخدام الخيال مع التنفيذ العملي.

وقد تظن أن الإبداع هبة فريدة تمنح لقلة من الأفراد، لكن الحقيقة هي أن الإبداع هو عملية معرفية معقدة ودقيقة، ومتاحة لأي شخص يرغب في التفاعل معها، وعادة ما ترتكز هذه العملية على الخيال؛ حيث إن الإبداع يحدث عندما يتخذ خيالك أو الأفكار التي تدور في ذهنك شكلاً ملموساً موجوداً في العالم. 

وعندما تبدع، فإنك تقدم شيئاً جديداً لم يكن موجوداً من قبل، ويمكن أن يظهر هذا في أشكال متنوعة، مثل الرسم والكتابة، أو الرقص والطبخ، وقد يتجلى الإبداع في مكان العمل من خلال فكرة جديدة تعبر عنها أو حل تقترحه من أجل مشكلة عاجلة، أو فرصة تغتنمها. 

اقرأ أيضاً: هل يولد الإنسان مبدعاً أم إن الإبداع سمة مكتسبة؟

أي جزء من الدماغ يتحكم في الإبداع والخيال؟

يؤدي كل من الإبداع والخيال دوراً مهماً في المهن والهوايات جميعها، ويمكن القول إن المصطلحين ليسا مترادفين، وإن كانا يذكران غالباً معاً؛ حيث يتضمن الخيال محاكاة الصور الذهنية والأفكار والمفاهيم الجديدة والأحاسيس دون أي تدخل من الحواس، أما الإبداع فيرتكز على تحويل هذه التصورات إلى شيء جديد على أرض الواقع. ومن أهم المناطق الدماغية المسؤولة عن عملية تحفيز الإبداع: 

  1. قشرة الفص الجبهي، حيث يشرف جزء من قشرة الفص الجبهي، يسمى القشرة الجبهية البطنية الأنسية، على تنظيم العواطف والتأمل الذاتي، وكلاهما يحفز العملية الإبداعية اليومية.
  2. الجهاز الحوفي، وهو مجموعة من هياكل الدماغ تقع بجوار المهاد وتحت القشرة المخية، وتساعد هذه الهياكل على التحكم في عواطفك ودوافعك، ويعد الحصين واللوزة الدماغية، وكلاهما جزء من هذا الجهاز، مهمين على نحو خاص للإبداع والخيال.

اقرأ أيضاً: 5 خطوات عملية تنقلك من عقلية الندرة إلى عقلية الوفرة

في النهاية، يجب القول إن استخدام الخيال بطريقة يومية من أجل تحفيز الإبداع لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن المنطق، بل يعني دمج التفكير الخيالي مع المنطقي من أجل إثراء جوانب حياتك المختلفة. وفي الوقت الذي تخوض فيه غمار الحياة العصرية المليئة بالتكنولوجيا، عليك أن تتذكر أن الطريق لا يرتكز على المنطق فحسب، وإنما الخيال والإبداع هما اللذان يجعلاننا بشراً؛ فمن خلالهما نجد شجاعة الابتكار ومتعة التعبير عن النفس.

المحتوى محمي