البحث عن المعنى في العمل ليس رفاهية بل سر البقاء فيه!

1 دقيقة
البحث عن المعنى في العمل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

يشير باحثون من جامعتي جدة والقدس المفتوحة إلى أن المعنى في العمل أصبح عاملاً حاسماً في بقاء الموظفين أو رحيلهم، إذ وجدت دراستهم أن غياب الرضا النفسي يضعف الإنتاجية ويدفع نحو الاستقالة. في المقابل، تؤدي الممارسات الداعمة مثل المرونة وفرص التعبير والانتماء إلى تعزيز الصحة…

يسعى البشر إلى العمل في وظائف تضمن لهم دخلاً عادلاً ومزايا جيدة ضمن بيئة عمل صحية، لكن في الوقت الحاضر ظهر جانب بدأ يأخذ أهميته بنسبة متزايدة، ألا وهو الشعور بالمعنى في الوظيفة التي يعمل بها الفرد.

وهذا البعد مؤثر لأنه قد يدفع بعض الأشخاص إلى البقاء في وظائفهم أو مغادرتها، وذلك حسب دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة جدة بالتعاون مع باحثين في جامعة القدس المفتوحة ونشرت في سبتمبر/أيلول 2025، توصلوا من خلالها إلى أن الموظف المرهق أو غير الراضي نفسياً تتراجع إنتاجيته وقد يفكر في ترك وظيفته، ما جعلهم يؤكدون أن الممارسات الداعمة مثل المرونة، وإتاحة فرص تعبير الموظفين عن أنفسهم، إلى جانب شعورهم بالمعنى والانتماء إلى عملهم، جميعها عوامل مؤثرة تسهم في تحسين الصحة النفسية للموظفين ورفع أدائهم.

من هنا نصل إلى تساؤلات في غاية الأهمية، أهمها: ما هي الفوائد التي ستعود على الموظف في حال عمله بوظيفة يدرك معناها؟ وكيف يمكن له أن يصل إلى هذه النقطة؟ هذا ما سنجيب عنه في مقالنا.

لماذا من المهم أن تشعر بمعنى عملك؟

الشعور بمعنى ما تفعله قيمة ليست هينة، إذ يشير المختص في الإرشاد النفسي طارق العصيمي إلى أن قوة المعنى في الحياة قد تخلصك من كثير من الأمراض النفسية في مقدمتها الاكتئاب، لذا من المهم أن تجيب عن سؤال مهم في كل صباح هو: ما هو الهدف الذي تستيقظ لأجله؟ وبالطبع ستشتبك الإجابة إلى حد كبير بما تفعله في عملك.

وحتى تصل إلى إجابة وافية شافية، فعليك أن تعي أن ما تفعله في عملك يشكل إلى حد كبير هويتك ويصنع علاقتك بذاتك، فإذا كان لعملك معنى فإنه بالتبعية سيكون لحياتك معنى؛ وذلك ناتج عن أن الجزء الأكبر من اليوم غالباً ما يقضيه الأفراد في أماكن عملهم، وحتى عندما يغادرونها فإن طريقة تفكيرهم في حياتهم اليومية تكون مرتبطة بآلية عمل أدمغتهم في عملهم.

ذلك البعد المعقد يعد سبباً رئيسياً من أسباب ظاهرة الاستقالة الكبرى التي دفعت بعدد كبير من الأشخاص إلى مغادرة وظائفهم، والبحث عن فرص يؤمنون بأهميتها وتسمح لهم بتحقيق أهدافهم، أي بصياغة أبسط يسعون وراء العمل في وظيفة تكون مؤثرة في مجتمعهم، وتساعدهم على الاستفادة القصوى من مهاراتهم وقدراتهم الإبداعية.

وفي حال وصولهم إلى تلك الفرصة فإن مجرد شعورهم بأنهم يسهمون في تغيير العالم إلى الأفضل يمكن أن يحفزهم للعمل باستمرار ويدفعهم للرغبة في تجاوز العقبات مهما كانت صعوبتها، وهذا ما يؤثر من ناحية أخرى في تعزيز ثقتهم بأنفسهم وأيضاً شعورهم بالانتماء لمجتمعهم ورغبتهم في التواصل بفعالية مع المحيطين بهم، وأيضاً يكونون أكثر تطلعاً إلى اكتسابهم مهارات جديدة، وجميع ما سبق يؤدي تلقائياً إلى تحسن صحتهم النفسية، ومن ثم ارتفاع إنتاجيتهم واستقرارها.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن يساعدك العلاج بالمعنى على تخطي شعور الإحباط؟

كيف تعثر على المعنى في عملك؟

حتى تكون الصورة أوضح، ينبغي أن تعلم أن عملية البحث عن المعنى في عملك تعد رحلة مستمرة من الاكتشافات المتتالية، لكن المهم أن تأخذ الخطوة الأولى فيها، وحتى تنجح في ذلك إليك مجموعة من الإرشادات الفعالة:

  1. ابدأ بطرح أسئلة مختلفة لتعرف ذاتك، مثل: ما هي اللحظات الفارقة في حياتك؟ ما هي الأفلام أو الكتب التي أثرت في بناء شخصيتك؟ من هو الشخص الذي تعتبره قدوتك؟ ولماذا؟ ما الذي يغضبك؟ ما هو النشاط المفضل لك في طفولتك؟ إذا لم يكن عليك العمل لكسب لقمة العيش فماذا كنت ستفعل في حياتك؟ ما هو أكثر شيء تعتقد أنك ماهر فيه؟
  2. اكتب أكثر القيم أولوية بالنسبة لك، ثم تخيل أنك في الثمانين من عمرك، وفكر فيما إن كنت ستعتبر نفسك قد عشت وفق هذه القيم أم لا؟ أيضاً انظر إلى ما تفعله اليوم لتقيم مدى سعادتك وفخرك به.
  3. لا تتردد في اتخاذ تغييرات تساعدك على الاقتراب مما تتمناه، على سبيل المثال جرب أن تطلب من مديرك أن يسند إليك بعض المهام التي تراها ملائمة لمهاراتك وقدراتك.
  4. لا تستعجل التغيير وكن على يقين بأنه لن يحدث بين يوم وليلة إنما يحتاج إلى مجموعة من الخطوات الصغيرة التي بمرور الوقت ستحدث تغييراً جذرياً في حياتك.

اقرأ أيضاً: ما معنى أن تحب نفسك؟ وكيف تفعل ذلك في حياتك؟

المحتوى محمي