هل يقول مديرك هذه العبارات السبع؟ انتبه، إنها تدمرك نفسياً

6 دقيقة
مدير يستنزفك نفسياً
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

قد تبدو كلمات المدير عادية في ظاهرها، لكنها أحياناً تحمل بين طياتها رسائل خفية تستنزف طاقتك النفسية وتجعلك تشكك في ذاتك. في بيئات العمل السامة، تستخدم العبارات اللطيفة وسيلة للسيطرة، وتتحول النصائح إلى أدوات ضغط تجعلك تشعر بالذنب أو بالتقصير. إليك أبرز الجمل التي تكشف ع…

لا يوجد بيئة عمل مثالية، ما يعني أنك قد تواجه بعض الضغوط من وقت إلى آخر، لكن هناك بيئات عمل تستنزفك نفسياً. ولا يقتصر هذا الاستنزاف على ضغط المواعيد النهائية، أو العمل ساعات إضافية، إنما قد يمتد ليشمل مديرك في الفريق الذي يكرر بعض الكلمات دون أن ينتبه إلى أثرها العميق؛ فبعض الكلمات قد تقال من قبيل التوجيه أو التحفيز، لكنها تحمل بين طياتها رسائل سلبية تجعلك تتحول مع مرور الوقت من موظف عادي إلى شخص مرهق نفسياً، فما هي تلك الكلمات التي إذا قالها مديرك فهي تؤكد أن العمل بصحبته يستنزفك؟ الإجابة ستجدها في هذا المقال.

7 عبارات إذا قالها مديرك فهي تؤكد أن العمل معه يستنزفك نفسياً

يعد المدير السيئ من أهم الأسباب التي قد تدفعك إلى ترك العمل، وعلى الرغم من عدم وجود مؤشرات واضحة تخبرك في بداية العمل إذا ما مديرك سيكون سيئاً أو جيداً، فإن هناك بعض العبارات التي يستخدمها المدير في المحادثات العابرة والتي تكشف الكثير عن طريقته في العمل، وإليك أهم العبارات التي إذا قالها مديرك فهي علامات تحذيرية مهمة تخبرك أنه يستنزفك نفسياً:

1. لا أريد رؤية المشكلات ولكن أريد حلولاً

عندما يستخدم مديرك عبارة مثل "لا أريد المزيد من المشاكل، بل أريد حلولاً"، فهذا يعني في الواقع أنه يريد موظفين يتبعون تعليماته دون نقاش، ومن غير استخدام أي مهارة من مهارات التفكير النقدي، ولكن دعني أخبرك حقيقة مهمة في مجال العمل؛ من دون المشكلات، والحوار الصحي، والنقاش، والصراع، ومحاولات التوصل معاً إلى حلول فعالة لن تتطور في عملك، وحين تصل إلى الحل الذي يرغب المدير في تطبيقه لن يكون حلاً عملياً وربما تتفاقم المزيد من المشاكل في المستقبل.

2. نحن عائلة في بيئة العمل

عندما يخبرك مديرك في العمل أنكم بمثابة "عائلة" في الفريق فهذا يعني أنه سيطلب منك بذل المزيد من الجهد من أجل أداء المهام حتى لو كان هذا الجهد مضاعفاً ويستلزم الكثير من الوقت، لأن هذا ما يفعله أفراد العائلة بعضهم من أجل بعض، وعلى الجانب الآخر، فإن عبارة "نحن عائلة" في بيئة العمل تعني طمس الحدود الفاصلة بين العمل والحياة الشخصية، وهو الأمر الذي قد يتجسد في بعض السلوكيات المرهقة مثل الرد على رسائل البريد الإلكتروني في غير أوقات العمل، أو أن تأخذ مشروعك المتأخر وتنجزه في بيتك.

وعلى الرغم من إمكانية بناء علاقات صحية مع زملائك في المكتب، وإيجاد مجتمع مترابط في مكان العمل، فإن توقع أن تخاطر برفاهية عائلتك ووقتهم، وعلاقاتك الشخصية من أجل "أسرة العمل" أمر غير مستدام وغير صحي، ويمكن أن يسبب الاحتراق النفسي.

اقرأ أيضاً: زملاء العمل ليسوا عائلتك: 6 نصائح لبناء علاقات مهنية متوازنة

3. احضر إلى العمل وأنت مريض 

حين تخبر مديرك في العمل أنك تمر بوعكة صحية ولا تستطيع القدوم، هل يطلب منك تحمل المرض والقدوم إلى العمل على أي حال؟ أم يسمح لك بأخذ قسط من الراحة؟ في حال طلب منك القدوم إلى العمل وأنت مريض فهذا يعني أنه يستنزفك نفسياً، قد تتحمل الأمر وتذهب إلى العمل، لكن بمرور الوقت سوف يتراكم لديك شعور قوي بالاستياء، ما يؤثر في إنتاجيتك سلباً.

ووفقاً لما أكدته دراسة بحثية نشرتها مجلة علم النفس المهني والتنظيمي في 2023 فإن الموظفين الذين يحضرون إلى العمل طوعاً في أثناء مرضهم قد يكونون منتجين بالقدر نفسه، ولكن عندما يجبرهم رئيسهم على الحضور، فإنهم لا ينتجون أبداً ويستنزفون طاقاتهم بسرعة، ما يعني أن مديرك في العمل يجب أن يحترم حياتك الشخصية وسلامتك ويقتنع بأنك إنسان، ولست روبوتاً.

4. أنا دائماً أعمل دون راحة

يعطي المدراء الجيدون الأولوية لتوازن العمل والحياة الشخصية لفريقهم، سواءً كان ذلك بتمكينهم من أخذ إجازات، أم احترام إجازاتهم المرضية، أم حتى منحهم مساحة للمغادرة مبكراً بعد قضاء الأسبوع كله في العمل الجاد داخل أروقة المكتب، ولكن ليس كل المدراء جيدين، فهناك المدير الذي يحاول أن يجعل أعضاء فريقه يحسون بالذنب مؤكداً لهم أنه يعمل ساعات إضافية، ويرد على رسائل البريد الإلكتروني خارج أوقات العمل، ولهذا إذا كان مديرك يردد عبارة "أنا هنا دائماً أعمل" لإشعارك بالذنب ودفعك إلى إرهاق نفسك دون تقدير، فإن العمل معه سوف يستنزفك نفسياً لأنه لا يراعي احتياجات فريقه إلى الراحة.

5. لا توجد لدينا توصيفات وظيفية 

على الرغم من أن عدم وجود توصيفات وظيفية أو فكرة واضحة عن طبيعة العمل قد يبدو أمراً جيداً للوهلة الأولى، وهو دليل على بيئة عمل متعددة المهارات وداعمة ومحفزة للإبداع والتعلم، فإن هذا الأمر غالباً ما يتيح للمدراء السيئين فرصة استغلال موظفيهم. على سبيل المثال، فكرة عدم وجود توصيفات وظيفية قد تجعل مديرك في العمل يثقل كاهلك بالكثير من المهام والمشاريع التي لا تستطيع إنجازها، وفي هذا السياق يمكن القول إن تعدد المهام المختلفة أو التبديل المستمر بين المهام لا يجعلك أكثر إبداعاً، بل على العكس تماماً؛ يؤدي إلى انخفاض إنتاجيتك بالعمل.

اقرأ أيضاً: 5 علامات جسدية ونفسية تؤكد أنك تعمل في بيئة سامة

6. أريدك أن تصبح أكثر ولاءً للفريق

التعاون في العمل مهم، سواء بين الزملاء في الفريق أم رؤسائهم، وعلى الرغم من ذلك، عندما يستخدم المدير عبارة مثل "أريدك أن تكون عضواً أكثر ولاءً للفريق" فهذا قد يعني أنه يحاول إشعارك بالذنب حتى تبقى متأخراً بعد ساعات العمل، أو تتحمل أعباء مهام ثقيلة، أو لا تستخدم رصيد إجازاتك المستحقة، ومع مرور الوقت يمكن لهذا الضغط أن يولد مشاعر الاستياء والإحباط ويجعلك تحس بالاستنزاف النفسي.

7. أنت تأخذ الأمور على محمل شخصي 

في حين أن الحساسية المفرطة، وأخذ الأمور على محمل شخصي في العمل قد يضعفان من رفاهية الموظفين وإنتاجيتهم وتركيزهم، فإن المدير الذي يستخدم عبارة كهذه بانتظام لإهانة موظفيه وإرهاقهم في العمل يعد مديراً ساماً؛ تخيل معي أنه يرفض إجازاتك باستمرار، ويكلفك بأعباء عمل فوق طاقتك، ثم يطلب منك أن تتوقف عن أخذ الأمور على محمل شخصي، وقتها عليك أن تدرك تماماً أن مديرك يستنزفك.

كيف يؤثر مديرك السيئ في صحتك النفسية وأدائك بالعمل؟

إن وجود مدير سيئ ليس مجرد مصدر إزعاج بسيط، بل هو أمر قد تكون له آثار ممتدة في حياتك المهنية والشخصية، منها على سبيل المثال:

  1. ضعف الرضا الوظيفي.
  2. تدني الثقة بالنفس وتقدير الذات.
  3. الشعور بالإرهاق النفسي والاحتراق الوظيفي.
  4. اختلال التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
  5. ضعف الروح المعنوية بين أعضاء الفريق.
  6. ارتفاع معدل دوران الموظفين.
  7. انخفاض الإنتاجية.
  8. تفاقم مشاعر القلق، والاكتئاب، ومشكلات الصحة النفسية الأخرى.

6 نصائح وإرشادات فعالة تساعدك على التعامل مع مديرك الذي يستنزفك نفسياً

مشكلة التعامل مع المدير السيئ ليست في تراكم أعباء العمل فحسب، لكن ثمة مشكلة أكبر وهي أن بيئة عملك تتحول شيئاً فشيئاً إلى بيئة سامة باعثة على التوتر والقلق، ما يدفعك مع مرور الوقت إلى التشكيك في قدراتك وثقتك بنفسك وأدائك بالعمل، وحتى تتعامل مع المدير الذي يستنزفك نفسياً، جرب النصائح والإرشادات التالية:

1. حلل الموقف جيداً 

قبل القيام بأي شيء آخر، خذ بعض الوقت لتحليل الموقف، واسأل نفسك؛ هل أنت وحدك من يشعر بأن هذا المدير يستنزفك نفسياً؟ ما رأي زملائك في الفريق؟ هل اشتكى أي شخص آخر بصورة رسمية أو غير رسمية؟ هل الإدارة العليا لرئيسك على دراية بموقفه؟ هل يكرر مديرك عباراته التي ذكرناها سابقاً بطريقة مستمرة أم في بعض أوقات ضغط العمل فحسب؟ حين تجد الإجابات لهذه الأسئلة يمكنك أن تتعامل حينها بوضوح مع الموقف.

2. تحدث إلى مديرك وضع حدوداً واضحة 

بعد تحليلك للموقف جيداً، إذا أدركت أن مديرك بالفعل يستنزفك نفسياً، فقد حان وقت وضع الحدود والالتزام بها، ولهذا اطلب من مديرك أن تتحدثا معاً، وأخبره بوضوح ما أنت مستعد للقيام به وما لست مستعداً له، على سبيل المثال، اشرح له بوضوح أنك لن تتحقق من رسائل البريد الإلكتروني خارج أوقات العمل الرسمية، ولن تنجز أي مهام متأخرة في البيت، وفي أثناء إجراء المحادثة، انتهز الفرصة وتعرف إلى دوافع مديرك، وفي حال كان يتعرض لبعض الضغوط بسبب اقتراب المواعيد النهائية يمكنكما مواءمة التوقعات معاً وإيجاد حلول مرضية للجميع.

3. ركز على العناية بنفسك 

اعتن بنفسك خارج العمل؛ على سبيل المثال، جرب ممارسة الرياضة، والتأمل، وقضاء الوقت مع أصدقائك وأفراد عائلتك، وإنجاز أشياء تسعدك، وبالإضافة إلى ذلك، تأكد من حصولك على قسط كاف من النوم، وتناول طعاماً صحياً. ويمكن القول إن تخصيص الوقت من أجل العناية بنفسك سوف يسهل عليك التعامل مع ضغوط العمل، ويذكرك بأن العمل لا يحدد قيمتك ولا يتحكم في شعورك بالسعادة والرضا.

وفي هذا السياق، يوضح المعالج النفسي، أسامة الجامع، أن ضغط العمل يمكن أن يسبب التوتر وآلام العضلات واضطرابات النوم، وينصح الجامع بضرورة التركيز في اللحظة الحالية، لهذا عد إلى منزلك، أغلق هاتفك ولا تفعل شيئاً، استمتع فقط بجلستك الحالية، وتخل لحظات عن المسؤوليات الملقاة على عاتقك.

اقرأ أيضاً: حتى في أسوأ أيامك: 5 خطوات تستعيد بها اتزانك النفسي

4. أعد بناء عقليتك 

أنت لا تستطيع التحكم في كل شيء ضمن بيئة عملك، لكنك مسؤول عن كيفية استجابتك لها. لا أطلب منك هنا تجاهل السمية أو غض الطرف عن تصرفات مديرك في العمل، ولكن حاول قدر الإمكان التركيز على ما يمكنك إدارته، مثل أفعالك وكيفية اختيارك لرد فعلك.

على سبيل المثال، إذا أخبرك مديرك في العمل أنك تأخذ الأمور على محمل شخصي، حافظ على هدوئك، وخذ فترة راحة والتقط أنفاسك، وتذكر أن هذا الوضع مؤقت. بعد ذلك، يمكنك أن تطلب الدعم والمساعدة سواء من أحد زملائك أم من قسم الموارد البشرية في الشركة.

5. كون شبكة دعم داخل العمل وخارجه

حين تشعر بأنك عالق داخل علاقة سيئة مع مديرك، ليس عليك الاستسلام للموقف. وبدلاً من ذلك، كون علاقات مهنية أخرى مع مدراء محتملين، سواء داخل مؤسستك أم خارجها. حيث إن تعزيز هذه العلاقات البديلة قد يفتح آفاقاً جديدة لفرص العمل والتواصل مع أشخاص موثوق بهم، وعلى الجانب الآخر، استعن بأصدقائك وأفراد عائلتك المقربين في الحصول على الدعم والمحبة، وذلك حتى يذكرونك بنقاط قوتك والإنجازات التي حققتها في مسارك المهني.

6. اعرف متى تتوقف عن المحاولة

أحياناً مهما بذلت من جهد لا يتغير الوضع أبداً، ومن ثم يستمر مديرك في ترديد كلماته التي تستنزفك نفسياً، وتتحول بيئة عملك شيئاً فشيئاً إلى بيئة سامة باعثة على القلق والتوتر، والحقيقة أن قرار المغادرة ليس قراراً سهلاً، خاصة إذا كنت تعمل في هذا المجال منذ فترة أو تعتمد على الوظيفة لتحقيق الاستقرار المالي، لكن في بعض الحالات قد تكون تكلفة البقاء عالية جداً، وتضر بصحتك النفسية والجسدية، ووقتها عليك أن تعرف أن أوان المغادرة قد حان.

المحتوى محمي