هل كل كلمة تجرحك؟ إليك كيف تعالج هذه المشكلة

5 دقيقة
تعليقات الآخرين
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

كم مرة شعرت بالإحباط والضيق الشديد في نهاية يومك بسبب ملاحظة من مديرك في العمل أو تعليق من صديق؟ كم مرة جلست مع نفسك وحللت كل نبرة صوت للمحيطين بك وكل نظرة عين؟ إذا كانت إجابتك "كثيراً" فهذا يعني أنك تأخذ الأمور على محمل شخصي، والحقيقة أن معظمنا يهتم بما يعتقده الآخرون عنا، ولكن يجب ألا تترك تلك الاعتقادات تعوق حياتك وتجرح مشاعرك ظناً منك أن الآخرين يتعمدون إلحاق الأذى بك، وحتى تتوقف عن أخذ الأمور على محمل شخصي، تابع قراءة المقال.

ماذا يعني أن تأخذ الأمور على محمل شخصي؟ 

إن أخذ الأمور على محمل شخصي أشبه بحمل حقيبة ظهر عاطفية ثقيلة ومليئة بمواقف غالباً لا علاقة لك بها، وقد يؤدي حمل تلك الحقيبة باستمرار إلى تفاقم مشاعر القلق والتوتر، وتشويه إدراكك للواقع، كما أنها تشوش حكمك، وترهق علاقاتك، وتستنزف طاقتك، وتعوق نموك الشخصي وذلك من خلال منعك من تحليل المواقف بموضوعية.

ويمكن القول إن الأشخاص الذين يأخذون الأمور على محمل شخصي غالباً ما يسيئون تفسير تعليقات الآخرين أو أفعالهم، ويظنون دوماً أن تصرفات الآخرين مرتبطة بهم حتى لو لم تكن كذلك، تخيل أن مديرك في العمل انتقد تنفيذ إحدى مهامك، وقتها قد تظن أنه ينتقدك شخصياً ولا يفضل العمل معك.

اقرأ أيضاً: هل تأخذ الأمور على محمل شخصي باستمرار؟ إليك الأسباب المحتملة

كيف تعرف أنك تأخذ الأمور على محمل شخصي؟

أضحى العالم متصلاً بشدة عبر التكنولوجيا الحديثة، ولهذا تتدفق الآراء والتعليقات بحرية تامة ودون رقابة عبر منصات التواصل الاجتماعي ولهذا أصبح من السهل أخذ الأمور على محمل شخصي سواء تجسد ذلك في تعليق ساخر من زميل عمل، أو انتقاد قاس من صديق مقرب، وعلى الرغم من ذلك، هناك بعض العلامات المهمة التي تخبرك بأنك تميل إلى أخذ الأمور على محمل شخصي أكثر من اللازم، ومن أهم هذه العلامات

  1. تسعى دائماً للحصول على موافقة الآخرين.
  2. تعتبر أي خطأ سلوكي عيباً في شخصيتك.
  3. تصدق كل التعليقات القاسية عن نفسك وتأخذها على محمل الجد.
  4. تتخذ موقفاً دفاعياً أو تغضب بسهولة.
  5. تفرط في الاعتذار بلا داع.
  6. تواجه صعوبة في وضع الحدود والحفاظ عليها.
  7. لا يمكنك قول "لا" للآخرين.
  8. اجترار الموقف المزعج مراراً وتكراراً ساعات طويلة بعد انتهائه.

7 نصائح فعالة لتتوقف عن أخذ الأمور على محمل شخصي

تعلم عدم أخذ الأمور على محمل شخصي لا يعني تجاهل آراء الآخرين أو فقدان الإحساس العاطفي، بل يعني إدراك أن قيمتك لا تتحدد بمزاج الآخرين أو كلماتهم أو توقعاتهم، وحتى تتوقف عن أخذ الأمور على محمل شخصي، جرب النصائح التالية: 

اعترف بمشاعرك واسمح لها بالظهور 

حين يغمرك شعور ما عليك أن تسمح له بالظهور، المشاعر لا تناقش، وإنما تقبل كما هي وبعدها يمكنك التعامل مع أفكارك، لهذا دع المشاعر السلبية تأتي، وتقبل أنها جزء من رد الفعل في هذه اللحظة، اعترف بعدم الراحة وأي مشاعر أو أحاسيس سلبية أو غير مريحة أخرى. ذكر نفسك أنها ستزول في النهاية، وأنك سوف تتعلم أساليب وطرق التعامل معها بفعالية.

تحد افتراضاتك 

عندما تلاحظ أنك منزعج من أفعال الآخرين أو أقوالهم، توقف لحظة وتحد الأفكار التي تدور في ذهنك. بتحدي هذه الافتراضات، قد تدرك أنك تنظر إلى الواقع بطريقة غير صحيحة، على سبيل المثال، تخيل أن مديرك في العمل انتقد أداءك. في هذه الحالة، وقبل أن تعصف الأفكار داخل ذهنك، اسأل نفسك الأسئلة التالية: 

  • هل حدث لي هذا عمداً؟
  • هل أنا شخص مفرط الحساسية؟
  • ما هي التفسيرات الأخرى لتصرف المدير؟
  • هل بالغت في ردة فعلي تجاه الموقف؟

افصل قيمتك الذاتية عن تصرفات الآخرين 

يتصرف الأشخاص معظهم انطلاقاً من مخاوفهم أو معتقداتهم أو تجاربهم السابقة أو الضغوط التي يمرون بها، ولهذا حين يهاجمك أحدهم بقسوة أو يتصرف بفظاظة، فغالباً ما يكون ذلك صورة لصراعه الداخلي، وليس لقيمتك، ولهذا حاول قدر الإمكان فصل هويتك وقيمتك الذاتية عن سلوك الآخرين.

طور وعيك الذاتي 

كلما عرفت نفسك أكثر زادت قوتك في مواجهة كلمات الآخرين، وحتى تطور وعيك احرص على تدوين مشاعرك، وتأمل في ردود أفعالك، وحافظ على حوار مفتوح مع نفسك، وعلى الجانب الآخر، لا تنس بناء ثقتك بنفسك؛ وعندما يكون لديك شعور قوي بقيمتك الذاتية، تقل أهمية الآراء الخارجية، ومن ثم، لا تحتاج إلى تصديق مستمر.

ويمكن القول إن بناء الثقة بالنفس يستغرق وقتاً، وعادة ما يبدأ بتحديد نقاط قوتك وتقبل عيوبك دون خجل، على سبيل المثال اسأل نفسك: "لماذا يزعجني هذا؟" وحين تكون صادقاً مع نفسك قد تكتشف أن تحفزك تجاه آراء الآخرين وأخذك الأمور على محمل شخصي نابعان من مخاوفك الذاتية العميقة وليس من كلام الآخرين.

غير نغمة حديثك مع نفسك 

يمكن أن يثقلك الحديث السلبي مع نفسك، ويحاصرك في سجنك المؤلم، كما أنه يضر بأدائك في العمل ويرهقك نفسياً وعاطفياً، لهذا أعد صياغة حديثك السلبي ومارس التعاطف مع نفسك، وتحدث إلى نفسك بإيجابية، تعرف إلى نقاط قوتك ومواهبك، وأضف بعض الأنشطة المبهجة إلى يومك حتى تشعر بالتحسن تجاه نفسك، يمكنك على سبيل المثال أن تمارس الامتنان، وذلك بأن تكتب 3 أشياء تشعر بالامتنان لها في حياتك أو خلال يومك.

اقرأ أيضاً: حديث النفس: لماذا أتحدث إلى نفسي كثيراً؟

أحط نفسك بأشخاص إيجابيين

حين تحيط نفسك بأشخاص إيجابيين، ستزداد ثقتك بذاتك وستكون أكثر سعادة لأنك تقضي وقتك مع أشخاص يحسنون معاملتك، لهذا تخلص من الأشخاص السامين أو قلل وجودهم في حياتك، وتعرف إلى آخرين جدد يبادلونك الدعم.

توقف عن القلق المفرط بشأن رأي الآخرين فيك 

السبب الذي يجعلك تأخذ كلام أحدهم عنك على محمل شخصي هو أن تكون موافقة الشخص الذي تتعامل معه مهمة جداً بالنسبة لك، والحقيقة التي يجب عليك إدراكها أنه ليس من الضروري أن يحبك الجميع، بالإضافة إلى ذلك، لن يمكنك بأي حال من الأحوال التحكم في رأي الآخرين بك، وحتى لو اتبعت القواعد جميعها، سوف يظل رأي الآخرين خارج نطاق تأثيرك، لهذا صدقني لا داعي للقلق.

تول مسؤولية حياتك 

إذا كنت تأخذ الأمور على محمل شخصي بطريقة مستمرة فهذا يعني أنك تركز جداً على الآخرين، تنظر إلى نفسك بأعينهم، وتفكر مراراً وتكراراً في تعليقاتهم، ثم تشك في نفسك، والحل هنا لا يكمن بأي حال من الأحوال في إسكات الآخرين، لن يصمت الآخرون، ولن تتوقف تعليقاتهم، لذلك تول زمام الأمور.

وفي هذا السياق، ينصحك الطبيب النفسي، عاصم العقيل، بألا تتوقع أن ينتبه لك أحد أكثر من نفسك، ولن يحرص أحد على مصالحك ومستقبلك سواك، لهذا تول مسؤولية حياتك، وانتق علاقاتك بما يتناسب مع شخصيتك، وتعود أن تقول "لا" لكل الأشياء التي لا تناسبك، وركز على أهدافك ورتب وقتك.

ما هي الأسباب التي قد تدفعك إلى أخذ الأمور على محمل شخصي؟

هناك العديد من الأسباب المختلفة التي قد تدفعك إلى أخذ الأمور على محمل شخصي، ومن ثم سوء تفسير تصرفات الآخرين، أهمها: 

السعي المفرط إلى الكمالية

يميل أصحاب الشخصية الكمالية إلى الالتزام بمعايير عالية على نحو غير واقعي، ما يسبب ضغوطاً لا داعي لها، ولهذا حين تكون شخصاً يسعى بشدة إلى الكمال فسوف تأخذ كافة التعليقات والملاحظات سواء من مديرك في العمل، أم من أصدقائك وأفراد أسرتك على محمل شخصي، لأنك تظن وقتها أنك فشلت في تلبية التوقعات التي فرضتها على نفسك.

تدني احترام الذات 

يؤدي تقدير الذات دوراً محورياً في كيفية تفسيرك للملاحظات الخارجية واستيعابك لها. على سبيل المثال، حين تعاني تدني احترام الذات سوف تكون أكثر عرضة لأخذ الأمور على محمل شخصي لأنك تعتبر النقد تأكيداً على تصورك عن نفسك، وما تعانيه من قصور ونقص، ما يعني أنك تسقط معتقداتك وأفكارك عن نفسك على الآخرين مفترضاً أنهم يسيئون إليك.

صدمات الطفولة المبكرة 

تشكل التفاعلات والعلاقات المبكرة مع الوالدين معتقداتك عن نفسك وعن الآخرين، لهذا إذا كنت تتعرض للكثير من النقد أو الرفض أو عدم القبول في الطفولة، فسوف تصبح أكثر حساسية تجاه تعليقات الآخرين، وذلك بسبب شعورك المترسخ داخلك بعدم الاستحقاق. 

نمط التعلق القلق 

نمط التعلق القلق هو أسلوب تعلق يجعلك تحس بالقلق الشديد فيما يخص علاقاتك مع الآخرين، حين تحتاج إلى طمأنينة مستمرة وغالباً ما تخاف من الهجر، وتربط قيمتك الشخصية بعلاقاتك مع الآخرين، وبسبب هذا النمط من التعامل فأنت تأخذ الأمور على محمل شخصي، ولديك فرط حساسية تجاه تصرفات الآخرين وتعليقاتهم، وغالباً ما تفسر المواقف العادية على أنها تهديدات خطيرة.

اقرأ أيضاً: 5 إرشادات فعالة للتغلب على التعلق القلق

الوجود في بيئة سامة 

قد يجعلك الوجود في بيئة سامة أكثر عرضة لأخذ الأمور على محمل شخصي، حتى مع الأشخاص غير السامين، ولهذا إذا كنت معتاداً على قسوة الآخرين أو كنت منخرطاً في علاقة مؤذية، فقد تفسر سلوكيات الآخرين بطريقة خاطئة وتظن أنهم يهاجمونك من فرط الهجوم الذي تتعرض له في بيئتك. 

الشعور بالإرهاق والتوتر 

تخيل أنك ذهبت إلى عملك بعد ليلة مرهقة لم تحصل فيها على قسط كاف من النوم، أو تخيل أن لديك الكثير من المهام، ويجب أن تقدم عرضاً تقديمياً أمام رئيس مجلس الإدارة، وسواء كنت تحس بالإرهاق جراء قلة النوم، أم تشعر بالتوتر والقلق بسبب الخوف، ففي كلتا الحالتين قد تأخذ الأمور على محمل شخصي؛ لأنك وقتها تفقد القدرة على النظر إلى الأمور بموضوعية.

المحتوى محمي