كيف تتسبب الرموز التعبيرية في محادثات العمل بإساءة فهمك؟

متى كانت آخر مرة أضفت فيها وجهاً مبتسماً أو أي رمز تعبيري آخر باعتباره بديلاً للكلمات في رسالة إلى رئيسك أو زملائك في العمل؟ الحقيقة أن الرموز التعبيرية برزت بصفتها أدوات مفيدة وفعالة من أجل نقل المشاعر والتعبير عنها في البيئات المهنية، كما أنها تساعد في إضفاء لمسات إنسانية إلى محادثات العمل الرقمية، خاصة مع تراجع التواصل وجهاً لوجه لصالح التواصل عبر العالم الرقمي، وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن تسبب الرموز التعبيرية مشاكل مثل سوء الفهم وعدم الاحترافية؟ فلماذا تحدث تلك المشاكل؟ وكيف تستخدم الرموز التعبيرية باحترافية في محادثات العمل؟ الإجابة عبر هذا المقال.

ما هي أهم إيجابيات استخدام الرموز التعبيرية في محادثات العمل؟

الرموز التعبيرية هي أشكال صغيرة تشبه الرسوم المتحركة، مستوحاة من رموز القصص المصورة اليابانية، ومصممة للتعبير عن المشاعر عبر التواصل الرقمي، وغالباً ما تستخدم الرموز التعبيرية لإضفاء لمسة فكاهية على المحادثات الرقمية، وخاصة أنها ترسل إلى شخص لا يستطيع رؤية لغة جسدك، وتعبيرات وجهك. وفي بيئة العمل، قد تساعد الرموز التعبيرية على كسر الحواجز في التواصل الرسمي، كما أنها تملك بعض الإيجابيات الأخرى مثل:

1. إضفاء لمسة شخصية على عملية التواصل

استخدام الرموز التعبيرية في بيئة العمل يعزز التواصل مع الآخرين بصورة أفضل، لأن الرمز التعبيري يحفز الجانب الإنساني لدى الأشخاص، كما أنه يساعد على بناء شعور الانتماء، ويخلق جواً أكثر إيجابية. وتشرح مختصة علم النفس، ليندا كاي، أن اختيار الرمز التعبيري المناسب يغير بصورة كاملة معنى الجملة التي يتضمنها، وتضيف كاي أن الرموز التعبيرية تحل محل إيماءات الرأس والجسم وإشارات اليد الموجودة في التواصل المباشر.

2. تعزيز الشعور بالصدق 

عادة ما تجسد الرموز التعبيرية تعبيرات صادقة عن المشاعر، تخيل معي أن زميلك في العمل يواجه وقتاً عصبياً أو يمر بمشكلة، وقتها لن تتمكن من تقديم الدعم المباشر له عبر الربت على كتفه، ولكن لو أرسلت قلباً مع رسالتك قد يتفهم دعمك ورغبتك في مساعدته وتقديم العون له، ومع مرور الوقت، قد تقرب الرموز التعبيرية بينك وبين زملائك، وهو الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز الإبداع، حيث يؤكد المعالج النفسي، أسامة الجامع، أن العلاقات الجيدة تجعل للحياة معنى وطعماً وتفسح المجال للإبداع، كما تجعل بيئة عملك مثالية وإيجابية.

3. تحسين التواصل والتفاعل 

يمكن للرموز التعبيرية أن تعزز تفاعل زملاء العمل، حيث إن الرسائل التي تحتوي على رموز تعبيرية تكون أكثر قابلية للقراءة والتذكر، وفي هذا السياق، يؤكد أستاذ اللغويات بجامعة بانجور في المملكة المتحدة، ومؤلف كتاب "شفرة الرموز التعبيرية" فيفيان إيفانز أن الرموز التعبيرية تغير كيفية تفسير الشخص للنص المكتوب، كما أنها تسهل التواصل بفعالية أكبر.

4. الوضوح وسهولة إيصال المعنى 

تساعد الرموز التعبيرية في الكثير من الأوقات على إيصال المعنى المطلوب بوضوح مع مراعاة الأسلوب والسياق، وهذا مفيد بصورة خاصة في التواصل الكتابي حيث تغيب الإشارات غير اللفظية.

اقرأ أيضاً: لماذا يفضل جيل زد التواصل باستخدام الرسائل النصية بدلاً من المكالمات الهاتفية؟

5. توفير الوقت 

إذا تمكنت من استخدامها على نحو صحيح، فإن الرموز التعبيرية سوف توفر عليك الكثير من الوقت، ففي بعض الأحيان قد يغنيك رمز تعبيري واحد عن كتابة جملة كاملة، ويسهل عليك التواصل اليومي مع الآخرين في العمل. على سبيل المثال، إذا كنت تتواصل رقمياً باستمرار مع الكثير من الأشخاص على مدار اليوم، فالرموز التعبيرية سوف تساعدك كثيراً، تأكد فقط من أنك تستخدم الرمز الصحيح، وأن هذا الرمز يحمل المعنى نفسه لدى الجميع في الشركة.

كيف يتسبب استخدام الرموز التعبيرية بمحادثات العمل في إساءة فهمك؟

تؤكد مختصة علم النفس، ليندا كاي، أن الأشخاص الذين يستخدمون الرموز التعبيرية بصورة شائعة عادة ما يكونون أكثر تعاطفاً مع الآخرين، ويسهل التعامل معهم، وعلى الرغم من ذلك، كلما زاد وعي الأشخاص بأنفسهم قل استخدامهم للرموز التعبيرية، ويمكن القول إن الرموز التعبيرية تسهل التواصل ولكنها على الجانب الآخر يمكن أن تسبب سوء الفهم، وذلك للأسباب التالية:

1. الرموز التعبيرية ليست لغة عالمية موحدة، فالرمز الذي قد ترسله لأحد زملائك يمكن أن يفسره على نحو مختلف، خاصة لو كان زميلك من ثقافة أخرى مختلفة عن ثقافتك. على سبيل المثال، هناك رمز "الغمزة" قد يفسره أحد الأشخاص بأنه يعبر عن الود واللطف، وقد يراه آخر شكلاً من أشكال التحرش في العمل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تفسير الرموز التعبيرية يختلف من جيل إلى آخر. على سبيل المثال، جيل الألفية يستخدم رمز القلب أو الإبهام للتعبير عن الموافقة أو التقدير، فيما يستخدم جيل زد رمز النار التعبيري من أجل تجسيد فكرة الحماس أو الموافقة، تخيل معي أنك تتواصل مع زميل من جيل زد، وأرسل لك رمز النار التعبيري، وقتها قد لا تفهم قصده، ومع مرور الوقت وعوضاً عن أن تكون الرموز التعبيرية أداة لتعزيز التواصل قد تؤثر بالسلب في ذلك التواصل.

2. الرموز التعبيرية تقلل الاحترافية في محادثات العمل، وقد لا تكون مناسبة لجميع أنواع المحتوى، كما أن الإفراط في استخدامها قد يجعل التواصل يبدو غير مهني. على سبيل المثال، حين يطلب منك مديرك في العمل أداء مهمة محددة من غير المقبول أن ترد عليه برمز تعبيري.

اقرأ أيضاً: هذه العبارات تكشف لك التواصل العدواني في العلاقات

6 نصائح تساعدك على استخدام الرموز التعبيرية بفعالية في محادثات العمل

لا يوجد سبب يمنعك من استخدام الرموز التعبيرية في بيئة العمل، وعلى الرغم من ذلك، عليك الحفاظ على احترافيتك، وذلك عبر اتباع النصائح التالية:

1. تعرف إلى ثقافة الشركة التي تعمل بها 

تختلف ثقافة العمل اختلافاً كبيراً بين القطاعات المختلفة، لذا ستحتاج إلى تقييم موقف شركتك من استخدام الرموز التعبيرية، وإذا لم تكن متأكداً، فاسأل زميلاً في العمل عن موقف الشركة منها، إذ قد تكون هناك سياسة خاصة بالشركة التي تعمل بها. على سبيل المثال، الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، تعتبر استخدام الرموز التعبيرية أمراً مقبولاً، أما في بيئات العمل الصارمة، مثل قطاع المالية، فقد تبدو الرموز التعبيرية طفولية أو غير لائقة.

2. تأكد من وضوح المعنى 

يعد الوضوح أمراً بالغ الأهمية عند استخدام الرموز التعبيرية في محادثات العمل، إذ يمكن للرموز التعبيرية أن تعزز التواصل ولكنها قد تؤدي أيضاً إلى سوء فهم، خاصة في بيئة عمل متعددة الثقافات؛ حيث تلعب الاختلافات الثقافية دوراً مهماً في كيفية تفسير الرموز التعبيرية. على سبيل المثال، يستخدم رمز الأيدي المتلاصقة رأسياً لأعلى للتعبير عن الامتنان والدعاء في بعض الثقافات، بينما يعبر عن الرغبة في الاعتذار في ثقافات أخرى، ولهذا من أجل تجنب سوء الفهم، ضع في اعتبارك ثقافة المتلقي وتأكد جيداً من وضوح المعنى.

3. افهم السياق جيداً

قبل استخدام الرموز التعبيرية، حاول إجراء تقييم شامل للشخص الذي تتواصل معه وسياق تفاعلك، ويمكن القول إن العلاقات المهنية تتطلب طرق تعامل مختلفة. على سبيل المثال، إذا كنت تتواصل مع مديرك في العمل يجب الحفاظ على الرسمية والمهنية، ومن ثم استخدم الرموز التعبيرية باعتدال، وإن كان السياق لا يتطلب دمجها فلا تستعملها، وذلك على عكس التواصل مع زملائك إذ يصبح استخدام الرموز التعبيرية مقبولاً وذلك مع مراعاة الثقافات المختلفة، أما حين تتابع مع مديرك أو زملائك تطورات مهام العمل فلا تستخدم الرموز التعبيرية خاصة في نقاشات التقارير المالية والمسائل القانونية.

4. حافظ على صورتك المهنية 

تجنب استخدام الرموز التعبيرية عند إرسال رسالة تعريفية، سواء لرئيسك في العمل أو زملائك، أو عند الترحيب بزميل جديد، أو عميل محتمل؛ لأن استخدام الرموز التعبيرية في هذه الحالات يمكن أن يضعف صورتك المهنية أمام الآخرين، وبالتالي، يعوق الثقة والاحترام اللازمين لازدهار علاقتك وتطورك المهني.

اقرأ أيضاً: الانطباع الأول يدوم: كيف تبني صورة مهنية قوية وتترك أثراً؟

5. استخدم الرموز التعبيرية التي تفهمها فقط

دعوني أصدقكم القول، هناك الكثير من الرموز التعبيرية التي أقف أمامها حائرة ولا أفهم المعنى الكامن داخلها، لذلك إذا كنت تمر بالموقف نفسه، لا تستخدم رموزاً تعبيرية لا تفهم معناها، لأن محادثات العمل ليست المكان المناسب للتجربة، لذلك كن حذراً واستخدم فقط الرموز التي تفهمها والتي لا تحمل لبساً أو معاني مربكة.

6. توخ الحذر جيداً 

قبل إغراق رسائلك بالرموز التعبيرية، فكر ملياً في الموقف، وينبغي عدم استخدام الرموز التعبيرية بكثرة عوضاً عن الكلمات؛ فهي تهدف فقط إلى إضافة لمسة شخصية إلى رسالتك، ولكن من غير اللائق، خاصة في مكان العمل، إغراق المحادثات بها، فقد يظهرك ذلك شخصاً طفولياً وغير ناضج.