حاول أن تتغير لاستعادة ثقتك بنفسك. قال جان بول سارتر: "المرء ليس ما هو عليه ولن يكون كذلك"؛ هي طريقة للقول بأننا لا نمتلك ما يكفي من الثقة بالنفس؛ غير راضين أبداً عما نحن عليه، ونتغيّر باستمرارٍ.
هذه هي الطريقة التي نَنمو من خلالها ونكتَسب الثقة في الحياة؛ ولكن ما هي أفضل الظروف لتطوير هذه الثقة بالنفس أو استعادتها؟ في هذا الصدد؛ قدمت الطبيبة والمحللة النفسية؛ آلان براكونير، توضيحاتها.
علم النفس: ما هي الثقة بالنفس؟
بحسب آلان براكونير؛ الثقة بالنفس هي شعورٌ ذاتيٌّ، وتمثيلٌ للذات - فيما يتعلق بالذات، وفيما يتعلق بالآخرين على حد سواء. إنها شعورٌ ضروريٌ للغاية للعيش، وفي الواقع؛ غالباً ما يخفي الإفراط في الثقة بالنفس اضطراباً قد يؤدي إلى الإصابة باضطراب البارانويا.
وعلى العكس من ذلك؛ يمكن أن يؤدي الافتقار الشديد للثقة إلى الاكتئاب. في هذا السياق؛ تُعتبر الثقة بالنفس أساس الشخصية، ولكي تشعر بها ينبغي الجمع بين عدد معين من العناصر.
إن الرابطة العاطفية القوية المبنية على التعلق بالوالدين، ضروريةٌ لتكوين هذا الإحساس القويّ بالهوية والوجود. عندما يشعر الطفل بالدعم والتشجيع ويُنظَر إليه بحب، فإنه سيشعر لا محالة بأنه محبوب بكل ما في الكلمة من معنىً، وإذا كان محبوباً، فيمكنه أن يحب نفسه.
يُجدَّد هذا العنصر، ويُبنى طوال فترة الطفولة، وحتى طوال الحياة. فعلى سبيل المثال؛ في فترة المراهقة يقع الشاب في الحب، ويُترك لأي سبب كان، وكنتيجة لذلك؛ يعاني من وجع القلب، ومن ثم يعود ويقع في الحب مرة أخرى. هكذا؛ سيكون قد اكتسب وعزز قدرته على مواجهة الفشل.
اقرأ أيضاً: لماذا يجد بعض الناس صعوبة في الثقة بالآخرين؟
ما الذي يمكن أن يضر بالثقة بالنفس؟
نحن قادرون بشكل أساسيّ على مواجهة الصعوبات، بيد أنه من ناحية أخرى، فإن تكرار الفشل وسماع الكلمات الجارحة، سواء من قريب أو رئيس أو أصدقاء في الكلية، يقوّض هذه الثقة.وإذا كانت هذه المواقف تعكس حالةً قديمةً من الشك الذاتي والهجوم النرجسيّ، فإن الألم والصدمة سيظهران من جديد.
نرى ذلك بوضوح شديدٍ مع البالغين الذين يأتون للحديث حول مشكلة الشك الذاتي؛ والتي غالباً ما يتم التعبير عنها بعبارة "أنا لست الشخص المناسب، فأنا لا أستحق أي شيء".
غالباً ما نجد صعوبةً في السنوات الأولى من التعليم، وإذا ازدادت الثقة بالنفس طوال الحياة؛ تزداد قوة الافتقار إلى الثقة من خلال النكسات. وهكذا ندخل في حلقة مفرغة؛ حيث يؤدي الافتقار إلى الأمان إلى مخاطر عدم الأداء الجيّد؛ وهذا ما يعزز شعور الفشل وعدم احترام الذات، وينطبق ذلك على كلٍ من الأفعال والعلاقات الرومانسية أو الاجتماعية.
كيف تتم استعادة الأمن الداخلي؟
أعتقد أنه يتعين عليك "العودة إلى المسار الصحيح"، والانتقال تدريجياً من الأمور البسيطة إلى الأكثر تعقيداً. ينبغي ألا تكون طموحاتنا كبيرة وأهدافنا صعبة المنال، كما يجب أن نتجنب التصرفات التي تجرّنا إلى الفشل.
ودعنا نسلك الطرق الجانبية على غرار القيام بالأنشطة الترفيهية والرياضية والطهو، وأيّ نشاطٍ آخر. ينبغي علينا أن نجد لأنفسنا وضعيةً مريحةً وجيّدةً، حتى ولو كان ذلك في مجالٍ ما لا نشعر فيه بالرفاهية الكاملة. وهكذا؛ بصفةٍ تدريجيةٍ سنعيد الاتصال بهذه النظرة الجيدة التي يجب أن نحظى بها تجاه أنفسنا - إنه علم نفس الحياة اليومية.
أرى الكثير من الآباء الشباب اليوم، لا يثقون تماماً في قدراتهم الأبوية. إنهم لا يعرفون كيف يعتمدون على أنفسهم ومشاعرهم، وأفكارهم لتربية أطفالهم، إنهم خائفون من الخطأ. ومع ذلك؛ أعتقد بكل بساطةٍ أن النظر إلى طفلك، ومراقبة علامات الرفاهية على طفلك؛ هي أساليبٌ بسيطةٌ للغاية لتقييم قدرتك على أنك أب جيد بما يكفي.
إنّ الاعتماد على نظرة الآخر؛ على النتيجة -التي تُعتبر انعكاساتٍ كثيرةً لأنفسنا- طريقةٌ يمكن أن تساعدنا أيضاً. لدينا جميعاً حاجةٌ أساسيةٌ للاعتراف بكيَاننا، سواء من قبل والدينا أو أطفالنا أو صاحب العمل أو من حولنا.
كما تعلم، فالعالم المهني يُعتبر حقاً أحد الأسباب الرئيسية للمعاناة، خاصةً فيما يتعلق بعدم الاعتراف بالامتنان تجاه الآخر، فنحن بحاجة إلى "بث الطاقة" تجاههم. فهكذا؛ يمكننا أن نحب أنفسنا بما فيه الكفاية، وأن نستعيد الثقة بأنفسنا.
لذلك؛ دعونا لا نخاف أن نقول ذلك ونطلبه. ستكون خطوةً كبيرةً إلى الأمام، ومن ناحية أخرى؛ إذا تغيرت هذه الثقة بشدة، إلى درجة بلوغنا مستوياتٍ عاليةً من الاكتئاب، فعندئذ يكون النهج العلاجيّ -على سبيل المثال؛ التحليل النفسي- أمراً ضرورياً.
اقرأ أيضاً: 10 خطوات أساسية لزرع الثقة بالنفس عند الأطفال