كيف تحافظ على راحتك النفسية عندما تعمل من المنزل؟

6 دقائق
العمل من المنزل
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

"أنت محظوظ لأنك تعمل من المنزل"، "هل يمكنك مساعدتي لأعثر على وظيفة مماثلة لوظيفتك حتى أعمل عن بعد؟"، "صف لي المتعة التي تعيشها عندما تعمل من المنزل"، وغيرها من التعليقات المتشابهة التي سمعتها على مدار أكثر من عشر سنوات عملت في معظمها عن بعد، فواحدة من العجائب التي أسردها عند الحديث عن تجربتي المهنية أن الشركة التي عملت بها من المكتب انضممت إليها في مارس/آذار 2020 وبعد أسبوعين فقط أخبرونا أننا سنعمل من المنزل لتطبيق الإجراءات الاحترازية التي رافقت انتشار جائحة كوفيد-19 آنذاك. لكن هل تجربة العمل من المنزل وردية مثلما يراها المحيطون بي أم لها جانب مظلم يخفى عنهم؟ الإجابة بالتفصيل في هذا المقال.

ما هي عيوب العمل من المنزل؟

نشرت مجلة العمل والمهن دراسة علمية أشارت إلى أن التأثير السلبي للعمل من المنزل يختلف باختلاف طبيعة حياة الشخص، فهو يزيد الضغط على الآباء والأمهات الذين يجمعون بين عملهم ورعاية أطفالهم أو الاهتمام بكبار السن، بينما على الجانب الآخر يوفر راحة وتحكماً أفضل لكبار السن أو للأشخاص الذين لا توجد لديهم مسؤوليات أسرية.

توجد أيضاً دراسة علمية أخرى نشرتها المكتبة الوطنية الأميركية للطب استطلع من خلالها الباحثون آراء الأشخاص الذين يعملون من المنزل عن السلبيات التي واجهتهم، وكان أبرزها العزلة وعدم القدرة على رؤية زملاء العمل، وكذلك مواجهة صعوبات في التركيز أحياناً إلى جانب التعرض للإزعاج من الأشخاص الآخرين في المنزل، وعدم ممارسة الرياضة وانخفاض الحركة، إلى جانب الحاجة إلى الكثير من الجهد للمواظبة على الروتين اليومي واستكمال المهام المطلوبة، وضعف التجهيزات المكتبية اللازمة للعمل، وعدم معرفة تفاصيل العمل المطلوب. وبالطبع هناك عيب شائع؛ ألا وهو افتقاد الحد الفاصل بين الحياة العملية والشخصية، وتداخلها إلى درجة تجعل الشخص قد يعيش حياة مختلطة تشتت ذهنه وتسلبه راحته النفسية.

اقرأ أيضاً: كيف تكون لبقاً في العمل دون أن تتنازل عن حدودك؟

نظرة إلى الجانب المشرق: فوائد العمل من المنزل

الحقيقة أنني حتى اليوم إذا خيرني أحد الأشخاص بين العمل من المكتب أو العمل من المنزل أختار الأخير، وذلك أمر يعود بنسبة كبيرة إلى سماتي الشخصية؛ فأنا لا أطيق الزحام المروري أو إهدار الوقت في الذهاب والإياب من المنزل إلى العمل وما يصحب ذلك من توتر وقلق وضغط نفسي، إلى جانب أن العمل من المنزل يوفر للشخص القدرة على تخفيض نفقاته التي تذهب في بنود مثل الملابس الرسمية والوجبات التي سيتناولها في العمل، وفي الوقت نفسه يتيح له فرصة تصميم بيئة عمله وفقاً لذوقه وما يحب.

توجد أيضاً ميزة المرونة؛ فأحياناً أسافر إلى مدن ساحلية وهناك أتمكن من مباشرة عملي في مساحة عمل مشتركة على شاطئ البحر، وهي ميزة لا تتوافر في معظم الوظائف بنظام العمل من المقر، إلى جانب أنني أحياناً كنت أصاب بنزلة برد وأستطيع تأدية مهام عملي وأعتقد أنه إذا كان الأمر يتطلب ذهابي إلى المكتب وأنا بتلك الحالة الصحية فسيكون الوضع صعباً لسببين: الأول انخفاض طاقتي والثاني خوفي على زملائي من العدوى.

6 إرشادات عملية لتعيش حياة متزنة عند العمل من المنزل

في حال كنت قد حسمت موقفك وقررت الانضمام إلى معسكر العاملين من المنزل سأقدم لك مجموعة من الإرشادات الفعالة التي ستساعدك على أن تعيش حياة متزنة:

  1. حاول محاكاة أجواء العمل في المنزل، وينصحك بذلك استشاري الصحة النفسية وليد هندي موضحاً لك بعض التفاصيل؛ مثل أن تخصص غرفة للعمل وترتدي ملابس مختلفة عن ملابس المنزل، إلى جانب أن تلتزم بمواعيد استيقاظ ونوم تتلاءم مع مواعيد عملك، ويحذرك هندي من العمل من غرفة النوم حتى لا تصاب بالاكتئاب وتنخفض إنتاجيتك، بالإضافة إلى ضرورة انعزالك عن أسرتك خلال أوقات العمل.
  2. أعلن بوضوح لزملائك في العمل الأوقات التي ستوجد خلالها وتكون متاحاً للتواصل، ويمكنك الاستعانة في ذلك بالأدوات الرقمية المختلفة التي تتيح لك تنظيم وقت دوامك عن بعد.
  3. لا تهمل أخذ أوقات ترتاح فيها من عناء العمل، وفي هذا السياق أنصحك بقيلولة القهوة التي جربتها وأثبتت نجاحها معي، وتعني شرب فنجان من القهوة ثم النوم بعده مدة عشرين دقيقة، فحينها ستستيقظ نشيطاً نتيجة حصولك على تأثير الكافيين والنوم معاً.
  4. خصص وقتاً بعد العمل تمارس فيه أنشطتك المفضلة مثل رياضة المشي أو التنزه بصحبة أصدقائك، المهم ألا تقضي يومك في المنزل من بدايته حتى نهايته لكيلا تتراجع حالتك النفسية بمرور الوقت.
  5. جرب أن تكسر الروتين في بعض الأيام وتذهب للعمل من مساحة عمل مشتركة أو مكتبة أو مقهى، حينها ستجد أن حماستك للعمل قد ازدادت وربما ستكتسب بعض الصداقات الجديدة.
  6. أوقف المشتتات بأنواعها، وأشهرها إشعارات الهواتف الذكية والمكالمات غير الضرورية، ببساطة حاول تأجيل كل شيء يمكن إنجازه بعد العمل، وركز خلال أوقات دوامك على إنتاجيتك فقط.

اقرأ أيضاً: اكتئاب العمل: 5 علامات خطيرة لا تتجاهلها

المحتوى محمي