يجب أن نعلم أن الأمراض النفسية كغيرها من الأمراض تصيب أي إنسان دون تمييز، وكلما زادت ضغوط الحياة على الشخص زاد معدل الاصابة بها، فما دمنا جميعاً معرضون لها فلماذا الخجل من زيارة الطبيب النفسي؟ ولماذا نعتبر أن المرض النفسي عائق للعمل والزواج والتواصل الاجتماعي؟
محتويات المقال
تساؤلات مهمة طرحها استشاري الطب النفسي محمد شاووش في تغريدة كتبها على حسابه، وهي تمس الواقع بصورة مباشرة؛ إذ كنت شاهداً عدة مرات على مواقف لأشخاص يعانون اضطرابات نفسية لكن ما يمنعهم من الذهاب إلى المختص النفسي هو الخجل والخوف من الوصمة، وهذا ما كان يؤدي إلى تفاقم حالتهم بمرور السنين ووصولها إلى مرحلة يحتاج فيها العلاج إلى وقت أطول وجهد أكبر، لذا من الضروري أن نفكك أصل الأسطورة التي تقول بأن الذهاب إلى المعالج النفسي أمر مشين.
ما هي الأسباب التي قد تجعلنا نخجل من زيارة المختص النفسي؟
في الحقيقة، توجد أسباب عديدة تتشابك وتؤدي في النهاية إلى التراجع عن الإقدام على استشارة المختص النفسي، أهمها:
- التأثر بالوصمة المجتمعية المحيطة بالعلاج النفسي، والتفكير دوماً فيما سيقوله الآخرون، وإذا ما كانت علاقتنا بهم ستتأثر سلباً حال علمهم بخضوعنا للعلاج النفسي.
- الاعتقاد أن الذهاب إلى المختص النفسي مؤشر على ضعف الشخص، وأنه لم يعد قوياً بما يكفي لمواجهة أعباء الحياة، بينما في حقيقة الأمر تلك خرافة شائعة، فالكثير من الأشخاص الذين يتقلدون مناصب وظيفية قوية يذهبون إلى العيادة النفسية ليتمكنوا من إدارة شؤون حياتهم على الوجه الأمثل.
- الخوف من التغيير والنظر للعلاج النفسي باعتباره أحد أوجه المجهول التي يجب تجنبها احتياطاً من السلبيات المحتملة التي قد تأتي من ورائه، لكن للأسف هذا يعني المزيد من الأعباء والضغوط النفسية دون حلول فعلية.
- الاستسلام لفكرة أن المرض النفسي يمكن أن يختفي من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى علاج.
- تخمين أن العلاج النفسي مُكلف ويستغرق وقتاً طويلاً، بينما في حقيقة الأمر هناك العديد من البرامج العلاجية منخفضة التكلفة في معظم دول العالم، إضافة إلى أن الجلسة في المتوسط تستغرق 50 دقيقة وتكون بين مرة ومرتين أسبوعياً.
- عدم الرغبة في تحمل مشقة رحلة التعافي، فالعلاج النفسي قرار شجاع يحتاج إلى إجراء تغييرات شخصية والإقدام على قرارات قد تكون صعبة، هو بمثابة ميلاد جديد في الحياة لذا لا يتطلب قدراً من الالتزام والمتابعة.
- الخلط بين الصديق والمعالج النفسي، فالبعض يرون أن زيارة المختص النفسي يمكن تعويضها بجلسة مع أحد الأصدقاء، لكن في حقيقة الأمر غالباً ما يكون فهم الصديق للمشكلة أقل وعياً من المختص النفسي، فضلاً عن أنه قد يشارك المشكلة في نطاق الأصدقاء المشتركين ما يهدد الخصوصية.
اقرأ أيضاً: 7 أسباب تدفعك إلى طلب مساعدة المعالج النفسي بدلاً من الفضفضة لصديقك
متى تلجأ إلى استشارة المختص النفسي؟
هناك العديد من العلامات التي في حال ظهورها فهي تشير إلى أن من الضروري الذهاب إلى المعالج النفسي، منها:
- تكدر المزاج بشدة فترات طويلة.
- فقدان الاستمتاع بالأشياء التي كانت تمتع الشخص في السابق.
- الانسحاب من الحياة الاجتماعية والرغبة في الانعزال.
- الميل إلى عدم التواصل البصري مع الآخرين.
- النوم أكثر من اللازم، أو معاناة الأرق أياماً متتابعة.
- سرعة البكاء والحساسية الاجتماعية.
- العصبية الزائدة تجاه أمور عادية.
- عدم الرغبة في الذهاب للعمل، والميل إلى السرحان والصمت الطويل.
- سماع أشياء غير موجودة أو رؤيتها.
- ظهور أفكار لإيذاء الذات أو الانتحار.
اقرأ أيضاً: هل يصح أن تثق بمعالجك النفسي إلى حد إخباره بكل شيء؟
6 إرشادات عملية لتهزم ترددك في زيارة المختص النفسي
فكر معي لحظة، إذا استسلمت لخوفك من الذهاب إلى الطبيب النفسي فهل سيسهم ذلك في الحد من الأعراض التي تعانيها؟ بالتأكيد لا، لذلك سيكون الأفضل أن تعمل على هزيمة ترددك، وهذا ما يمكنك تحقيقه باتباع الخطوات التالية:
- حدد سبب خوفك من العلاج النفسي بواقعية وفتش عن جذوره العميقة، وكن واعياً به حتى ترصد تأثيره باستمرار، وفي الوقت نفسه تحقَّق من مدى واقعية الأفكار المتعلقة بخوفك وأخضعها للحكم وفق المنطق.
- اطّلع على قصص نجاح لأشخاص تعافوا من اضطراباتهم النفسية حتى تتشجع على أن تتقفى أثرهم.
- تعرف إلى الضوابط الأخلاقية التي يلتزم بها المختص النفسي فيما يتعلق بالخصوصية والسرية، وكذلك سيكون من المفيد أن تقرأ عن المدارس العلاجية النفسية المتاحة حالياً، والفترات المتوقعة المستغرقة للعلاج، وغيرها من الجوانب العلمية التي ستجعل رؤيتك لزيارة العيادة النفسية تتسم بالدقة والموضوعية.
- شارك أحد أفراد عائلتك أو أصدقائك الذين تثق بهم رغبتك في الإقدام على أخذ خطوة العلاج النفسي من أجل أن يدعمك ويشد من أزرك.
- حاول قدر الإمكان أن تبذل جهدك في البحث عن مختص نفسي موثوق به، ويمكنك أن تأخذ الخطوة تدريجياً بأن ترتب معه مكالمة هاتفية أو مرئية أولاً قبل الذهاب إليه في العيادة.
- تخيل مدى التحسن الذي ينعكس على حياتك بعد سيرك في رحلة العلاج النفسي، وكمّ المتاعب التي ستلقيها عن كاهلك.
اقرأ أيضاً: متى ينبغي لك تغيير معالجك النفسي؟ وكيف تفعل ذلك؟