كم مرة تتفقد هاتفك الذكي في أثناء أوقات العمل؟ هل تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي باستمرار بينما يجب أن تُركّز على أداء مهامك؟ في الحقيقة إن الهواتف الذكية صُممت حتى تبقى مدمناً عليها، إذ يوفر التصفح المستمر لهاتفك تدفقاً مستمراً من خلال الإعجابات والتعليقات والمشاركات، ومن ثم يُحفز جسمك إفراز الدوبامين ويجعلك تشعر بالسعادة، وعلى الجانب الآخر يُضعف إدمان الهاتف إنتاجيتك في العمل، فماذا يمكن أن تفعل لتتفادى الوقوع في هذه المشكلة؟ الإجابة عبر المقال.
محتويات المقال
كيف يؤثر الإدمان على الهاتف في إنتاجيتك خلال العمل؟
يمكن القول إن الهواتف الذكية تغلغلت في جوانب حياة الناس جميعها، ما وفر لهم راحة لا حدود لها في التفاعل الاجتماعي، والعمل، والدراسة، والتسوق والترفيه، ولهذا أصبح بعض الناس مفتونين بالهاتف ووظائفه وأنشطة الإنترنت، ويتجلى رد الفعل الإدماني في رغبة قهرية باستخدام الهاتف الذكي، وبمجرد أن تعجز عن تلبية احتياجاتك من استخدام الهاتف فوراً، ستعاني سلسلة من الانزعاجات النفسية والفيزيولوجية، ويمكن أن يؤثر إدمان الهاتف في أدائك للعمل من خلال:
1. تفاقم الشعور بالقلق والتوتر
استخدام الهاتف الذكي في العمل باستمرار يعني أنك لن تكون قادراً على إنجاز مهامك جميعها، ومن ثم، سوف تُكمل تلك المهام في المنزل، وهذا سيؤدي إلى تداخل العمل مع حياتك العائلية والشخصية، إذ تشعر بضغط البقاء على اتصال دائم بالعمل، وعدم الانقطاع عنه حتى بعد انتهاء أوقاته الرسمية، وهذا النمط من الحياة سيسهم بصورة بالغة في ارتفاع مستوى التوتر والقلق، بالإضافة إلى شعورك بالإرهاق.
اقرأ أيضاً: وجبة الدوبامين اليومية: كيف تطبق هذا المفهوم الذي يخلصك من إدمان الهاتف؟
2. تقليل قدرتك على التركيز والتفكير بعمق وإبداع
غالباً ما يُشتت صوت الهاتف انتباهك بسبب إشعارات مواقع التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني، ما يؤدي بالتبعية إلى التأثير في إنتاجيتك على نحو سلبي، وإبطاء أدائك لمهام عملك، إضافة إلى أن صوت تلك الإشعارات يقطع اللحظات الهادئة التي تعد بالغة الأهمية للإبداع وحل المشكلات، وبدلاً من أن تكون بمفردك مع أفكارك، ستجد أنك أصبحت متصل اتصالاً دائماً بالإنترنت.
على الجانب الآخر، فإن إدمان الهاتف في العمل يمنعك من الوصول إلى حالة التدفق، وهي عبارة عن حالة تنغمس فيها تماماً في نشاط ما، وتنسى المكان والزمان، ما يجعلك منتجاً للغاية، إنه ذلك الشعور بالانغماس في مهمة ما ثم تُفاجأ بمعرفة الوقت الذي انقضى. وتعوق الانقطاعات الصغيرة التي تحدث بسبب تصفح الهاتف عملية التدفق، وتسبب زيادة الأخطاء في العمل.
3. اضطرابات النوم
يمكن للضوء المنبعث من شاشة الهاتف المحمول أن يتداخل مع إنتاج الميلاتونين الطبيعي، خاصةً عند استخدامه قبل ساعتين من النوم؛ والميلاتونين هو الهرمون الذي يساعد على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، لذلك عند اضطرابه، قد يؤدي ذلك إلى مواجهتك صعوبة في النوم، أو في البقاء نائماً طوال الليل، وحين يضطرب نومك سوف يؤثر هذا الأمر في ذاكرتك، وقدرتك على التفكير بوضوح، ويُقلل مهاراتك المعرفية والعملية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن اضطراب نومك سيؤدي إلى صعوبة استيقاظك في الصباح، ما قد يؤدي إلى التأخير المتكرر أو الغياب غير المبرر، في النهاية؛ سوف يعطّل التغيب سير عملك، ويمكن أن تواجه خلافات مع زملاء الفريق، خاصة إذا أدّت مشكلتك مع النوم إلى تقلبات مزاجية، وعزّزت الإحساس بالتوتر.
اقرأ أيضاً: النوموفوبيا: رهاب فقدان الهاتف الذي لا يفارق يدي
6 حلول واقعية من أجل التعامل مع مشكلة الإدمان في العمل
تركز الغالبية العظمى من حلول مشكلة إدمان الهاتف، سواءً داخل العمل أم خارجه، على تقييد الوصول إلى الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو نهج يُبسط علاقتك المعقدة بالتكنولوجيا، ولا يحل المشكلة من جذورها، لهذا حاول اتباع هذه الحلول العملية:
1. اعترف بالمشكلة
الخطوة الأولى في حل أي مشكلة هي إدراك وجودها، فكّر جيداً في كيفية تأثير استخدامك الهاتف في أداء عملك وإنتاجيتك، وبعد ذلك حاول تحديد مواطن مشكلتك، احتفظ بسجل يُظهر متى وكم تستخدم هاتفك الذكي للأنشطة غير المتعلقة بالعمل أو غير الضرورية، هناك تطبيقات مُخصصة يُمكن أن تُساعدك على ذلك، ما يُتيح لك تتبُّع الوقت الذي تقضيه على هاتفك.
2. تعرّف إلى محفزاتك
ما الذي يدفعك إلى استخدام هاتفك بكثرة في أثناء العمل؟ هل تحس بالقلق أو التوتر أو الملل؟ هل تجد نفسك عالقاً في أداء مهمة صعبة؟ على سبيل المثال، قد يكون الإفراط في استخدام هاتفك الذكي وسيلةً لتهدئة نفسك من الإحساس بالمشاعر السلبية، ولكن تأكد جيداً أن تصفح الهاتف لن يُبدد تلك المشاعر، لذلك بدلاً من الإمساك بهاتفك، ابحث عن طرق أكثر صحةً وفعاليةً لإدارة مشاعرك، مثل ممارسة تقنيات الاسترخاء.
اقرأ أيضاً: بعيداً عن الهاتف الذكي: ما هو أفضل منبه لإيقاظك من النوم؟
3. ابحث عن أنشطة خارج نطاق الشاشة
حين تود التخلص من عادة سلبية عليك استبدال عادة أخرى إيجابية بها، على سبيل المثال، إذا أدرت أن تتوقف عن تصفح هاتفك في أثناء العمل، يمكنك البحث عن أنشطة أخرى خارج نطاق الشاشة، مثل تناول الغداء أو القهوة مع الزملاء بدلاً من الجلوس بمفردك وراء مكتبك وتصفح الإنترنت، وسواء قررت أن تتناول القهوة بصحبة زملائك أم تستنشق بعض الهواء الطلق في الخارج، فإن تلك الأنشطة توفر توازناً لحالتك النفسية، وتقلل مستويات التوتر والقلق، وتعيد ربطك بمتعة العيش في اللحظة الحاضرة.
ويؤكد الطبيب النفسي، بندر آل جلالة، أن إدمان الهاتف يحرم الشخص لذة الاستمتاع بالأشياء من حوله، بدءاً من الهدوء الذهني، ومروراً بالتفكير العميق والقراءة المتقنة، وصولاً إلى الإنجاز والإبداع والتنظيم، فضلاً عن أنه يمنعك من النوم المريح، والعزلة الجميلة، وحتى التنفس بعمق.
4. حدد أوقاتاً واضحة لاستخدام الهاتف
إذا كنت معتاداً على إدمان هاتفك الذكي، فلن تتمكن من الانقطاع الفوري عنه، لأن ذلك سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى العودة للسلوك القهري مرة أخرى، لذلك حاول تحديد أوقات واضحة من أجل استخدام الهاتف، على سبيل المثال، أنا أتصفح هاتفي بين مهمات العمل وليس في أثناء أداء المهمة، حتى لا أفقد حالة التدفق الذهني، وحين أمسك الهاتف عادة ما أكون في وضع الوقوف وهذا يجعل التصفح عملية غير مريحة، ومن ثم أرغب في الانتهاء منها سريعاً والعودة إلى العمل.
5. اطلب الدعم في الحياة الواقعية
البشر كائنات اجتماعية، وأنت لست مجبراً على العزلة أو الاعتماد على هاتفك من أجل الحصول على الدعم والتواصل البشري، وعلى الجانب الآخر، فإن تواصلك وجهاً لوجه مع الآخرين يُشعرك بالهدوء والأمان والفهم، ويُخفف التوتر والقلق، لهذا خصّص يوماً في الأسبوع من أجل مقابلة الأصدقاء والعائلة، أو ابحث عن أشخاص لديهم اهتمامات مشتركة معك، على سبيل المثال، يمكنك الالتحاق بنادٍ للكتاب أو فريق رياضي، أو التسجيل في دورات تعليمية.
6. خصص منطقة خالية من هاتفك الذكي
أنشئ مناطق خالية من الهاتف في عملك، مثل مكتبك أو غرفة الاجتماعات، إذ تُعزز هذه المناطق المخصصة التركيز وتُشجع على الحوار مع الزملاء وأعضاء الفريق. علاوة على ذلك، يُساعد تقاسم هذا النهج مع موظفيك على وضع معيار جماعي للسلوك المهني. على سبيل المثال، لأني أعمل من المنزل عادة ما أضع الهاتف في غرفة أخرى، وحين أنتهي من أداء إحدى المهمات أخرج لتصفحه سريعاً وأنا في وضع الوقوف ثم أعود لاستكمال عملي، ويمكن القول إن عدم وجود الهاتف بجواري يجعلني في حالة من التركيز الشديد.