هل يفيد الزواج الصحة أم يضرها؟ تتضارب الآراء والاعتقادات، لكن العلم يقول إن الأشخاص المتزوجين يتمتعون بصحة أفضل عموماً من الأشخاص غير المتزوجين، وذلك بعد دراسة عدة معايير، تعرّف إليها في هذا المقال، بالإضافة إلى الأسباب.
محتويات المقال
متى يكون الزواج مفيداً للصحة؟
يؤثر الزواج في الصحة بنواحٍ عدة، يختصرها المعالج النفسي أسامة الجامع بتغريدة على منصة إكس يشير فيها إلى أن المتزوجين أكثر صحة وأطول عمراً وأفضل دخلاً اقتصادياً وأكثر سعادة. إليك المزيد من التفاصيل والمعايير التي تربط الزواج بالصحة:
السلوكيات الصحية
يبرز تأثير الزواج في الصحة من خلال تأثيره في سلوكيات مثل شرب الكحوليات، وتعاطي المخدرات، وتدخين السجائر، والالتزام بالنظام الغذائي الصحي، وممارسة الرياضة. يكون هذا التأثير إيجابياً في بعض الحالات وسلبياً في حالات أخرى. على سبيل المثال، يبدو أن الزواج يقلل الإفراط في شرب الكحول وتعاطي المخدرات. في المقابل، لا يبدو أن هناك تأثيراً يُذكر على التدخين.
ومن ناحية أخرى، فإن تأثير الزواج على الوزن والنشاط البدني قد يكون سلبياً. فقد وُجِد أن الزواج يؤدي إلى زيادة طفيفة في الوزن لدى كل من الرجال والنساء، وقد يؤدي إلى انخفاض في النشاط البدني، وخاصة لدى الرجال.
تلقي الرعاية الصحية
عند المرض، يُقيم المتزوجون فترة أقصر في المستشفى، وتقل زياراتهم لعيادات الأطباء، وتنخفض نسبة دخولهم لدور رعاية المسنين. يؤدي ذلك عموماً إلى انخفاض تكاليف الرعاية الصحية، واعتماد الأزواج على بعضهم في الرعاية الصحية في المنزل.
الصحة النفسية
يؤثر الزواج في جوانب عدة من جوانب الصحة النفسية، إذ يبدو أنه يقلل أعراض الاكتئاب. لكن في المقابل، تزداد أعراض الاكتئاب مع تدهور العلاقة الزوجية والطلاق. ربما يعود السبب في ذلك إلى أن المتزوجين لديهم اتصال عاطفي قوي، ولديهم شخص يمكنهم التحدث إليه عند الحاجة، ويمكنه المساعدة في تحسين الشخصية والصحة، إضافة إلى أنه يقدم الرعاية والاهتمام والعناية.
تنخفض مستويات التوتر والقلق أيضاً بين الأزواج الذين يعيشون على توافق، وتزداد هرمونات السعادة لديهم. وقد يكون الزواج حلاً لمشكلات النوم أيضاً، فالنوم بجانب زوج محبّ يساعد على الاسترخاء، وعلى العكس، قد يكون سبباً لزيادة مشكلات النوم إذا كان الزوج يشخر أو يعاني الأرق ويتقلّب في فراشه كثيراً.
اقرأ أيضاً: ما هي أسباب اكتئاب ما بعد الزواج؟ وكيف يمكن التغلب عليه؟
الصحة البدنية وطول العمر
قليلة هي الأدلة التي تشير إلى تأثير الزواج في الصحة البدنية وإطالة العمر، لكن يبدو أن المتزوجين يعيشون حياة أطول ويتمتعون بصحة بدنية أفضل من غير المتزوجين، على الرغم من وجوب إجراء المزيد من الدراسات التي تؤكد هذه العلاقة. كما قد يكون المتزوجون أقل عرضة لتشخيص المراحل المتقدمة من السرطان، ويعيشون فترة أطول بعد الإصابة به.
توجد صلة محتملة أيضاً بين الزواج وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء دون الرجال، إذ إن المتزوجات اللواتي يصبن بنوبة قلبية أكثر احتمالاً للبقاء على قيد الحياة، ويغادرن المستشفى خلال مدة أقصر مقارنة بغير المتزوجات.
من جهة أخرى، وُجِدت علاقة سلبية بين صحة الدماغ والزواج، تظهر في أن إصابة غير المتزوجين بالخرف أقل بنسبة 50% تقريباً من المتزوجين، وينخفض لديهم خطر الإصابة بمرض آلزهايمر. يمكن تفسير ارتفاع خطر الإصابة بالخرف لدى المتزوجين بميلهم إلى تقليص دائرة علاقاتهم الاجتماعية في مراحل لاحقة من حياتهم.
تعيش أيضاً بعض النساء حياة زوجية سعيدة، وهنّ يتمتعن بصحة أفضل من النساء غير المتزوجات أو اللواتي يعشن حياة زوجية غير سعيدة، وهنَّ أقل عرضة للإصابة بعوامل الخطر المؤدية إلى أمراض القلب والأوعية الدموية (مثل ضغط الدم، ومستويات الكوليسترول، ومؤشر كتلة الجسم)، بالإضافة إلى انخفاض مستويات عوامل الخطر النفسية والاجتماعية لأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل الاكتئاب والقلق والغضب.
اقرأ أيضاً: ما السمة التي تميّز الزواج السعيد الذي يدوم للأبد؟
لماذا يرتبط الزواج بهذه الفوائد الصحية؟
يرتبط الزواج بالفوائد الصحية السابق ذكرها لأسباب عديدة، منها:
- المناعة: إن الأشخاص الذين يعيشون علاقات سعيدة يتمتعون بمناعة أقوى.
- السلوك: يشجع الزواج على السلوكيات المعززة للصحة، وتنخفض نسبة المخاطرة عند المتزوجين، ويتناولون طعاماً أفضل، ويحافظون على أنماط حياة صحية أكثر، ويزورون الأطباء بانتظام، ويحاولون توفير الموارد الاجتماعية والاقتصادية أكثر.
- الصحة النفسية: يجد المتزوجون دعماً نفسياً أكبر، ما يسهم في خفض معدلات الاكتئاب والوحدة والعزلة الاجتماعية.
متى يكون الزواج مضراً بالصحة؟
إن ما سبق لا يشكل دليلاً قاطعاً على أن الزواج يوفر هذه الفوائد الصحية، فالأشخاص الذين يعيشون زيجات متوترة وغير سعيدة قد يكونون أسوأ حالاً من الشخص الأعزب الذي يحيط به أصدقاء وعائلة داعمون ومهتمون. بالإضافة إلى ذلك، فإن توتر العلاقة الزوجية يرتبط بتراجع نمط الحياة، وعدم الالتزام بالأنظمة الطبية، وزيادة الاكتئاب والعدائية والغضب، وهي عوامل خطر للإصابة بأمراض القلب.
عموماً، قد تختلف آثار الزواج في الصحة بين الأجيال، فالمتزوجون في القرن التاسع عشر مختلفون عن المتزوجين في القرن العشرين، كما تختلف آثاره أيضاً عما هي عليه في أيامنا هذه، وتختلف على الأطفال أيضاً.
ولتأكيد العلاقة بين الصحة والزواج، يتطلب الأمر إجراء دراسات تتتبع المشاركين فيها قبل الزواج وحتى آخر يوم في حيواتهم، سعياً للوصول إلى استكشاف آثار الزواج في الصحة على نحو أكثر شمولاً، وعلى مختلف الفئات العرقية والدينية والاجتماعية والاقتصادية.
اقرأ أيضاً: الحب والزواج: أيهما يبني الآخر؟
5 إرشادات فعالة لتجعل علاقتك الزوجية أكثر استقراراً
للحفاظ على علاقة زوجية صحية وقوية، يُنصح باتباع عدة نصائح عملية تسهم في المحافظة على الصحة الجسدية والنفسية، منها:
- تحدّث بصراحة واحترام وصدق إلى الشريك عن المشاعر والاحتياجات والمخاوف، وتجنّب الأسرار، إضافة إلى الاستماع الفعّال والتعاطف.
- احرصا على أن تقضيا وقتاً ممتعاً معاً، إلى جانب اتباع روتين وأنشطة بسيطة تعزز العلاقة كالمشي مثلاً، لتعزيز التقارب والتفاهم.
- حاول حل الخلافات دون عدائية، ويمكنك أخذ فترات راحة عند توتر العلاقة، ثم إعادة التفكير في الأمور بهدوء.
- قدّر أفعال الشريك الصغيرة والكبيرة وآراءه وشخصيته.
- اعمل على بناء الثقة وتعامل بصدق مع الوفاء بالوعود على مر الزمن.