5 إرشادات عملية لتدير العلاقة بين حالتك النفسية والقولون العصبي

5 دقيقة
متلازمة القولون العصبي
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

هل تعلم أن القولون العصبي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بصحتك النفسية؟ حيث أكدت دراسة بحثية نشرتها المجلة الأيرلندية للعلوم الطبية (Irish Journal of Medical Science) أن الأشخاص الذين يعانون متلازمة القولون العصبي (Irritable bowel syndrome) غالباً ما يكونون مصابين باضطرابات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب، وذلك بمعدل مضاعف للموجود لدى أولئك الذين لا يعانون القولون العصبي، فكيف تفهم العلاقة المعقدة بين القولون الصعبي وصحتك النفسية؟ الإجابة عبر هذا المقال.

ما هي متلازمة القولون العصبي وما أهم أعراضها؟

متلازمة القولون العصبي هي اضطراب مزمن يصيب المعدة والأمعاء، وقد تختلف أعراض القولون العصبي من شخص إلى آخر، ولكنها عادة ما تكون موجودة فترة طويلة، وتشمل:

  1. التقلصات الشديدة وألم البطن.
  2. الانتفاخ.
  3. الغازات.
  4. الإسهال أو الإمساك، أو كليهما.
  5. مخاط في البراز.

تعرّف إلى أهم المحفزات المؤدية إلى الإصابة بمتلازمة القولون العصبي

السبب الرئيسي الذي يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمتلازمة القولون العصبي غير معروف، لكنّ ثمة اعتقاداً بأن هذه المتلازمة ترتبط ارتباطاً وثيقاً باضطرابات تفاعل الأمعاء والدماغ، ما يعني وجود مشكلات في كيفية تنسيق أمعائك ودماغك لمساعدة جهازك الهضمي على العمل، علاوة على ذلك، هناك بعض المحفزات التي تؤدي دوراً في تفاقم أعراض القولون العصبي، منها على سبيل المثال:

1. انقباضات العضلات في الأمعاء

جدران الأمعاء مبطنة بطبقات من العضلات التي تنقبض في أثناء تحريك الطعام عبر الجهاز الهضمي، وفي بعض الأوقات يمكن لقوة الانقباضات التي تستمر فترة أطول من المعتاد أن تسبب الغازات والانتفاخ والإسهال، ما يؤدي في النهاية إلى الإصابة بمتلازمة القولون العصبي.

2. بكتيريا الأمعاء

الأشخاص المصابون بمتلازمة القولون العصبي قد يكون لديهم بكتيريا متغيرة في الجهاز الهضمي، ما يسهم في ظهور الأعراض، علاوة على ذلك، فإن بكتيريا الأمعاء لدى الأشخاص المصابين بالقولون العصبي قد تختلف عن تلك الموجودة لدى غير المصابين بالقولون العصبي.

3. التوتر وأحداث الحياة المجهدة

عندما تكون متوتراً، يفرز جسمك كميات كبرى من هرمون التوتر أو الكورتيزول، وهو الهرمون المسؤول عن استجابة الجسم للقتال أو الهروب أو التجمد، وغالباً ما تؤثر هذه الاستجابة في مستويات الهرمونات والعديد من العمليات الجسدية مثل الهضم، ولهذا السبب فإن التوتر يمكن أن يسبب الإسهال أو الإمساك المرتبط بمتلازمة القولون العصبي، ومن ثم فإن المستويات المرتفعة من الكورتيزول تعمل على تشنج القولون، على الجانب الآخر فإن هرمون الكورتيزول يؤثر أيضاً في مستويات البكتيريا الجيدة في أمعائك ما يسبب القولون العصبي.

اقرأ أيضاً: هل تعاني متلازمة القولون العصبي؟ هذه الأطعمة ستساعدك

كيف تفهم العلاقة المعقدة بين القولون العصبي وصحتك النفسية؟

قد يكون دماغك وأمعاؤك متباعدين جسدياً، لكن الارتباط بينهما قوي، وثمة علاقة شديدة التعقيد بين القولون العصبي وصحتك النفسية، تتجسد في:

1. محور الأمعاء والدماغ

تؤكد أستاذة علم النفس في جامعة شيكاغو (University of Chicago)، إليز بيديل (Elyse Bedell)، أن هذا المحور هو نظام اتصالات ثنائي الاتجاه يحدث بين الجهاز العصبي المعوي والجهاز العصبي المركزي، ويرسل هذان الجهازان رسائل إلى بعضهما بعضاً باستمرار. على سبيل المثال، عندما تتناول وجبة، ترسل أمعاؤك رسالة إلى دماغك بأنك تشعر بالشبع ويمكن أن تبطئ، ثم يرسل دماغك إشارات لإطلاق هرمونات معينة تتسبب في انخفاض شهيتك.

في بعض الأحيان يتشارك الدماغ والأمعاء الكثير من المعلومات بعضهما مع بعض ويتواصلان كثيراً جداً، دعني أبسط لك الأمر، لنفترض أن لديك عرضاً تقديمياً في العمل، وتشعر بالتوتر، في هذه الحالة سوف يخبر دماغك الجهاز الهضمي بأنه يجب أن يوفر طاقته من أجل تهدئتك، لذلك عليه أن يتخلص فوراً من عملية الهضم، ومن ثم يحدث تسارع في حركة الأمعاء ما يسبب الإسهال أو الإمساك.

وفي حال واجهت أعراض القولون العصبي، سوف تكون الأمعاء شديدة الحساسية، لذلك يصبح دماغك أكثر تركيزاً على ما يحدث في الجهاز الهضمي، ونتيجة لذلك، قد تشعر بألم في البطن، ويمكن أن يؤدي التواصل المفرط في هذه الحالة بين الأمعاء والدماغ إلى حدوث متلازمة القولون العصبي وأعراضها، مثل الألم والغازات والانتفاخ والإسهال والإمساك.

اقرأ أيضاً: ما هو تأثير بكتيريا الأمعاء في اضطراب مزاجك؟ وكيف تحسّن عملها؟

2. تكوين هرمون السيروتونين

الأمعاء هي العضو الذي يحتوي على أكبر عدد من الخلايا العصبية في الجسم، حتى أكثر من الدماغ، علاوة على ذلك، فإن الأمعاء تحتوي على أكبر كمية من هرمون السيروتونين بداخلها وهو الناقل العصبي الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة المزاجية ويتحكم في المزاج وفي الشعور بالسعادة، لذلك حين تحس بأعراض القولون العصبي يختل توازن مستوى هرمون السيروتونين ما يؤدي إلى إصابتك ببعض اضطرابات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب.

3. القولون العصبي والاكتئاب

يمكن القول إن متلازمة القولون العصبي لا تسبب الاكتئاب، والاكتئاب لا يسبب القولون العصبي، وعلى الرغم من ذلك فإن الاثنين يرتبطان معاً، ففي بعض الأحيان، يمكن أن تؤدي إحدى الحالات إلى تفاقم الحالة الأخرى، على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون متلازمة القولون العصبي قد يتجنبون الخروج مع أصدقائهم بسبب تفاقم أعراض القولون العصبي مثل الإسهال والإمساك، ما يؤدي إلى الشعور بالعزلة ومن ثم الاكتئاب.

على الجانب الآخر، فإن الأشخاص المصابين بالاكتئاب يعانون اضطرابات في الشهية وقد يهملون نظامهم الغذائي ولا يهتمون بصحة طعامهم، علاوة على ذلك، فإن الإجهاد العاطفي يؤدي إلى تفاقم أعراض الأمعاء، وهناك سبب محتمل آخر قد يشترك فيه كل من القولون العصبي والاكتئاب وهو الارتباط بالتجارب المؤلمة، على سبيل المثال معدلات القولون العصبي واضطرابات الجهاز الهضمي كانت أعلى لدى المصابين باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، وذلك لأن شدة هذا الاضطراب ترتبط بتفاقم أعراض اضطراب الجهاز الهضمي.

4. القولون العصبي والقلق

القلق مثله مثل الاكتئاب، فهو لا يسبب القولون العصبي والعكس صحيح، وعلى الرغم من ذلك فإن الاضطرابين يفاقمان بعضهما بعضاً، ما يؤدي إلى الإصابة بالقلق المتعلق بالجهاز الهضمي (gastrointestinal-specific anxiety- GSA)، ويمكن القول إن القولون العصبي يؤثر تأثيراً سلبياً في الصحة النفسية، وذلك لأن أعراضه مرهقة للغاية وقد تجعلك تشعر بالضيق والتوتر وتدخل في دوامة لا تنتهي من الأفكار السلبية

من ناحية أخرى، يشترك القولون العصبي مع القلق في بعض المحفزات والأسباب. على سبيل المثال، تؤدي أحداث الحياة المجهدة، مثل ضغوط العمل أو صعوبات العلاقات أو التحولات الحياتية الكبرى، إلى تفاقم أعراض القولون العصبي والقلق، وذلك بسبب إطلاق هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، والتي يمكن أن تؤثر في حركة الأمعاء، وتعطل التوازن الدقيق لميكروبات الأمعاء، ما يؤدي في النهاية إلى تفاقم أعراض القولون العصبي وارتفاع مستويات القلق.

وهناك أيضاً دورة القلق والقولون العصبي؛ حيث يؤدي القلق إلى إحداث تغييرات في الجهاز الهضمي تؤدي إلى تفاقم الأعراض الجسدية في القولون العصبي، ويمكن أن ترسل التغييرات في الجهاز الهضمي عند الإصابة بالقولون العصبي إشارات إلى دماغك تزيد حدة القلق، بالإضافة إلى ذلك، كلما ساءت أعراض القولون العصبي لديك، زادت احتمالية قلقك وتوترك بشأن تأثيرها على حياتك اليومية.

وفي سياق متصل، يشرح الطبيب النفسي، إبراهيم حمدي، أن التفكير المفرط يؤدي إلى الإصابة بالقلق المرضي، وهذا القلق بدوره يؤدي إلى تفاقم أعراض القولون العصبي ويزيد ألم العضلات والأعصاب، ويؤثر في التركيز والذاكرة ويسبب تقلبات في الحالة المزاجية وشعوراً مستمراً بالخوف، إنها حلقة مفرغة شديدة الصعوبة والاستمرارية.

5 إرشادات لتنظيم العلاقة بين حالتك النفسية والقولون العصبي

ثمة توجيهات عملية عديدة ستساعدك على ضبط العلاقة بين صحتك النفسية وجهازك الهضمي، وبالتالي تخفيف أعراض القولون العصبي، وأهمها:

1. أعد صياغة تفكيرك

تنصح أستاذة علم النفس في جامعة شيكاغو، إليز بيديل، بضرورة إعادة صياغة أفكارك، فالقولون العصبي حالة طبية صعبة وقد يصعب التعايش مع أعراضها على نحو يومي، وعلى الرغم من ذلك، لا تقل لنفسك "القولون العصبي يدمر حياتي كلها" لكن تحدث إلى نفسك قائلاً: "العيش مع القولون العصبي أمراً صعباً، ولكني سأبذل قصارى جهدي حتى أشعر بالتحسن"، وتوضح بيديل أن تعديل أفكارك يمكن أن يؤدي إلى تهدئة استجابة الجسم للتوتر، ما قد يحسن أعراض القولون العصبي.

2. تجنّب الأطعمة المحفزة للقولون العصبي

حاول معرفة أنواع الأطعمة التي تحفز أمعاءك أكثر من غيرها ومن ثم تجنبها، واحرص على تناول وجباتك في أوقات محددة من اليوم، فالأمعاء لها إيقاعها اليومي الخاص أيضاً لذلك رتب أوقاتك، ويمكن القول إن أهم الأطعمة المحفزة للقولون العصبي هي الأطعمة الحارة والدهنية أو المقلية، والأطعمة المليئة بالسكر.

3. مارس التمارين الرياضية

تعد ممارسة التمارين الرياضية مفيدة لمتلازمة القولون العصبي لعدد من الأسباب، حيث تنظّم التمارين الرياضية حركة الأمعاء ووظيفتها، بالإضافة إلى ذلك، كلما زادت التمارين الرياضية التي تمارسها كان نومك أفضل، وهو ما سيعود بفوائد إيجابية على الطريقة التي يتواصل بها دماغك وأمعاؤك بعضهما مع بعض.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: التمارين الرياضية تستطيع معالجة الاكتئاب بفعالية الدواء نفسها!

4. حسن نمط حياتك

يؤثر نمط حياتك تأثيراً مهماً في حالتك النفسية، على سبيل المثال، قد يؤدي عدم حصولك على قسط كافٍ من النوم إلى تفاقم قلقك وشعورك بالتوتر، لذلك حاول تغيير نمط حياتك واحصل على قسط كافٍ من النوم، وجرّب قضاء الوقت في الطبيعة، وحاول ممارسة الامتنان ولا تنسَ الانخراط في الهوايات والأنشطة الممتعة.

5. استشر الطبيب النفسي عند الحاجة

حين تحس بتفاقم أعراض القولون العصبي وانخفاض حالتك المزاجية بسبب الاكتئاب اطلب المساعدة من الطبيب النفسي، والذي يمكن أن يساعدك في مسارات متعددة من ضمنها أن يصف لك بعض أدوية الاكتئاب التي تعالج اضطراب المزاج وبعض أعراض القولون العصبي، ومنها مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، مثل أميتريبتيلين (Amitriptyline)، ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، مثل سيتالوبرام (Citalopram).

المحتوى محمي