نمط “سليب ماكسينغ” قد يكون الحل الأخير لعلاج تدهور نومك

5 دقيقة
سليب ماكسينغ
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

تصدر ترند سليب ماكسينغ (Sleepmaxxing) منصة التواصل الاجتماعي تيك توك حيث حقق أكثر من 125 مليون مشاركة، وهو عبارة عن نمط يشجع الأفراد على تحسين جودة نومهم وذلك من خلال تقنيات ومنتجات مختلفة، ويرتكز هذا النمط على عدة ممارسات مثل استخدام أجهزة تتبع النوم، وتناول المكملات الغذائية مثل الميلاتونين، والاستعانة بأجهزة الضوضاء البيضاء، فما هي مميزات نمط سليب ماكسينغ وسلبياته؟ وكيف يمكنك تحسين جودة نومك على نحو صحي؟ الإجابة عبر هذا المقال.

ما هو نمط سليب ماكسينغ (Sleepmaxxing)؟

توضح مختصة طب النوم، سيتا شاه (Seeta Shah)، أن نمط سليب ماكسينغ مصطلح شامل يشير إلى ممارسات تحسن نوم المرء قدر الإمكان، وغالباً ما يحدث هذا الأمر من خلال التركيز على فترة النوم ونوعيته، بما يتضمن استخدام تقنيات مختلفة وروتين صارم وحتى أدوات لضمان نوم أكثر راحة وعمقاً وطولاً، وتضيف شاه أن هذا النمط يشمل أيضاً تغييرات في نمط الحياة، مثل تعديل بيئة النوم، والالتزام بجداول نوم صارمة، أو دمج طقوس مهدئة قبل النوم مثل التأمل أو شرب شاي الأعشاب، أو اللجوء أحياناً إلى استخدام تطبيقات تحسين النوم.

ويمكن القول إن نمط سليب ماكسينغ هو حلقة في سلسلة موجة الاهتمام بالرعاية الجسدية والنفسية التي اكتسبت زخماً واسعاً على كافة منصات التواصل الاجتماعي، حيث يدرك العديد من الأشخاص وخاصة الجيل الأصغر سناً أهمية العناية الذاتية بالصحة النفسية والجسدية، ولهذا أضحى الكثير من المؤثرين ومنشئي المحتوى يشاركون على المنصات روتين النوم الخاص بهم، ويرتكز نمط السليب ماكسينغ على عدة ممارسات منها:

1. كوكتيل الفتاة النائمة (sleepy girl mocktail)

يهدف شرب هذا الكوكتيل إلى تعزيز الاسترخاء والمساعدة على النوم، ويتكون من نصف كوب من عصير الكرز الحامض، وملعقة من مكملات المغنيزيوم وقليل من المشروبات الغازية أو المياه الفوارة، كل ما ينبغي فعله هو مزج المكونات وتقليبها معاً، وسر الاعتماد على عصير الكرز الحامض هو احتواؤه على هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم، ومن ثم فإن هذا الكوكتيل يجمع بين مكملات المغنيزيوم والميلاتونين المعروفين بتأثيرهم القوي في تعزيز النوم.

اقرأ أيضاً: ما الأسباب وراء تقطع نومك؟ وكيف تحصل على نوم عميق ومتواصل؟

2. صنع بيئة صديقة للنوم

يجب التأكد أن بيئة النوم مريحة ومظلمة وهادئة، بما يشمل استخدام ستائر معتمة أو سدادات أذن أو أجهزة ضوضاء بيضاء، والاستعانة بتطبيقات تحسين النوم، علاوة على ارتداء النظارات التي تحجب الضوء الأزرق ما يساعد في إنتاج الميلاتونين، واستخدام أقنعة النوم من أجل الحصول على الراحة والاسترخاء، هذا بجانب ارتداء أجهزة تتبع النوم مثل الساعات الذكية التي توفر معلومات حول عادات النوم، كما يمكنها إلقاء الضوء على المراحل المختلفة من النوم التي تمر بها وجودة نومك.

تعرف إلى الجانب المظلم لنمط سليب ماكسينغ

يعتقد أستاذ طب النوم في جامعة ستانفورد (Stanford University)، رافائيل بيلايو (Rafael Pelayo)، أن الشباب الذين يشاركون في ترند سليب ماكسينغ يريدون تحسين جودة نومهم وهذا أمر جيد، وتضيف مختصة طب النوم، فانيسا هيل (Vanessa Hill) أن هذا الترند قد يكون مفيداً لأنه يجعل الناس يفكرون في نومهم، ولكنها تحذر من أن المثالية المفرطة في موضوع النوم قد تؤدي إلى نتائج عكسية.

والحقيقة هي أن سليب ماكسينغ يكشف عن جانبه المظلم حين يتحول إلى حالة من الهوس، وفي هذا السياق يشرح أستاذ طب النوم في كلية روبرت وود جونسون الطبية بجامعة روتجرز (Rutgers Robert Wood Johnson Medical School)، جاغ سونديرام (Jag Sunderram)، أن الأشخاص حين يصبحون مهووسين بالبيانات، ويركزون تركيزاً مفرطاً على جودة نومهم ومدته فإن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم القلق بسبب النوم ويسبب الأرق.

وتؤكد مختصة طب النوم، ستيفاني روميسزوسكي (Stephanie Romiszewski)، أن النوم عملية طبيعية تحدث من تلقاء نفسها، ولهذا فإن عملية التحكم ومحاولة السيطرة في كل الظروف المحيطة بالنوم قد تجعل عملية النوم أسوأ، علاوة على ذلك فإن المعلومات التي تُقدم للجمهور عبر معظم ترندات العناية بالصحة الجسدية والنفسية في منصات التواصل الاجتماعي لم تُختبر علمياً، وتأتي في الغالب من أفراد ليس لديهم خبرة في قطاع الرعاية الصحية، وهذا يمكن أن يؤدي هذا إلى دفع الناس إلى استثمار الوقت والمال في ممارسات قد لا تنجح وتؤدي إلى الإحباط عندما لا تتحقق فوائد النوم.

وثمة أمر آخر مثير للقلق، وهو أن العديد من المؤثرين يقترحون استخدام الميلاتونين، والذي يتوفر من دون وصفة طبية في العديد من البلدان، وعلى الرغم من أنه آمن على المدى القصير فإنه قد يتفاعل مع بعض الأدوية الأخرى، وقد يسبب ارتفاع ضغط الدم والصداع والغثيان والإحساس بالنعاس في أثناء النهار، ولهذا يجب ألا يكون استخدامه هو الخيار الأول حين يواجه الأفراد صعوبة في النوم أو يحاولون تحسين جودة نومهم.

على الجانب الآخر، من أهم الممارسات التي يرتكز عليها نمط سليب ماكسينغ هي تغطية الفم بشريط لاصق وهي تقنية تهدف إلى إبقاء فمك مغلقاً ومنع التنفس عبر الفم في أثناء النوم، ولكن يجب التحذير من أن هذه الممارسة غير مثبتة علمياً أو طبياً، إضافة إلى ذلك فإنها قد تعرض بعض الأشخاص لخطر ضعف التنفس واضطراب النوم وحتى انخفاض مستويات الأوكسجين، وهي أيضاً تجسد خطراً كبيراً على الأشخاص الذين يعانون انقطاع التنفس في أثناء النوم.

وفي سياق متصل، توضح مختصة طب النوم، ميريديث بروديريك (Meredith Broderick)، أن الهوس الشديد بشأن تحقيق النوم المثالي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مشاكل الصحة النفسية مثل الاكتئاب، بالإضافة إلى ذلك فإن التوتر الناجم عن القلق بسبب النوم سينشّط الجهاز العصبي الودي في الجسم، وتتولى استجابة القتال أو الهروب أو التجمد زمام الأمور، ومن ثم يجري إطلاق هرموني الأدرينالين والكورتيزول، ونتيجة لذلك، يرتفع معدل ضربات القلب، وقد يؤدي إفراز هرمون الكورتيزول إلى معاناة اليقظة.

كيف تحسّن نومك بأمان؟

ترى استشارية طب النوم، كارليرا فايس (Carleara Weiss)، أنه من الأفضل ألا تتعامل مع النوم باعتباره مجالاً للتنافس يجب عليك فيه إثبات أنك الأفضل، والأجدى أن تهتم بنفسك وتتبع النصائح الصحية لتحصل على نوم أفضل لراحتك لا لشيء آخر، ومن ضمنها:

1. ركز على الاسترخاء قبل النوم

بدلاً من التركيز على بيانات أجهزة النوم، ما رأيك في محاولة الاسترخاء؟ أغلق جميع الأجهزة الإلكترونية المحيطة بك، وبدلاً من التفكير في النتيجة التي تريد تحقيقها، افعل شيئاً يريحك، على سبيل المثال اقرأ صفحات من كتابك أو روايتك المفضلة، خذ حماماً دافئاً، يمكنك أيضاً تناول كوب من الشاي الساخن أو ممارسة تمارين اليوغا.

اقرأ أيضاً: ما فوائد ممارسة اليوغا قبل النوم؟ وكيف تمارسها لتعزيز جودته؟

2. تعرض إلى ضوء الشمس في النهار

تؤدي أشعة الشمس دوراً محورياً في ضبط إيقاع الساعة البيولوجية للجسم، لذلك حاول قدر الإمكان التعرض لها في الصباح، اقضِ المزيد من الوقت في الخارج خلال النهار، واسمح بدخول أكبر قدر ممكن من الضوء الطبيعي إلى منزلك أو مكان عملك، ولا تنس إبقاء الستائر مفتوحة في أثناء النهار.

3. حافظ على التناغم مع دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية لجسمك

إن التناغم مع دورة النوم والاستيقاظ الطبيعية لجسمك، أو الإيقاع اليومي، هو من أهم الاستراتيجيات لتحسين جودة نومك، فإذا حافظت على جدول نوم واستيقاظ منتظم، ستشعر بمزيد من الانتعاش والنشاط مقارنة بالنوم بعدد الساعات نفسها في أوقات مختلفة، حتى لو غيرت جدول نومك بساعة أو ساعتين فقط.

ومن أجل ضبط دورة نومك، ينصح المختص النفسي، منصور العسيري، بضرورة النوم والاستيقاظ في الوقت نفسه يومياً، وتجنب تناول الكافيين قبل 10 ساعات من النوم، ومحاولة تقليل الغفوات في أثناء النهار قدر الإمكان، وإذا حدث واستيقظت في أثناء الليل فلا تتصفح هاتفك أبداً.

4. مارس التمارين الرياضية نهاراً

الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام في النهار ينامون أسرع في الليل وعلى نحو أفضل، ولا يشعرون بالنعاس في أثناء يومهم، وذلك لأن ممارسة الرياضة تعزّز إفراز هرمون الميلاتونين، وتقلّل أعراض الأرق، وتزيد الوقت الذي تقضيه في المراحل العميقة من النوم، ولكن احرص على ممارسة التمارين صباحاً وليس قبيل النوم، لأن ممارستها ليلاً يمكن أن تؤثر في جودة نومك.

في النهاية، دعني أخبرك أمراً مهماً؛ مهما فعلت سوف تواجه ليالي لن تنام فيها جيداً، وهناك الكثير من العوامل التي تؤثر في نومك، ولا توجد أبداً طريقة لتوقُّعها أو حتى التحكم بها، لهذا لا تدع الكمال يكون هدفك للنوم، ولا تكن مهووساً بترندات مواقع التواصل الاجتماعي.

المحتوى محمي