"أصعب أنواع المعرفة هي معرفة الذات، وأكثرها صعوبة هي اكتشاف الذات، وأشجع وأهم رحلة تنقيب وبحث هي تلك التي تقوم بها داخل أغوار نفسك".
وددت أن أستهل مقالي بالتغريدة السابقة لاستشاري الطب النفسي محمد اليوسف؛ إذ أراها تشرح بدقة الأهمية التي يمكن أن يمثلها، فلا شيء أهم -وأعقد في الوقت نفسه- من أن يعرف الإنسان نفسه، حتى يعرف كيف يقود مركبته في بحر الحياة بمهارة وحكمة.
محتويات المقال
ويشير إلى ضرورة ذلك أيضاً الطبيب النفسي عاصم العقيل ضمن تغريدة يقول فيها: من أعظم الأهداف الشخصية أن تتعرف إلى نفسك: ما هي قيمك؟ ما الذي يسعدك؟ ما الذي يزعجك؟ ماذا تريد أن تكون في المستقبل؟ وهكذا.. تحتاج الإجابات إلى وقت وربما إلى خوض تجارب وقراءة كتب، لكنها رحلة ممتعة، وبعد معرفة الإجابات ستصبح إنساناً مستقلاً، راضياً عن نفسك، مطمئناً في حياتك.
وحتى نسهل عليك هذه الرحلة، سنستعرض في مقالنا الفائدة التي ستعود عليك من وراء محاولة الإجابة عن سؤال: من أنا؟ وكيف تصل إلى إجابة دقيقة عنه.
ما الذي ستستفيده عندما تجيب عن هذا السؤال المعقد؟
حسناً، ربما تسأل نفسك: لماذا يجب عليك أن تجيب عن سؤال: من أكون؟ فالحياة تسير مثلما هي ولا جديد يمكن أن يحدث تحت الشمس مثلما يقولون، لكن دعني أخبرك ببعض الفوائد الثمينة التي ستجنيها عندما تبذل جهدك للإجابة عن السؤال السابق:
- ستصبح أكثر سعادة عندما تتمكن من التعبير عن شخصيتك وأحلامك وطموحاتك، وسيزيد ذلك فرصة حصولك على ما تريد.
- ستنخفض حدة صراعاتك الداخلية لأن أفعالك ستكون أكثر توافقاً مع قيمك ومشاعرك.
- ستتمكن من اتخاذ قرارات أفضل في مختلف مناحي الحياة بدءاً من القرارات الصغيرة مثل نمط ملابسك، وصولاً إلى القرارات الكبرى ومنها اختيارك شريك حياتك والوظيفة التي تعمل بها.
- ستزيد قدرتك على ضبط نفسك لأنك ستعرف جيداً ما يحفزك ويثير أعصابك، ومن ناحية أخرى ستنمّي عادات جيدة تجعلك أكثر تبصرة وفهماً لأفعالك.
- ستستطيع أن تقول لا بوضوح في وجه الضغوط المجتمعية، فأنت تعرف جيداً ما تريد في رحلة حياتك.
- ستجد أنك أصبحت شخصاً متسامحاً ومتفهماً للآخرين؛ نتيجة إدراكك نقاط ضعفك ومشكلاتك واقتناعك بعدم وجود شخص كامل.
- سيختفي الملل بنسبة كبيرة من حياتك لأن أنشطتك ستكون أكثر توافقاً مع أحلامك وطموحاتك.
اقرأ أيضاً: "سعادتك في ذاتك لا في ممتلكاتك": كيف تعيش هذه المقولة في حياتك اليومية؟
نقطة للفهم: كيف تتشكل هويتك؟
نمر أحياناً عندما تتقدم أعمارنا بمساحة حرجة من التساؤل: هل تغيرت شخصياتنا عما كانت عليه في السابق؟ ما الذي فقدناه من سماتنا الشخصية الماضية وأي سمات جديدة اكتسبناها بمرور الأيام؟ وتتعلق الأسئلة السابقة بهوياتنا بالدرجة الأولى، وحتى نفهم عمق المسألة فهوياتنا هي بمثابة الحبل الذي يربطنا بذواتنا ويشعرنا بها، لذا فمن دون هوية لن ندرك حقيقة من نكون وخصائصنا الفريدة ونقاط قوتنا وضعفنا.
لمزيد من الإيضاح، فهوياتنا ليست ثابتة وإنما تتطور باستمرار، فقد يحدث أن تتغير الطريقة التي نرى بها أنفسنا أو نتصرف بها كلما نضجنا وصقلتنا تجارب الحياة، ويتأثر هذا التطور بعوامل متعددة، أهمها:
- الرغبة في التفرد: نحتاج جميعاً للشعور بأننا مختلفون عن غيرنا، ما يدفعنا إلى التطور على نحو يضمن لنا أن نكون متفردين بذواتنا عن غيرنا، ويحتاج ذلك إلى مساحة للتعبير عن أنفسنا بحرية دون خوف من الخجل أو النقد أو الشعور بالذنب.
- المجتمع: تسهم التأثيرات والتوقعات المجتمعية في تحديد ملامح هويتنا، بما في ذلك الثقافة المجتمعية ووسائل الإعلام وغيرها من العوامل التي تؤثر في كيفية تعاملنا مع هويتنا واستجابتنا في حال اختلافنا عن الأنماط المجتمعية السائدة.
- العائلة: يسهم الوالدان في تشكيل هويتنا، إذ يمتد تأثير الدور الذي يؤديانه في حياتنا وكيفية رؤيتنا لأنفسنا، فالأسلوب التربوي يمكن أن يعزز علاقتنا بذواتنا أو يضعفها.
اقرأ أيضاً: 8 نصائح تساعدك على التوقف عن الإشفاق الضار على ذاتك
6 إرشادات فعالة لتجد إجابتك الفريدة عن سؤال: من أنا؟
إذا كنت تجد صعوبة في التعرف إلى هويتك والإجابة عن سؤال: من أنا؟ فهناك عدة إرشادات ستسهل عليك المهمة:
- ابذل قصارى جهدك لتعرف نفسك أكثر، ويشمل ذلك حصر اهتماماتك والأشياء التي تحبها وتكرهها، وأيضاً معتقداتك وقيمك وأهدافك، خذ ما يكفيك من الوقت لاكتشاف نفسك ولا تتردد في سبيل ذلك بأن تجرب أشياء جديدة تساعدك على بناء وعيك الحقيقي بذاتك.
- جرب كتابة اليوميات أو انخرط في أي نشاط إبداعي آخر يفتح لك نافذة ترى نفسك من خلالها بوضوح، فهذا سيجعلك أكثر قدرة على التعبير عما تريد، وأيضاً ستكتشف الأشياء التي تثير اهتمامك.
- لا تتردد في أن تقضي بعض الوقت بمفردك، ولا يعني ذلك الميل إلى الوحدة، لكن القصد هو الحصول على استراحة تكتشف خلالها أولوياتك بعيداً عن الضغوط المجتمعية.
- تحدَّ نفسك بين الحين والآخر؛ ويعني ذلك أن تقوم بأشياء يصور لك عقلك أنك غير قادر على القيام بها، لا لشيء سوى أن تفسح لنفسك متسعاً للاختيار بعيداً عن القيود الذهنية التي تكون في كثير من الأحيان غير واقعية.
- لا تعش حياة شخص آخر كيلا تنساق وراء اختيارات المحيطين بك وترضخ لضغوطهم، وفي حال كنت تعاني انخفاض ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك فيمكنك البدء باختيارات صغيرة، وتضاعفها على نحو تدريجي حتى تصل إلى الاختيارات الكبيرة.
- إذا وجدت أنك بعد اتباع الإرشادات السابقة ما زلت تعاني صعوبة في معرفة من تكون فلا تتردد أن تتحدث إلى المختص النفسي الذي يمكن أن يساعدك على معرفة المزيد عن ذاتك، ويمدك بخطوات عملية تجعلك أكثر قدرة على إدارة حياتك.
اقرأ أيضاً: 8 حلول عملية لاستعادة قوتك والبدء من جديد عند شعورك بالانهيار