هل هو اكتئاب أم مجرد كسل؟ إليك الفروق والحلول العملية

5 دقيقة
الكسل والاكتئاب
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: عبد الله بليد)

هل سبق أن استيقظت صباحاً وشعرت أنك غير قادر على النهوض من السرير من أجل أداء مهام عملك ومواصلة يومك؟ هل تحس أحياناً أن الطاقة قد استنفدت منك تماماً ولم تعد تملك الدافع للذهاب إلى العمل؟ حين تمر بمثل هذه الأوقات عادة قد تسأل نفسك "هل أنا مكتئب أم كسول؟" فعلى السطح يشترك الكسل والاكتئاب في بعض أوجه التشابه، ولكن في العمق تكمن الاختلافات، وإليك الفروق الدقيقة بين الكسل والاكتئاب عبر هذا المقال.

ما هي أوجه التشابه بين الاكتئاب والكسل؟

غالباً ما يخلط بعض الأشخاص بين الكسل والاكتئاب على الرغم من أنهما مفهومان مختلفان؛ فالكسل يحدث عندما تختار عدم إنجاز مهمة بعينها رغم أنك قادر على ذلك، ويمكن القول إن مصطلح الكسل يشير إلى الافتقار إلى الدافع أو الجهد أو الرغبة في أداء أنشطة أو مهام تتطلب مجهوداً بدنياً أو عقلياً، وعادة ما يتسم بالشعور بالتسويف أو التجنب أو الخمول، والكسل ليس مصطلحاً طبياً سريرياً، بل هو تعبير عامي لوصف الإحجام المؤقت أو المعتاد عن تأدية المهام اليومية، مثل الأعمال المنزلية.

وعلى النقيض من ذلك، فالاكتئاب ليس فعلاً متعمداً ولكنه حالة نفسية تُدخل الأفراد في حلقة مفرغة من الحزن واللامبالاة والاضطراب العاطفي، ما يؤدي إلى انخفاض جودة الحياة، ويمكن القول إن مشاعر اليأس والعجز التي تصاحب الاكتئاب تعطل الأنشطة اليومية، وتضعف العلاقات، وتسبب تدني احترام الذات، والتأثيرات السابقة لا تحدث في حالة الكسل.

وهناك بعض أوجه التشابه بين الكسل والاكتئاب، مثل الافتقار إلى الدافع وصعوبة إكمال المهام، علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي كل من الكسل والاكتئاب إلى التسويف وتجنب المسؤوليات، وذلك لأن الأفراد الذين يعانون أياً من الحالتين قد يشعرون بالإرهاق أو عدم القدرة على التعامل مع التزاماتهم اليومية.

اقرأ أيضاً: هل يمكن للكسل أن يكون مفيداً؟

هل أنت مكتئب أم كسول؟ تعرف إلى أهم الفروق الدقيقة

قد تواجه صعوبة في معرفة الفرق بين الكسل والاكتئاب لأن كليهما يؤثر في طاقتك وإنتاجيتك اليومية، لهذا حين تشعر بأنك لست على ما يرام، خذ لحظة من أجل التفكير في الفروق التالية:

1. مدة الشعور بانخفاض الطاقة

عادة ما يُشخّص الاكتئاب عندما تستمر الأعراض مدة 6 أشهر على الأقل، ويجب أن تكون هذه الأعراض شديدة بما يكفي للتأثير على نحو كبير في جودة حياتك وقدرتك على إدارة المسؤوليات اليومية، وعلى النقيض من ذلك، فإن الكسل هو عادةً حالة مؤقتة لا تدوم طويلاً أو تؤثر في حياتك بعمق كما يفعل الاكتئاب.

2. الاهتمام بالأنشطة

من العلامات الرئيسية للاكتئاب فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت تجلب لك السعادة، وهو أحد الأعراض المعروفة باسم فقدان المتعة، وعندما تكون مكتئباً، فإن فقدان الاهتمام ليس شيئاً يمكنك التحكم فيه، ولكنه يحدث على أي حال، وعلى النقيض من ذلك، فإنك في حالة الكسل لا تزال تستمتع بالأنشطة الممتعة لكنك على الرغم من ذلك، تؤجلها لأنك لا تحس بالرغبة في الانخراط بها.

3. حالتك العاطفية

من أهم الأعراض التي تداهمك عند الإصابة بالاكتئاب الصعوبات العاطفية المستمرة مثل مشاعر اليأس أو الحزن العميق أو الخدر العاطفي، فإذا كنت لا تعاني هذه المشاعر الشديدة، فمن المحتمل أنك تواجه الكسل وليس الاكتئاب السريري الذي ينطوي على مشاعر شديدة الوطأة مثل انعدام القيمة، وغالباً ما يتجاوز الاكتئاب التقلبات الطبيعية في الحياة ويمكن أن يؤثر تأثيراً كبيراً في قدرتك على الانخراط مع الآخرين.

4. القدرة على الرعاية الذاتية

إذا كنت تعاني الاكتئاب فستواجه صعوبات في رعاية الذات الأساسية، مثل الاستحمام والعناية الشخصية وتناول الطعام، هذا الإهمال لا يتعلق بنقص الاهتمام ولكنه ينبع من الشعور بعدم القدرة الحقيقية على تأدية هذه الأنشطة، أما في حالات الكسل، فعادة ما تكون قادراً على رعاية ذاتك، لكنك تختار طواعية عدم الاعتناء بنفسك.

5. التأثير في الحياة اليومية والإنتاجية

يُضعف الاكتئاب قدرتك على أداء المهام اليومية، ومع مرور الوقت يمكن أن يؤدي إلى صعوبات في الحفاظ على العلاقات وإنتاجية العمل والأداء اليومي، وغالباً ما يكون تأثير الاكتئاب في الحياة اليومية بعيد المدى وقد يمتد إلى مجالات مختلفة، بما يشمل حياتك الشخصية والمهنية والاجتماعية.

وإذا كنت مُصاباً بالاكتئاب فستواجه صعوبة كبرى في النهوض يومياً من السرير، وقد يؤثر الاكتئاب في علاقاتك ويجعلك تحس بالوحدة والعزلة، وفيما يخص الكسل، فإنه يؤثر أيضاً في حياتك اليومية وأداء مهام عملك، ولكن تأثيره ليس في عمق تأثير الاكتئاب؛ حيث إن الكسل حالة مؤقتة يمكن التغلب عليها بالانضباط الذاتي وتغيير عقليتك.

6. تقييم الطبيب النفسي المختص

إذا كنت لا تزال غير قادر على تمييز إن كنت مكتئباً أم كسولاً، يجب عليك طلب المساعدة من الطبيب النفسي المتخصص، وفي هذه الحالة سوف يُقيّم الطبيب أعراضك ووضعك الصحي ويخبرك بالنتيجة، ومن ثم يساعدك على تحديد أفضل مسار من أجل العلاج.

اقرأ أيضاً: كيف تتغلب على الاكتئاب على الرغم من تخلي من حولك عنك؟

كيف تحفّز نفسك حين تشعر بالكسل؟

قد تحس في بعض الأوقات بانعدام الحافز أو تفقد الشغف تجاه وظيفتك أو مهامك اليومية، وفي هذه الحالة يمكنك تحفيز نفسك عبر اتباع النصائح التالية:

1. ضع قائمة مهام واقعية

بعد أن أستيقظ من نومي صباحاً، وقبل الانخراط في العمل، أضع قائمة مهام يومية عادة ما تضم مهام العمل وبعض الأعمال المنزلية والأنشطة اليومية مع أطفالي، ولأن القائمة تكون طويلة للغاية وفيها الكثير من المهام أحس في بعض الأيام بالاحتراق والإرهاق ومن ثم أفقد الرغبة في استكمال العمل وأشعر بالكسل، لهذا لا تفعل مثلي، وتجنب التحميل الزائد، ضع قائمة مهام واقعية وقابلة للتحقيق.

2. استخدم الحديث الذاتي الإيجابي

يؤدي الحديث الذاتي السلبي إلى عرقلة جهودك اليومية من أجل إنجاز الأمور في كل جانب من جوانب حياتك، ويمكن القول إن إخبار نفسك بأنك شخص كسول هو شكل من أشكال الحديث الذاتي السلبي، لهذا استبدله على الفور بالحديث الذاتي الإيجابي، وأخبر نفسك بأنك ستبذل قصارى جهدك من أجل أداء المهام والأنشطة اليومية.

3. خطط من أجل يومك

إن التخطيط من أجل مهامك اليومية يساعدك على إنجازها، لكن كن واقعياً بشأن مقدار الوقت والجهد والعوامل الأخرى اللازمة لتحقيق هدفك، وضع خطة عمل؛ وذلك لأن وجود خطة سيوفر لك الوقت والمجهود وسوف يساعدك على التعامل مع أي عقبات تقابلك على طول الطريق.

4. اعترف بإنجازاتك الصغيرة

إن الثناء على نفسك يمكن أن يسهم في تحفيزك على الاستمرار، لذلك فكر في تدوين إنجازاتك جميعها على طول الطريق في أفعالك كلها، سواء في العمل أم المنزل؛ إذ إنها طريقة رائعة لتعزيز ثقتك وإنتاجيتك، وتزويدك بالوقود من أجل الاستمرار.

4 نصائح عملية تمكّنك من مواجهة الاكتئاب

يوضح الطبيب النفسي، محمد اليوسف، أن الاكتئاب يشتد ضيقه مع ساعات الصباح الأولى، لذلك إذا كنت مصاباً بالاكتئاب فقد تواجه صعوبة كبيرة في النهوض من سريرك ومواجهة العالم، وعليه حاول التعامل مع الاكتئاب عبر اتباع النصائح التالية:

1. مارس التمارين الرياضية

إذا كنت غير قادر على النهوض من سريرك صباحاً فقد تكون التمارين الرياضية هي آخر شيء تشعر بالرغبة في ممارسته، ولكن الحقيقة هي أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام تعزز طاقتك وتساعدك على الشعور بالسعادة، وذلك بسبب إفراز هرمون الدوبامين والسيروتونين، وإذا كنت تواجه صعوبة في البدء يمكنك اختيار أنشطة خفيفة مثل المشي مدة 15 دقيقة في الهواء الطلق.

2. احصل على قسط كافٍ من النوم

يجب أن تحصل على قسط كافٍ من النوم لتتمكن من مواجهة الاكتئاب، ولتحقيق ذلك هناك بعض الاستراتيجيات الصغيرة التي يجب تنفيذها؛ مثل الذهاب إلى النوم في الموعد نفسه كل ليلة، والابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية خاصة هاتفك المحمول قبل النوم، وتجنب الكافيين قدر الإمكان من فترة ما بعد الظهر وحتى المساء، مع الحرص على بقاء غرفة نومك هادئة ومظلمة.

3. اطلب الدعم من الأشخاص المقربين

على الرغم من أن الاكتئاب اضطراب نفسي صعب، يجب أن تتذكر أنك لست وحدك، ولهذا أحط نفسك بأشخاص إيجابيين يفهمون ما تمر به ويساعدونك على الاعتناء بنفسك، كما يمكنك طلب الدعم من الطبيب النفسي لتلقّي العلاج اللازم.

4. مارس تقنيات الاسترخاء

نظراً لأن الاكتئاب يمكن أن يستنزف طاقتك، فمن المهم ممارسة تقنيات الاسترخاء ودمجها في حياتك اليومية، جرّب التأمل أو كتابة اليوميات أو ممارسة اليوغا، يمكنك أيضاً تجربة استرخاء العضلات التدريجي، يتضمن ذلك الشهيق في أثناء شد العضلات في كل منطقة من جسمك -من رأسك إلى أصابع قدميك- مدة 15 ثانية ثم الزفير في أثناء استرخاء تلك العضلات.

المحتوى محمي