هل تتذكر آخر مرة قابلت فيها شخصاً جديداً لا تعرفه؟ ما الذي لفت نظرك؟ هل ركّزت على ملابسه أم لغة جسده وسلوكه وطريقة ابتسامته؟ هل تعلم أن الأمر يستغرق لحظات قصيرة جداً من أجل تكوين الانطباع الأول؟ في الحقيقة إن ذلك الانطباع يؤثر تأثيراً كبيراً في كيفية رؤيتك للأشخاص، وسواء كنت تجري مقابلة عمل بشأن وظيفة جديدة مهمة بالنسبة لك، أم ستقابل أصدقاء محتملين؛ فسوف تخضع للتقييم ويتشكل انطباع شخص آخر عنك، ولا توجد أي فرصة لإعادة الانطباع الأول، إنه يحدث مرة واحدة فقط. وعليه،كيف يمكنك أن تترك أفضل انطباع عنك من اللقاء الأول؟ الإجابة من خلال هذا المقال.
ما هو الانطباع الأول؟ ولماذا يعد مهماً؟
الانطباع الأول هو الاستنتاج الفوري الذي تستخلصه عند مقابلة شخص أول مرة، وعادة ما يتشكل هذا الانطباع من خلال استيعاب بعض المعلومات على نحو سريع، مثل ملابس الشخص وملامح وجهه ونبرة صوته، ويمكن القول إن الانطباع الأول لا يرتكز فقط على مظهر الأشخاص الذين تقابلهم، ولكنه يعتمد أيضاً على تجاربك السابقة وتوقعاتك وتحيزاتك المعرفية، ولهذا السبب يمكنك أنت تقابل شخصاً جديداً أنت وصديقك ويكوّن كل منكما انطباعاً أولياً مختلفاً عن الشخص نفسه وذلك بسبب اختلاف تجاربكما وتوقعاتكما.
وعلى الرغم من أن الانطباع الأول قد يكون خاطئاً أو غير دقيق فإنه ما زال مهماً، لأن الانطباعات الأولى تدوم، ويمكن أن تحتاج وقتاً طويلاً وجهداً مضاعفاً لتغيير الانطباع الأول، علاوة على ذلك، فإن الانطباع الأول يتكون لا شعورياً ومن ثم يترسخ بطريقة سهلة جداً.
وفي هذا السياق، يؤكد أستاذ علم النفس في جامعة برينستون (Princeton University)، ألكسندر تودوروف (Alexander Todorov)، أن معظم الأشخاص يصدقون الانطباعات الأولى التي يشكلونها، وذلك على الرغم من أنها قد تكون مضللة في معظم الأوقات، ويوضح الطبيب النفسي، محمد اليوسف، أن الانطباع الأول قد يكون هو الانطباع الأخير لأن العقل حين يصدر حكماً لا يرى سوى ما يثبت انطباعه وحكمه ويؤكده.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر الحذاء الذي ترتديه في الانطباع الأول الذي يأخذه الآخرون عنك؟
كيف تترك أفضل انطباع عنك من اللقاء الأول؟
يعد ترك انطباع أول جيد أمراً مهماً، خاصة في بعض المواقف التي تعنيك حقاً، ولهذا إذا كنت تحاول ترك انطباع جيد لدى الآخرين، فهناك بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدك، منها على سبيل المثال:
1. ارتدِ ملابس مناسبة
يصدر الناس معظمهم انطباعاتهم الأولى في غضون وقت قصير جداً، وأحد أول الأشياء التي يراها هؤلاء الناس هو الملابس، لهذا حاول ارتداء ملابس مناسبة، وفي الوقت نفسه احرص على أن تكون تلك الملابس مريحة، واختر ما ترتديه وفقاً للسياق الاجتماعي أو المكان الذي ستلتقي فيه الأشخاص، على سبيل المثال، البيئات الأكاديمية تستلزم ملابس رسمية عكس الخروج إلى أحد المقاهي.
2. ركّز على لغة جسدك
يمكن للإشارات غير اللفظية أن تنقل قدراً كبيراً من المعلومات، لذلك تأكد جيداً من أن لغة جسدك تعزز الانطباع الذي تحاول تركه، على سبيل المثال، حاول الحفاظ على وضعية جسد مناسبة، وتأكد من إبقاء جسمك بزاوية تجاه الشخص الآخر، اجلس أو قف على نحو مستقيم مع إبقاء ذراعيك بجانبك وساقيك مفرودتان، تجنب وضع ذراعيك متقاطعتين في أي وقت حتى لا تظهر بمظهر دفاعي أو كأنك منغلق على ذاتك، ومن الأفضل عادةً إبقاء يديك خارج جيوبك.
3. حافظ على التواصل البصري
التواصل بالعين هو أحد طرائق التواصل غير اللفظي، ويمكن القول إن تواصلك بصرياً مع الشخص الآخر عادة ما يُظهر الصدق والاحترام، كما يؤكد أنك تولي اهتماماً للشخص الآخر وتنصت إلى كل ما يقوله. لهذا إذا كنت تحاول ترك انطباع جيد، حافظ على التواصل البصري بانتظام، ولكن يمكنك النظر بعيداً للحظات قليلة حتى لا يظن الشخص الآخر أنك تحدق فيه.
4. تذكّر أن تبتسم
تجعل الابتسامة الأشخاص يشعرون بالترحيب والراحة في وجودك، كما تُظهرك بمظهر الشخص الودود والمهذب، ويمكن أن تساعدك على تخفيف الإحساس بالتوتر وتحسّن حالتك المزاجية، ولكن لا تتصنّع الابتسامة لأن الأشخاص الآخرين قد يتمكّنون من اكتشاف الأمر ويمكن أن يروك شخصاً يرتدي قناعاً أو غير صادق.
5. كن نفسك
سواء كنت ذاهباً إلى مقابلة للحصول على وظيفة جديدة، أم تقابل صديقاً جديداً، حاول قدر الإمكان أن تكون نفسك، تحدث عن الأشياء التي تحبها، وتجنب التظاهر بأنك شخص آخر، لا ترتبك وأنت تتحدث ولا تحاول إبهار الآخرين بمعرفتك الواسعة، وتذكّر جيداً أن الانطباع الحقيقي والأهم الذي يجب أن يُؤخذ عنك هو أن صُحبتك كانت جذابة والتحدث معك كان أمراً ممتعاً.
اقرأ أيضاً: ما هو تأثير الأسبقية؟ وكيف توظفه لتترك انطباعاً جيداً عنك؟
6. تحدّث واستمع
التحدث والاستماع باعتدال أمران مهمان لترك انطباع أول جيد، وذلك لأن التحدث كثيراً قد يجعلك تبدو كأنك غير مهتم بالشخص الآخر، في حين أن التحدث قليلاً قد يجعلك تبدو كأنك تفتقر إلى الثقة، ولهذا استمع باهتمام عندما يتحدث الآخرون وردّ في الأوقات المناسبة دون مقاطعة، وتذكّر أن الإنصات إلى الآخرين يمكن أن يساعدك على ضمان أن تكون استجابتك موجزة وذات صلة، كما سيجعلك تظهر بمظهر ذكي ومنتبه.
7. احصل على قسط كافٍ من النوم
قد تبدو لك هذه النصيحة غريبة بعض الشيء، ولا علاقة لها بترك الانطباع الأول، إذ ربما قد سبق لك وتلقيت هذه النصيحة قبل موعد الامتحان، ولكن صدقني، الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً سوف يُحدث فرقاً كبيراً في كيفية ظهورك أمام الآخرين في اليوم التالي، سوف تشعر بتحسن، وتحس بالطاقة، وسوف تكون قادراً على التركيز، علاوة على ذلك، لن تبدو متعباً أو خاملاً.
8. كن متعاطفاً
التعاطف هو القدرة على فهم المشاعر نفسها ومشاركتها مع شخص آخر، يمكن أن يساعدك التعاطف على الظهور بمظهر لطيف عندما يتعلق الأمر بالانطباعات الأولى، ولكن حين تتعاطف مع الآخرين لا تتجاوز الحدود، وكن لبقاً، وتأكد أن إظهار التعاطف سيساعدك على تكوين تواصل حقيقي وفعّال، ولإظهار التعاطف، اطرح الأسئلة بفضول حقيقي واستمع بفهم، واحرص على البقاء مركزاً ومنخرطاً في المحادثة.
9. ضع هاتفك جانباً
إن تصفح الهاتف باستمرار في أثناء وجودك بصحبة الشخص الآخر يجعلك تبدو غير مهتم بلقائه، حتى لو كنت شخصاً قادراً على إنجاز أكثر من مهمة في الوقت نفسه، فإن استخدام الهاتف سوف يسلبك قدرتك على الإنصات، ويمكن القول إن تصفح الهاتف باستمرار يخلق انطباعاً سلبياً على الفور.
10. اختر كلماتك بعناية
عند التحدث إلى الآخرين، ركز على استخدام لغة مهذبة ومحترمة ولا تحاول الحكم على الآخرين، وإذا كنت تحب إبداء رأيك في مواضيع خلافية ومثيرة للجدل فاجعل تلك المناقشات مع أصدقائك المقربين، وحاول قدر الإمكان مراعاة مشاعر الآخرين وخلفياتهم عندما يجري تقديمك لهم أول مرة، وإذا أردت التحدث، اجعل المحادثات قصيرة واختر مواضيع محايدة مثل الهوايات والطقس والسفر والطعام.