كيف تتعاملين مع زوجك غير المسؤول؟

تحمُّل المسؤولية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تُبنى الحياة الزوجية السليمة على أساس المسؤولية المشتركة. لكن في بعض الأحيان؛ قد يتنصّل أحد الطرفين من المسؤولية، دافعاً بالعبء كاملاً على الطرف الآخر؛ ما ينشأ عنه العديد من المشكلات.
ففي حين يجدر بالرجل أن يكون مسؤولاً عن أسرته، فقد يظل غير ناضج بالدرجة الكافية لأداء تلك المهمة. بمعنىً آخر؛ قد يكون رافضاً أن ينضج ويكون مسؤولاً، وذلك يُعرف بمتلازمة “بيتر بان”.

الرجل الرافض لأن “ينضج”

كَتَب الكاتب الإسكتلندي؛ السير جيمس باري، في روايته الصادرة عام 1911 بعنوان “بيتر وويندي“، والمعروفة أيضاً ببيتر بان: “كل الأطفال، باستثناء طفل واحد، يكبرون”.

كان يتحدث في تلك العبارة عن”بيتر بان”؛ الصبي الذي لن يكبر. ذلك المصطلح الذي انتقل من عالم الأدب إلى علم النفس على يد عالم النفس الأميركي”دان كيلي”؛ والذي نشر كتاباً في عام 1983 بعنوان “متلازمة بيتر بان: الرجال الذين لم يكبروا أبداً”.

ما متلازمة بيتر بان؟

في حين يمكن أن يُطلق ذلك المصطلح على الرجال والنساء؛ إلا أنه غالباً ما يُستخدم لوصف الرجال غير الناضجين عاطفياً، والذين يُظهرون أنماطاً مستمرِّة من الاستجابات والسلوك غير الناضج، ولا يستطيعون مواجهة مشاعر الكبار ومسؤولياتهم؛ بحسب دراسة من جامعة أوندوكوز مايس التركية.

على الرغم من عدم معاناتهم من اضطراب عقلي يمنع نموهم الفكري أو العاطفي؛ إلا أن هؤلاء الأشخاص يستمرون في التمسُّك بأيام الراحة واللهو من الطفولة؛ حيث يحتمون بها من مسؤوليات عاطفية ومالية واجتماعية في المراحل العمرية اللاحقة؛ ذلك النمط من السلوك الذي يؤثِّر على علاقات الشخص المختلفة ونوعية حياته.

اقرأ أيضا:

8 علامات على عدم النضج

مع أن تلك المتلازمة غير مُصنَّفة كاضطراب أو مرض نفسي، ولا توجد أعراض رسمية لها؛ إلا أن هناك بعض عوامل الخطر التي بتوافرها في معاملات الفرد المختلفة -سواء في العمل أو المنزل أو صداقاته- قد تشي بأن ذلك الرجل رافض للنضج وغير مسؤول.

تتمثّل تلك العلامات في:

1. يفتقر إلى الحدود مع الوالدين

وفقاً لدراسة أميركية من جامعة نبراسكا؛ تشمل علامات عدم النضج بالنسبة للرجال ارتباطهم الشديد بأمهاتهم.

عادة ما تبدأ الحالة غير الصحية في مرحلة الطفولة، عندما يكون الرجل تابعاً لوالدته؛ ما ينتج عنه استمرار في الاعتماد عليها لتلبية احتياجاته العاطفية والاجتماعية والعملية والمالية، حتى عندما يكون في علاقة مستقلة.

2. ليس لديه علاقات ناضجة

وفقاً لما ذكره دان كيلي في كتابه؛ يميل الأشخاص الذين يفتقرون إلى النضج العاطفي إلى رؤية وتقديم أنفسهم على أنهم ضحايا دائماً.

لذلك، فعند الحديث معهم، قد تجدهم يميلون إلى الحديث بصورة سيئة عن الطرف الآخر في العلاقة، سواء كانت صداقة أو علاقة عاطفية.

فبدلاً عن تحمُّل المسؤولية عن أفعالهم أو سلوكياتهم التي ربما تسببت في مشاكل أو أنهت علاقة سابقة؛ من المرجَّح أن يلوم الشخص غير الناضج الآخرين.

3. أصدقاؤه غير ناضجين

قد يُفضِّل الشخص غير الناضج قضاء الوقت مع الآخرين الذين يفتقرون أيضاً إلى النضج العاطفي؛ حيث يكون هؤلاء الأفراد أقل قابليةً لانتقاد سلوك بعضهم البعض.

4. لا يمكنه الاحتفاظ بوظيفة

يواجه الأشخاص غير الناضجين عاطفياً صعوبة في الحصول على وظيفة، والاحتفاظ بها، والترقية فيها. كذلك؛ إذا كان ذلك الشخص يحصل على دعم مادي من الوالدين أو العائلة أو الأصدقاء حتى مرحلة البلوغ، فقد يستمر في تجنّب البحث عن عمل.

5. يفتقر إلى طرق صحية للتعامل مع التوتر

لا يمتلك الأشخاص غير الناضجين طرقاً صحيّةً للتعامل مع التوتر، وقد يستخدمون أنشطة معينة لتجنب مشاعرهم أو مسؤولياتهم أو أي شيء آخر يسبب لهم ذلك الشعور السيئ.

في حين قد يمارس الشخص البالغ الناضج عاطفياً هواية لتخفيف التوتر، أو يتصل بصديق للحديث أو يستشير أخصائياً نفسياً؛ قد يتجه الشخص غير الناضج عاطفياً لإدمان نشاط يشجع على الهروب من الواقع؛ مثل ألعاب الفيديو – وفقاً لدراسة أجراها باحثون من جامعتي رامون لول بإسبانيا ونوتنغهام ترنت بإنجلترا.

6. إدمان المشروبات الكحولية و المخدرات

يمكن لأي شخص تطوير علاقة غير صحية مع المشروبات الكحولية أو المواد المخدِّرة؛ لكن عدم النضج العاطفي قد يزيد من تلك الاحتمالية.

قد لا يعرف الشخص الذي يدمن المخدرات أو المشروبات الكحولية بشكل غير مسؤول المخاطر المحتَمَلة أو يهتم بها، فقد يفشل في التفكير في عواقب أفعاله على نفسه ومَن حوله.

بالإضافة إلى ذلك؛ وفقاً لدراسة منشورة بالدورية الدولية لعلم النفس الهندي، فعندما لا يتمكن ذلك الشخص غير المسؤول من تبرير سلوكه عندما تواجهه به، قد يهاجمك ويتهمك بأنك “متوتر” وغير قادر على الاسترخاء والاستمتاع.

اقرأ أيضا:

7. لا يساعدون أو يشاركون في تلبية متطلبات المنزل

قد يفتقر الشخص غير الناضج إلى الشعور بالمسؤولية تجاه بعض الجوانب في حياة البالغين؛ مثل دفع الفواتير أو المهام المنزلية. إذا طُلب من ذلك الشخص المساعدة في الأعمال الروتينية، فقد يستجيب بفظاظة.

كذلك؛ قد يفتقر ذلك الشخص إلى الوعي بالحاجة إلى الرعاية الذاتية، ويحتاج من الشريك تذكيره بغسل أسنانه أو الحلاقة أو الاستحمام أو ارتداء الأزياء المناسبة للمناسبات والأحداث الاجتماعية.

8. لا يستطيع التعبير عن مشاعره بطريقة مناسبة

غالباً لا يمتلك الأشخاص الذين يفتقرون إلى النضج العاطفي نظرة جيدة لسلوكهم، فقد لا يؤمنون وأحياناً يرفضون رؤية أن سلوكهم غير صحي؛ ما ينتج عنه صعوبة في شرح ما يشعرون به.

قد يكون الشخص غير الناضج عاطفياً دائم الشكوى وُيصر على أنه يُعامَل بطريقة غير عادلة، وقد يصل إلى حد إلقاء اللوم على الآخرين خلال نوبات الغضب؛ لا سيما عندما يشعر أنه يتعرض للاستخفاف أو اللوم بطريقة ما.

كذلك؛ قد يُعرب هؤلاء عن غضبهم إذا شعروا أن احتياجاتهم لم تتم تلبيتها أو تم تجاهلها. وعلاوةً على ذلك؛ قد يشعر الآباء غير الناضجين عاطفياً بالتهديد من قِبَل أطفالهم، فقد ينزعج الرجل مثلاً إذا أعطت شريكته الأولوية لاحتياجات الأطفال قبله.

اختلافات على عدّة أصعدة

يقول باتريك تشيثام؛ عالم النفس بولاية أوريغون، أنه لن تبرز المشكلات بين الشريكين في عدم المسؤولية فقط؛ ستكون هناك أيضاً خلافات على مستويات عدة: “في العلاقات، أعتقد أن هذا يظهر بشكل أوضح في المستويات المتباينة من الطموح والتوقعات وأهداف الحياة والقدرة على الوفاء بالالتزامات”.

إذا كان شريكك يعاني من متلازمة “بيتر بان”، فقد يكون لديك انطباع بأنه سيصعب عليه البقاء في العالم بمفرده، فهو يترك لك مسؤولية الإنفاق، وتخطيط الأنشطة واتخاذ القرارات الكبيرة طويلة الأجل، كما أنه يكون مُهمِلاً للأعمال المنزلية ومسؤوليات رعاية الطفل، بالإضافة إلى تجنب معالجة قضايا العلاقة بطرق مثمرة.

اقرأ أيضاً:

حماية الوالدين المفرِطة وعدم النضج

تحذّر هومبلينا أورتيغا؛ أستاذة علم النفس بجامعة غرناطة وخبيرة في الاضطرابات العاطفية، من أن الحماية المفرطة للوالدين يمكن أن تؤدي إلى إصابة الأطفال بتلك المتلازمة، نظراً لأنها تمنعهم من تطوير المهارات اللازمة لمواجهة الحياة.

تضيف أورتيغا أن هؤلاء الناس عادةً ما يكونون خائفين من الشعور بالوحدة، ولهذا السبب يحاولون إحاطة أنفسهم بأشخاص يمكنهم تلبية احتياجاتهم. كذلك، فمن السمات الأخرى للأشخاص الذين يعانون من متلازمة “بيتر بان” أنهم يغيّرون شركاءهم باستمرار ويبحثون عن شركاء أصغر سناً.

“عندما تبدأ العلاقة في طلب مستوى عالٍ من الالتزام والمسؤولية، فإنهم يخافون ويفككونها. تتمتع العلاقات مع النساء الأصغر سناً بميزة القدرة على العيش يومياً دون أي قلق، كما أنها تنطوي أيضاً على خطط مستقبلية أقل؛ وبالتالي مسؤوليات أقل”، تستطرد أورتيغا.

ماذا تفعلين إذا كان شريكك غير مسؤولاً؟

إذا كان شريكك يمتلك تلك الصفات؛ ما يجعله غير مسؤولاً كزوج أو أب، فقد تتحقق بينكم تلك العلاقة القائمة على التكافل؛ كونك شخصاً مسؤولاً يعتني بآخر غير مسؤول، أو غير مخلص، أو نرجسي؛ ما يضعك في وضع المعاناة والسعي للحماية الدائمة له.

في البداية؛ ربما تكونين قد انجذبتِ إليه لشعورك بأنه يمثِّل تحدياً أو شخصاً يمكنك إصلاحه أو تغييره؛ حيث دفعك سلوكه الطفولي للشعور بأنك بحاجة إلى الاعتناء به أو توجيهه. لكن على المدى الطويل؛ يصبح ذلك الأمر مرهقاً للغاية، ويجعلك في معاناة من سلوك شريكك غير الناضج.

بمجرد تحديد أن سلوك شريكك غير الناضج يسبب مشاكل في علاقتكما، هناك خطوات يمكنك اتخاذها لإصلاح تلك العلاقة غير المتزنة:

1. راقبي سلوكك الشخصي

الخطوة الأولى هي أن تسألي “نفسك هل تدفع سلوكياتك شريكك للتخلّي عن مسؤولياته؟”، فربما تكون هناك جوانب معينة من شخصيتك وخبراتك الحياتية قد أثّرت في كيفية تعاملك مع شريكك.

حاولي أن تتذكري ما إذا شعرتي في طفولتك أنه كان عليكِ “أن تكبري بسرعة”؟، أو أنكِ كنتِ مسؤولة بشكل مفرط لأنه كان عليك رعاية الأشقاء أو أحد الوالدين.

2. فرض الحدود

في حين أنه من المهم بالنسبة لكِ إنشاء هذه الحدود، فلن يعالج ذلك بالضرورة شريكك من سلوكه غير الناضج، فهذه الحدود لصحتك ورفاهيتك في الأساس. أنت لست مسؤولةً عن تغيير سلوك شريكك؛ ولكن يمكنكِ دعمه في أثناء عمله على إجراء تلك التغييرات.

يمكنك أيضاً العمل على تغيير نفسك في حال كانت سلوكياتك تساعده على التخلّي عن المسؤولية، وتدفعك لممارسة دور الراعي؛ سيساعدك ذلك أنت وشريكك على المضي قدماً.

3. احصلي على الدعم

خلال هذه العملية؛ قد يستفيد شريكك من العمل مع أخصائي نفسي لفهم سلوكه والعمل على تغييره؛ حيث يمكنه مساعدته على تحديد السبب الكامن وراء سلوكه.

قد تجدين أنه من المفيد أيضاً العمل مع مختص بنفسك؛ حيث يساعدك على دعم شريكك خلال عمله على إجراء التغييرات، وتقييم ما إذا كانت العلاقة صحية لكليكما، بصدق.

اقرأ أيضاً:

الاستعداد للتغيير

إن السعي لمحاولة فهم أساس المشكلة أمر لا بد منه لكي يتم التعامل معها بالشكل الأفضل، فالمشكلة ليست في الخلاف الطافي على السطح؛ بل قد يكون هناك جبل جليدي راسخ بالعمق يجب عليك الوعي بوجوده، ومن ثم التعامل معه لتقييم علاقتك جيداً وتحقيق رفاهتك الشخصية.

وأخيراً؛ عليكِ أن تتذكري جيداً أنه يمكنك تشجيع ودعم التغيير الإيجابي في الشريك؛ إلا أنه من غير الممكن بشكل عام تغيير شخص ليس مستعداً أو راغباً في ذلك؛ وفقاً لتشيثام.

اقرأ أيضاً:

error: المحتوى محمي !!