كيف يمكنك تجاوز البخل العاطفي مع الشريك؟

البخل العاطفي
shutterstock.com/glebchik
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

مثل أولئك الأشخاص لا يتركون مشاعرهم تتدفق، ولا يميلون إلا قليلاً إلى التصريحات الملتهبة والمجاملات والتصرفات اللطيفة. لماذا يتصرف البعض منهم- في إطار الزوجية- بهذا البخل العاطفي؟ إليكم بعض الأفكار للإجابة عن هذا التساؤل.

  • هل هذا شأن ذكوري؟
  • ما وراء هذا البخل العاطفي
  • تحدث عما يزعجك، ولكن دون استرسال
  • اختيار هام
  • لكل منهما طريقته الخاصة التي تميزه
  • يمكن الدلالة على المحبة بطرق عدة
  • هل نطلب الكثير؟
  • كن مثلاً يُحتذى به

برفقتهم، تصبح الكلمات الحلوة، والتصريح بالحب، والأمور الصغيرة التي تدل على الاهتمام، وغيرها من التصرفات اللطيفة، من أندر ما يكون، أو بالأحرى؛ لا وجود لها تماماً. تقول لما البالغة من العمر 31 عاماً إنه: “في غضون ثلاثة أعوام ونصف العام، لم يلقِ شريك الحياة على مسامعي أي نوع من أنواع المديح. كما أنه لا يهتم بمنحي القبلات، باستثناء عندما يلقي عليّ تحية الصباح أو يودعني للانصراف. أما في الأماكن العامة، فهو يتصرف كما لو كنا غريبين”. إذا كان بإمكان أي منا أن يكون أكثر أو أقل إظهاراً لحبه وتدفق مشاعره، فنجد البخلاء عاطفياً يتعمدون الابتعاد والتصرف ببرود تجاه الطرف الآخر.

هل هذا شأن ذكوري؟

“إنه لم يصارحني قط بحبه”، “إنه لا يمسك بيدي أثناء وجودنا في الشارع”، “إنه لا يرتب لي المفاجآت الصغيرة”… ذلك غيض من فيض للأقوال الصادرة عن النساء اللواتي ارتبطن برفقاء يضنون بحنانهم.

ويعود هذا الأمر لأسباب وجيهة، حسب ما يقوله المحلل النفسي موسى النبطي: “ترغب المرأة وتحتاج للشعور بالحب الذي يظهر قولاً وفعلاً ويتجدد يومياً. إنهن يحببن شركاء حياتهن، كما يحببن الحب في ذاته. بينما الرجال، يميلون أكثر للناحية العملية، فهم يرغبون في ممارسة الحب أكثر من التعبير عنه في كلمات. إنها طريقتهم في التعبير عن حنانهم ورغبتهم. كما أنهم ليسوا أقل احتياجاً لإظهار ذلك يومياً”. لكن البخل العاطفي لا يخص الرجال فحسب، فهناك أيضاً نساء غير مباليات وباردات، ولا يبادلن شركاءهن المشاعر والمودة.

ما وراء هذا البخل العاطفي

ومع ذلك، يبدو هنالك تناقض ما بين البخل والحب. أليس الحب هو أن تطلق العنان لمشاعرك، وأن تمنح نفسك للآخر؟ ألا تميز الفضفضة والصراحة بين الشريكين العلاقة الرومانسية عن أي علاقة أخرى؟ فكما تقول آن سوزيد-لاغارد؛ المعالجة النفسية: “إن البخيل عاطفياً بحرمانه للآخر، سيحرم نفسه أيضاً من هذا الحنان، لذا فالسؤال الذي يطرح نفسه، هو معرفة إلامَ يعزى هذا البخل العاطفي. هل هو الخوف من التورط في أمر ما؟ أو من الوقوع في براثن علاقة ما؟ هل هو الاحتياج لقدر أكبر من التمايز عن الآخر؟ هل الأمر يتعلق بممارسة سلطة ما على الطرف الآخر؟…”.

ترى المعالجة النفسية أن البخل الذي يبديه أحد الشريكين، عادةً ما يكون دلالةً على مشكلة أكثر شمولاً: “إما أن الزوجين في طريقهما نحو الانفصال، لأن أحدهما قرر عدم الاستمرار في ضخ المزيد من الأكسجين لمواصلة إحياء العلاقة، أو أنه يجب أن نعرف ما الذي يجعل الوضع على غير ما يرام”.

تحدث عما يزعجك، ولكن دون استرسال

كانت بتول؛ وهي امرأة أربعينية، تشعر بـ “الافتقار الشديد للمودة”. وعليه، تحادثت مع زوجها في الأمر. تقول: “أخبرني أنه لا مجال لتغيير الوضع عما هو عليه، فأخذت أطرح المشكلة مراراً وتكراراً”؛ لكن ذلك لم يُجدِ نفعاً، “وكلما أشرت لإحباطاتي المتكررة، كان ذلك يزيد من توتره؛ ما كان يجعلنا نبتعد أكثر فأكثر”، حتى انتهى الأمر بالانفصال.

من الأهمية بمكان التحدث مع الآخر حول ما يتسبب له في عدم الشعور بالرضا؛ “لكن ليس طوال الوقت، لأننا عندما نتحدث عن الأمر ذاته كثيراً، لا ينصت لنا أحد”، هذا ما قاله موسى النبطي. احذر أيضاً من أن تضع في رأسك أنه لن يكون بإمكانك تغيير الآخر.

وتوصي آن سوزيد-لاغارد، فتقول: “فبدلاً عن استمرار تكييل الاتهامات؛ مثل: “أنت لا تقبلني أبداً، ولا تعانقني أبداً”، “أنت لا تعيرني أبداً أي قدر من الاهتمام”، من الأفضل التحدث عنكما معاً. وسؤال النفس عن السبب الذي يجعل علاقتكما تجنح نحو البخل العاطفي. منذ متى ظهر بينكما؟ ماذا حدث؟، هل استغرق أحدهما بدرجة مبالغ فيها في عمله؟ هل يعود ذلك لشعور أحدهما بالتخلي عنه وإهماله منذ إنجاب الأطفال؟…

اختيار مهم

ينصح موسى النبطي، فيقول: “من الجيد أيضاً أن نتساءل لماذا وقع اختيارنا على زوج بخيل عاطفياً”، لأنه عادةً ما تظهر علامات هذا البخل في بواكير العلاقة. تصرح مريم بأنه “في البداية؛ أسرني البرود واللامبالاة الباديان على شريك حياتي. فقبل ذلك؛ كنت أتشارك الحياة مع رجل لا ينفك عن ملاحقتي، ولذلك أشعرني هذا الابتعاد بالامتنان”. ولسبب وجيه، فالرغبة تتغذى تحديداً على هذا النقص والمسافة. وعليه، فالزوجان يتناوبان لحظات الذوبان معاً ولحظات البعاد أيضاً للترويح عن النفس كلاً على حدة.

لكل منهما طريقته الخاصة التي تميزه

فهذا المتنفس، وهذه المسافة من الآخر، يراها كل منهما بطريقته الخاصة. تقول آن سوزيد-لاغارد شارحةً: “من المهم أن يتحدث الزوجان عن احتياجات كل منهما للعاطفة وكذلك للابتعاد، حتى يتسنى لهما تعديلها. على سبيل المثال: إذا كان الزوج يفضل قضاء بعض الوقت في الحديقة؛ لكنه لم يخبر زوجته بالحاجة لقضاء هذه الأوقات بمفرده، وسط الطبيعة، بعيداً عن الأطفال، فقد تظنه بخيلاً عاطفياً، ويفضل زهوره عليها. في الواقع؛ هذه اللحظات تصب في مصلحتها الشخصية، وكذلك في مصلحته؛ وبالتالي في مصلحة حياتهما الزوجية التي ستستفيد حتماً من ذلك”.

يمكن الدلالة على المحبة بطرق عدة

فهناك طرق عدة للتدليل على اختلافك عن الآخر، مثلما أن هناك أكثر من ألف طريقة للتعبير عن الحب. ويكمن الخطر في ازدياد الإحباط بصورة ملحوظة، وعندما ترى أن شريك حياتك لم يعد بإمكانه إثبات حبه بطريقة مغايرة. فإذا ما صببنا جل اهتمامنا على عدم التقبيل أو العناق، فقد ينتهي بنا الأمر لإغفال الوجبات الطيبة التي يعدها الشريك لنا كل مساء، أو اعتنائه الجيد بالأطفال، وبأنه دائماً ما يكون هناك مستمراً في تقديم دعمه لنا…

وعلى الرغم من أهمية التصرفات البسيطة الدالة على الاهتمام، فهي لا تشكل الوسيلة الوحيدة لتحقيق رباط قوي بين الزوجين. ويذكر موسى النبطي أنه “يمكن أيضاً اعتبار العلاقة الزوجية علاقة عمل تشاركي، ووحدةً اقتصاديةً واحدةً؛ إذ إن الأمر لا ينصب على الحب والجنس فقط، فهذه العلاقة تتغذى أيضاً على جميع المشروعات التي لدينا غير الحب، وإنجاب الأطفال…”.

هل نطلب الكثير؟

لكن البعض يظل مهووساً بالطرق التي ينتهجها شريك حياته للتعبير عن الحب. “أشعر دوماً بأن شيئاً ما ينقصني، وفي كثير من الأحيان أجدني أتسول المشاعر العاطفية. وكبريائي الأنثوي يعاني إثر ذلك” هذا ما تقوله مريم وهي تتحسر على نفسها. أما بتول، فهي تتذكر كل “تلك اللحظات التي قضيتها في حزن دفين، حينما كنت على أهبة الاستعداد لمنحه كل ما يريد، ليأخذني فقط بين ذراعيه”.

يحذر موسى النبطي من أن “بخل الزوج عاطفياً قد يكون أحياناً شعوراً وليس حقيقة. فبعض النساء يكن في بحث رهيب عن الحب والحنان، وهن أقرب للاحتياجات الطفولية منهن لرغبة الراشدين. وبسبب شعورهن بعدم الأمان؛ يبحثن عن الأم بداخل الرجل، عن الرحم؛ ذلك الحب الذي افتقدنه في طفولتهن. إنهن يبحثن عن دلائل الحب بينما يشعرن في قرارة أنفسهن بعدم جدارتهن بالمحبة؛ لكنهن غير قادرات على تلقي هذه الدلائل”. ما الذي ينصح به المحلل النفسي؟ “عندما تشكو من بخل شريكك عاطفياً، يستحسن النظر في قدراتك- والصعوبات التي تواجهك- في سبيل تلقي الحب، فأحياناً نطلب الكثير”.

كن مثلاً يُحتذى به

ترى آن سوزيد-لاغارد، أن الرضا الجنسي من ضمن العوامل التي تؤثر على العلاقة بين الشريكين. “فلا يكفي أن تتقربي منه فقط دون إعطائه الحب والاهتمام”، وحاولي دائماً الإنصات لرغباته وإحباطاته ومخاوفه، ويضيف موسى النبطي قائلاً: “غالباً ما ينجم البخل العاطفي عن عدم حب الذات، فالبعض يشعر بأنه مجبراً على حماية نفسه من العالم العاطفي، وذلك لخشيته من الرفض أو السخرية أو عدم التكافؤ”.

قررت لما برفقة شريك حياتها أن تمنح القدوة. “كثيراً ما أعربت له عن مشاعري، وكثيراً ما أطريت عليه وأثنيت صنيعه. وبمرور الوقت؛ أصبح بدوره متدفق المشاعر”. فعند التمعن في الأمر، نجد أن هذه المرأة الشابة مقتنعة تمام الاقتناع أن القليل من البخل العاطفي لا يضير، “لأن حقيقة أن لا شيء يُعد حقاً مكتسباً، هي ما يجعل الحب يدوم طويلاً”.

المحتوى محمي !!