ربما علِمت أن كلاً من نقص فيتامين د وقصور الغدة الدرقية يسببان أعراضاً تحاكي أعراض الاكتئاب والقلق؛ مثل التعب وتغيرات المزاج وغيرها؛ لكن هل سمعت سابقاً بأن نقص فيتامين ب 12 يسبب أعراضاً تحاكي بعض الاضطرابات النفسية بدرجة كبيرة؟ في الواقع، قد تكون الأعراض العصبية والنفسية هي الأعراض الأولية لنقص فيتامين ب 12، وقد تكون في بعض الأحيان الأعراض الوحيدة التي تظهر عند نقص هذا الفيتامين. لذلك، سنتعرف في هذا المقال إلى أهمية فيتامين ب 12 للصحة النفسية وأعراض نقصه وكيف يمكن تعويض هذا النقص.
محتويات المقال
- ما هي الأعراض النفسية الناجمة عن نقص فيتامين ب 12؟
- ما الدور الذي يؤديه فيتامين ب 12 في الجسم ليؤثّر في الصحة النفسية؟
- كيف تميّز بين نقص فيتامين ب 12 واضطرابات الصحة النفسية؟
- هل أنت معرض لمعاناة نقص فيتامين ب 12؟
- 3 نصائح عليك مراعاتها إذا كنت تشك بوجود نقص في فيتامين ب 12
- كيف يمكن تعويض نقص هذا الفيتامين؟
اقرأ أيضاً: كيف يؤثّر نقص فيتامين د في إصابتك بالاكتئاب؟ وماذا تفعل لعلاجه؟
ما هي الأعراض النفسية الناجمة عن نقص فيتامين ب 12؟
يسبب نقص فيتامين ب 12 أعراضاً عصبية ونفسية متعددة وفقاً لما ورد في دراسة منشورة في دورية الفيتامينات والهرمونات (Vitamins and Hormones) عام 2022، مثل:
- اللامبالاة.
- سرعة الانفعال.
- ضعف التركيز.
- الأرق.
- أوهام الاضطهاد (التوهّم أن الآخرين يهدفون إلى أذيتك على الرغم من وجود أدلة تثبت العكس).
- الهلوسة السمعية والبصرية.
- التفكير غير المنظَّم.
- تقلبات المزاج.
- الارتباك الشديد.
- العجز المعرفي.
لذلك، كثيراً ما يحاكي نقص فيتامين ب 12 أعراض العديد من الاضطرابات النفسية، مثل اضطراب القلق والذُهان والخرَف والهذيان؛ لكنّ العلاقة بين نقص فيتامين ب 12 والاكتئاب هي الأكثر تعقيداً؛ لأنه وبالإضافة إلى بعض الأعراض المتشابهة بين الحالتين، فإن نقص فيتامين ب 12 قد يسهم في مفاقمة حالات الاكتئاب الموجودة أساساً.
بالإضافة إلى ذلك، يسبب نقص فيتامين ب 12 ارتفاع مستوى الهوموسيستين في الدم؛ وهو حمض أميني يفككه فيتامين ب 12، وبعض الفيتامينات الأخرى مثل ب 6 وب 9، من أجل صنع مواد أُخرى يحتاجها الجسم.
ووفقاً لدراسة منشورة في دورية التقارير العلمية (Scientific Reports)، فإن ارتفاع مستوى الهوموسيستين في الدم يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب، فضلاً عن بعض المشكلات الصحية الأخرى، مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية وداء آلزهايمر.
وقد أكدت دراسة أخرى منشورة في دورية الصحة النفسية للأطفال والمراهقين (Child and Adolescents Mental Health) هذه النتائج؛ إذ استنتج الباحثون أن نقص فيتامين ب 12 أو عدم كفايته وارتفاع مستوى الهوموسيستين في الدم يسهمان في الإصابة بالاكتئاب.
لكن وعلى الرغم من وجود صلة بين فيتامين ب 12 والاكتئاب، فلا يمكن القول إن نقص فيتامين ب 12 يسبب على نحو قاطع الإصابة بالاكتئاب؛ إذ إن الارتباط بينهما معقد وغير مفهوم تماماً.
اقرأ أيضاً: حافظ على مستويات جيدة من هذه الفيتامينات للوقاية من الاكتئاب!
ما الدور الذي يؤديه فيتامين ب 12 في الجسم ليؤثّر في الصحة النفسية؟
فيتامين ب12، المعروف أيضاً باسم الكوبالامين (Cobalamin)، ضروري للعديد من وظائف الجسم؛ إذ يساعد على تصنيع الحمض النووي وخلايا الدم الحمراء وإنتاج الطاقة الخلوية، ويدعم صحة الجهاز المناعي، كما يؤدي دوراً في تصنيع النواقل العصبية، مثل السيروتونين والدوبامين؛ وهي مركبات كيميائية مهمة لتنظيم الحالة المزاجية والعاطفية.
علاوة على أنه ضروري لصحة الخلايا العصبية ويؤدي دوراً في إنتاج الميالين والحفاظ عليه؛ وهو الغلاف الواقي المحيط بالألياف العصبية، لذا ليس غريباً أن يؤدي نقصه إلى تلف الأعصاب بمرور الوقت.
كيف تميّز بين نقص فيتامين ب 12 واضطرابات الصحة النفسية؟
قد يحدث نقص فيتامين ب 12 ببطء مسبباً ظهور الأعراض بصورة تدريجية ثم تتفاقم مع مرور الوقت، كما قد يحدث بسرعة نسبية. لكن ونظراً لتداخل الأعراض مع الاضطرابات الأخرى، خصوصاً النفسية، فقد يحدث التغافل عن الحالة أو الخلط بينها وبين اضطراب آخر. عموماً، ثمة بعض الأعراض التي قد تميز نقص فيتامين ب 12 مثل:
- أحاسيس غريبة أو خدر أو وخز في اليدين أو الساقين أو القدمين.
- صعوبات المشي مثل الترنح أو مشكلات في التوازن.
- انتفاخ اللسان أو التهابه أو ظهور التقرحات عليه.
- إرهاق أو تعب.
- تسارع نبضات القلب دون ممارسة الرياضة.
- دوخة.
- تغيُّر في لون الجلد أو الأظافر.
اقرأ أيضاً: اضطرابات جسدية تسبب أعراضاً نفسية،هل تعرف أحدها؟
هل أنت معرض لمعاناة نقص فيتامين ب 12؟
يوجد فيتامين ب 12 في المنتجات الحيوانية فقط؛ مثل اللحوم والدواجن والأسماك والبيض ومنتجات الألبان، ولا يتوفر في الأطعمة النباتية بصورة طبيعية. لذلك، قد يحدث نقص فيتامين ب 12 عند عدم تناول ما يكفي منه من الغذاء، مثلما يحدث عند اتباع نظام غذائي نباتي صارم.
كما قد لا يكون الجسم قادراً امتصاصه بغض النظر عن الكمية التي يتناولها الشخص، وذلك نتيجة معاناة مرضاً مناعياً ذاتياً، مثل فقر الدم الخبيث أو غيره. إضافة إلى ذلك، تسهم بعض الحالات الصحية المؤثرة في الأمعاء الدقيقة، مثل داء كرون أو بعض أمراض الاضطرابات الهضمية، في حدوث النقص. فضلاً عن أن الإفراط في شرب الكحول يصعِّب امتصاص العناصر الغذائية، وكذلك التعرض لبعض السموم، مثل أكسيد النيتروز.
وقد يحدث النقص نتيجة التداخل مع الأدوية المتناولة، مثل بعض أدوية حرقة المعدة، أو بعض الأنواع المستخدمة في إدارة داء السكري، أو أدوية علاج النقرس، أو أدوية العلاج الكيميائي. كما أن الخضوع لجراحات إنقاص الوزن أو أي عمليات جراحية تستئصل جزءاً من المعدة أو الأمعاء الدقيقة قد يسهم في حدوث هذا النقص.
علاوة على ذلك كله، قد يعاني الإنسان عند التقدم في العمر (فوق ال50 عاماً) صعوبة في امتصاص هذا الفيتامين؛ إذ تقل قدرة الجسم على امتصاصه والاستفادة منه.
اقرأ أيضاً: هل تعالج القهوة اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
3 نصائح عليك مراعاتها إذا كنت تشك بوجود نقص في فيتامين ب 12
عليك في حال الشك بوجود نقص هذا الفيتامين اتباع النصائح التالية:
- لا تشخِّص حالتك بنفسك أو تلجأ إلى المكملات دون وصفة طبية: هي أهم نصيحة عليك اتباعها حتى لو انطبقت عليك الأعراض المذكورة أعلاه. لماذا؟ لأنه وكما رأيت، تتشابه أعراض العديد من الحالات الصحية سواء كانت جسدية أو نفسية، بل حتى أعراض نقص فيتامين ب 12 قد تكون ناتجة عن نقص فيتامين ب 6 أو حمض الفوليك.
- إلجأ إلى الطبيب المختص: إذا كنت تشك بوجود نقص فيتامين ب 12، فلا تتأخر في طلب الاستشارة المتخصصة، لأن ترك النقص دون علاج قد يسبب مشكلات عصبية خطرة وأمراض دم متعددة.
- أجرِ الفحوصات الدورية إن كنت من الفئات المعرّصة للخطر: حتى لو لم تعاني أعراضاً تدل عليه، فمن الجيد أن تستشير الطبيب عن إمكانية فحص مستوى فيتامين ب 12 في حال كنت تتبع نظاماً غذائياً نباتياً، أو أجريت عملية جراحية لإنقاص الوزن أو لاستئصال جزء من الأمعاء، أو تعاني مشكلة في الجهاز الهضمي تتداخل مع امتصاص الطعام، أو يزيد عمرك على 50 عاماً، أو تتناول أدوية لخفض حموضة المعدة.
بالإضافة إلى ذلك، ونتيجة أن نقص فيتامين ب 12 قد يسبب أعراضاً تحاكي الاكتئاب، فقد يصعُب على المُشخصين بالاكتئاب الانتباه إلى أعراض نقص الفيتامين؛ لذا قد يكون من المفيد أن يجري هؤلاء الفحوصات اللازمة للتأكد من نسبته.
كيف يمكن تعويض نقص هذا الفيتامين؟
يُعوَّض النقص الحاد بفيتامين ب 12 بطريقتين؛ إما حقن أسبوعية وإما أقراصاً يومية عالية الجرعة، أما في حال كان النقص غير حاد، فيمكن تعويضه بتناول فيتامينات متعددة عاديّة الجرعة.
يمكن الوقاية من نقص فيتامين ب 12 عبر اتباع نظام غذائي متوازن، فالكمية اليومية الموصى بها للبالغين تحت سن الـ50 هي (2.4) ميكروغرام، وعادة ما تُلبى هذه الكمية من الأطعمة المتناولة. على سبيل المثال، يمكن الحصول على هذه الكمية عبر تناول (85) غ من سمك التونة أو لحم البقر، في حين أن تناول بيضتين يمنح (1) ميكروغراماً من هذا الفيتامين.
أما بالنسبة للأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية نباتية أو تزيد أعمارهم على الـ 50 عاماً، فيمكنهم الوقاية من من النقص عبر تناوُل الأطعمة المدعمة بفيتامين ب 12 أو تناول مكملاته؛ لكن يوصى دائماً باستشارة الطبيب قبل تناوُل أيّ مكملات غذائية؛ لأن بعض المكملات قد تتفاعل مع الأدوية المتناولة مسببة آثاراً جانبية غير مرغوب فيها، أو تؤثّر في طريقة عمل الدواء.
ختاماً، يشرح الطبيب النفسي، إبراهيم حمدي، إنه وعلى الرغم من أن بعض المكملات الغذائية، مثل فيتامين ب 12 والأوميغا 3 وغيرها، قد تساعد على تحسين الصحة الجسدية والنفسية، لكن ينبغي التذكر أنها مكملات غذائية وليست علاجاً؛ أي أنها لا تغني عن العلاج اللازم للاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب أو القلق أو غيرها؛ بل ينبغي التقيّد بالعلاج الموصوف، مع تناول بعض الفيتامينات حسب حاجة الجسم وبعد استشارة الطبيب.