تهدف ممارسة اليوغا إلى لمّ شمل الإنسان مع جسده ونفسه وروحه، فهي تُمثل فلسفةً حقيقيةً قبل أن تكون ممارسةً جسدية. ونتساءل هنا ما هي الفوائد الجسدية الملموسة لليوغا؟ يجيبنا عن ذلك مختص في "تدريب اليوغا".
تدريب اليوغا نشاط بدني، وليست كما قد يظن كثيرون؛ مجردَ الجلوس والغمغمة في أثناء استنشاق البخور. تنطوي ممارسة اليوغا في الحقيقة على الحركة، لذا قبل أن تبدأ بممارستها عليك إجراء تقييم لحالتك البدنية. خذ مفكرةً (وهي ستكون دليلك في رحلة اليوغا) واكتب فيها الأسئلة التالية ثم أجب عنها:
أولاً، الرياضة:
- هل أنا أعشق ممارسة الرياضة حقاً؟
- هل أمارس بانتظام نشاطاً بدنياً واحداً أو أكثر؟
- هل حياتي خالية تماماً من ممارسة الرياضة؟ هل لدي بطاقة رياضية لا أستخدمها مطلقاً؟
- هل أنا من النوع الذي يبدأ أنشطةً جديدةً كالسباحة والجري وما إلى ذلك؛ دون الالتزام بها على المدى الطويل؟
ثانياً، الوزن:
- هل وزني مناسب لي؟
- هل أرغب في خسارة 5 كيلوغرامات، أو ربما 25 كيلوغراماً؟
- هل أتطلع إلى زيادة وزني عبر زيادة كتلتي العضلية؟
ثالثاً، الحالة الصحية:
- هل أتمتع بصحة جيدة؟
- هل أنا في حالة صحية سيئة؟
- هل أحتاج إلى التعافي من إصابة أو عملية جراحية؟
جسم أكثر مرونةً
يمكننا زيادة مرونة أجسادنا ببساطة من خلال ممارسة تمارين التمدد العضلي. انسَ أمر تمارين شد الجسم التي اعتدت ممارستها في صالة الألعاب الرياضية في المدرسة، ففي اليوغا لن يدفعك أحد من الخلف حتى تتمكن من لمس قدميك؛ بل ستكون ممارسةً سلسة من خلال تمارين تدريجية متكررة تتم بوعي كامل، وليس بطريقة ميكانيكية.
بصرف النظر عن فناني السيرك ولاعبي الجمباز وراقصات الباليه، الذين اعتادوا التدرب لساعات يومياً منذ الصغر، فإن معظمنا لم يعتد ممارسة التمارين التي تزيد من المرونة الجسدية.
فوائد الحصول على جسم أكثر مرونةً
تعزيز صحة مفاصل الجسم؛ مثل مفاصل الكاحلين، والركبتين والوركين والمرفقين، والمعصمين.
تعزز المرونة الجسدية قدرتنا على التحرك بطريقة أفضل وأكثر ليونةً، وتساعد الجسد على الاسترخاء، وتمنحه حالةً عامةً أفضل؛ ما يساعد على التخلص من التوترات الجسدية.
اصرف عن ذهنك فكرة أنك ستبدو سخيفاً أثناء التدرب على اليوغا بسبب قلة مرونتك الجسدية، فهي ليست حجة لعدم ممارسة اليوغا. هل ستتخلى عن تعلم التنس لمجرد أنك لا تستطيع حمل المضرب؟ تتطلب المرونة الجسدية عملاً مستمراً؛ ببطء ولكن بثبات، فعدم التمتع بمرونة جسدية كبيرة لا يعني أنك ستمارس اليوغا بطريقة سيئة، فلكل شخص إيقاعه الخاص.
تمرين: مرحباً بالمرونة
قف، ثم ازفر ببطء، وانحنِ مرتين تجاه قدميك. لم تتمكن من لمس الأرض بيديك صحيح؟ اثنِ ركبتيك وضع يديك على ساقيك؛ دع رأسك وذراعيك يشيران إلى الأرض، واجعل رقبتك مسترخيةً. أرح أسفل البطن على منطقة أعلى الفخذين، والآن تنفس بينما يتخذ جسدك وضعية الانحناء الأمامي هذه (قل مرحباً لعضلات الفخذين الخلفية التي بدأت تظهر بالتأكيد!) دون أن تفعل أي شيء، شيئاً فشيئاً، فإن وزن جسمك يسحبك إلى الأرض. يعمل هذا التمرين السلبي على زيادة مرونة عضلات الفخذين الخلفية.
جسم مشدود أكثر
من أهم فوائد ممارسة اليوغا تقوية الجسم مع إرخاء العضلات وإطالتها. بعد انتهاء جلسة اليوغا الأولى، ستشعر بتأثيراتها بوضوح في الأيام التالية؛ وهي الأوجاع حتى في الأماكن غير المتوقعة من الجسم.
هذه الأوجاع هي آلام عضلية ناتجة عن تمارين غير عادية للجسم، أو ممارسة التمدد لفترة طويلة.
تمرين: وضعية الكرسي
قف، ثم اثنِ ركبتيك، واخفض وركيك وعضلات المؤخرة كما لو كنت ستجلس على كرسي. ارفع ذراعيك للأمام واجعلهما قريبين من أذنيك بمحاذاة صدرك. انظر إلى الأرض وتحقق من أنه لا يزال بإمكانك رؤية أصابع قدميك. إذا لم تستطع ذلك؛ اسحب فخذيك وأردافك للخلف.
كيف تشعر بعد أخذ نفسين أو ثلاثة في هذه الوضعية؟ ستشعر بالحرارة في عضلات الفخذين. تنفس، وحافظ على وضعية الكرسي بضع لحظات أخرى، ثم استرخِ ببطء وانحنِ نحو الأمام وأنت تزفر في وضع التمدد السلبي - الانحناء للأمام. بعد أخذ عدة أنفاس بطيئة وعميقة؛ عد إلى وضعية الكرسي مجدداً.
هل تساعد اليوغا في الحصول على جسم أنحل؟
يفقد الجسم وزناً عندما تكون الطاقة التي ينفقها كل خلال الأنشطة التي يقوم بها؛ أكبر من الطاقة التي يحصل عليها (بما نأكله ونشربه). وتستهلك بعض الأنشطة المزيد من الطاقة لأنها تضع ضغطاً أكبر على العضلات والقلب؛ مثل الجري، والسباحة، وركوب الدراجات، والتزلج على الثلج، وهي رياضات تتطلب عمل كل العضلات لفترة طويلة.
تمرين "تحية الشمس"
هو تمرين إحماء يربط بين العديد من الوضعيات، ويستغرق من 5 إلى 20 دقيقة اعتماداً على كل دورة من التمرين، ومع ذلك فهو لا يعد نشاطاً بدنياً كافياً لإنفاق كمية كبيرة من الطاقة، فاليوغا في النهاية ليست كالتمارين الرياضية.
لذا؛ إذا كان هدفك هو فقدان الوزن، فإنني أنصحك بمرافقة ممارسة اليوغا بنشاط بدني ديناميكي؛ مثل المشي السريع، أو الجري، أو السباحة. من الضروري أيضاً اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، ويمكن أن تساعد ممارسة اليوغا، عن طريق تقليل التوتر، في إيجاد نظام غذائي متوازن بشكل طبيعي.
إذا كنت أتعرق كثيراً، فهل هذا يعني أنني أفقد الوزن؟
في تمرين بيكرام يوغا، تتعرق كثيراً؛ إذ تُسخّن الغرفة إلى 40 درجة مئوية وترتفع نسبة الرطوبة إلى 40%، وتتخذ بعد ذلك 26 وضعية لمدة ساعة ونصف، وغنيّ عن القول إننا سنتعرق كثيراً خلال ذلك.
يمكن أن تجعلك جلسات اليوغا الأخرى تتعرق أيضاً، حتى لو لم تُسخن الغرفة؛ لكن هل شدة التعرق علامة على أنني أعمل بجد وأحرق الطاقة؟ التعرق هو عملية تسمح للجسم بتبريد نفسه عندما يكون الجو حاراً جداً. يتكون العرق من الماء بمعظمه، لذا خلافاً للاعتقاد السائد؛ لا يعني التعرق حرق السعرات الحرارية.
بالإضافة إلى ذلك؛ إذا كنت تتعرق كثيراً، فهذا يعني فقدان جسمك الكثير من الماء، ومن المهم أن ترطب نفسك جيداً بعد ذلك.
دور تدريب اليوغا في تحسين عملية الهضم
بدأ فصل اليوغا منذ مدة، وكان الجميع هادئين ومركزين على حصائرهم. الوضع الذي أعقب ذلك كان تحولاً؛ جالساً على الأرض، أرشدنا المعلم: "مدّ العمود الفقري عند الإيحاء، وعند انتهاء الزفير، استدر نحو الجزء الخلفي من الغرفة. هذه الوضعية مثالية في حالة الإمساك، فهي تعمل على تدليك أعضائك الداخلية". كنت جديداً في فصل اليوغا، وعندما سمعت المعلم يتحدث عن مثل هذه الأشياء التي اعتقدت في ذلك الوقت أنها مبتذلة؛ ضحكت بشدة.
يُعتبر الحديث عن الهضم موضوعاً متكرراً في تمارين اليوغا. ربما كنت قد توقعت اعتباراتٍ فلسفيةً كبيرة وراء ذلك؛ لكن ممارسة اليوغا، من بين أشياء أخرى، تُعتبر طريقةً ممتازةً لتحسين عملية العبور المعوي، لأنه عندما تسوء الأمور، فإن هذا النوع من المشكلات التي قد تبدو غير مهمة يمكن أن يحول حياتنا إلى معاناة.
تعد جميع الوضعيات التي تُتخذ خلال الجلسات، وخاصة وضعيات الالتواء والتنفس البطني، بمثابة تدليك جيد لأعضائك الداخلية. هذه إحدى فوائد تدريب اليوغا التي قد لا تعد مبهرةً للغاية؛ ولكنها ستجعل حياتك أسهل!