“سأصل خلال 5 دقائق”: ما الذي تكشفه هذه العبارة عن شخصيتك وجودة علاقاتك؟

1 دقيقة
5 دقائق
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

كم مرة تلقيت رسالة من أحدهم يقول فيها: "سأصل خلال 5 دقائق"؟ وكم مرة أرسلت رسالة مثلها وأنت تدرك أن هذه الدقائق الخمس ستصبح 10 أو 15 دقيقة؟ تبدو هذه العبارة عادية لكنها تخفي آليات نفسية مهمة تعكس طبيعة علاقاتنا بالوقت والآخرين، وفقاً لما ذكرته الكاتبة موسنا سافوا (Géraldine Mosna-Savoye) في مقال نشرته مجلة مدام فيغارو (Madame Figaro).

الحاجة إلى تقليل جدية الموقف

عندما تقول: "سأصل خلال 5 دقائق" فأنت لا تسعى إلى الدقة. هذه العبارة ليست وسيلة لقياس الوقت بل طريقة لإخبار الآخر بتأخرك الحتمي دون أن تحدد المدة الزمنية بدقة. هذه العبارة في الواقع صيغة مهذبة، وصورة من صور التوازن بين الحقيقة والحاجة إلى طمأنة المخاطَب.

يمكن أن تكون هذه الكذبة الصغيرة أيضاَ محاولة للتقليل من جدية الموقف، إذ عادة ما ننظر إلى التأخر عن المواعيد نظرة سلبية، تولد التوتر والشعور بالذنب. عندما تقول "5 دقائق" فإنك تخفف تأثير هذا التأخر، وتحاول طمأنة نفسك. إنها طريقة تقنع من خلالها نفسك والآخر بأن الموقف تحت السيطرة، حتّى لو لم يكن كذلك.

تأثير التأخر في علاقاتنا بالآخرين

توضح هذه الرسالة أيضاً نظرتنا الذاتية إلى الوقت. يميز الفيلسوف الفرنسي هنري بيرغسون (Henri Bergson) بين الوقت الموضوعي القابل للقياس بالثواني والدقائق، والوقت الذاتي الذي نشعر به أكثر مرونة وقابلية للتمدد. عندما تقول: "سأصل خلال 5 دقائق" فإنك تركز على المدة، وتأمل أن يشعر مخاطَبك بأنها أقصر ممّا هي في الحقيقة.

كما نسعى من خلال هذه الرسالة إلى الحفاظ على علاقة جيدة مع هذا المخاطَب. فنحن نعلم أن تأخرنا قد يولد نظرة سلبية لديه، لكننا نحاول تخفيف حدة الرسالة من خلال استخدام هذه العبارة. إنها تُظهر صورة من صور مراعاة مشاعر الآخر، حتّى لو كانت مفتقرة إلى الدقة.

انعكاس واقع المجتمع المعاصر

يكشف هذا السلوك جانباً من جوانب مجتمعنا المعاصر الذي يقدر السرعة والأداء. نحن نعيش في مجتمع يولي أهمية كبيرة لكل دقيقة ولا يتساهل في معظم الأحيان مع حالات التأخر. إننا نحاول إذاً من خلال رسالة "الدقائق الخمس" الاستجابة إلى مطلب السرعة ونحن ندرك يقيناً أننا لن نستجيب له تماماً.

المحتوى محمي