ما الذي تكشفه ملابسك عن شخصيتك؟

4 دقيقة
ملابسك
(مصدر الصورة: نفسيتي، تصميم: إيناس غانم)

ما الصلة بين شخصية المرء وما يلبسه؟ تعكس ملابس المرء مزاجه ونظرته إلى جسده ومدى اهتمامه بنظره الآخرين إليه، ومن ثم، يتأثر اختيار الملابس بمجموعة كبيرة من المشاعر والجوانب النفسية.

ملابسنا انعكاس لشخصياتنا. تعكس ملابسك صورتك عن نفسك والصورة التي تود نقلها إلى من حولك. وفي حين أن اختيار الملابس يمثل متعة للبعض فإنه يمثل مشكلة لآخرين، وعلى كل حال، فإن الملابس تعكس جوانب مختلفة من شخصية المرء.

ليست الملابس مجرد قطع من الأقمشة، فهي تعكس مشاعرك وتاريخك الشخصي وثقافتك وذكرياتك، ويتضمن كل أسلوب لباس رسالة خفية، إذ يُظهر المرء نفسه من خلاله ويؤكد هويته.

ملابسك تعبر عن هويتك

يقول المصور الفوتوغرافي الأميركي بيل كننغهام: "الأزياء هي الدرع الذي الذي يحمي المرء في الحياة اليومية"، ويقصد بذلك أن اللباس وجه من أوجه التعبير عن النفس، ومن ثم فإنه يسمح للمرء بالتحكم في صورته وتأكيد هويته، كما تعبر ملابسه عن انتمائه إلى مجتمع معين وتؤثر في تفاعلاته مع الآخرين.

إن تبني أسلوب لباس معيناً والتمسك به طريقة غير لفظية للتعبير عن الثقة بالنفس. سواء قررت اتباع أحدث اتجاهات الموضة أو فضلت تحرير نفسك منها، فإن أسلوب لباسك يعبر عن جسدك: تاريخه، وتقلباته وما تختار إظهاره منه، أي تحليك بالجرأة لتكون على طبيعتك. يتبنى الأشخاص الواثقون بأنفسهم هذه الفلسفة، إذ إنهم يختارون أسلوب لباسهم الخاص ويفضلون ألواناً وأقمشة بعينها تناسب أجسادهم وفكرهم.

لماذا نتمسك أحياناً بالملابس المرتبطة بذكرياتنا؟

تعكس الملابس ذكرياتنا، مثل المعطف الذي حاكته لك جدتكَ وترفض التخلي عنه، أو فستان من قماش الساتان يذكركِ بسهرة ساحرة أو لباس النوم المريح الذي لبسته سنيناً طويلة، لكن إذا كانت خزانة ملابسك مخزناً لذكريات الماضي فالأمر مختلف. إذا كنت متمسكاً بالملابس التي تحمل قصة ما فإنك تميل على الأرجح إلى الاحتفاظ بكل شيء، فكل غرض مرتبط بذكرى في نفسك ومن المستحيل أن تتخلى عنه، أنت تريد الاحتفاظ بكل شيء كيلا تنسى أي شيء.

وفقاً للمختص النفسي فرانسوا فيغورو (François Vigouroux)، مؤلف كتاب "روح الأشياء" ( L'Âme des objets): "يأتي الألم من فكرة التخلي وليس الارتباط بالغرض في حد ذاته، ويخاف المرء جداً من هذه الفكرة لأن التخلص من الغرض يعني إنهاء هذه الرابطة العاطفية"، في هذه الحالة، يتمسك الشخص بالملابس لأنها تحمل ذكريات وتجارب تمثل جزءاً من تاريخه الشخصي، الأمر الذي يعكس عدم ثقته بالمستقبل، فما يملكه يمثل ما هو عليه.

اقرأ أيضاً: ما السمات المشتركة بين الشخصية العدوانية والشخصية السيكوباتية؟

الملابس وسيلة لجذب الأنظار

"الألبسة الجميلة طريقك إلى السعادة"، كلام قاله مصمم الأزياء إيف سان لوران، يُظهر ما تعِد به الموضة. هل تعتمد على الملابس الجميلة في جذب الآخرين وكسب محبتهم؟ هل تعجبك فكرة أن ما تلبسه لافت للنظر إلى درجة أنك تصبح مركز الاهتمام؟ تقول مؤلفة كتاب "اختر أسلوبك وكن واثقاً بنفسك" (Find your style and take confidence in yourself) كارولين بالي (Caroline Baly): "يكشف هذا أن هويتك تتمحور حول جسدك وقوة ملابسك في جذب الآخرين"،

وتتابع بالي: "في هذا الصدد، تكشف نظرة الآخرين إليك جوانب من هويتك وتساعدك في التغلب على الكثير من الأسئلة الوجودية المعقدة". إذا كان أسلوب لباسك يجذب الآخرين، فاحرص على ألا يطمس شخصيتك الحقيقية، عبر عن شخصيتك بحرية ولا تعتمد على مظهرك الجسدي.

هل يمكن أن تساعدنا ملابسنا على تحسين مزاجنا؟

من كان ليصدق أن الملابس يمكن أن تكون أدوات علاجية حقيقية؟ يقول الخبراء إنه عندما تكون حالتك المزاجية جيدة فإنك تهتم جداً بمظهرك ولباسك وعندما ينظر الناس إليك نظرات إعجاب ويمدحونك خلال اليوم فإن إنتاجيتك ترتفع جداً. تقول كارين باين (Karen Pine) في كتابها "اهتم بما ترتديه: سيكولوجية الموضة" (Mind what you wear: the psychology of fashion)، إن معظم النساء يرتدين أحذيتهن المفضلة عندما يشعرن بالسعادة، ووفقاً للخبيرة، فإن ملابس المرء تعزز ثقته بنفسه وقدراته.

تمثل ملابسنا صلة وصل بين مشاعرنا الشخصية والبيئة الاجتماعية الخارجية، ومن ثم فإن لها تأثيراً في حالتنا المزاجية. وفقاً للطبيبة النفسية لسارة ستيرن (Sarah Stern)، فإننا نرى أن الملابس تحمل قصة في حد ذاتها، وتقول: "يصبح شراء لباس معين طريقة للظهور بصورة أخرى وليس هذا الأمر سلبياً بالضرورة، فالمرء بأخذ عناصر من شخصيات الآخرين حينما يبني شخصيته".

الملابس البسيطة قد تدل على معاناتك الاكتئاب

وعلى العكس من ذلك إذا كان المرء يعاني حالة نفسية سيئة فإنه يميل إلى إهمال مظهره، فعندما يصبح ارتداء الثياب عبئاً عليه بدلاً من أن يكون متعة، يعكس أسلوبه في اللباس صراعات نفسية عميقة. الملابس التي تكشف عن الحالة الذهنية: الألبسة البسيطة. قميص (تي شيرت) أبيض وبنطال فضفاض وحذاء رياضي مريح، هذا اللباس البسيط الذي يمكن للجميع أن يرتديه، ولكن إذا كانت خزانة ملابسك مليئة بهذه الأساسيات فقط، فمن المؤكد أنها علامة على حالة ذهنية من الإرهاق أو الغضب أو التعب.

على سبيل المثال، ارتداء ملابس داكنة أو ارتداء القمصان ذاتها عدة أشهر يمكن أن يكشف عن فقدان البهجة في الحياة اليومية، وهو أحد الأعراض الرئيسية للاكتئاب. ووفقاً للطبيبة النفسية، هناك العديد من التفسيرات المحتملة التي تعتمد على تاريخ كل شخص، وتقول: "يتعلق هذا السلوك بعلاقة المرء مع صورته الذاتية، فارتداء اللباس نفسه يمكن أن يشير إلى تذبذب في الهوية". ربما لا تجرؤ على تأكيد نفسك، فيصبح ارتداء الثياب ذاتها دائماً وسيلتك لتقوية هويتك الهشة، إذ تعتقد دون وعي أن تغيير مظهرك يعني أنك قد لا تتمكن من العودة إلى ما كنت عليه.

تقول كارولين بالي: "أنت تتطلع إلى مزج حياتك العائلية والمهنية والاجتماعية بأسلوب لباسك، لذا فقد اخترت ارتداء ما يحقق عدة أغراض معاً"، وعلى هذا النحو تندمج بسهولة في محيطك وتحظى بقبول أكبر، فلا تخاطر بتغيير ما تلبسه خوفاً من أن لا يلقَ ذوقك إعجاب الآخرين.

بالطبع، هناك رسالة خفية وراء ما نلبسه، ولكن هناك ملابس تلبي حاجة فسيولوجية قبل كل شيء. عندما تكون درجات الحرارة منخفضة، نرتدي سترة ووشاحاً وقفازات، لنحمي أنفسنا من البرد لكن حتى في هذه الحالة هنالك صنفان من الناس، الأول يركز على مظهر ملابسه فيما يركز الثاني على الراحة التي تقدمها قبل كل شيء، إذ لا يهمه أن يتباهى بما يلبس، ويفضل أن يحقق توازناً بين ما يناسبه ويلقى قبول البيئة المحيطة.

تقول كارولين بالي: "غالباً ما يختار هؤلاء ملابسهم بطريقة تعكس قيمهم الشخصية وتظهر التزامهم الأخلاقي والاجتماعي، وتتمحور علاقتهم بالجسد حول هدف محدد جداً وهو العودة إلى الأصل".

اقرأ أيضاً: أهم السمات الشخصية التي تحمي من الخرف عند التقدم في السن

المحتوى محمي